هل الخوف صناعة فطرية؟ بمعنى: هل الخوف من الفطرة أم أننا نبالغ في إبداء المشاعر السلبية الجانبية «صناعة مخاوف»، حتى تتجسد على أشكال من القلق، فينقلنا إلى حاضنة الخوف؟ ولماذا نخاف في الأصل؟ وكم من الوقت الذي تستهلكه المخاوف منا، فتشغلنا عن إنجاز ما قد يبدد هذه المخاوف؟ وهل لذلك علاقة بدرجة الإيمان؟ مع أن الإيمان علاقة عضوية مرتبطة بين العبد وخالقه، وليس يسيرا إطلاقا تقييمها، مع أنها في تقدير آخر - علاقة كمية، بمعنى يمكن مقارنتها من خلال ما يقوم به الأشخاص من تفاعلات سواء مع أنفسهم حيث ينزلونها المنزلة المباركة من الأعمال الخيرة الحسنة، أو ينزلونها منازل الهلاك والردى، أو سواء مع الآخرين من حولهم، حيث تسمو العلاقة بينهم، أو تسوء إلى درجة الاقتتال.
هل صناعة الخوف أو حقيقة الخوف نفسه أمر معقد، يصعب تفتيته أو الدخول بين جزيئاته؟ قد تتوفر الإجابة أكثر عند المتخصصين في الطب السلوكي أكثر من غيرهم، ولكن لا يمنع غيرهم من جس نبض هذه الصناعة، والتفريق بين أن تكون صناعة فطرية، أو صناعة متعمدة «مع سبق الإصرار والترصد» والصناعة المتعمدة للخوف هذه نعيشها بأنفسنا كل يوم وفق مجريات حياتنا اليومية، فمن منا لا يقلق أو يساوره القلق طوال يومه فينقله إلى درجة الخوف، حيث يكفي أن ترى أحد أفراد أسرتك مريضا، ليرتفع عندك سهم القلق على حياته إلى مؤشرات قد تصبح خطيرة، إذا لازمك، مع أن المرض وأنت تدرك ذلك لا يعطيك الحق في أن تقول فيه كلمة الفصل في أنه سوف يستمر أو يغادر جسم هذه المريض الذي تراه أمام عينيك، ولا تقدر أن تعينه على تجاوز محنته، ويرتفع هذا المؤشر أكثر عندما يكون هذا المريض طفلا لا يملك حيلة نفسه، وما ينطبق على المرض، ينطبق على كثير مما تمارسه من سلوكيات، وما يحيطك من تفاعلات البيئة التي تعيش فيها، ففي بيئة العمل يحدث أن يترقى زميلك الذي يشاركك المكتب، وتتقاسم معه عمل المؤسسة اليومي، ما الذي دفع مسؤولك الأعلى لأن يميزه عنك، فيترقى، أو يكافأ، أو ينتدب لدورة تدريبية «دولية» أو ينقل عن مزاملتك إلى إدارة تخصصية أكثر أهمية، في كل هذه هل عليك أن تلبس نفسك بشيء من المخاوف، وما الذي يخيفك في الأساس هل سينقطع راتبك؟ هل ستحرم من ترقيتك؟ هل ستصلك ورقة إقالتك من وظيفتك؟ هل ستنقل إلى وظيفة أدنى مما أنت عليه الآن؟ يقينا أن كل ذلك لن يحصل، وتبقى درجة إيمانك في علاقتك مع ربك حيث الرضى بالقدر - وبتأكيد قدراتك المادية والمعنوية، وبمعرفتك لنفسك، وبتنقية حالتك من الزلات، كل ذلك سوف ينقلك من حالة المخاوف إلى الاطمئنان، ومن الصدام إلى الرضى، ومن تعظيم ما تمتلكه من قدرات وتوظيفها في ذوبان مجمل الشعور السلبي الذي كبلك في حالة ضعف من غير لا تدري.
لا أحد يمكنه أن يسلب حق أحد، ولا أحد يستطيع أن ينهي أجل أحد، ولا أحد يتمكن من الحيلولة دون وصول الآخر إلى مستوى معين من الحياة، ولا أحد تكون لديه القدرة القاهرة لتكون له كلمة الفصل في أمر قد قدره الله على أحد آخر، ومتى أدرك كل منا هذه الحقيقة المتخفية بين ستائر الضعف عند كل منا استطاع أن يتسامى على كل المخاوف التي نحسبها أنها مصدر قلقنا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لا أحد
إقرأ أيضاً:
«مونديال الفورمولا1».. صحوة فيرستابن تضع المنافسين في «خانة الخوف»
أوستن(أ ف ب)
واصل سائق ريد بول الهولندي ماكس فيرستابن، بطل العالم في الأعوام الأربعة الأخيرة، صحوته بإحرازه المركز الأول في سباق جائزة الولايات المتحدة الكبرى، الجولة 19 من بطولة العالم للفورمولا 1، الأحد على حبلة أوستن.
وهو الفوز الخامس لفيرستابن هذا الموسم بعد اليابان وايميليا رومانيا وايطاليا وأذربيجان، والثالث في السباقات الأربعة الأخيرة والـ68 في مسيرته الاحترافية، متقدماً على سائقي ماكلارين البريطاني لاندو نوريس، وفيراري شارل لوكلير من موناكو.
وحصد فيرستابن العلامة الكاملة في سباق الولايات المتحدة بدءًا بفوزه بسباق السرعة السبت مروراً بانطلاقه من المركز الأول وصولاً إلى الفوز بالسباق، وكسب 35 نقطة بينها 15 في صراعه مع سائق ماكلارين الآخر الأسترالي أوسكار بياستري متصدر الترتيب العام، الذي حل خامساً في سباق اليوم.
ودخل "ماد ماكس" سباق جائزة الولايات المتحدة وهو يتخلف بفارق 55 نقطة عن بياستري و33 نقطة عن نوريس، وقلصه في نهايته إلى 40 نقطة عن الأسترالي و26 عن البريطاني.
في المقابل، قلص نوريس الفارق بينه وبين زميله بياستري إلى 14 نقطة.
وعزز فيرستابن موقعه في المركز الثالث برصيد 306 نقاط مقابل 346 نقطة لبياستري و332 نقطة لنوريس.
وعادل فيرستابن الألماني سيباستيان فيتل في عدد منصات التتويج برصيد 122 منصة، وبات أنجح سائق في سباقات الولايات المتحدة بتحقيقه الانتصار السابع (4 في أوستن و2 في ميامي و1 في لاس فيجاس) بفارق فوز واحد أمام سائق فيراري البريطاني لويس هاميلتون.
وفرض فيرستابن أفضليته من البداية وحتى النهاية دون أن يلقى منافسة من مطارديه المباشرين، وهو استفاد كثيراً من المنافسة الشرسة بين نوريس ولوكلير على المركز الثاني.
وحافظ فيرستابن على المركز الأول عند الانطلاقة، فيما انتزع لوكلير المركز الثاني من نوريس، فيما انقض هاميلتون على المركز الرابع وبياستري على الخامس أمام سائق مرسيدس البريطاني جورج راسل الذي تراجع الى المركز السابع.
وتدخلت سيارة الأمان الافتراضية في اللفة السابعة عقب الاصطدام بين الإسباني كارلوس ساينز (وليامس) والإيطالي أندريا كيمي أنتونيلي (مرسيدس) ما أدى إلى انسحاب الأول.
واحتدمت المنافسة بين لوكلير ونوريس على المركز الثاني وحاول الأخير أكثر من مرة تخطيه، قبل أن ينجح في اللفة 21 من استعادته.
ودخل لوكلير إلى المرآب في اللفة 23 وخرج تاسعاً فانتزع هاميلتون المركز الثالث أمام بياستري، ثم دخل بياستري في اللفة 31 وخرج سابعاً، وتلاه نوريس في اللفة 33 وخرج رابعاً خلف فيرستابن وراسل ولوكلير.
ودخل فيرستابن إلى الحظيرة في اللفة 34 وخرج في الصدارة بفارق كبير عن راسل ولوكلير ونوريس، تلاه راسل وخرج سادساً خلف لوكلير ونوريس وهاميلتون وبياستري.
واشتعلت المنافسة مجدداً بين نوريس ولوكلير في النصف الثاني من السباق، ونجح نوريس للمرة الثانية في استعادة المركز الثاني في اللفة 51 وانطلق في سعيه إلى الاقتراب من فيرستابن، لكن الوقت لم يمهله في اللفات الخمس المتبقية، فأنهى السباق بفارق ثمان ثوان عن الهولندي.