عربة صغيرة من 3 عجلات، تخرج منها رائحة «الكبدة والسجق»، وأمامها سيدة تقف ممسكة بأداة معدنية لطهي الطعام، وبجانبها عدد قليل من الكراسي التي يجلس عليها الزبائن منتظرين الطعام، بينما يحمل طفلا يدعى محمد سامي، يبلغ من العمر 11عامًا، طبقا مليئا بـ«الساندوتشات»، مرتديا ملابس «الشيف»، مطلقا ابتسامته البريئة نحو زبائنه.

في أحد شوارع منطقة المنشية بمحافظة الإسكندرية، وتحديدا عند الساعة 3 عصرا، تستعد «هيام» ونجلها «محمد» لبدأ يومهما بالعمل، ويكمن دور الأم في الوقوف أمام النيران وطهي الطعام، بينما يوصل الطفل الطلبات إلى الزبائن، بالإضافة إلى صناعة السندوتشات البسيطة مثل الجبن والبطاطس.

لكن قبل بداية العمل على العربة، وعند الساعة الثامنة صباحا، تستيقظ الأم هيام أحمد، وابنها الوحيد «محمد»، ليتناولا معا وجبة الإفطار، قبل أن يهم الصغير بالنزول إلى السوق، لشراء بعض الخضروات التي تستخدم في طهي الطعام الخاص بمشروعهما.

هيام: عاوزة ابني يعتمد على نفسه

«عاوزاه يعتمد على نفسه لأننا مالناش غير بعض، محمد ابني الوحيد بعد ما انفصلت عن والده من 10 سنوات، علشان كده بشغله معايا وأحاول أعلمه حاجات كتير، وببعده عن أي حاجة ليها علاقة بالنار علشان خايفة عليه»، بتلك الكلمات شرحت «هيام» لـ«الوطن»، سبب وقوف نجلها بجانبها على العربة، مؤكدة أنه انتهى منذ عدة أشهر من الصف الرابع الابتدائي.

معاناة الأم مع مرض السكر وجدعنة الطفل

تروي «هيام» الحاصة على بكالوريوس التربية الرياضية، أنها تعاني من مرض السكر، وفي أحد الأيام سقطت مغشيا عليها بالبيت، فوجدت نجلها يساعدها على النهوض، وأحضر إليها كوبا من عصير الليمون، مضيفة: «لما تعبت بقى محمد يقف جنبي، لأنه اتعلم يعمل حاجات كتير بنفسه، ورغم الشغل إلا أنه بيتمرن كرة قدم، ويومنا ينتهي الساعة 10 بالليل».

أحلام الطفل الصغير

أحلام  «محمد» خرجت من نشأته، فجميع أطفال تلك المرحلة العمرية، يرغبون في الالتحاق بما يسمى بكليات القمة، والعمل بالوظائف المرموقة، لكن حلم الطفل الصغير كان امتلاك «كرفان» طعام.

وبحسب ما قاله لـ«الوطن»: «نفسي لما أكبر أكون شيف كبير وعندي كرفان أكل، لأني بحب الطبيخ جدا وبحاول أتعلم حاجات كتير فيه».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: طفل عربة عربة طعام الإسكندرية

إقرأ أيضاً:

رسالة "لافي" الصغير إلى نتنياهو

 

 

 

ماجد المرهون

[email protected]

 

 

 

عزيزي نتنياهو، أُخاطبك بصفتك أب عاش مرحلة تربية أبنائه وما يخالطها من مشاعر الأبوةِ والطفولة، وبصفتك رئيس حكومةٍ عايش مراحل تدرج المناصِب والمهام وعاصر أهم أحداثِها... شلومو وبعد

 

لقد رأيت الليلة الماضية صورًا مُتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمناسبةِ عرس أقيم في إحدى مُمتلكاتنا التي وعدنا بها الرب وهي غزة كما تعلم، ولا أخفيك أني في البدايةِ تفاعلت قليلًا معها، وسَرحت بأفكاري بعيدًا إلى ثقافة النَّاس هناك وعاداتُهم وتقاليدهم من حيث الأزياء والألوان والأغاني والتي تختلف عنَّا جذريًا وفي كل شيء، وما أن بدأت استشعر شيئًا من السعادة حتى أعادني ضميري الحي إلى الواقع ومُنبهًا لي بأنَّ ذلك الشعور خاطئ ولا يجوز، فهو يحمل نوعًا من التعاطف مع الأعداء، وقد خفت لحظتها على نفسي من سيطرةِ فكرة الفرح مع الصور وعلى مشاعري فتكبر مُستقبلًا وتُصبح أفكاري لاحقًا إرهابية ومُعادية للسامِّية، وهذا فكر مُحرم علينا حتى في أحلامنا كما هو مُحرمٌ على كل سكان الأرض من الأغيار الذين خُلقوا لخِدمتنا.

