استشاري: وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى زيادة القلق والاكتئاب بين الشباب

سجلت عيادات الأمراض النفسية في مؤسسات وزارة الصحة بسلطنة عُمان في عام 2022 زيادة في أعداد الزيارات بلغت 108 آلاف مريض بارتفاع 8% عن عام 2021، وأشارت إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، إلى أن 15 ألف مريض جديد زاروا العيادات النفسية لأول مرة في عام 2022 مقارنة بـ 13 ألف مريض في عام 2021.

وتحمل هذه الأرقام في طياتها دلالات كثيرة لعل أهمها أن المجتمع بات يعي مفهوم الأمراض النفسية ويدرك ما يحتاجه المريض من متابعات مستمرة وجلسات تشخيصية خارج إطار المنازل وعبر العيادات المتخصصة والأطباء المختصين خاصة في ظل المتغيرات الحياتية التي يعيشها الأفراد، يعد البناء النفسي المتوازن من الأساسيات التي ينبغي الحفاظ عليها من خلال القدرة على التكيف مع الظروف وحل المشكلات ومواجهة الأزمات، إلى جانب الارتقاء النفسي المعزز للصحة النفسية.

مؤشرات إيجابية

وقال الدكتور سيف الهاشمي، استشاري أول أمراض نفسية وعصبية: إنه هناك بعض المؤشرات الإيجابية التي تدل على تحسن الوعي حول الصحة النفسية في سلطنة عمان، ومنها: ازدياد عدد العيادات النفسية التي أدت إلى زيادة الطلب على خدمات الصحة النفسية، مما يدل على تحسن الوعي حول أهمية طلب المساعدة. إلى جانب زيادة الحملات التوعوية، حيث تنظم المؤسسات بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية العديد من الحملات التوعوية حول الصحة النفسية، وتهدف إلى نشر الوعي حول ماهية الأمراض النفسية، وكيفية الوقاية منها، وأين يمكن طلب المساعدة. إلى جانب التغطية الإعلامية الإيجابية، حيث بدأت بعض وسائل الإعلام العمانية تغطية موضوع الصحة النفسية بشكل إيجابي وبارز في مختلف وسائله، والتي بدورها تسهم في نشر الوعي حول أهمية طلب المساعدة عند الحاجة إليها.

وأضاف: تم توفير برامج تأهيل للمختصين في الصحة النفسية، ودعم إنشاء مراكز متخصصة للصحة النفسية، وتغيرت النظرة الاجتماعية، حيث أصبح المجتمع أكثر تقبلا للأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية، مما أسهم في سهولة طلب المساعدة من المختصين، وتشجيع المختصين في الصحة النفسية على فتح عياداتهم الخاصة، إلى جانب زيادة المبادرات المجتمعية في هذا الجانب. وتنظم العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية مبادرات تهدف إلى دعم الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية، والتي تشمل توفير مجموعات الدعم وبرامج التأهيل وخدمات الإرشاد النفسي، وزيادة برامج التوعية في المدارس، حيث بدأت وزارة التربية والتعليم في إدراج برامج توعية حول الصحة النفسية في المناهج الدراسية بهدف تعزيز الصحة النفسية للطلبة وتعليمهم كيفية التعامل مع الضغوطات المختلفة.

النظرة السلبية

وتحدث الدكتور سيف أن علاج الصحة النفسية لا يزال محاطا بالكثير من الوصمة والتحيز في جميع أنحاء العالم، وربما تكون أكثر في دولنا العربية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للحد من هذه الوصمة، إلا أنها لا تزال شائعة للغاية، مما يعيق كثيرًا من الأشخاص المعرضين للمشكلات النفسية عن طلب المساعدة. موضحا أن هناك أنواعا للوصمة المرتبطة بالعلاج النفسية منها النظرة السلبية للمجتمع تجاه الأشخاص الذين يتلقون علاجا نفسيا، والاعتقاد أنهم "مختلفون" أو "غير طبيعيين"، إلى جانب الشعور بالخزي لدى الأشخاص المتلقين للعلاج النفسي، نتيجة لهذه النظرة السلبية من المجتمع.

وأضاف: تؤثر هذه الوصمة سلبا على الأشخاص المتلقين للعلاج النفسي بعدة طرق كتقليل احتمالية طلب المساعدة النفسية بسبب الخوف من الوصم، وتفاقم المشكلات النفسية والاجتماعية الموجودة لديهم، بالإضافة إلى انخفاض تقدير الذات وجودة الحياة، وصعوبة إعادة الدمج في المجتمع، مضيفا إنه يمكن التغلب على هذه الوصمة من خلال زيادة الوعي والتثقيف ونشر المعلومات الصحيحة عن الصحة النفسية والعلاج النفسي في المجتمع، وتشجيع الشفافية والحوار لإزالة الغموض والتحدث بصراحة عن الصحة النفسية، وتعزيز الدعم الاجتماعي عن طريق تشجيع الأصدقاء والعائلة على تقديم الدعم للأشخاص المتلقين للعلاج النفسي.

