يواصل الجيش الإسرائيلي التحقيق في الهجوم غير المسبوق الذي شنته جماعة الحوثي عبر مسيرة تمكنت من اختراق الأجواء الإسرائيلية دون ملاحظة رادارات القبة الحديدية لها، وكأنها دخلت من منطقة "عمياء" غير ملحوظة للرادارات.

ويحقق الجيش في سبب عدم تمكن الدفاعات في تحديد المسيرة لهدف معاد، وبالتالي لم يتم اعتراضها من قبل القوات الجوية، على الرغم من اكتشافها بواسطة الرادار قبل حوالي سبع دقائق من الاصطدام القاتل.



وقالت قوات الجيش الإسرائيلي إن الطائرة بدون طيار تم تحديدها، لكن خطأ بشري أدى إلى عدم التعامل معها من قبل الدفاعات الجوية. ولأنه لم يتم اتخاذ أي إجراء ضد الهدف الذي تم تحديده لاحقًا على أنه طائرة هجومية كبيرة بعيدة المدى، لم تصدر صفارات الإنذار.

الطائرة بدون طيار، التي حددها الجيش على أنها من طراز "صماد-3" المصنوعة في إيران والتي تم تعديلها ليكون لها مدى طويل، طارت لأكثر من 10 ساعات للوصول إلى إسرائيل.

عبرت مصر ودخلت من البحر

وبحسب موقع تايمز أو إسرائيل، فإنه فقًا للتقييمات العسكرية، لم تتبع الطائرة مسارًا مباشرًا إلى إسرائيل من اليمن، حيث عبرت الطائرة مصر ودخلت تل أبيب من اتجاه البحر الأبيض المتوسط على ارتفاع منخفض، مما جعلها تقطع مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر (1200 ميل) للوصول إلى إسرائيل.

ويُعتقد أن الحوثيين قاموا بتعديل الطائرة الإيرانية الصنع بحيث تحمل أقل من 10 كيلوجرامات من المتفجرات، بانخفاض من 18 كيلوجرامًا القياسية. وبذلك، كانت قادرة على حمل المزيد من الوقود، الطيران لفترة أطول، والوصول إلى إسرائيل.

ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العميد البحري دانيال هغاري، في مؤتمر صحفي يوم الجمعة، أن الهدف كان يُعتقد أنه طائرة صديقة وبالتالي لم يتم التعامل معه.

وقال في رد على هذا السؤال: "الجواب لا. في هذا الحدث، كان هناك خطأ، كان هناك نوع من التعرف، ونحن الآن نحقق في السلسلة الكاملة لسبب عدم وجود اعتراض".

خلال الهجوم، كان سلاح الجو الإسرائيلي أيضًا يتتبع ويسقط طائرة بدون طيار تقترب من الشرق، على ما يبدو أُطلقت من العراق.

 ماذا عن الرادارات الأميركية فوق البحر الأحمر؟

وفقًا لسلاح الجو الإسرائيلي، فإن إعلان القيادة المركزية الأميركية يوم الجمعة الذي وصف تدمير صواريخ وطائرات بدون طيار حوثية أشار إلى حوادث صباح الخميس ولم يكن له علاقة مباشرة بالهجوم الليلي.

تم إخطار سلاح الجو الإسرائيلي من قبل القيادة المركزية بتلك الحادثة السابقة يوم الخميس، كما هو الحال مع عمليات الاعتراض والضربات التي تقوم بها القوات الأميركية بشكل شبه يومي.

وبسبب اليوم الكامل بين الحدثين، خلص سلاح الجو الإسرائيلي إلى أنه من المرجح عدم وجود علاقة مباشرة بين الطائرات التي دمرها الأميركيون والطائرة بدون طيار الوحيدة التي ضربت تل أبيب.

كانت طائرة الجمعة هي أول طائرة بدون طيار أُطلقت من الحوثيين تصل إلى تل أبيب.

وأطلق الحوثيون المدعومون من إيران أكثر من 200 طائرة بدون طيار وصواريخ كروز على إسرائيل منذ نوفمبر، وفقًا للجيش. بالإضافة إلى هجوم الطائرة بدون طيار يوم الجمعة في تل أبيب، ضرب صاروخ كروز بالقرب من إيلات في مارس.

تقول قوات الجيش إن الغالبية العظمى من التهديدات تم اعتراضها من قبل القوات الأميركية وفي عدد قليل من الحالات من قبل الطائرات المقاتلة الإسرائيلية وأنظمة الدفاع الجوي الأرضية.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن تيمور خان، رئيس العمليات في "كونفليكت أرمامنت ريسيرتش"، وهي شركة خاصة مقرها المملكة المتحدة تحقق في تهريب الأسلحة العالمي، أن الإطلاق من الأراضي اليمنية كان من المحتمل أن يتطلب من الطائرة التحليق فوق البحر الأحمر، حيث تقود البحرية الأميركية جهدًا دوليًا لاعتراض هجمات الحوثيين على الشحن التجاري، ثم عبرت شبه جزيرة سيناء المصرية وخرجت فوق البحر الأبيض المتوسط قبل التوجه شرقًا نحو الساحل الإسرائيلي.

حذر قائد القيادة الوسطى الأميركية مؤخرًا في رسالة سرية إلى وزير الدفاع لويد أوستن من أن العمليات العسكرية في المنطقة تفشل في ردع هجمات الحوثيين على الشحن وأن نهجًا أكثر صرامة مطلوب، حسبما أفادت وول ستريت جورنال.

وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة كانت على اتصال بإسرائيل بعد الهجوم بالطائرات بدون طيار لمعرفة المزيد عما حدث بينما يحقق الإسرائيليون في الحادث.

 

رخيصة وبسيطة

وأوضح طال عنبار، الخبير الإسرائيلي في مجال الصواريخ وسياسة الطيران خلال مقابلة مع i24NEWS إن المسيرة التي ضربت تل أبيب ليلة الجمعة "تمتلك محرك مكبس وتستهلك وقود عادي مثل البنزين، كما أنها تمتلك محرك صغير وهو على الأغلب من إنتاج صيني أو إيراني". مشدداً على أن الحديث يدور عن "منظومة غير مكلفة يتم إنتاجها بكميات كبيرة".

وتابع مضيفاً حول مميزاتها: "إن المسيرة تحلق لمسافات طويلة وعلى مدار ساعات عديدة وببطء، السرعة البطيئة والارتفاع المنخفض تسمح لها في مرات عديدة بعدم كشفها من قبل الدفاعات الجوية والرادارات، وتصنيفها كتهديد يجب اعتراضه، لكن في غالبية الأحداث يتم إسقاطها".

وشدد الخبير على أنه على الأغلب: "يتم إسقاط هذا النوع من المسيرات، لكن يجب أن نتذكر أنه لا توجد حماية محكمة من أي صاروخ، أو طائرة مسيرة من أي نوع".

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الجيش القوات الجوية الرادار الجيش الإسرائيلي الطائرة بدون طيار صماد 3 إيران إسرائيل إسرائيل اليمن دانيال هغاري تل أبيب الحوثي مسيرة مسيرة الحوثي صماد 3 تل أبيب إسرائيل الجيش القوات الجوية الرادار الجيش الإسرائيلي الطائرة بدون طيار صماد 3 إيران إسرائيل إسرائيل اليمن دانيال هغاري تل أبيب أخبار إسرائيل الطائرة بدون طیار الجو الإسرائیلی طائرة بدون طیار إلى إسرائیل تل أبیب على أن من قبل

إقرأ أيضاً:

الطائرة الصينية التي أثبتت تراجع سلاح الجو الأميركي

"جيوتيان"، طائرة هجومية صينية مسيّرة من الجيل الخامس، والمُصنَّعة ضمن فئة "الارتفاعات الشاهقة وقدرات التحمّل الطويلة" (high-altitude long-endurance)، أما المختلف فيها، فهي أنها صُممت لحمل طائرات مسيّرة أصغر في جوفها. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024، كشفت الصين عن الطائرة التي تروّج لها كأول حاملة مسيّرات محلقة على ارتفاعات شاهقة، وهي بدون طيار، وضخمة البناء، ومهيأة لأن تحمل مئات الطائرات المسيرة الأصغر حجما، وعليه تكون هذه الطائرة أشبه بقاعدة طائرة يمكنها إطلاق أسراب من الطائرات المسيّرة على ارتفاعات قد تصل إلى 15 كيلومتر.

جاء هذا الكشف في النسخة الـ15 من معرض الصين الدولي للطيران والفضاء في مدينة تشوهاي. وتُشير أحدث التقارير في الإعلام الرسمي الصيني إلى أن اختبارات الطيران ستبدأ في نهاية يونيو/حزيران القادم.

The Chinese Jiu Tian unmanned aircraft carrier, designed with a unique honeycomb structure, began combat duty in June 2025.pic.twitter.com/cKyvWsFFve

— Zhang Meifang (@CGMeifangZhang) May 18, 2025

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟list 2 of 2السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تراجع البحرية الأميركيةend of list حاملة الطائرات المسيّرة

تقوم على تطوير هذا المشروع شركة صناعة الطيران الصينية المملوكة للدولة، واسمها بالصينية (جيوتيان) يعني "السماء العالية". 

هذا المشروع بدأت معالمه الأولى بالظهور من خلال وسائل الإعلام المهتمة بالشؤون العسكرية في أوائل عام 2023، لكن المفاجأة كانت هي أن الطائرة ظهرت علنا في معرض تشوهاي في أواخر العام الماضي. وتشير الرحلة التجريبية المنتظرة في يونيو/حزيران القادم إلى تسارع غير مسبوق من ظهور الفكرة إلى التحليق والتي عادة ما تأخذ بضع سنوات، وذلك عائد إلى الدعم المباشر والسخيّ الذي توجّهه الصين لتسريع الابتكار العسكري خصوصا والابتكارات التفنية بصورة عامة، كما يشير تقرير موقع "أرمي ريكوجنيشن".

طائرة "جيوتيان" (Jiutian SS-UAV) (مواقع التواصل)

أما فيما يتصل بالتفاصيل التقنية للطائرة، فإنها تعتمد على محرك توربيني فائق الدفع مُثبت أعلى هيكلها، ما يمنحها مدى تشغيلي يصل إلى 7 آلاف كيلومتر وزمن تحليق يصل إلى 36 ساعة. وربما يكمن التميّز الحقيقي لطائرة "جيوتيان" في حمولتها، إذ يمكن اعتبارها "المركبة الأم"، لأنها قادرة على حمل ما يصل إلى 6 أطنان من الحمولة المتنوعة، من الطائرات المسيّرة الأصغر إلى الذخائر، داخل حجرة متعددة الاستخدامات، وعلى 8 نقاط تعليق خارجية.

إعلان

وبحسب الإعلام الرسمي الصيني، يمكن للطائرة أن تطلق أكثر من 100 طائرة مسيّرة صغيرة، سواء كانت مسيّرات انتحارية "كاميكازي"، أو طائرات استطلاع، عبر منافذ في أسفل هيكلها، لتتحول إلى موزع جوي للطائرات المسيّرة.

China’s first aerial mothership, Jiutian SS-UAV, is scheduled for its maiden flight in June.

It can cruise at 15,000m high carrying over 100 small drones or 1,000 kg of missiles, with a range of 7,000km.

Don’t worry, China’s military is peace-oriented from the start. We grow… pic.twitter.com/koCXA4uq6g

— Li Zexin (@XH_Lee23) May 18, 2025

 

وتذكر التقارير أن هذه الطائرة تمثل "نقطة قيادة جوية" تنسّق أسرابا معقدة من الطائرات المسيّرة على امتداد مساحات شاسعة. وعند إطلاقها، يمكن لتلك الطائرات المسيّرة القيام بمهام متعددة، سواء كان ذلك لمهام الاستطلاع، أو التشويش، أو أن تسهم في إرباك الدفاعات الجوية للعدو، وصولا إلى تنفيذ هجمات جماعية تجاه أهداف محددة.

دور مزدوج

من ناحية المفهوم، تمثل طائرة "جيوتيان" منافسا لكل من الطائرتين الأميركيّتين "إم كيو-9 ريبر" و "آر كيو-4 غلوبال هوك"، لكنها تختلف عنهما في طبيعة المهام. فبينما تركز مسيّرة "إم كيو-9 ريبر" على الضربات الدقيقة ومهام الاستطلاع، تؤدي طائرة "جيوتيان" دور مركز التحكم الجوي لأسراب المسيّرات، بما يشبه حاملة طائرات جوية.

أما مسيّرة "آر كيو-4 غلوبال هوك"، المعنية بمهام الاستطلاع الإستراتيجي، فهي تفتقر إلى قدرات الهجوم والتحكم اللامركزي التي توفرها الطائرة الصينية.

وتمزج مسيّرة "جيوتيان" بين خصائص الطرازين الأميركيين، مع بعض الإضافات النوعية. فهي مثل طائرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" معدّة لمهام استطلاع طويلة الأمد على ارتفاعات شاهقة، وتتميز بجناحين عريضين وقدرة على الطيران المتواصل فوق مساحات شاسعة. كما أن محركها المثبت في الخلف يقلل من بصمتها الحرارية، وهو ما يعزز قدرات التخفّي والمناورة.

????????AVIC's "九天" (Ninth Sky) Heavy-duty UAV system with 8 external attachment points. Also can perform air transport & airdrop, information support & confrontation, firepower strike & support missions…
(via wb/央视军事 / CCTV Military) pic.twitter.com/nvBEH5P4S1

— Jesus Roman (@jesusfroman) November 9, 2024

إعلان

 

ببساطة، تؤدي طائرة "جيوتيان" دورا مزدوجا؛ طائرة هجوم وتجسس على ارتفاعات شاهقة، مثل منافستيها "غلوبال هوك" أو "ريبر"، بجانب كونها منصة لإطلاق الطائرات المسيّرة الصغيرة. وبالمقارنة مع حاملات الطائرات أو المنصات المأهولة على ارتفاعات شاهقة، توفر "جيوتيان" بديلا أكثر كفاءة من حيث التكلفة والتخفي، دون تعريض الطيارين للخطر.

وتذكر التقارير الصينية أيضا أن طائرة "جيوتيان" تستخدم نظام تحكم بالذكاء الاصطناعي يتيح لقائد واحد تشغيل الطائرة وسرب المسيّرات الصغرى عن بعد. وترتبط الطائرة بصورة آمنة بالأقمار الاصطناعية، وربما باستخدام تقنيات التشفير الكمومي للاتصالات، مما يقلل من مخاطر التشويش أو القرصنة.

ورغم حرص الصين على تعزيز قدرتها على التخفي، فإن ضخامتها تجعلها هدفا مغريا لأنظمة الدفاع الجوي المتطورة، مما يتطلب غالبا توفير غطاء جوي لمرافقتها وتحييد التهديدات الأرضية. كما أن أقصى ارتفاع معلن قد تصل إليه الطائرة الصينية (7 آلاف كيلومتر)، فإنها تبقى ضمن نطاق منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل "باتريوت باك-3" الأميركية، ومنظومة "سكاي بو 3" التايوانية، ومنظومة "إيجيس" اليابانية، كما أشار تقرير بصحيفة نيوزويك.

بالطبع، تظل تلك الإمكانات السابقة ادعاءات صينية طموحة، لم تُؤكد أو تُختبر بعد في أرض المعركة. لكن ربما النقطة الأهم هنا هي سرعة تطوير هذه الفكرة، وفرادتها في آن.

إضافة لما سبق، فإن هذا الإيقاع السريع -من التصميم إلى الاختبار خلال عامين- أمر نادر في طائرات مسيّرة بهذه الدرجة من التعقيد، وربما يعكس طموح الصين في تطوير منظومات الطائرات المسيرة، ومن ورائها المنظومات العسكرية الأخرى التي تتيح للصين قدرات مستقبلية على المناورة والتفوق في مجالات محددة.

China has showcased the Jetank heavy UAV for the first time at the Airshow China 2024, which wrapped up on Sun.

The large drone can not only carry missiles and bombs but also smaller drones, earning it the nickname "swarm carrier."

The heavy drone is also exhibited with an… pic.twitter.com/gWi52dR2Ko

— China Focus (@China__Focus) November 18, 2024

إعلان حروب أسراب المسيّرات

ربما السؤال الذي يحتاج لإجابة هو، لماذا تسعى الصين لبناء "حاملة طائرات مسيّرة" محلّقة في السماء؟

قد يكمن جزء من الإجابة في تحوّلات مشهد الحروب المعاصرة. ففي السنوات الأخيرة، أسَرت تكتيكات أسراب الطائرات المسيّرة اهتمام الإستراتيجيين العسكريين، الذين باتوا يرون في نشر أعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة وسيلة لمحاصرة دفاعات العدو عبر الكثرة والتنسيق، وليس بالاعتماد على قوة الأسلحة بمفردها.

مثلا، بدلا من الاعتماد على مجموعة من الطائرات التقليدية أو الصواريخ المُكلفة، صار بالإمكان إطلاق عشرات أو مئات الطائرات المسيّرة. والفكرة هنا أن تلك الأسراب لا تتمتع كل وحدة منها بقوة تدميرية هائلة، لكنها قادرة بمجموعها على إنهاك الخصم الأكثر تطورا وقوة في العتاد والأسلحة.

وفي هذا السياق العام، جاء تطوير "جيوتيان" خصيصا لخوض هذا النوع من الحروب، فهي منصة إطلاق جوية تُضاعف مدى وسرعة انتشار أسراب المسيّرات الصغيرة. تخيّل غيمة من الروبوتات الحربية تغطي السماء في لحظات؛ معادلة تُربك الحسابات الاقتصادية للحروب، إذ يُجبر المدافع على إطلاق العشرات من الصواريخ باهظة الثمن لصدّ هجوم أطلقته منصة واحدة منخفضة التكلفة نسبيا.

بالنسبة للصين وتصوراتها المستقبلية، من المنتظر أن تؤدي "جيوتيان" دورا محوريا في تحقيق التفوق الجوي، خصوصا في المناطق الإستراتيجية المتنازع عليها. ويمكن أن تُشكل إلى جانب المسيّرات الكبيرة والطائرات الحربية المقاتلة والصواريخ الباليستية حزمة عسكرية تضمن لبكين أفضلية الضغط الجوي واستدامة الهيمنة، وموفّرةً ضربات فورية ومؤثرة واستطلاعا دقيقا عند الحاجة، كما يشير تقرير آخر في موقع "أرمي ريكوجنيشن".

يرى المفكرون العسكريون الصينيون أن هذه المقاربة تتجاوز مفاهيم القوة الجوية الغربية التقليدية. فبدلاً من محاكاة الترسانة الأميركية بطائرة مقابل طائرة، تستثمر بكين في أنظمة تقلّل من أهمية تلك الطائرات وحاملاتها. وكما ورد في أحد التحليلات، فإن "جيوتيان" وأخواتها تسعى إلى "إعادة تعريف الهيمنة الجوية" عبر أصول جوية منتشرة، وقابلة للتوسع، ويصعب شلّها بضربة واحدة.

إعلان

حيث يمكن لتلك الأسراب المسيّرة تغطية مساحات شاسعة دون تشكيل هدف مركزي يمكن ضربه، وبذلك فإن خسارة بعضها لا يعني انهيار المهمة، بل هو جزء من عملية الإغراق للمنظومات الدفاعية للخصم وتشتيت جهوده وإرباكه.

ففي الوقت الذي لا يمكن للطيار البشري التواجد سوى في نقطة واحدة، تستطيع منصة "جيوتيان" تنسيق عشرات المسيّرات شبه المستقلة في لحظة واحدة.

China’s Jiutian SS-UAV: Game-Changing “Drone Mothership” Set for Maiden Flight

China is preparing to test its next-generation unmanned aerial system, the Jiutian SS-UAV, a massive high-altitude “mothership” designed to deploy swarms of attack drones and precision-guided… pic.twitter.com/T89eNkP3Vx

— Indo-Pacific News – Geo-Politics & Defense (@IndoPac_Info) May 19, 2025

تتناغم هذه الرؤية مع نقاط القوة الصينية وطموحاتها، فقد درس جيش التحرير الشعبي الصيني الحروب المعاصرة، وخاصة الحرب في أوكرانيا التي تشتهر بأنها حرب الطائرات المسيّرة. حيث إن دروس المروحيات الرباعية التجارية (الكودكابتر) والمسيّرات الانتحارية لم تغب عن بكين، إذ أثبتت أن تلك الأدوات المنخفضة التكلفة يمكنها تدمير الدبابات، أو رصد المدفعيات، بل وتشتيت مجهودات منظومات الدفاع المتطورة عند استخدامها بكثافة.

وبعد حرب أوكرانيا، يقارن بعض القادة العسكريين الأميركيين تأثير تلك الطائرات المسيّرة بالثورات التكتيكية التي غيرت شكل ومسار الحروب تاريخيا. وكيف أن الحرب الروسية الأوكرانية، وبعدها الحرب على غزة، كشفتا أهمية القدرات الإستراتيجية للطائرات المسيّرة الرخيصة وسهلة الاستبدال، أو الطائرات التجارية التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.

واللافت أن قدرات الصين في استخدام أسراب المسيّرات كانت واضحة قبل حتى تطوير منصة "جيوتيان". في عام 2020، أجرت شركة حكومية صينية بعض الاختبارات النوعية، التي أطلقت خلالها الطائرات المسيّرة من منصات إطلاق مكونة من 48 وحدة إطلاق من الشاحنات ومن طائرات هليكوبتر.

إعلان

ومع تطور الذكاء الاصطناعي ونظم الاتصالات اللامركزية، بات بالإمكان التحكم في أسراب أكبر وأكثر تنسيقا. لذا، عندما ظهرت منصة "جيوتيان"، بدا من المنطقي أن تطلق الأسراب من الجو لا من الأرض، لضرب الخصم من الأعلى في مفاجأة تكتيكية.

وفي مثل هذا السياق، قد تحلق طائرة "جيوتيان" المسيّرة على ارتفاعات آمنة نسبيا، وتستطيع إطلاق أسرابها من المسيّرات الأصغر باتجاه أرض المعركة. ويمكن لتلك الأسراب أن تهاجم مواقع الرادارات، أو السفن، أو منظومات الدفاع الجوي، ممهّدة الطريق أمام قوات الجيش، برا وبحرا وجوا.

تفوق صيني

وحين نبتعد قليلا لننظر إلى الصورة الكبرى، فمسيّرة "جيوتيان" هي ثمرة طبيعية لاستثمار واسع النطاق قادته الصين في مجال المنظومات غير المأهولة (المسيّرة).

ووفقا لتحليلات وتقارير عسكرية حديثة، يوجد حاليا أكثر من 50 نموذجا من المسيّرات قيد التطوير ضمن قطاع الصناعات الدفاعية الصينية، من المروحيات الرباعية "كوادكوبتر" الصغيرة المخصصة للاستطلاع الميداني، إلى الطائرات الهجومية الشبحية ذات الأشكال الغريبة. ولكي نحاول فهم حجم هذا الجهد، يكفي أن نعلم أن المصانع الصينية تتحضّر لإنتاج ملايين من الطائرات المسيّرة الانتحارية الصغيرة بحلول عام 2026.

يرجع الفضل في زيادة الإنتاج، وتوفر هذا المخزون الكبير من الطائرات المسيّرة، إلى سيطرة الشركات الصينية على هذه السوق، التي تنتج وتبيع معظمها حول العالم. وما يزيد من المصاعب هو تخلف قطاع الطائرات المسيّرة التجارية في الولايات المتحدة عن نظيره الصيني، فالشركات الصينية تهيمن على سوق تلك التقنيات التي يمكن تطويعها للاستخدام المزدوج.

مثلا، تشتري أوكرانيا نحو 60% من إمدادات العالم من طائرات "مافيك" الرباعية المروحية التي تنتجها شركة "دي جيه آي" الصينية وفقا لأحدث الإحصاءات.

إعلان

هذه الهيمنة الصينية على هذا القطاع عالميا لم تأتِ مصادفة، إذ أشار تقرير الاتحاد الدولي لأنظمة المركبات غير المأهولة إلى أن أهم أسباب نجاح الشركات الصينية في قطاع الطائرات المسيرة التجارية هو الدعم الواسع الذي تقدمه الحكومة الصينية، وذلك عبر تقديم إعانات سخية واستثمارات مباشرة ووضع تشريعات إستراتيجية، مما وضع الشركات الصينية في موقف قوة في الساحة العالمية.

ففي عام 2015، أطلقت الحكومة الصينية مبادرة "صُنع في الصين 2025″، وهي مبادرة تمتد 10 سنوات للاستثمار في الصناعات الرئيسية، خاصة في مجال التكنولوجيا، بهدف ضمان ريادة الصين وهيمنتها على الأسواق العالمية.

ساهمت تلك الإعانات الحكومية في خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي استطاعت الشركات الصينية أن تُقلل من أسعار المسيرات، مما سمح لها بالتفوق على نظيراتها من الشركات الأميركية، سواء من حيث السعر أو المميزات التقنية.

في النهاية، وبينما يستمر سباق الابتكار في عالم الطائرات المسيّرة، يبقى السؤال: إذا كانت الحروب التي نراها اليوم شديدة التدمير، فكيف بحروب المستقبل؟

مقالات مشابهة

  • طائرة استطلاع للناتو تنفذ دورية قبالة ليبيا
  • الدفاع الروسية تعلن إسقاط 112 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 24 ساعة الماضية
  • نجاح أولى رحلات طائرة شحن صينية جديدة بدون طيار
  • الطائرة الصينية التي أثبتت تراجع سلاح الجو الأميركي
  • قتلى في تحطم طائرة بمجمع سكني في كاليفورنيا
  • قتلى وجرحى في تحطم طائرة بـ كاليفورنيا بأمريكا
  • البنتاغون يتسلم هدية قطرية.. بوينغ 747 فاخرة تتحول إلى الطائرة الرئاسية لـ«ترامب»
  • السيد القائد الحوثي: الجيش الإسرائيلي هو أجبن جيش في العالم ويعتمد بالدرجة الأولى على الإجرام
  • روسيا تسقط 23 طائرة بدون طيار أوكرانية
  • الجيش الروسي: أسقطنا 159 طائرة مسيرة أوكرانية