 

قررتُ تنبيهك مع اعتِقادي الجازم بأنَّك تعلم كُل شيء، وحكومتك تُسيطر على كُل ما ينشرهُ ويتداوله الناس في العالم، ولا أشُك أن غزة ستستعصي عليك وأنت قادر على مُراقبة الدول التي تبعد عنها بآلاف الأميال، وإنما خطابي هذا من باب "لا تنسوا فعل الخير وتشاركوا ما لديكم" حسب ما جاء في وصايا كتابنا المُقدس، لذلك أكتُب إليك بقصد فعل الخير ومُشاركتك ما لدي وما أفكر به، وكُلي ثقةٌ بأنك ستقوم باللازم إزاء الفرح الذي يشعر به الفلسطينيون في احتفالهم بالعرس وسوف تضمنُ عدم حدوث ذلك مُجددًا.

 

سيدي، أعلم أن ربَ حكومتكم أمركُم بتحطيم وتدمير كُل ما يُقيمهُ الأعداء في غزة وغير غزة، كما أعلم بأنكم تبتهجون بمُشاهدةِ الدمار الذي أحدثتموه وعندي نفس ذلك الشعور الجميل وهو شعور مُتبادل لدى كُل المُستوطنين القادمين من كُل مكان إلى أرض الميعاد، ولكن أعداءنا الفلسطينيين يحتفلون بين الأنقاض ولاحظت أن بعضُهم كان يبتسِم والبعض يرقص وقد هالني ما رأيت، فأين ذهب قتل عددٍ كبيرٍ منهم كما تزعمون؟! وأين هو الحصار المُقدس والتجويع المُبجَّل الذي تمارسونه عليهم منذ أعوام؟! ولماذا لم تَتدارك الأمر وتأمر أحد مُقاتلينا الأخلاقيين العظماء بقصف ذلك العرس بقاذفة أصدقائنا الأمريكيين وقتل كُل من فيه حتى لا يجرؤون في المُستقبل على القيام بمثلِ تلك الأمور المُستفَزة؟!

 

بابا نتنياهو، لقد رأيت طفلًا في ذلك العرس وهو يضحك وبيده قِطعةُ حلوى وأنت تعلم بأنه سيكبر ويتحول إلى إرهابي يعادي السامية ويعادي إسرائيل بحجة الدفاع عن الوطن، ولكنك لم تفعل شيئًا وتركتهُ ليبقى حيًا وكان من واجبك الأبوي أن تسرق روحهُ قبل ضحكاته وتُرسله إلى العالم الآخر قبل أن يُشكِّل علينا خطرًا وجوديًا وتهديدًا لأمن دولتنا واحة السلام الوحيدة في المِنطقة.

 

لقد كان عُرسًا جماعيًا وتعلم ما يعنيه ذلك، وإن كُنت لا تعلم فإنِّه تشكيل أُسرٍ جديدةٍ وعوائل مُتعددةٍ ومواليد ويعني أنهم يتكاثرون في الوقت الذي نتناقص نحن فيه، فأنا وحيد أهلي وكم كنت أتمنى أن يكون لي إخوة، وللأسف ليس لدي أصدقاء سوى كلبي "لوي" ولُعبة ترامبولين في فناء المنزل وأخاف الخروج لأني أسمع طنين صافرات الإنذار في أُذنَّي باستمرار وإن كانت مُتوقفة وأكره رائحة الملاجئ تحت الأرض، بينما تجد في كُل أُسرة من أعدائِنا مجموعة كبيرة من الإخوة والأخوات وليس لديهم كلب ولا ألعاب ولا صافرات إنذار ولا ملاجئ، فلماذا تسمح حكومتكم الذكية بتكاثرهم وفي نفس الوقت تسمح بتناقُصنا؟! إن مُزدوجي الجنسية وحملة الجوازات المُتعددة من الذين تستجلبونهم يُغادرون وبكل بَساطة، وقد غادر منهُم الكثير كجيراننا "ديفيد وشمعون ومزراحي" وأبناؤهم معهم بعد أن أطلقوا سراح كلابهم، وأخشى أن تتبعهم أنت وأبقى أنا هنا وتزداد وحدتي لأني لا أحمل سوى جوازًا واحدًا فقط، ولم تتمكن أمي "سارة" من الرحيل بعد أن مات والدي في إحدى دبابات الميركافا الأسطورية، ولا زلت أشعر بالحزن وأمي تبكي كُل يوم والفلسطينيون في غزة يحتفلون.

 

رأيت على الأنقاض الرائعة لإحدى البنايات السكنية التي قُمتم بقصفها علمًا كبيرًا جدًا لما يُسمى بدولةِ فلسطين ويتوسطه المُثلث الأحمر الرهيب الذي أرعبنا خلال الفترة الماضية ولا يزال مُستمرًا، كما رأيت الجميع في مُناسبة العرس وهم يحملون أعلام دولتهم المزعومة ويلبسون أزياءً تحمل نفس ألوان العلم، وإني أسألك هنا عن كيفية تمسُّكهم بتلك الروح الوطنية لأرضِهم وبلادِهم وأنتم تقولون نحن أبناء الرب وإننا الأصل والأحق بالمكان بينما نُشاهد علم دولتنا من النهر إلى النهر وهو يُحرق في كُل مكان من العالم وتطأه الأقدام؟! بل إن الإسرائيلي بات يخاف على نفسه عند سفره إلى الخارج ويتخفى ويتنكَّر ويُخفي جنسيته ومرجعيته تحت جنسيات وأصولٍ أخرى، وفي المُقابل تُرفع إعلام فلسطين وتُرفرف في كُل الدول باستثناء القليل جدًا منها، وأسألك لماذا يتردد أحدنا في اعتمار "الكيباه" كمة الرأس خارج إسرائيل على النقيض من الكوفية الفلسطينية والتي يتوشحها كل إنسان يتحدث عن الحرية سواءً في المُظاهرات حول العالم أو في اللقاءات الإخبارية والصحفية ومواقع التواصل؟!

سيدي رئيس الوزراء، أعرفُ أني طفلٌ إسرائيلي وأتميز عن كُل أطفال العالم نظرًا للتفضيل الذي استقِّل به من الولادةِ عن الجميع، وبحسب ما تعلَّمتُه في المدرسة وما أخبرنا به رجال الدين وكبار الشخصيات في حكومتكم، وأعلم أنه في حال ردك على رسالتي هذه ستقول إن ما نتعرض لهُ إنما هو اختبار من الرب، وأن عقدة العقد الثامن الوشيكة ليست إلا مُجرد خُرافات وأوهام وأننا سنعيشُ بعد انجلاء هذه المِحنة ألف عامٍ قادمٍ في رخاء، ولكني لا أرى بأنك قادر على ضمان ذلك وأنت لم توقف مُجرد عرسٍ في غزة وسمَحت لأهلها بالفرح والضحك والغِناء، وتشاهد أطفالهُم بملابِس مُهترئة لا تقيهم البرد يضحكون، ويلعبون بين خراب بيوتهم تحت المَطر جياعًا دون أن تُحرك ساكنًا، ويبدو لي أن جنودك تأثروا بمفهوم الإنسانية ويستمتعون بوقتِهم وهم متوقفون عن قتل المَدنيين من أعدائِنا الفلسطينيين لا سيَّما الأطفال والنساء، فهلا فعلت شيئًا لتمسح عنهُم كل مظهرٍ للراحة والترويح كما فعلت في السابق؟! لتعود علينا صور الدمارِ والخراب والدماء والأشلاء والبكاء بالفرح والسرور.

أرجو أن يكون ردك في رسالةٍ مكتوبة بخط يدك لأني لا أضمن مواقع التواصل فهناك من يراقب على الدوام، ولأنك ستُخلَّد من العظماء فتبقى رسالتك عندي للذكرى كرسائل بن جوريون وجولدا مائير.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تعرفي على فوائد اللعب الحر وأسباب رفض بعض الأطفال له
  • استشارية أسرية تكشف تفاصيل رحلة الحمل وكيفية تجهيز البيت للضيف الصغير
  • فيرا زولوتاريفا: ما حدث لابني ليس واقعة فردية.. بل نتيجة فراغ رقابي يسمح بانتهاكات خطيرة داخل بعض المدارس الخاصة
  • رسالة "لافي" الصغير إلى نتنياهو
  • الجامع الأزهر: الرضاع واجب شرعي وفطري وفوائده تتجاوز الطفل إلى الأم
  • “الشيف أيمن”.. أول طاه آلي في العالم يقدم أطباقه في أحد مطاعم دبي
  • زينة عن شخصية مروة في ورد وشوكولاتة : حبيتها جدا وصعبت عليا
  • ضبط المتهم بالتعدي على طفل بعزبة رستم بالقليوبية
  • عقوبات صارمة على إنشاء الحضانات دون ترخيص ومخالفات التبليغ عن المواليد وفقا للقانون
  • الدردير: المنتخب ناقصه كتير في غيابك يا دونجا