التقييم والعلاج

وأوضح الدكتور سيف أنه لا تتوفر إحصائيات دقيقة حول انتشار الوصمة المرتبطة بالعلاج النفسي في المجتمع العماني، وذلك لأسباب عديدة منها الحساسية حول الموضوع، حيث لا يزال الكثير من الناس يترددون في التحدث عن مشاكلهم النفسية، بالإضافة إلى نقص الدراسات البحثية، وصعوبة تحديد الوصمة وذلك بسبب اختلاف تعريفاتها وتصوراتها من شخص لآخر وقياسها بشكل موضوعي، موضحًا أن هناك إيجابيات كثيرة لوجود العيادات النفسية منها تحسين إمكانية الوصول إلى الرعاية بسبب ما توفره من إمكانيات مخصصة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية لطلب المساعدة والتقييم والعلاج، كما تسهل هذه العيادات الوصول إلى الرعاية خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون صعوبة في الحصول على رعاية من مصادر أخرى مثل المستشفيات أو الأطباء النفسيين، ويتمتع أخصائيو الصحة النفسية في العيادات النفسية بتدريب وتعليم محدد في تشخيص وعلاج مجموعة واسعة من الأمراض النفسية، كما يمكنهم تقديم رعاية أكثر تركيزا وفعالية من مقدمي الرعاية الصحية العامة الذين قد لا يكون لديهم نفس مستوى الخبرة، مشيرا إلى أن وجود العيادات النفسية يساعد في تقليل وصمة العار المرتبطة بالصحة النفسية.

خاصة عندما يرى الأفراد أن الآخرين يطلبون المساعدة النفسية مما يشجعهم على طلبها أيضا، وتوفر العيادات النفسية بيئة آمنة وداعمة للأشخاص لمناقشة مشاكلهم النفسية، ويمكن أن تقدم خدمات الوقاية، مثل برامج التثقيف النفسي ومجموعات الدعم، للمساعدة في منع حدوث مشاكل الصحة النفسية.

في الجهة المقابلة، عزى الدكتور زيادة العيادات النفسية في سلطنة عمان إلى أسباب جوهرية أخرى كارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض النفسية خاصة بين الشباب بسبب عوامل عدة كالضغوطات الحياتية والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وبعض تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي التي أدت إلى زيادة القلق والاكتئاب والمشاكل النفسية.

وقال: بشكل عام، ازدياد انتشار العيادات النفسية في سلطنة عمان هو تطور إيجابي يعكس اهتمام المجتمع بالصحة النفسية، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود للتخلص من الوصمة تماما، ولتوفير خدمات الصحة النفسية للجميع بأسعار مناسبة، كما أن ازدياد انتشار العيادات النفسية ظاهرة إيجابية يمكن النظر إليها من زوايا متعددة، ولكن لا يمكن الجزم بشكل قاطع أنها دليل قاطع على تحسن الوعي للصحة النفسية بشكل مطلق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العیادات النفسیة الصحة النفسیة فی الأمراض النفسیة طلب المساعدة الوعی حول إلى جانب

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي للمتبرعين بالدم

العُمانية: شاركت سلطنة عُمان اليوم دول العالم الاحتفال باليوم العالمي للمتبرعين بالدم الذي يصادف الرابع عشر من يونيو من كل عام، وذلك تحت شعار: «تبرع بالدم، امنح الأمل.. معًا ننقذ الأرواح»، تكريمًا للمساهمين في إنقاذ حياة الآخرين عبر تبرعهم التطوعي والمستمر بالدم، وتعزيزًا للوعي المجتمعي بأهمية هذا العمل الإنساني النبيل.

وقال محسن بن سيف الشرياني رئيس قسم شؤون المتبرعين من دائرة خدمات بنوك الدم بوزارة الصحة لوكالة الأنباء العُمانية: شهد بنك الدم المركزي ببوشر في العام الماضي ارتفاعًا في عدد وحدات الدم بنسبة بلغت 4 بالمائة مقارنة بعام 2023، وقد بلغ عدد وحدات الدم التي تم تجميعها عبر بنوك الدم التابعة لوزارة الصحة 83 ألفًا و694 وحدة دم، حيث شكل العُمانيون نسبة 90 بالمائة من إجمالي المتبرعين.

وأوضح أن عدد التبرع بمكونات الدم في العام الماضي في بنك الدم المركزي ببوشر بلغ 2,636 تبرعًا، في حين بلغ عدد حملات التبرع بالدم 381 حملة، مشيرًا إلى أنّ 40 بالمائة كانت نسبة التبرّع بالدم في حملات التبرّع، فيما كانت نسبة 60 بالمائة للتبرّع بالدم في مبنى بنك الدم المركزي ببوشر.

وأكد أن 98 بالمائة من التبرعات تمت بشكل تطوعي، مما يعكس ارتفاع حس المسؤولية المجتمعية لدى الأفراد، إذ بلغت نسبة المتبرعين الجدد 46 بالمائة ما يدل على اتساع دائرة المتبرعين.

وأضاف أن فصائل الدم الأكثر طلبًا في سلطنة عُمان تتفاوت وفق الحالات السريرية، موضحًا أن فئة O- تُعد الأكثر أهمية في الحالات الطارئة، لكونها قد تُعطى لأي مريض بغضّ النظر عن فصيلته.

وأشار إلى أن التبرع بالدم يُعد من الركائز الأساسية الداعمة للقطاع الصحي في سلطنة عُمان، لاسيما فيما يتعلق بعمليات زراعة الأعضاء التي نُفذت خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن هذه العمليات تعتمد بشكل كبير على توافر مكونات الدم، وخصوصًا الصفائح الدموية، لما لها من دور حيوي في الحفاظ على استقرار الحالة الصحية للمرضى بعد إجراء الزراعة.

وأوضح أن استمرار تدفق التبرعات التطوعية بالدم يُسهم بصورة مباشرة في دعم مثل هذه الإجراءات الطبية الدقيقة والحساسة.

وتُعَد خدمات نقل الدم في سلطنة عُمان من الخدمات الحيوية التي تحظى بدعم ومتابعة مستمرة من وزارة الصحة، حيث يتم إخضاع جميع وحدات الدم للفحص المخبري الدقيق للتأكد من سلامتها وخلوّها من الأمراض المعدية، قبل نقلها إلى المرضى المحتاجين.

وتعمل بنوك الدم الفرعية التي تتوزع على مختلف محافظات سلطنة عُمان في المستشفيات المرجعية على استقبال المتبرعين بالدم؛ لتلبية احتياجات البنوك من فصائل الدم، إلى جانب حملات التبرع الميدانية التي تُنظم بشكل دوري في المؤسسات الحكومية والخاصة، والجامعات والكليات، بالتعاون مع الفرق التطوعية والمبادرات المجتمعية.

وقال عادل بن علي المعشري مشرف إدارة الحملات في فريق عُمان للمتبرعين بالدم لوكالة الأنباء العُمانية: إن حملات التبرع بالدم تشكل حلقة وصل حيوية بين بنوك الدم وأفراد المجتمع، حيث تُسهم بفاعلية في الوصول إلى شرائح واسعة من المواطنين والمقيمين في مواقع متعددة مثل الجامعات، والمجمعات التجارية، والمؤسسات الحكومية والخاصة.

وأشار إلى أن هذه الحملات لا تقتصر على جمع وحدات الدم، بل تؤدي دورًا مهمًّا في التوعية والتثقيف الصحي، مؤكدًا أن حملات التبرع بالدم تعد منصة توعوية فاعلة لنشر المعلومات الطبية الصحيحة حول فوائد التبرع بالدم، إلى جانب تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتحفيز المشاركة المجتمعية.

وقال: إن إحدى الحملات التي نفذها الفريق مؤخرًا في ولاية صحم تمكنت من استقطاب أكثر من 800 متبرع بالدم، وهو ما يعكس تنامي الوعي المجتمعي بأهمية التبرع، وتفاعل الأفراد مع الرسائل التوعوية التي تنقلها هذه الحملات.

وتسعى سلطنة عُمان من خلال تبني السياسات الصحية المستدامة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من وحدات الدم الآمنة، عبر توسيع قاعدة المتبرعين المنتظمين، وتعزيز ثقافة التبرع المتكرر، وتكثيف حملات التوعية.

وتدعو وزارة الصحة كافة المواطنين والمقيمين في سلطنة عُمان إلى مواصلة دعم هذه الرسالة الإنسانية، لما في ذلك من إنقاذٍ مباشرٍ لحياة الآخرين وتعزيز روح التضامن والترابط الإنساني، فضلًا عن الفوائد الصحية والنفسية التي تعود على المتبرعين أنفسهم.

مقالات مشابهة

  • «نسائية دبي» تطرح برنامجاً لتأهيل المختصين بالدعم النفسي
  • "طلاب قصر العيني يشاركون في نشر الوعي المجتمعي بشعار: في الوقاية حماية
  • هيئة تنظيم الاتصالات تطلق مبادرة مشتركة لبناء القدرات وتعزيز الوعي الرقمي
  • تزايد طلبات الدعم النفسي في إسرائيل بنسبة 350% إثر رد إيران
  • تقرير يحذر من مخاطر الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأطفال
  • الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية.. تعليم مطروح: تدشين نادي سيكولوجي للطلاب
  • الرقابة النووية تؤكد: لا مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل مصر
  • سلطنة عمان تستعرض جهود تطبيق نهج الصحة الواحدة
  • الرقابة النووية والإشعاعية: لا يوجد مؤشرات على أي تغير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي للمتبرعين بالدم