أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي اليوم السبت دعم المجلس الثابت للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل الحرية والاستقلال.

وشدد في كلمة ألقاها البديوي أمام الجلسة العامة الخامسة للبرلمان العربي لدور الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث للبرلمان العربي على اهمية عقد هذا الاجتماع في ظل ما تشهده الأمة العربية من تحديات جسام مؤلمة وعلى رأسها قضية فلسطين العادلة.

وقال البديوي إن القضية الفلسطينية كانت وستظل قضية العرب المركزية الأولى وهو أمر يتجلى أيضا في مواقف دول مجلس التعاون الواضحة والجلية منذ تأسيسه معربا عن الأسى لما تشهده الاراضي الفلسطينية من وضع مأساوي.

وأشار في هذا الصدد الى الجرائم والانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية معتبرا ان هذا الامر “جرح غائر في قلب كل عربي ومسلم” .

وقال البديوي ان جرائم وانتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين ليست انتهاكا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية فقط بل تعد “تحديا صارخا لكل القيم والمبادئ الإنسانية”.

وأضاف ان موقف مجلس دول التعاون للخليج العربية من القضية الفلسطينية العادلة “لم ولن يتغير ونسعى لتقديم كل الدعم والمساندة للفلسطينيين في جميع المحافل الإقليمية والدولية إيمانا بأن تضافر جهودنا وتوحيد مواقفنا هو السبيل الأمثل لمواجهة هذه التحديات والتصدي لهذه الجرائم”.

وشدد البديوي على أن المشكلة الجوهرية التي تسببت ومازالت تسبب زعزعة الاستقرار الإقليمي هي الجرائم المستمرة للاحتلال الإسرائيلية في استخدام القوة المفرطة والعشوائية ضد سكان مدنيين محاصرين .

وأشار البديوي إلى دعوة مجلس التعاون الخليجي مرارا وتكرارا للمجتمع الدولي لتبني سياسات وإجراءات فعالة لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار ووقف التصعيد والعنف ضد الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس والمواقع الإسلامية .

ولفت الى مطالبة المجلس وقف الأنشطة الاستيطانية للاحتلال ومصادرة الأراضي الفلسطينية مؤكدا دعمه حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لمبادرة السلام العربية وجميع القرارات الدولية ذات الصلة.

وقال البديوي انه من هذا المنطلق لم يتردد مجلس التعاون الخليجي في الدعوة إلى ضرورة قيام المجتمع الدولي بدوره وتحمل مجلس الأمن مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين متجاوزا الحسابات السياسية الأنانية والمعايير المزدوجة البغيضة في مواجهة ممارسات الاحتلال.

وأضاف البديوي ان تعاون الأمانة العامة لمجلس التعاون مع البرلمان العربي والمؤسسات العربية الأخرى يأتي من الايمان بأن الوحدة والتكاتف هو السبيل الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للشعوب العربية .

ودعا الى وقفة عربية جادة وموحدة لا سيما في ظل ما تمر به الامة العربية من تحديات تستدعي التعاون الوثيق لتعزيز المواقف والمبادرات العربية المشتركة على الساحتين الإقليمية والدولية.

وأكد البديوي مجددا أن أمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ لاسيما في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من عدم استقرار حيث يرتبط ذلك بمبدأ المصير المشترك منوها بأن التكامل السياسي والعسكري والأمني بين دول المجلس ساهم في استتباب الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي .

وقال ان تعاون مجلس التعاون لدول الخليج العربي مع البرلمان العربي هو تجسيد لتحقيق كافة الأهداف المشتركة والمرجوة مثمنا الدور الفاعل للبرلمان العربي في دعم القضايا العربية وتعزيز العمل العربي المشترك .

واضاف البديوي ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية حقق منذ تأسيسه العديد من الإنجازات والأهداف الخليجية المشتركة التي أمست امرا حقيقيا على أرض الواقع ومنها مشروع إنشاء السوق الخليجية المشتركة الذي يهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الخليج العربية وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينها .

وأشار الى أن من بين الثمار التي حققها المجلس تعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع والتعليم والثقافة والصحة والبيئة والربط الكهربائي وبدء تنفيذ مشروع شبكة سكك الحديد الخليجية .

