مقاهي الحارات القديمة.. تعزز السياحة وتجسد التراث
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
بين الحارات العمانية القديمة وبين عتبات مداخلها، تسطع مقاهٍ تعج بتجمعات الناس، في انتظار تذوق وتجربة ما تقدمه تلك المقاهي من قهوة وأكلات، ومن جلسات جميلة مطلة على واجهة البلدة أو منظر طبيعي خلاب. وقد أبدع الشباب في التفرد وإضافة قيمة لتلك الحارات واستثمارها بطريقة مبتكرة وإبداعية، لتكون واجهة سياحية تعيد ألق الحياة للمكان.
سلطت "عُمان" الضوء على تجارب أصحاب المطاعم والمقاهي الذين أسسوا علامة تجارية لهم في تلك الحارات، وكيف أسهمت هذه المقاهي في زيادة الإقبال على زيارة تلك الأماكن السياحية.
يقول في البداية يوسف بن زهران الذهلي، شريك ومؤسس مشروع "فلج كافية" في حارة العين بقرية إمطي بولاية إزكي: "إن المقاهي هي فضاء للترويح عن النفس والهروب من ضغوطات الحياة". أما عن التجارب الفريدة التي يمكن أن تقدمها المقاهي الموجودة في وسط الحارات القديمة العمانية، فتخيل نفسك تحتسي قهوتك وسط أجواء الطبيعة العمانية التي تمتاز بالهدوء، ومن حولك الآثار العمانية، فهذا بحد ذاته يُكسبك راحة ومعرفة في آن واحد، وتُعد تجربة مميزة من نوعها، كما أن المقاهي تعد عامل جذب لمرتاديها مما يسهم في تعزيز السياحة داخل الحارات القديمة والتعرف عليها، مضيفا: إن للمقاهي دورًا بارزًا ومهمًا في عملية الجذب السياحي بحيث تتمثل في تقديم خدمة متميزة، وتقديم القهوة المختصة بشتى أنواعها أو خدمات أخرى بشكل ملفت ومميز كما أن التصميم الداخلي للمقهى يسهم بشكل أو بآخر في جذب السياح.
وحول الإبداع في تقديم تجارب جاذبة أجاب، في الوقت الراهن بدأ التنافس بين أصحاب المقاهي لخلق تجارب ممتعة لزوارها من خلال التنوع في تقديم المشروبات والخاصة وإضافة لمسات خاصة مستوحاة من المكان وقد تكون مبتكرة أحيانًا، وإقامة العديد من الفعاليات في مختلف المناسبات.
ويقول سعود بن سالم الفرقاني صاحب "مقيل كافيه" والذي يقع وسط حارة العقر في ولاية نزوى: إن موقع المقهى في حارة عمانية قديمة جدًا وأنت تشم رائحة الطين وتتلمس عبق الماضي وحضارة عريقة كانت هنا، ومن خلال المحافظة على كل تفاصيل العمارة العمانية في تصميم المقهى وأثاثه والعاملون به يوحي للزائر وبأنه في تجربة فريدة لم يجدها إلا في المقهى، كما أن عدم تغيير نمط البناء القديم والمحافظة عليه قدر الإمكان بحد ذاته يسهم في جذب السياح وزيادة الإقبال على زيارة تلك الأماكن. وحول العوامل التي تجذب السياح للمقهى أفاد الفرقاني، أنه كلما امتزج قدم المبنى والموقع بجمال الإخراج وأسلوب تقديم الطعام ورقي وابتسامة العمال كلما كانت تجربة السائح فريدة وممتعة. وعن دور المؤسسات الحكومية أوضح سعود أنها تمثلت في عملية تسهيل استخراج التصاريح لمثل هذه المنازل السكنية المبنية من الطين.
وعن أبرز التحديات قال: إن التكلفة العالية لإنشاء مقهى داخل الحارات ليس بالأمر الهين ويتطلب تصميمًا هندسيًا ودراسة مكثفة، كما أن كثرة التردد إلى المقاهي في الإجازات وقلة التردد في باقي أيام الأسبوع يعد تحديًا. وعن تطوير قطاع السياحة والتجارب الغذائية العمانية أفاد أن نشر هذه الثقافة في كل الحارات العمانية متاح ومفتوح، فالمقاهي والنزل في الحارات العمانية تسهم في رفد الاقتصاد من خلال توفير السياحة التراثية بطعم عماني خالص وهو ما يبحث عنه السائح المحلي والأجنبي.
تتحدث جنات الكندية محضرة قهوة في "قهوة القلعة": تتميز المطاعم والمقاهي في عمّان بتقديم مجموعة متنوعة من التجارب الفريدة، ففي قهوة القلعة نختص بتقديم مشروبات ووجبات تعكس الطابع العُماني الحضاري والضيافة العُمانية لنشارك مع السياح طابع الكرم العُماني في مواقع أثرية جاذبة والتركيز على الأجواء التقليدية المستوحاة من التراث، مشيرة إلى دورها في تعزيز السياحة حيث تُعد الأكلات الشعبية والمشروبات الخاصة من أهم التجارب للسياح، فهي من العوامل الجاذبة للسياحة، بالإضافة إلى الترويج على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشارك الزوار تجاربهم مما يسهم في الإقبال على المواقع السياحية، علاوة على أنها تضيف تجربة مميزة وتروج لعُمان، ففي قلعة مطرح وقلعة الميراني وقلعة نخل، قهوة القلعة التي تتناغم مع جمال المعمار القديم وإطلالات فريدة وأجواء أصيلة.
وحول دور المؤسسات الحكومية في دعم مثل هذه المبادرات أفادت، تلعب المؤسسات الحكومية دورًا كبيرًا من خلال الدعم المالي والفني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقديم دورات مفيدة لتطوير وترويج المشاريع، موضحة أن المقهى يقوم بإضافة بعض الطرق المبتكرة لتقديم تجارب جديدة مثل تنظيم فعاليات وأنشطة متنوعة قد يهتم بها السائحون، وتطوير قائمة الطعام وإضافة مشروبات أو مأكولات جديدة، والتعاون مع الأفراد لتقديم مختلف الخدمات التي تتناسب مع تجربة المطعم أو المقهى واحتياجات الزوار.
وحول التوجهات المستقبلية لتطوير قطاع السياحة الغذائية والتجارب الثقافية في عُمان، أشارت إلى أن هناك توجهًا كبيرًا لاستثمار القطاع الغذائي في السياحة، وبالأخص في المواقع السياحية الثرية بالزائرين، كونها تقدم خدماتها الغذائية المتنوعة التي يحتاجها كل زائر ليكتمل نجاح المكان السياحي من جميع النواحي، ولقد بدأ قطاع الغذاء وبالأخص الوجبات العمانية التقليدية والمشروبات المتنوعة بما في ذلك القهوة ومشتقاتها، ينمو كثيرًا في الآونة الأخيرة، كون المواقع السياحية والأثرية المستثمرة، كالقلاع والحارات العمانية القديمة في تزايد.
وحول آلية قياس تأثير هذه المقاهي في قطاع السياحة والاقتصاد المحلي، أفادت أنه يتم من خلال جمع آراء الزبائن وتقييم تجاربهم والاستطلاع ومتابعة إحصاءات الزوار والمبيعات، ومراقبة نشاط التواصل الاجتماعي.
أما جمعة بن أحمد الشحي مستثمر حصن الخابورة في محافظة شمال الباطنة وصاحب مقهى "كوفي حصن الخابورة" فيقول: كان ميولي منذ الصغر في التراث وإحياء المناسبات الشعبية والموروثات البحرية، وكانت الفكرة موجودة لدي قبل 10 سنوات، وتم طرحها للمختصين لاستثمار الحصون، وبالنسبة لحصن الخابورة فقد بذلت جهدًا كبيرًا لاستثماره لكون المنطقة نائية والحصن كان متهالكًا جدًا، وتم تجهيز المكان وتطويره وإنشاء مكتبة تضم مختلف أنواع الكتب، وثلاثة متاحف وهي متحف البرج ومتحف البرزة ومتحف المجلس كما تحتوي الغرف على مقتنيات قديمة تعود لآلاف السنين، ويقدم "كوفي حصن الخابورة" القهوة الساخنة والباردة والحلويات كما يقدم فيه المأكولات العمانية والعربية والإيطالية وقد لاقى الحصن إقبالًا كبيرًا من الناس والزوار وتم الترويج للمكان من أصحاب مشاهير التواصل الاجتماعي، وتم تسويق المكان بإقامة حفلات كل نهاية أسبوع، مما أسهم في زيادة الحركة السياحية للمنطقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المقاهی فی ا کبیر ا من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
تراث الإمارات يتألق في «موسم طانطان» بالمغرب
أبوظبي (وام)
تشارك الإمارات في الدورة الـ 18 لموسم طانطان الثقافي، الذي تنطلق فعالياته اليوم في المملكة المغربية، تحت عنوان «موسم طانطان.. شاهد حي على عالمية ثقافة الرحل»، ويستمر حتى 18 مايو الجاري، برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية الشقيقة.
