تسرد جزيرة السينية في أم القيوين قصة عراقة وإبداع إنساني غارق في القدم، وتروي كنوزها حكاية أم القيوين القديمة، لتبرز جانباً مهماً من تاريخ دولة الإمارات وإسهامات المنطقة ودورها في مسار التواصل الإنساني عبر مختلف العصور.

وتحتضن الجزيرة العديد من المواقع الأثرية المتنوعة، التي تشمل موقع دير السينية، ومدينة أم القيوين القديمة، ومدينة صيد اللؤلؤ، والمقابر الإسلامية، والتلال الصدفية والأبراج، التي تم الكشف عنها طوال السنوات الماضية، وتعد الجزيرة الواقعة شرق مدينة أم القيوين أكبر جزر الإمارة من حيث المساحةً إذ يبلغ طولها ما يقارب ثماني كيلومترات.

وتواصل دائرة السياحة والأثار بأم القيوين جهودها لاكتشاف المزيد من الكنوز في الجزيرة من خلال استمرار عمليات البحث والتنقيب الأثري في المواقع بشكل سنوي والعمل على تكثيف جهود الصون والترميم الأثري، وتهيئة هذه المواقع التاريخية والاهتمام بها ثم الترويج لها وجعلها خياراً مثالياً لاستقبال الزوار والوفود من مختلف دول العالم.

وأكد سعادة هيثم سلطان آل علي مدير عام دائرة السياحة والآثار في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام” التزام الدائرة بحماية وصون التراث الثقافي للدولة، من خلال الجهود المبذولة في البحث الأثري والتنقيب.

وقال:”نعمل بجد للكشف عن الآثار والمواقع الأثرية والحفاظ عليها، والسعي باستمرار لتطوير العمليات عبر التقنيات المستخدمة في هذا المجال لضمان استمرارية هذا التراث للأجيال القادمة”.

وأشار إلى دور الدائرة في مجال تعزيز الوعي بأهمية الآثار والتراث الثقافي محلياً وعالمياً، من خلال تنظيم فعاليات تثقيفية وورش عمل، واستقبال الوفود الرسمية وإشراك طلبة الجامعات بهدف نشر الوعي والمعرفة حول القيمة التاريخية والثقافية الكبيرة للآثار والتراث الثقافي.

واستعرض مدير عام الدائرة رحلة الاكتشافات في الجزيرة، مبيناً أن أولى عمليات البحث والتنقيب الأثري في الجزيرة تم بقيادة الشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا رئيس دائرة السياحة والآثار، ليتم اكتشاف موقع دير السينية في عام 2021، ومن ثم تلتها اكتشاف العديد من المواقع الثقافية المهمة في الجزيرة.

 

أم القيوين القديمة

تبرز “مدينة أم القيوين القديمة” التي تشمل مدينتين ذات تسلسل تاريخي واحد، تم استيطانهما في الجزيرة ويعود تاريخهما من القرن الرابع عشر حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، حيث أثبتت الأبحاث استقرار أهالي أم القيوين فيهما منذ ما لا يقل عن 700 عام من وقتنا الحاضر قبل انتقالهم إلى البر المقابل منذ بدايات القرن الثامن عشر وتعمير مدينة أم القيوين الحالية.

ويعود تاريخ المستوطنة الأولى في أم القيوين القديمة إلى القرن الرابع عشر وحتى القرن الخامس عشر الميلادي استناداً إلى الفخار المكتشف في المستوطنة، وهو فخار مزجج باللون الأخضر تم استيراده من الصين في أواخر عهد سلالة يوان، وأوائل سلالة مينج، وأما المستوطنة الثانية فيعود تاريخها إلى الفترة من منتصف القرن السابع عشر إلى نهاية القرن الثامن عشر، إذ ثبت ذلك من وجود خزفيات زرقاء وبيضاء تم استيرادها من الصين خلال أواخر عهد سلالة مينغ وأوائل سلالة تشينغ.

 

دير السينية

 

يعد “دير السينية” من المواقع الأثرية المهمة في الجزيرة، باعتباره أول دير مسيحي أثري مكتشف في أم القيوين، والثاني من نوعه على مستوى دولة الإمارات بعد كنيسة ودير صير بني ياس بأبوظبي، ويعود تاريخ دير السينية إلى الفترة من نهاية القرن السادس حتى منتصف القرن الثامن الميلادي، ويتكون الدير من كنيسة ومغطس المعمودية ومطبخ وصهريج وقاعة طعام وغرفة تخزين بالإضافة إلى عدد من الغرف.

وقد تم بناء الدير من صخور الشاطئ المحلية وتمت تغطية الجدران والأرضيات بالجص الجيري، ويشير الفخار والزجاج المستخرج من الموقع إلى أن الدير كان له روابط تجارية دولية امتدت من العراق إلى الهند، ويجاور الدير مبنى كبير ذو فناء مزدوج تم تفسيره بأنه منزل رئيس الدير (الأب أو الأسقف) ويعود تاريخه من منتصف القرن السادس إلى منتصف القرن السابع الميلادي، ومحاط بعدد من المباني المستطيلة فردية ومزدوجة الغرف خصصت غالباً لسكن الرهبان.

 

مدينة اللؤلؤ

وتضم جزيرة السينية مدينة صيد اللؤلؤ، وقد أشارت نتائج البحث والتنقيب الأثري مؤخراً بأنه يرجح أن يكون موقع مدينة صيد اللؤلؤ هو موقع المدينة المفقودة (توام) المعروفة في المصادر التاريخية، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي حتى القرن السادس أو السابع، وتم اكتشاف عدد كبير من المنازل الحجرية المتجمعة حول أزقة ضيقة مما يوضح بأن جزيرة السينية حظيت بتاريخ معماري أصيل على مر حقب زمنية مختلفة، إلى جانب العثور على العديد من الجرار الكبيرة في الموقع والمستوردة من بلاد ما بين النهرين.

وقد تم العثور على العديد من مخلفات المحار مقابل المدينة والعثور على العديد من اللآلئ في الحفريات وأقدم “مغطس” مؤرخ منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام، مما يجعله دليلاً واضحاً على أن صيد اللؤلؤ كان نشاطاً رئيسياً في المنطقة.

وتَعد الجزيرة بمزيد من الاكتشافات الأثرية التي من شأنها تعزيز مكانة الجزيرة على خارطة المناطق الأثرية المهمة في الدولة والمنطقة، ويؤهلها لاستقطاب المزيد من الوفود السياحية خلال الفترة المقبلة. وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

نادية صبرة تكتب: خدعة القرن فى الشرق الأوسط

فى واحدة من أكثر المسرحيات السياسية عبثا قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يقدم لنا فصلا جديدا  من فصول الخداع  السياسي ويخرج عرضاً جديداً من عروضه المفضلة:-(الحرب على إيران) العنوان جذاب ؛  والدعاية مثيرة؛ الديكور نووي ؛ والممثلون من العيار الثقيل..لكن ما أن ارتفع الستار حتي تبين أن الجمهور كالعادة كان الضحية الوحيدة في هذا العرض الساخر فالمشهد وكأنه مقتبس من أحد عروض السيرك لذا حبس الجمهور أنفاسه مترقبا عرضا ناريا يعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط..لكن الحقيقة كانت مجرد خدعة مدروسة بعناية أخرجها ترامب وأداها الجميع ببراعة ممثلين متمرسين على خشبة مسرح إقليمي تحكمه الأوهام والتلاعب..


بدأ العرض عندما أعلنت واشنطن ضرب منشآت نووية إيرانية فى ثلاث مواقع حساسة (مفاعل فوردو ومنشأة نطنز ومجمع أصفهان النووي) ليفاجأ العالم لاحقاً بأن تلك المنشآت قد أخليت بالكامل قبل ساعات من الضربات..السبب ببساطة أن ترامب لم يرسل صواريخه فقط بل أرسل معها مبعوثه الخاص (ويتكوف) ليبلغ الإيرانيين سلفا بالضربة مؤكدا لهم أنها ستكون لمرة واحدة فقط وهدفها ليس تدمير البرنامج النووي بل تعطيله مؤقتا أي أن الضربة لم تكن رسالة تحذير بل كانت بريدا دبلوماسيا بصواريخ ( جو- أرض) أرفقت معه خريطة وأوقات الزيارة ! ايران شكرت ورتبت أمورها وأخلت المواقع الثلاثة المستهدفة قبل الضربات بساعات ..الضرب وقع فعلاً ولكن على منشآت فارغة.. صواريخ على أماكن خاوية وتغطية إعلامية على حساب الوعي العام!ترامب كعادته لم يكن يسعى لحرب بقدر ما كان يحضر لفصل جديد من كتابه المفضل ( فن الصفقات)..


وكأن المشهد لم يكن عبثيا بما فيه الكفاية جاء الرد الايراني كما يبدو أكثر عبثا فلم تمر ساعات حتي ردت إيران بعناد مسرحي أكثر إبهارا بصواريخ انطلقت نحو قاعدة (العديد) في قطر وقاعدة (عين الأسد) في العراق ردة فعل عنيفة.. صادمة لكنها محسوبة بدقة والجمهور المتوتر يترقب الانفجار الكبير ولأن المسرحية تحتاج لمزيد من الإثارة لم يتأخر ترامب المخرج البارع وخرج بعدها ليعلن دون أن يرف له جفن أن طهران أبلغته مسبقا بالرد بل وسألته بأدب ( هل الساعة الواحدة مناسبة لكم)!!


ولأن السيرك لا يكتمل دون فقرة السير على الحبل فقد دخلت إسرائيل على الخط بحرب إسرائيلية إيرانية استمرت اثني عشر يوما بالتمام و الكمال من ١٣ إلى ٢٥يونيو الماضي وتناقلتها الشاشات بتصعيد محسوب وتهديدات مدروسة وعشرات الصواريخ وساعات من القلق؛ وانقطاع للكهرباء ؛ وتحليلات على مدار الساعة والجميع يتابع بقلق بالغ معتقدين أن المنطقة على حافة الانفجار..لكن ترامب كالبهلوان الذي يمسك بخيوط اللعبة خرج ليصف ما حدث بأنه مجرد ( لعب عيال)  ووصف إسرائيل وإيران بأنهما بمثابة طفلان تشاجرا بعنف فى ساحة المدرسة فدخل الأب (ترامب) ليصلح بينهما وينهي الخلاف ويهنيء العالم بالسلام وانتهى الأمر بعد أن كاد يقذف إلى الجحيم!


وكأن الكوميديا لم تكتمل خرج الطرفان ( إيران وإسرائيل) كلا منهما يعلن النصر العظيم..إيران تحتفل لأنها ردت وإسرائيل تحتفل لأنها صدت والاثنان يحتفلان رغم أن الحرب لم تكن حربا والدماء التي سالت لم تكن دماءهم..!


أما الحقيقة الوحيدة وسط هذه المسرحية فهي :-


أن إيران ستظل إيران وستعيد ترميم برنامجها النووي كما اعتادت 
وإسرائيل ستظل إسرائيل الدولة الوحيدة التي تملك سلاحاً نوويا في المنطقة دون رقابة أو تفتيش.


ونحن..سنظل متفرجين على هذا السيرك المتكرر بينما الدم الفلسطيني يواصل نزيفه وغزة تلعق جراحها وحدها خارج نص المسرحية وخارج إطار اي نصر مزعوم! فنحن في عالم تحكمه الصفقات والعروض والدم العربي بات مجرد مشهد جانبي لا يلتفت إليه أحد فى مسرح كبير تديره واشنطن وتشاركه تل أبيب وطهران..وأمام هذا المشهد العبثي تقف شعوب الشرق الأوسط مدهوشة تتساءل هل كنا أمام حرب فعلية؟ أم مجرد عرض استعراضي لخدمة أهداف انتخابية أمريكية ؟ هل كان الدم الذي سال حقيقياً ام مجرد اكسسوار فى مسرحية أكبر منا جميعاً ؟! والمؤكد أن هذه الشعوب ستبقي للاسف حبيسة الخديعة الأمريكية تتابع وتصفق أو تبكي دون أن يستشار أحد أو تؤخذ كرامته بالحسبان. 


وفى نهاية المطاف النتيجة واحدة:- ترامب أثبت من جديد أن بإمكانه إشعال حرب واطفاءها حسب الجدول الزمني بل والتحكم في مشاعر المنطقة عبر مسرحية فجة لا تهدف إلى الأمن أو الاستقرار بل إلي تسويق (ترامب المنقذ) الرجل الذي يشعل الحرائق ليبيع طفايات الحريق ويصنع الحروب وينهيها ليتم منحه نوبل في السلام.

طباعة شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخداع السياسي الحرب على إيران

مقالات مشابهة

  • تقرير تاريخي يكشف ارتكاب بريطانيين إبادة جماعية بحق السكان الأصليين في أستراليا
  • إجلاء الآلاف جراء حرائق في جزيرة كريت اليونانية
  • إجلاء آلاف السياح والسكان جراء حرائق في جزيرة كريت اليونانية
  • إجلاء 5000 سائح من جزيرة كريت اليونانية بسبب حرائق الغابات
  • إبراز عراقة التاريخ البحري العُماني في الاحتفال باليوم العالمي للبحارة
  • عودة الحركة التجارية إلى طبيعتها بسوق مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة – فيديو
  • 3 مدن سعودية في طريقها لدخول قائمة أفضل 100 مدينة عالميًا
  • ثراء جبيل تعلن حملها: معجزتنا الصغيرة في الطريق | صور
  • نادية صبرة تكتب: خدعة القرن فى الشرق الأوسط
  • برعاية آل عزيز انعقاد اللقاء التأسيسي الأول لمجتمع “ثراء” بمحافظة تنومة