الجديد برس:

ركز تقرير نشره معهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي، أعده أربعة من باحثيه، على الأضرار الجسيمة المتوقعة والتي ستلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله في لبنان، مشيراً إلى أن هذه الحرب ستؤثر في “صمود المجتمع الإسرائيلي وقدرته على التعافي”.

وأكد التقرير أن حزب الله أصبح التهديد العسكري الرئيس لـ”إسرائيل” منذ حرب لبنان الثانية (تموز/يوليو 2006)، موضحاً أن ترسانة حزب الله الواسعة والمتنوعة تسبب لكيان الاحتلال “خسائر بشرية ومدنية وعسكرية هائلة”.

وأكد أن “النتيجة الاستراتيجية” المترتبة على ذلك هي أن لدى حزب الله القدرات العسكرية اللازمة لشن حربٍ طويلة الأمد للغاية، وقد تستمر عدة أشهر.

وأوضح التقرير أنه في حال اندلعت حرب شاملة مع حزب الله، فإن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لجيش الاحتلال ستضطر إلى التعامل مع “وابل هائل من الصواريخ والقذائف التي لا يُمكن اعتراضها كلها”.

وقد يتسع القصف مع الأيام، ليتم من جبهات أخرى، مثل إيران والعراق وسوريا واليمن، وهو ما سيؤدي إلى “نقص في ذخيرة الاعتراض”، وكل هذا يمثل “تهديداً عسكرياً ومدنياً” لم تشهده “إسرائيل” سابقاً.

وفي مثل هذا السيناريو، سوف يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تحديد الأولويات بين “الأهداف الإسرائيلية المحتملة وتخصيص موارده للدفاع الأكثر فعالية”.

ومن المرجح أن يعطي سلاح الجو الأولوية القصوى للدفاع عن الأصول العسكرية الحيوية، مثل القواعد الجوية. أما الأولوية الثانية فهي للبنية التحتية، والأولوية الثالثة للمستوطنين.

ولفت التقرير إلى أن استهداف البنى التحتية لـ”إسرائيل”، ولاسيما منصات إنتاج الغاز أو مولدات الكهرباء، قد يؤدي إلى نقصٍ في الطاقة على مستوى الكيان ككل، ولهذا الأمر “عواقب وخيمة”، وفق التقرير، على استمرار عجلة الاقتصاد والصناعة والحياة اليومية، كما أنها ستشكل عقبات كبيرة أمام التعافي من الحرب، “سواء جسدياً أو عقلياً”.

وشخّص تقرير المعهد حالة الكيان الآن، وقال إنه “لا يزال يعاني صدمة جماعية مستمرة” منذ السابع من أكتوبر 2023، “أثرت بشدة في قدرته على الصمود والتعايش مع الوضع الحالي”.

وتشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة إلى تراجع كبير في القدرة على الصمود الوطني لـ”المجتمع الإسرائيلي” مقارنةً بالأشهر الأولى من الحرب، إذ “فقد المستوطنون الثقة بمؤسسات الدولة وغاب عنهم الأمل”، كما تعمّقت الانقسامات الاجتماعية، والخلافات السياسية، “وانتشرت الأجواء السامة بين المستوطنين”.

وبيّن التقرير أن نحو 10% من الإسرائيليين، عُطلت وظائفهم، لافتاً إلى أنه يوجد هناك مصابون “جسدياً أو نفسياً”، وهناك النازحون من الشمال والجنوب، وهناك أشخاص يعيشون “ضغطاً نفسياً كبيراً نتيجة احتمال توسع دائرة الحرب”.

وفي حالة الحرب المطولة في جبهات متعددة ضد حزب الله وحلفائه، من المرجح أن يؤثر انقطاع الاستمرارية الوظيفية في عدد أكبر كثيراً من الإسرائيليين، “الأمر الذي يُخلف عواقب وخيمة على قدرة الجبهة الداخلية المدنية على التعافي، والتي قد تمتد أعواماً”.

ويفرض هذا السيناريو عواقب صعبة على قدرة “إسرائيل على الصمود الوطني”، وخصوصاً مع تفاقم الاضطرابات الاجتماعية والسياسية الداخلية القاسية على الرغم من الحرب الجارية.

في توصيته، يقول تقرير معهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي إن أي قرار يُتخذ في “إسرائيل”، بشأن توسيع الحرب في الشمال، يجب أن يأخذ في الاعتبار “بصورة جدية” المناخ العام الحالي داخل الكيان، والنقاشات العامة والسياسية، بما في ذلك مستقبل الحرب في غزة، والتراجع الواضح في قدرة “إسرائيل”.

ورأى التقرير أنه ما دامت الحرب على قطاع غزة مستمرة، فيتعين على “إسرائيل أن تتجنب الانجرار إلى حربٍ متعددة الجبهات عالية الشدة”، وأن تدرس بعناية التوقيت الملائم لمثل هذا “الاحتمال الخطير”.

وأشار إلى أنه كسيناريو بديل، فإن وقف إطلاق النار المطول في قطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، من شأنهما أن يسمحا بوقف إطلاق النار في الشمال، وهذا الأمر يتيح الفرصة في التوصل إلى “تسوية دبلوماسية هناك، بوساطةٍ دولية”.

وطلب التقرير أن يكون هناك تنسيق مع الجمهور الإسرائيلي، بشأن الحرب وما يتطلب على إثرها. لكن حتى الآن، لم يتم اتخاذ أي خطوات “لإعداد الجمهور لهذا السيناريو الخطير”.

ويأتي هذا التقرير ليتماهي مع ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام، ومفاده أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية “غير جاهزة بما يكفي” لحرب في الشمال، وهذا “فشل متواصل منذ أكثر من 10 أعوام”. وأيضاً، حذر مراقب “الدولة” الإسرائيلي، متنياهو أنغلمان، في رسالةٍ إلى نتنياهو،  من أن “إسرائيل غير مستعدة كما يجب لإجلاء السكان في حالة حرب في الشمال”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: التقریر أن فی الشمال حزب الله إلى أن حرب فی

إقرأ أيضاً:

ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان

ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان

تاج السر عثمان بابو

1

بعد انقلاب 30 يونيو 1989 الذي نفذه الإسلاميون، ازدادت نيران الحرب اشتعالا.. بعد أن توصلت الحركة السياسية السودانية إلى اتفاقية السلام أو اتفاق الميرغني – قرنق، وتم التوجه للسلام في إطار وحدة البلاد، والاتفاق على عقد المؤتمر الدستوري، اتسع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وحدثت الابادة الجماعية في دارفور بعد أن كون نظام الانقاذ الجنجويد، حتى اصبح البشير ومن معه مطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية ويجب تسليمهم بعد محاكمة علي كوشيب. حتى تم توقيع اتفاقية نيفاشا، التي تم بعدها انفصال الجنوب.

2

بعد انفصال جنوب السودان ازدادت الأزمة الوطنية في البلاد عمقا، واشتدت حدة الضائقة المعيشية والمجاعة في اطراف البلاد، والارتفاع الجنوني في الأسعار بعد تخفيض قيمة الجنية السوداني. ومصادرة حرية الصحافة والتعبير، وتجددت الحرب في المناطق الثلاث: جنوب كردفان والنيل الأزرق وابيي اضافة للحرب التي كانت مشتعلة في دارفور، وارتفاع صوت الخطاب العنصري الذي فتح الباب لحروب الابادة في تلك المناطق. وتوتر العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب والتي وصلت ذروتها بعد أزمة احتلال هجليج. وتطورت الأحداث حتى انفجار ثورة ديسمبر التي أطاحت بالبشير لكن انقلاب اللجنة الأمنية قطع الطريق أمامها، وتمت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وبعدها تم التراجع عن ميثاق قوى الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه في يناير 2019، وتم استبداله بالتوقيع على الوثيقة الدستورية التي قننت الشراكة مع العسكر والدعم السريع دستوريا، وتم التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول إلى مناصب ومحاصصات في السلطة، وحتى الوثيقة الدستورية تم خرقها إلى أن تم الانقضاض عليها بانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي اعاد التمكين للإسلاميين وقاد للحرب اللعينة الجارية حاليا التي تهدد بتقسيم البلاد مرة أخرى.

3

ولا شك أن انفصال الجنوب كان له تداعيات خطيرة داخليا واقليميا، وهو يعبر عن فشل المؤتمر الوطني في حل المشكلة والتي زادها تعقيدا بعد انقلاب 30 يونيو 1989م، والحرب الجهادية والدينية التي كان لها نتائج ضارة عمقّت جراحات الوطن. وبعد أن فشل النظام في الحل العسكري، وقّع تحت الضغوط المحلية والعالمية اتفاقية نيفاشا التي اوقفت الحرب التي دارت لمدة 21 عاما. استندت الاتفاقية علي قاعدة سودان واحد بنظامين، وكانت الاتفاقية ثنائية وتحمل في طياتها جرثومة الانفصال كما يتضح من التقسيم الشمولي للسلطة بين الشريكين في الشمال والجنوب، فضلا عن أن المؤتمر الوطني لا يمثل الشمال والحركة الشعبية لاتمثل الجنوب، وقسمة عائدات البترول التي ازكت النزعة الانفصالية، ونظام مصرفي بنافذتين، وتقسيم البلاد علي أساس ديني. وجاءت حصيلة ممارسة الست سنوات الماضية لتكرس الصراع بين الشريكين، بعد الفشل في انجاز التحول الديمقراطي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، وتحقيق التنمية وتحسين الاوضاع المعيشية في الشمال والجنوب، وتكريس الفوارق الطبقية والفساد، اضافة الي عدم توفير مقومات الاستفتاء والتي تتلخص في قيام انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها لجنة انتخابات مستقلة ومحايدة، تنتج عنها حكومة ذات قاعدة واسعة هي التي تشرف علي الاستفتاء علي تقرير المصير مما يجعل الوحدة في النهاية هي الراجحة في النهاية، ولكن ذلك لم يتم ، وكان تزوير الانتخابات، والتي رفضت نتائجها القوي السياسية في الشمال والجنوب، اضافة الي تأخير ترسيم الحدود وعدم تكوين لجنة استفتاء ابيي ، وعدم تطبيق الاتفاقية فيما يختص بمنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق مما ادي لعودة الحرب فيهما.

4

لقد اكدت تجربة اتفاقية نيفاشا فشل الحل الثنائي المفروض من الخارج والذي استبعد القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ويبقي ضرورة الاستفادة من تلك التجربة ومنع حدوثها

حتى لا تتكرر تجربة انفصال جنوب السودان وتمرير مخطط تمزيق السودان الي دويلات وخاصة بعد احتلال الدعم السريع الفاشر وبابنوسة وهجليج التي لها النفط مما يعزز خطوات الانفصال.

وهذا يتطلب الاتفاق على موقف وطني موحد يجنب البلاد شر ذلك المصير. ولشعب السودان تجربة كبيرة في الوصول لحلول لمشاكله الداخلية كما حدث في تجربة الاستقلال عام 1956م عندما ثواثقت القوي السياسية والنقابية علي دستور السودان الانتقالي الذي كفل الحقوق والحريات الأساسية وكان استقلال السودان بعيدا عن الاحلاف العسكرية والارتباط بالخارج. وكذلك عندما اشتدت الأزمة الوطنية العامة في أخر سنوات ديكتاتورية عبود بعد أن اشتد اوار حرب الجنوب والضائقة المعيشية وأزمة الحريات الديمقراطية، توحد شعب السودان خلف جبهة الهيئات التي قادت الاضراب السياسي العام والعصيان المدني ضد النظام حتي تمت الاطاحة به في ثورة اكتوبر 1964م واستعادة الديمقراطية ودستور السودان الانتقالي المعدل لعام 1964م. وتوحد شعب السودان مرة ثالثة ضد نظام مايو الديكتاتوري في التجمع الوطني لانقاذ الوطن الذي قاد انتفاضة مارس- ابريل 1985م التي اطاحت بحكم الديكتاتور نميري واستعادة الديمقراطية. وشعب السودان قادر علي استلهام تلك التجارب مع أخذ الظروف الجديدة لاسقاط الحكومتين غير الشرعيتين في بورتسودان ونيالا. وقطع الطريق أمام حل ثنائي آخر مفروض من الخارج والذي قد يكرّس تفتيت ماتبقي من الوطن.

5

وبالتالي من المهم قيام أوسع جبهة جماهيرية من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وعدم الإفلات من العقاب. وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية، والترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وقيام دولة المواطنة التي تحترم التعدد الديني والثقافي والعرقي واحترام حقوق الانسان وسيادة حكم القانون ولضمان وحدة ما تبقى من الوطن،  وقيام المؤتمر الدستوري الشامل الذي يرسم خريطة الطريق للمخرج من النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد، وتحقيق التنمية المتوازنة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.

الوسوماتفاق الميرغني- قرنق الإبادة الجماعية الإسلاميون السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 انقلاب 30 يونيو 1989 تاج السر عثمان بابو جبال النوبة جنوب السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور نيفاشا

مقالات مشابهة

  • تقرير إسرائيلي: السيسي لا يعتزم لقاء نتنياهو
  • التقرير المبدئي وضح وفاتها بسبب الضرب المبرح.. محامي عروس المنوفية يوضح تقرير الطب الشرعي
  • صفقة غاز ضخمة.. تقرير إسرائيلي يتحدث عن زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى مصر
  • ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان
  • تقرير إسرائيلي: نتنياهو يخطط لزيارة القاهرة ولقاء السيسي
  • حماس: تقرير العفو الدولية مغلوط ويتبنى الرواية الإسرائيلية
  • حماس ترفض تقرير العفو الدولية وتتهمه بتبني الرواية الإسرائيلية
  • تفادياً لحرب مباشرة مع إسرائيل.. تقرير أميركي يكشف: هكذا تستغل إيران حزب الله
  • حرب وانتهاكات جسيمة: السودان.. واقع مظلم في يوم حقوق الإنسان
  • وزير إسرائيلي: الحرب مع سوريا قادمة لا محالة