ويعد موسم طانطان، الذي أدرجته منظمة اليونسكو في عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، منصة ملهمة للحوار الثقافي بين مختلف المجتمعات، وفرصة للتعبير عن المظاهر التراثية والقواسم الحضارية المشتركة المتجسدة في الثقافة الشعبية الصحراوية.
التراث الإماراتي
تستعرض هيئة أبوظبي للتراث، من خلال جناح الإمارات، عدداً من عناصر التراث الإماراتي المعنوي، إلى جانب تنظيم المسابقات التراثية، مثل «سباق الهجن»، و«مزاينة الإبل» و«مسابقة المحالب»، بالتعاون مع اتحاد الإمارات لسباقات الهجن، وترعى جناح الدولة مسابقة التبوريدة التي تعد من المسابقات التراثية المغربية.
ويضم الجناح معرضاً للصور يجسد العلاقات التاريخية المتينة التي تربط البلدين الشقيقين، إلى جانب لوحات من المصنوعات اليدوية التقليدية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، ومعروضات من البيئة البحرية والأكلات الشعبية الإماراتية والقهوة العربية والملابس الرجالية والنسائية والمجوهرات الشعبية.
ومن المسابقات التي تنظمها «الهيئة»، خلال مشاركتها في موسم طانطان، مسابقة الطبخ الشعبي وإعداد الآتاي المغربي، والألعاب الشعبية، والشعر الحساني، ومسابقة إعداد الخيمة الصحراوية.
كما تنظم «الهيئة» أمسية شعرية، يحييها شعراء من الإمارات والمغرب، إضافة إلى المشاركة في الحفلات الغنائية وغيرها من الفعاليات الثقافية والتراثية المتنوعة التي يحتضنها موسم طانطان.
مشاركات الإمارات
كانت أول مشاركة للدولة في موسم طانطان عام 2014، ضيف شرف في الدورة العاشرة التي أقيمت تحت شعار «التراث الثقافي غير المادي ودوره في تنمية وتقارب الشعوب».
وفي عام 2015، شاركت الإمارات في الدورة الـ 11، تحت شعار «تراث إنساني ضامن للتماسك الاجتماعي وعامل تنموي»، وذلك في إطار تعزيز تقارب التراث الصحراوي الإماراتي والمغربي، لاسيما في مجال تربية الإبل وما يرتبط بها من مسابقات.
كما شاركت في دورة عام 2016 التي عُقدت تحت شعار «موسم طانطان ملتقى مغرب التنوع»؛ بهدف تعزيز التعاون الثقافي مع دول العالم. وسجلت الدولة مشاركتها الرابعة في موسم طانطان عام 2017، في دورته الـ 13 التي حملت شعار «موسم طانطان.. موروث ثقافي مغربي ببعد إفريقي». أما في عام 2018، فشاركت في الدورة الـ 14 التي أُقيمت تحت شعار «موسم طانطان.. عامل إشعاع الثقافة الحسانية»، لتسليط الضوء على الأدب الشعبي النبطي. وجاءت مشاركتها في دورة عام 2019، التي عُقدت تحت شعار «موسم طانطان.. حاضن لثقافة الرحل العالمية»، متزامنة مع عام التسامح.
وركز جناح دولة الإمارات في دورة عام 2023، التي أقيمت تحت شعار «ترسيخ للهوية ورافعة للتنمية المستدامة»، على إبراز التراث الأصيل والهوية الحضارية للدولة.
كما شاركت الدولة العام الماضي في الدورة الـ 17 لموسم طانطان، التي أقيمت تحت شعار «20 عاما من الصون والتنمية البشرية»، واستقطب جناحها آلاف الزوار، وحظيت فعالياته التراثية والثقافية والفنية بأصداء إعلامية وشعبية واسعة في مختلف أنحاء المملكة المغربية.
برنامج ثري
يتضمن موسم طانطان برنامجاً ثقافياً غنياً ومتميزاً، يجمع بين الماضي والحاضر، ويسلط الضوء على التراث الصحراوي العالمي بشكل عام، والتراث الصحراوي المغربي على وجه الخصوص، ويعد الموسم حدثاً عالمياً مسجلاً في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي المعنوي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو».