العلاقات المتوترة داخل اليرزة... هل هي رمانة أم قلوب مليانة؟
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
من المؤكد أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كلف وزير الثقافة محمد مرتضى مهمة التواصل بين وزير الدفاع العميد موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون، سينجح في رأب الصدع بينهما، وحل إشكالية الكلية الحربية، من دون أن يعني ذلك أن المياه بين الرجلين قد عادت إلى مجاريها الطبيعية، خصوصًا أن العلاقة المتوترة بينهما بسبب التباين في وجهات النظر كبيرة بالنسبة إلى الصلاحيات المتداخلة بين وزارة الدفاع وقيادة الجيش، وهي ليست وليدة الأمس، وليست أيضًا بسبب انعدام "الكيمياء" بينهما، لأن الأمر ليس شخصيًا كما كانت عليه الحال بين معظم وزراء الدفاع وقادة الجيش منذ الاستقلال حتى اليوم.
فالصيغة التي تمّ التوافق عليها سبق أن اقترحها الوزير سليم وتقوم على إجراء دورة ثانية في الكلية الحربية. وكذلك تم التوافق على أن يُطلب من مجلس الوزراء إجراء مباراة إضافية لتعيين 82 تلميذ ضابط اضافيًا، على أن يجري لاحقاً إلحاقهم في آن واحد في الكلية الحربية في أواخر تشرين الأول، بحسب آخر المعلومات المتداولة. فجوهر الخلاف القديم – الجديد بين الوزير العميد والقائد العماد ليست "قلوب مليانة"، وإن كان فيها بعضٌ من حقيقة مخفية، بل هي قصة "رمانة الصلاحيات"، إذ أنه منذ الاستقلال شهدت العلاقة بين وزراء الدفاع وقادة الجيش العديد من الخلافات التي أثرت بشكل كبير على السياسة الداخلية والأمن الوطني. هذه الخلافات لم تكن مجرد تباين في وجهات النظر، بل انعكاس للصراعات السياسية والطائفية والضغوط الإقليمية والدولية التي عاشها لبنان، إذ لم تكن تخلو العلاقة بين السلطتين المدنية والعسكرية من التوترات الموسمية. ففي الخمسينيات شهد لبنان توترات بين الرئيس كميل شمعون وقائد الجيش حينها اللواء فؤاد شهاب. فكان الأول يسعى إلى تعزيز سلطته السياسية وتوسيع نطاق نفوذه، بينما كان شهاب يرى ضرورة الحفاظ على استقلالية الجيش والابتعاد عن التسييس. هذا التوتر بلغ ذروته في أزمة 1958، حيث تدخل الجيش في النزاع الداخلي لإنهاء الفوضى، وتم بعد ذلك انتخاب فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية. أما الخلاف بين العماد ميشال عون، عندما كان قائدًا للجيش ووزير الدفاع آنذاك فقد عكس مدى تعقيد الأزمة اللبنانية في تلك الفترة، حيث تداخلت الطموحات الشخصية مع الصراعات الطائفية والسياسية والتدخلات الخارجية. لكن هذه الخلافات لم تقتصر على العلاقة بين الجيش والسلطة المدنية، بل امتدت لتشمل مختلف جوانب الحياة السياسية والعسكرية في البلاد، كجزء من مشهد سياسي معقد ومتداخل، يعكس التحديات الكبيرة التي واجهها لبنان في تلك الفترة، والتي لا تزال آثارها ظاهرة حتى اليوم. فبعد اتفاق الطائف وإنهاء الحرب الأهلية، شهد لبنان محاولات لإعادة بناء الجيش وتوحيده. لكن ذلك لم يحل دون تفاقم الصراع بين وزير الدفاع ميشال المر وقائد الجيش إميل لحود، حول الأولويات في تحديد آليات تقوية الجيش وتعزيز دوره في مواجهة ميليشيات الأمر الواقع قبل تسليمها سلاحها وانخراط قسم من عناصرها في المؤسسة العسكرية. وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وخروج القوات السورية من لبنان، ظهرت توترات جديدة بين القيادتين السياسية والعسكرية، حيث ظهر خلاف قوي بين وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان بالنسبة إلى دور الجيش في الحفاظ على الأمن الداخلي والسيطرة على الأوضاع الأمنية في ظل تصاعد التوترات السياسية والطائفية. ومن بين الأمثلة الكثيرة عن التوترات الموسمية بين السلطتين السياسية والعسكرية الخلاف بين وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي بالنسبة إلى بعض التعيينات في المناصب العسكرية العليا والتعامل مع الأوضاع الأمنية الداخلية. هذا غيض من فيض طالما أن بعض السياسيين يحاولون بشتى الطرق وضع أيديهم على مفاصل المؤسسة العسكرية لأسباب لم تعد خافية على أحد، والتي لها علاقة بالمصلحة الشخصية وبالطموحات السياسية، خصوصًا أنه من بين ثلاثة عشر رئيسًا لجمهورية لبنان جلس على الكرسي الرئاسي أربعة قادة للجيش هم: فؤاد شهاب وأميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، مع تردّد اسم العماد جوزاف عون كمرشح محتمل للرئاسة المقبلة. فإشكالية الكلية الحربية ستطوى حتمًا، ولكن من يضمن عدم ظهور إشكاليات أخرى في المستقبل ما دامت "القلوب مليانة"؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بین وزیر الدفاع الکلیة الحربیة وقائد الجیش
إقرأ أيضاً:
الجيش الكوري الجنوبي يتقلّص 20% خلال 6 سنوات.. والدفاع تحذّر من نقص الضباط
أظهرت بيانات حكومية أن عدد الذكور في سن العشرين، وهي السن التي يُجنَّد فيها غالبية الرجال بعد اجتياز الفحص الطبي، تراجع بنسبة 30% بين عامي 2019 و2025، ليصل إلى 230 ألفًا. اعلان
شهد جيش كوريا الجنوبية تراجعًا بنسبة 20% خلال الأعوام الستة الماضية، ليتقلّص قوامه إلى 450 ألف جندي، وذلك وفق تقرير حكومي لوزارة الدفاع نُشر الأحد.
وأوضح التقرير أن هذا الانخفاض يُعزى بشكل رئيسي إلى التراجع الحاد في عدد الذكور في سن التجنيد الإلزامي، في ظل تسجيل كوريا الجنوبية أدنى معدل ولادة على مستوى العالم.
وحذرت الوزارة، في التقرير الذي نقلت عنه وكالة "رويترز"، من أن التناقص المتسارع في الفئة العمرية المؤهلة للخدمة العسكرية يسهم في نقص عدد الضباط، وقد يؤدي إلى صعوبات تشغيلية في المستقبل إذا استمر المسار الديموغرافي الحالي.
وكان الجيشُ الكوريّ الجنوبيّ يضمّ نحو 690 ألف جندي في أوائل العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، قبل أن يبدأ تراجعٌ تدريجيٌّ تسارع في أواخر العقد الثاني منه. وفي عام 2019 بلغ عددُ الجنود والضبّاط في الخدمة الفعلية نحو 563 ألفًا.
وتُقدّر وزارة الدفاع أن الجيش الكوري الشمالي يضم نحو 1.2 مليون جندي في الخدمة الفعلية، وفقًا لأحدث تقديرات صدرت في عام 2022.
Related كوريا الجنوبية: قبول استقالة رئيس الأمن الرئاسي بعد استجوابه في قضية عرقلة اعتقال الرئيس المعزولوزارة دفاع كوريا الجنوبية: طائرة حربية روسية دخلت منطقة دفاعنا الجوي دون إشعار مسبقوزير الدفاع السابق خلف القضبان.. تمرد سياسي يهز كوريا الجنوبيةوأظهرت بيانات حكومية أن عدد الذكور في سن العشرين، وهي السن التي يُجنَّد فيها غالبية الرجال بعد اجتياز الفحص الطبي، تراجع بنسبة 30% بين عامي 2019 و2025، ليصل إلى 230 ألفًا. وتبلغ مدة الخدمة العسكرية حاليًا 18 شهرًا.
ويرجع الجيش تقصير فترة الخدمة إلى تحسن القدرات القتالية، مدعومًا بالتحالف العسكري مع الولايات المتحدة، وتطور الصناعة الدفاعية المحلية التي أصبحت من كبار المصدّرين للأسلحة عالميًا.
وكانت مدة الخدمة تبلغ 36 شهرًا عند انتهاء الحرب الكورية بهدنة في عام 1953.
وبلغت ميزانية الدفاع الكورية الجنوبية أكثر من 61 تريليون وون (ما يعادل 43.9 مليار دولار أمريكي) في عام 2025، وهي تفوق الحجم المقدّر للاقتصاد الكوري الشمالي.
ومع ذلك، أفادت وزارة الدفاع بأن الجيش يعاني من نقص قدره 50 ألف جندي مقارنة بالعدد اللازم للحفاظ على الجاهزية الدفاعية، بينهم نحو 21 ألفًا من الضباط غير المفوضين.
وتعتبر كوريا الجنوبية واحدة من أسرع الدول تقدمًا في السن، وتملك أدنى معدل خصوبة في العالم، حيث بلغ 0.75 في عام 2024، أي أن المرأة الكورية تنجب في المتوسط أقل من طفل واحد طوال حياتها الإنجابية.
ووفقًا لدراسات حكومية، من المتوقع أن ينخفض تعداد السكان من ذروته عند 51.8 مليون نسمة في عام 2020، إلى 36.2 مليون نسمة بحلول عام 2072.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة