عربي21:
2025-12-14@02:13:36 GMT

الميزانية الأضخم في تاريخ ليبيا المعاصر.. هل تنفذ؟

تاريخ النشر: 13th, July 2024 GMT

أقر مجلس النواب الليبي في جلسته الأخيرة ميزانية بحجم إنفاق بلغ نحو 180 دينار الليبي، وبزيادة بلغت الضعف عن الميزانية التي أقرها المجلس للسنة الماضية، معتبرا أنها ميزانية موحدة تغطي كافة النفقات في كافة ربوع البلاد. غير أن الخطوة التي أقدم عليها المجلس كانت محل جدل ومعارضة لجملة من الأسباب أهمها ما اعتبره البعض تجاوز قانوني يقدح في شرعية فعل المجلس، وأنها ميزانية بأرقام فلكية لم توضع لها دراسات ولا سبقها تخطيط سليم وستقود البلاد إلى مزيد من التأزيم الاقتصادي.



البداية في تناول هذا الموضوع ينبغي أن تكون من خلال طرح سؤال جوهري وهو: لماذا هذا الرقم الكبير؟ ليعقبه سؤال منطقي هو: هل يمكن تمويل هذه الميزانية الكبيرة دون أن يترتب عن هذا التمويل تداعيات اقتصادية مؤلمة؟

هناك فروقات وإضافات عديدة في هذه الميزانية عن الميزانيات السابقة، لكن التغير الكبير وقع في الباب الثالث وهو باب التنمية، والباب الرابع وهو باب الدعم، ذلك أن الأبواب الأخرى من مرتبات وإنفاق تسييري لم تتغير إلا قليلا.

الجميع يدرك أن من بين أهم أسباب الصراع في البلاد هو السيطرة على موارد الدولة وإدارتها بشكل منفرد، وعندما صارت السيطرة على عوائد النفط بقوة السلاح غير ممكنة في ظل الظروف المحلية والدولية الراهنة، أصبح تقاسمها هو الخيار، لهذا يمكن القول إن الميزانية الأخيرة برقمها الكبير، هي وسيلة احتواء الصراع ومنع تكرار الحروب بالنسبة لمنظري فكرة تقسيم الموارد، والتي أطلق عليها مزاجا أو تورية "ميزانية موحدة".

بمعنى آخر، فإن الفرقاء المعنيين بمسار التسوية السياسية أخفقوا في توحيد المؤسسات والتوافق على حكومة موحدة، فلجأوا إلى "الميزانية الموحدة" التي تقسم على حكومتين، في الغرب والشرق، والبند الأهم في هذا التقسيم هو نفقات التنمية والإعمار، ليشرعنوا الانقسام أكثر ويتجهوا به إلى مستوى أعلى.

الجميع يدرك أن من بين أهم أسباب الصراع في البلاد هو السيطرة على موارد الدولة وإدارتها بشكل منفرد، وعندما صارت السيطرة على عوائد النفط بقوة السلاح غير ممكنة في ظل الظروف المحلية والدولية الراهنة، أصبح تقاسمها هو الخيار، لهذا يمكن القول إن الميزانية الأخيرة برقمها الكبير، هي وسيلة احتواء الصراع ومنع تكرار الحروب بالنسبة لمنظري فكرة تقسيم الموارد، والتي أطلق عليها مزاجا أو تورية "ميزانية موحدة".البابان التقليديان، المرتبات والإنفاق التسييري، لم يشهدا تغييرا، نحو 60 مليار دينار للمرتبات، ونحو 10 مليار التسييري، والفارق الكبير في الميزانية بعد اقتطاع المرتبات والتسييري هو نحو 110 مليار دينار ذهب أكثره للدعم والتنمية. فالدعم الذي ظل لسنوات في حدود 20 مليار دينار، تجاوز الـ 40 مليار في الميزانية الجديدة وذلك بسبب رفع قيمة دعم المحروقات أضعاف مضاعفة ليبلغ 35 مليار دينار، وهو رقم لا يعبر عن حقيقة الاحتياجات المحلية من البنزين والديزل، وإنما يوافق مصالح الفاسدين المتلاعبين بهذا البند بشكل غير قانوني بل إجرامي.

التنافس، الذي يبدو على أشده بين الحكومتين، هو في باب التنمية والإعمار، وقد تحول هذا البند إلى وسيلة للدعاية وجذب المؤيدين والإنصار، وهو أمر جيد أن يتحول التنافس على توسيع قاعدة المناصرين عبر مشروعات التنمية وليس الحروب، إلا إن هذا التنافس يشوبه هدر وفساد كبيرين، وهما مرشحان إلى الزيادة في هذه الميزانية التي جعلت الكعكة كبيرة جدا.

ما ينبغي الوقوف عليه هو كيف ستمول هذه الميزانية الهائلة، خاصة وإنه قد تقرر أن يكون العجز بمقدار 13 مليار دينار فقط، أي أن الإيرادات ستكون في حدود 167 مليار دينار، وهذا غير ممكن بالنظر إلى محددات احتساب الإيرادات العامة السنوية للدولة الليبية.

التقدير المتفائل للإيرادات النفطية للعام 2024م يجعلها في حدود 21 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 129 مليار دينار، وقلنا بأنه متفائل لأن الإيرادات بلغت السنة الماضية 20.7 مليار دولار، ولم يقع تغيير يذكر في متوسط إنتاج النفط ولا أسعاره.

ولأن مشاركة الإيرادات الأخرى (الضرائب والرسوم وأرباح الشركات) محدودة لا تتجاوز 2% من إجمالي الإيرادات، فإن العجز المتوقع سيكون أكثر من 45 مليار دينار ليبي، وبالرجوع إلى بيانات المصرف المركزي، فإن العجز بالدولار يمكن أن يكون كبيرا خلال العام 2024م، فقد بلغ نحو 9 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من العام الجاري.

إقرار الميزانية لا يعني أنها صارت تحصيل حاصل، لكن هناك مؤشرات على إمكان السير في تنفيذها، من ذلك أن اعتمادها جاء بعد لقاء بين رئيس مجلس النواب ومحافظ المصرف المركزي، كما أكد عدد من أعضاء المجلس أن المحافظ تعهد بتغطية الميزانية، يضاف إلى ذلك عدم تعليق حكومة الوحدة الوطنية عليها، وهي التي تسبق دوما في الاعتراض والاحتجاج بشكل سريع على سلوك مجلس النواب والمصرف المركزي عندما يكون مرفوضا من قبلها، خصوصا وأن الميزانية قدمت لحكومة الوحدة ما يرضي، وهي الحكومة المنتهية الولاية الغارقة في الفساد حسب موقف رئيس البرلمان وأعضائه خلال العامين الماضيين.

علاوة على ما سبق، فإن الميزانية تتوافق ورؤى وخيارات الأطراف الدولية المتدخلة في الأزمة الليبية والتي صار الحديث عن توزيع الموارد المالية بعدالة مؤخرا أساسي في خطابات ممثليها، وهذا ربما كان العامل الحاسم في قبول المحافظ بهذه الميزانية، ذلك أن موقف الأطراف المحلية لا يؤثر على خياراته، وهذا معلوم من سيرته خلال العشر أعوام الماضية.

في حال تم تنفيذ الميزانية فإن تداعياتها لن تكون هينة، فالتضخم سيتجه إلى أعلى بلا أدنى شك، وفي الاتجاه المعاكس ستكون وجهة الدينار الليبي، في مقابل ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في سوق الموازية، وهو مؤكد ليس لأن الميزانية كبيرة والعجز في الإنفاق بالدولار كبير فحسب، فمجلس النواب والمصرف المركزي لن يتراجعا عن قرارهما بفرض نسبة 27% على بيع العملات الأجنبية، فالميزانية الجديدة تتطلب ذلك وليس العكس، لذا سيكون الضغط على الاحتياطي النقدي كبير، والنتيجة النهائية أن الاقتصاد لن يخرج من حلقة التأزيم المفرغة، وسيكون المتضرر الرئيسي من هذا التوجه هو المواطن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ميزانية الاقتصادي ليبيا اقتصاد ميزانية رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المیزانیة السیطرة على ملیار دینار

إقرأ أيضاً:

بمشاركة ست دول عربية وآسيوية وأفريقية.. أكاديمية الأزهر تختتم برنامج إعداد الداعية المعاصر

اختتمت أكاديمية الأزهر العالمية فعاليات البرنامج التدريبي المتخصص «إعداد الداعية المعاصر»، الذي انعقد خلال الفترة من ١١ أكتوبر حتى ١٠ ديسمبر ٢٠٢٥م، بمشاركة نخبة من الأئمة الوافدين من ست دول: الجزائر، الهند، كازاخستان، نيجيريا، غينيا كوناكري، وغينيا بيساو.

وخلال كلمته في الحفل الختامي، أوضح فضيلة الدكتور حسن الصغير، رئيس الأكاديمية، أن تنظيم هذه الدورة يأتي تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وحرصه الدائم على دعم الدعاة الوافدين وتأهيلهم علميًّا ومهاريًّا، بما يمكّنهم من أداء رسالتهم الدعوية بوعي ومسؤولية في مواجهة تحديات العصر.

وأكد رئيس الأكاديمية أن البرامج التدريبية بالأكاديمية تشهد تطويرًا مستمرًا يواكب التحولات الفكرية والاجتماعية في العالم المعاصر، من خلال تقديم محتوى علمي رصين يجمع بين أصالة التراث الشرعي والانفتاح الواعي على الواقع المتنوع الذي يعمل فيه الداعية، مع مراعاة خصوصية البيئات والثقافات المختلفة.

دعاء الفجر لطلب الرزق.. كلمات نبوية تجلب البركة وتيسر لك يومكهل الدعاء بـ"ربنا يكفينا شرك" يعتبر ذنبًا؟.. أمين الفتوى يجيب

كما حظي الأئمة والدعاة الوافدون خلال الدورة بمنظومة تدريبية متكاملة شملت جانبين رئيسيين:
أولًا – الجوانب العلمية والمعرفية: وتضمنت محاور العقيدة، والفقه وأصوله، وقضايا الدعوة والشريعة، إضافة إلى مقررات متنوعة في العلوم الإنسانية التي تساعد الداعية على فهم الواقع وتحليل تحدياته. 

وقد أسهم هذا البناء المعرفي في ترسيخ قاعدة علمية راسخة تمكّنهم من معالجة القضايا الشرعية والفكرية بمنهجية دقيقة ورؤية واعية.
ثانيًا – الجوانب المهارية والسلوكية: وشملت تدريبات عملية حول مهارات التواصل، وفنون الإقناع، وأساليب التعامل مع الجمهور وإدارة المواقف الدعوية، إلى جانب إرشادات تهدف إلى تعزيز شخصية الداعية وترسيخ السلوك القويم في الأداء الدعوي. وأسهم ذلك في تمكين المشاركين من اكتساب أدوات عملية تساعدهم على التواصل الفعّال مع مختلف فئات المجتمع بتنوع ثقافاتهم واحتياجاتهم.

وأشاد الدكتور حسن الصغير بما أبداه المتدربون من انضباط وجدية وتفاعل إيجابي على مدار فترة التدريب، مؤكدًا أن الأداء المتميز الذي ظهروا به يعكس رغبتهم الصادقة في الاستفادة، ويجسد النموذج الأزهري الواعي القادر على الإقناع بالحجة ومخاطبة الجمهور بالحكمة والموعظة الحسنة.

من جهتهم، عبّر المشاركون عن بالغ تقديرهم لفضيلة الإمام الأكبر على رعايته الكريمة لهذا البرنامج، مثمنين ما حصلوا عليه من علوم شرعية رصينة وتدريبات عملية أسهمت في تطوير قدراتهم الدعوية وتعزيز مهاراتهم التواصلية، مؤكدين التزامهم بنقل رسالة الأزهر القائمة على الوسطية والاعتدال والحوار البنّاء إلى أوطانهم، وأن يكونوا سفراء أمناء لقيم الأزهر ومبادئه.

وفي ختام الحفل، سلّم فضيلة الدكتور حسن الصغير الشهادات للمشاركين، موجّهًا لهم التحية على التزامهم وجهودهم خلال فترة التدريب، ومتمنيًا لهم دوام التوفيق والسداد في أداء رسالتهم الدعوية وترسيخ الصورة المشرقة للإسلام وقيمه السمحة في مجتمعاتهم. 

طباعة شارك برنامج إعداد الداعية المعاصر أكاديمية الأزهر الأزهر

مقالات مشابهة

  • آيفون 2026.. أربعة إصدارات تبدأ من 859 ألف دينار عراقي
  • إقليم كردستان يستعد لإرسال 120 مليار دينار إلى بغداد لتمويل الرواتب
  • العراق ينفق 617 مليون دينار في الدقيقة على موظفيه دون إنتاج
  • 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا
  • إي فواتيركم يسجل 64.39 مليون حركة بقيمة 14.39 مليار دينار خلال 11 شهراً”
  • بمشاركة ست دول عربية وآسيوية وأفريقية.. أكاديمية الأزهر تختتم برنامج إعداد الداعية المعاصر
  • النواب يقر موازنة 2026 بعجز 2 مليار و125 مليونا و225 ألف دينار
  • مجلس النواب يوافق على موازنة 2026 بعجز يتجاوز 2.1 مليار دينار
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • الأضخم في تاريخ أمريكا .. إقرار مشروع قانون دفاعي بقيمة 900 مليار دولار