وأوضح البديوي ان ذلك تم من خلال تنفيذ مشروعات ومبادرات خليجية مشتركة تهدف إلى رفع جودة الحياة في دول مجلس التعاون إدراكا أن التنمية والازدهار هما المدخل الأساسي للوصول للأمن والاستقرار.

وقال “نعمل جاهدين لتعزيز تعاوننا المشترك لمواجهة التحديات والمخاطر الأمنية المشتركة” مضيفا أنه انطلاقا من ذلك أطلقت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رؤيتها حيال الأمن الإقليمي .

وأوضح أن هذه الرؤية تمثلت في تنسيق المواقف بين دول مجلس التعاون تجاه القضايا الإقليمية والدولية مؤكدا أن هذا التنسيق يعد ركنا مهما من أركان التعاون والتكامل بين دول المجلس وعاملا أساسيا لرسم سياستها الخارجية الموحدة .

وأضاف أن هذا الامر ساهم في تمكين مجلس التعاون في تبني مواقف مشتركة موحدة تجاه أهم التحديات التي تواجهها هذه المنطقة والعالم ومن أهمها قضايا الأمن الإقليمي.

ولفت البديوي الى أن المواقف المشتركة والموحدة لدول المجلس تستند إلى النظام الأساسي لمجلس التعاون ومبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول والتي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها السياسي ووحدة أراضيها ومواردها الطبيعية .

وأشار الى اتفاق دول المجلس على ضرورة أن يتم حل الخلافات بين الدول عبر المفاوضات وبالطرق الدبلوماسية والحوار ورفض استخدام القوة أو التهديد بها حرصا على أمن المنطقة واستقرارها.

وأضاف أن دول مجلس التعاون أصبحت شريكا موثوقا لكافة الأطراف في العالم في المجال السياسي والأمني والاقتصادي وأمست مركزا دوليا جاذبا للفكر والثقافة والعلم فضلا عن الرياضة والفن مؤكدا أن هذا هو النموذج الذي يأمل مجلس التعاون في أن تصل إليه دول المنطقة والعالم.

واعرب عن امله أن تخرج هذه الجلسة بنتائج وتوصيات تصب في دعم العمل العربي المشترك مشيرا الى أن مشاركته في هذا الاجتماع تأتي لتأكيد مواقف دول مجلس التعاون الداعمة للعمل العربي المشترك بشكل عام والمناصرة للقضية الفلسطينية بشكل خاص.

وأكد البديوي أهمية العمل الجماعي والتضامن العربي لتحقيق تطلعات الشعوب العربية في الأمن والاستقرار والازدهار.

وكرم البرلمان العربي الامين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بمنحه درع البرلمان العربي تقديرا لدوره في دعم منظومة العمل الخليجي والعمل العربي المشترك وخدمة القضايا العربية والسعي لتحقيق تطلعات الشعوب العربية .

المصدر كونا الوسومالاحتلال الإسرائيلي البرلمان العربي فلسطين مجلس التعاون

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي البرلمان العربي فلسطين مجلس التعاون مجلس التعاون لدول الخلیج العربی دول الخلیج العربیة دول مجلس التعاون البرلمان العربی العربی المشترک لمجلس التعاون الفلسطینی فی البدیوی ان دول المجلس بین دول

إقرأ أيضاً:

البُعد اللوجستي للأمن الخليجي.. رؤية استباقية للاستدامة عند الأزمات

 

 

 

د. منصور القاسمي **

 

في ظلّ التصاعد غير المسبوق للتوترات العسكرية بالمنطقة، تجد المنظومة اللوجستية في سلطنة عُمان ودول مجلس التَّعاون الخليجي نفسها أمام اختبار حرج؛ ذلك أنَّ موقع هذه الدول على ضفّتي مضيق هرمز يجعلها في قلب أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم؛ إذ يعبُر منه نحو 30 في المائة من صادرات النفط الخام العالمية وما يربو على خُمس تجارة الغاز الطبيعي المُسال.

ومع أنّ سلطنة عُمان تمتلك واجهة بحرية واسعة على المحيط الهندي وبحر العرب خارج المضيق، إلّا أنّ تشابك اقتصادها مع أشقائها بدول المجلس واعتماد الأسواق الصناعية على واردات الخام والغاز والمواد الأولية عبر الخليج العربي يضعنا جميعًا في سلة المخاطر حين تتفاقم الأزمات والتحديات. ورغم تمتع سلطنة عُمان بموقع استراتيجي مهم خارج مضيق هرمز، ما يمنحها ميزة نسبية في ظل الأزمات. ومع ذلك، فإنَّ اعتماد السلطنة على أشقائها بدول المجلس وسوق التصدير الخليجي يجعلها غير محصنة بالكامل.

وتكشف أرقام عام 2023 أنّ إجمالي صادرات دول المجلس من النفط الخام تجاوز 17 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثّل نحو 40 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحرًا وتُحافظ السلطنة وحدها على معدل يتراوح بين 800 و900 ألف برميل يوميًا، يتجه ثمانون في المائة منه إلى الأسواق الآسيوية الكبرى وتحديدًا الصين والهند واليابان. أمّا في سوق الغاز الطبيعي المسال، فتتصدر دولة قطر المشهد بطاقة قدرها 82 مليون طن سنويًا، بينما ترفد عُمان السوق الإقليمية والعالمية بـ11 مليون طن من محطة قلهات بولاية صور. وعلى الجانب المقابل، ما زالت دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تستورد جزءًا معتبرًا من المنتجات المكررة، كما تعتمد دولة الإمارات والبحرين والكويت على واردات الغاز لسد فجوات توليد الكهرباء في ذروة الصيف، وأي توقف مفاجئ لحركة الناقلات أو استهداف للبنى التحتية الساحلية سيعني عجزًا مباشرًا في تشغيل محطات الكهرباء والصناعات البتروكيماوية وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والمنتجات الاستهلاكية.

ولا تقتصر المخاطر على المعادلة الاقتصادية؛ إذ إنَّ بحر عُمان والخليج العربي بحران شبه مغلقيْن تدور فيهما التيارات المائية ببطء؛ ما يجعل أي تسرب نفطي أو تلوث كارثي طويل الأمد من خلال احتمالات استهداف السفن أو تلغيم الممرات وغيرها، يزداد خطر الانسكابات الواسعة التي قد تُدمِّر الشعاب المرجانية بالمنطقة، وتشوّه السواحل التي تعيش عليها آلاف من العائلات العاملة في مجال الصيد، وتُعطِّل محطات التحلية التي تؤمِّن أكثر من نصف مياه الشرب في دول مجلس التعاون.

هل نقف عاجزين أمام هذه السيناريوهات المعقدة؟

تبرز الحاجة إلى حزمة استثمارات وحلول لوجستية متكاملة لا تقوم على ردّ الفعل؛ بل على بناء مناعة مسبقة لدول مجلس التعاون تقودها سلطنة عُمان. فمن الناحية اللوجستية، يُعد تسريع تطوير الموانئ العُمانية، وفي مقدمتها الدقم وصحار وصلالة، وربطها المباشر بخط السكك الحديدية الخليجي المرتقب، وهي خطوة أساسية لإنشاء ممر بديل لا يمُر عبر هرمز. ويكمن عنصر الأمان الحقيقي في إنشاء مرافق تخزين استراتيجية على سواحل السلطنة وخارج دول المجلس تتسع احتياطيًا بما يكفي لنحو 90 إلى 180 يومًا من النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز المسال، بحيث تواصل مصافي المنطقة ومولدات الكهرباء عملها حتى في أسوأ السيناريوهات. كما إن توسيع نطاق التجارة المباشرة مع أسواق شرق إفريقيا وجنوب آسيا عبر خطوط ملاحية تنطلق من بحر العرب، سيُخفِّض الاعتماد على عمليات إعادة الشحن داخل دول المجلس، ويُقلِّص زمن الرحلات وكلفة التأمين حين يشتد التوتر.

