فى لحظات الاحتياج تنسحب قوة النفس ليبرز على السطح الضعف البشرى، ذلك الضعف الذى إما أن ينجح صاحبه فى التغلب عليه وتوجيه ذاته للانشغال بما يفيدها ومن ثم التجاوز، أو الانسحاق تحت قسوة الأمل فى الآخرين، والذى فى تلك الحالة قد يخيب.
كثيرون لا يعون معنى الاحتواء، كيف تكون لديه القدرة على احتواء الآخر، والتربيت على ضعفه، لا يعون كيف يصبحون فى الجوار أقرب وليس أكثر غربة وابتعاداً.
والاحتواء فى معناه الأعم لا يعنى البقاء والالتصاق بالآخر، بل معناه أن تجيد الحضور، وتتقن الاقتراب، وهو ما لا يتأتى بالكلمات ولا الاهتمام وحدهما، فالاحتواء هو الشعور بالأمان والتواصل ولو كان صامتاً وتوارد الخواطر وابتسامة الرضا التى تغنى عن كثير الكلام. هو الإحساس بالآخر ولو لم يعبر عن مكنون نفسه، فقط أنت تشعر بما لم يبح به لأنه أقرب إليك من حبل الوريد، هو ذاتك الأخرى.
ولأن كل شعور هو فى حقيقته رزق الله لعباده، فإن قدرة شريكك أو صديقك على فهمك واحتواء ذاتك هو رزق الله الجميل لك، ولأن الأرزاق متفاوتة بين الناس، فما أوتى أحدهم قد لا يتأتى للآخرين، لذا فإن القليل من بيننا من منحه الله «نفحة» احتواء الآخر، وملكة ضم مشاعره، أما الأغلب الأعم فإنهم غير ملومين، فلم يصبهم رزق الله الواسع فى قلوبهم المنزوية على أنفسهم.
وعليه يكون عبء الاحتواء منسحبا عليك، فإما أن تكون أنت الطرف المحتوِى، ربما باحتوائك لغيرك تخلق قوة دفع جديدة لذاتك المشتاقة للاحتواء، ليصبح بذلك فاقد الشىء يعطيه وبشدة.
أما إذا اخترت الانعزال عن الآخرين، فإن الحل هنا يكمن فى محاولتك احتواء ذاتك بذاتك، نعم، فلا أقدر على فهمك سواك، ربما استطعت أن تصل لذروة الصحوة، وتتكشف عن نفسك ما لم تكن تدركه، وربما تجلت لك نقاط قوة ولحظات حماس تدفعك للأمام أكثر مما مضى.
فها هو هال ستون يقول فى كتابه «فن احتواء الذات»:
(ما زئيرُ الصحوة؟ هو كلحظة التنوير التى نكتشف فيها أكثر مما نعتقد عن أنفُسنا).
وذلك الكشف الأعظم إنما يؤهلنا لخطوة أهم، وهى التوفيق بين العقل والقلب، ليصبح منهج كليهما واحدا، وليس ثمة تعارض بينهما، هنا وهنا فقط يمكنك أن تنطلق.
فمثلما أوضح يونج أن (لكل وجه من أوجه حياة الإنسان العقلية وجها مقابلا له...، فإن الجوهر الحقيقى للعقلية الإنسانية هو الصدام بين هذه القوى المتعارضة؛ لذا علينا السعى للتوفيق بينها. إذا ما تعرفنا بهذه القوى وسعينا للتنسيق بينها وأوجدنا تآزراً بينها فإننا سنكون راضين مشبعين).
وتلك نقطة محورية فى رحلة التعرف على الذات واكتشافها، الوصول للحظة الرضا والتشبع بأنفسنا، بأنفسنا فقط، لأنها هنا تقودنا للهدف الأسمى، وهو مبدأ التخلى، التخلى عن الاحتياج للآخرين، التخلى عن انتظار محاولاتهم معك، عن الأمل فى التفاتهم لما تحتاج، والاكتفاء بذاتك خير رفيق وصديق وشريك، هو أفضل اكتفاء وأقوى داعم على الإطلاق..
وإذا ما استطعت الوصول باحتواء ذاتك واكتشافها للحظة التخلى، وقتها فقط ستحقق السعادة الداخلية لذاتٍ تستحق أن تفرح بعيدا عن الآخر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم حماس
إقرأ أيضاً:
جلوسك الطويل يضر قلبك؟ إليك 6 أطعمة تحميه!
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / متابعات:
إذا كنت تعمل في وظيفة مكتبية أو تتبع نمط حياة خاملاً، فإليك ستة أطعمة مفيدة لصحة القلب يمكنك إضافتها إلى نظامك الغذائي. فوفقاً لدراسة حديثة، قد تساعد الأطعمة الغنية بالفلافانولات، مضادات أكسدة، موجودة في بعض الأطعمة في حماية الأوعية الدموية من التلف الناتج عن الجلوس لفترات طويلة.
للحفاظ على صحة قلبك
يمكن أن يؤدي الجلوس لفترات طويلة إلى إجهاد الأوعية الدموية ورفع ضغط الدم. يقول موقع «فيري ويل هيلث»، إنه في دراسة حديثة شملت 40 شاباً يتمتعون بصحة جيدة، وجد الباحثون أن تناول مشروب الكاكاو الغني بالفلافانولات قبل الجلوس لمدة ساعتين ساعد في التخفيف من هذه الآثار على القلب والأوعية الدموية.
أطعمة غنية بالفلافانولات
الكاكاو غير المحلى
الشاي الأخضر والأسود
الخضراوات الورقية الخضراء
التوت
البرقوق
المكسرات
«لا توجد مركبات الفلافانول في الكثير من اللحوم أو النشويات المختلفة، باستثناء الكينوا. بل تأتي في الواقع من الفواكه والخضراوات ذات الألوان الداكنة مثل الكرنب، والسبانخ، والخس الروماني الداكن، والتوت الأزرق، والتوت الأحمر، والتوت الأسود»، هذا ما قالته جانيت أندرادي، اختصاصية التغذية وأستاذة مشاركة في علوم الأغذية والتغذية البشرية بجامعة فلوريدا، لموقع «فيري ويل هيلث».
على الرغم من أن المشاركين في الدراسة تناولوا مشروب الكاكاو، فإن هذا ليس بالضرورة الخيار الأمثل لفوائده الصحية للقلب، فالكاكاو غير المحلى ذو مذاق مر، لذا سيرغب الكثيرون في إضافة السكر، ما قد يُقلل من فوائد الكاكاو الغني بالفلافانول، على حد قولها.
الكاكاو غير المحلى لماذا هو مفيد قبل الجلوس لفترات طويلة؟
احتوى مشروب الكاكاو المستخدم في الدراسة على 695 ملغ من الفلافانولات، أي أكثر بقليل من الكمية الموصى بها يومياً من مصادر غذائية، والتي تتراوح بين 400 و600 ملغ.
وقالت كاتارينا ريندييرو، الحاصلة على ماجستير ودكتوراه في العلوم، والأستاذة المساعدة في علوم التغذية بجامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، لموقع «فيري ويل هيلث» في رسالة بريد إلكتروني: «عادةً ما يتم امتصاص الفلافانولات في الدورة الدموية بعد نحو 30 إلى 60 دقيقة من تناولها، ويبلغ تركيزها ذروته بعد ساعتين تقريباً، ثم تُزال من الدم بعد أربع ساعات. وهذه هي الفترة الزمنية التي تظهر فيها الفوائد المذكورة في دراستنا». مع ذلك، يصل تأثير التوت الأزرق إلى ذروته بعد ساعة تقريباً من تناوله، بينما قد يستغرق تأثير الحمضيات من خمس إلى سبع ساعات، كما أضاف ريندييرو.
الوقوف لفترات قصيرة لا يزال هو الأهم
يُعدّ تناول التوت أو احتساء الشاي الأخضر قبل الجلوس لبضع ساعات فكرة جيدة، لكن أخذ استراحة من الجلوس يبقى أكثر فائدة.
وبحسب ريندييرو: «إذا أمكن، ينبغي أن يكون الوقوف أو المشي لفترات قصيرة هو الاستراتيجية الأساسية. أما في حال تعذّر ذلك، فإن اتباع نظام غذائي صحي غني بالفلافانولات قد يُساعد في تخفيف بعض الآثار السلبية للجلوس على وظائف الأوعية الدموية».
وفي السياق ذاته، أظهرت دراسات سابقة أن الوقوف أو أخذ فترات راحة قصيرة لممارسة الرياضة لكسر فترات الجلوس الطويلة يُساعد في تحسين تدفق الدم، والحد من الالتهابات، وتعزيز الوظائف الإدراكية
لندن: «الشرق الأوسط»