في المقابل، يتطلب اتقاء التلوث البحري من خلال تأسيس مركز إقليمي للاستجابة السريعة، وهنا نُرشِّح جنوب سلطنة عُمان (ظفار)، وأن يكون هذا المركز مجهزًا بسفن مكافحة التسرُّبات وحواجز عائمة وطائرات مُسيَّرة للمسح اللحظي. وينبغي إلزام جميع الناقلات المارة بمياه المنطقة باستخدام بَدَنٍ مزدوجٍ ومعدات سلامة مُعزَّزة، مع تكثيف عمليات التفتيش في الموانئ للتثبُّت من جاهزية الناقلات القديمة. ولأن الوقاية تبدأ من السماء، فإن استثمارًا خليجيًا مُشتركًا في أقمار صناعية صغيرة مخصصة لرصد بقع النفط والتلوث البحري وتتبُّع عمليات التفريغ غير القانونية، من شأنه أن يمنح السلطات القُدرة على التدخل خلال ساعات لا أيام. وفي حال وصول التلوث إلى السواحل، يجب أن تمتلك محطات تحلية المياه خططًا للطوارئ تُتيح سحب المياه المُلوَّثة من مساراتٍ أبعد في البحر وتفعيل أنظمة ترشيح متقدمة، وإلّا تعرَّضت مدنٌ كاملة لخطر نقص وشُح مياه الشرب في المنطقة.

يبقى الجانب السياسي والأمني هو الضابط النهائي لهذا المشهد؛ إذ لا يُمكن لأي خطة وطنية أن تصمُد دون تنسيق إقليمي ودولي. ومن هنا تبرُز أهمية إنشاء فريق اتصال بحري مُوَحَّد يضم سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون مع منظمات دولية مثل المنظمة البحرية الدولية، إضافة إلى القوى البحرية الرئيسة الحاضرة في المنطقة كالولايات المتحدة والهند والصين. ويُفترض أن يفضي هذا الفريق إلى صياغة ما نسميه «بروتوكول هُرمز للأمان البحري» بما يضمن تحديد مسارات إبحار مُنفصلة ويربط السفن التجارية بنظام إنذار مُبكِّر يستند إلى بيانات الأقمار الصناعية والرادارات الساحلية. وفي الجبهة المالية، يستطيع صندوق استثمار خليجي مشترك في خدمة التأمين وإعادة التأمين البحري أن يخفف من قفزات أقساط التأمين على الناقلات، ما يحد من انتقال تكلفة المخاطر الأمنية مباشرة إلى أسعار المستهلك النهائي.

إنَّ الأزمات، مهما بدت قاتمة، تحمل بذور الفرص؛ فموقع سلطنة عُمان قد يتحول من مجرد ميزة جغرافية إلى صمام أمان حقيقي لإمدادات الطاقة والماء والغذاء والدواء للخليج العربي، إذا ما اقترن بالاستثمار في المخازن الاستراتيجية، وامتلاك موانئ عملاقة عميقة الكاسر، وشبكات نقل داخلية حديثة وسكك الحديد، وحلول رقمية قائمة على الذكاء الاصطناعي لضبط سلاسل الإمداد. ومع تبنِّي استراتيجية وبروتوكولات استباقية، تجمع بين التحول اللوجستي والحماية البيئية والتنسيق الأمني، تستطيع دول مجلس التعاون أن تبني مناعةً تُمكِّنها من امتصاص الصدمات والأزمات في المستقبل، وتضمن استقرارها الاقتصادي والصناعي، وتُؤمِّن بيئتها البحرية لأجيال قادمة.

** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد

مقالات مشابهة

  • “البديوي” و”غوتيريش” يبحثان مستجدات الأوضاع في المنطقة
  • دول الخليج تحذر من سيناريوهات مقلقة جراء الهجوم الإسرائيلي على إيران
  • "التعاون الخليجي": عدوان إسرائيل على إيران يحمل سيناريوهات مقلقة
  • أمين مجلس التعاون: اعتداء إسرائيل على إيران تصعيد خطير يهدد أمن واستقرار المنطقة
  • "التعاون الخليجي" يُحذّر من سيناريوهات مقلقة للعدوان إسرائيل على إيران
  • البُعد اللوجستي للأمن الخليجي.. رؤية استباقية للاستدامة عند الأزمات
  • أمين مجلس التعاون: اعتداء إسرائيل على إيران تصعيد يهدد أمن المنطقة
  • أمين مجلس التعاون: هجمات الاحتلال على إيران والرد عليها زادت حدة التوترات
  • العليمي يؤكد التزام المجلس الرئاسي بالفصل بين السلطات وإستقلال القضاء
  • علييف: أذربيجان ستواصل دعم المطالب العادلة للشعب الفلسطيني