شبكة انباء العراق:
2025-05-14@12:09:26 GMT

المثقف، والوطن.

تاريخ النشر: 29th, July 2024 GMT

بقلم : سعد الزبيدي ..

لا أبالغ أذا قلت :- أن بعض المثقفين الحقيقيين كالرسل، والأنبياء الذين يحاربون من أجل الرسالة، وبعضهم كالشياطين التي توسوس للشر، وتطبل له.
معناة المثقف الحقيقي حينما يجد نفسه كشجرة وسط الصحراء سرعان ما تخنقها أصابع الرمل، ويغاتلها الجفاف المميت، والشمس المحرقة، وهو يبحث عن سبل البقاء يحمل على كاهليه عبء وطن مزقه التخلف، والجهل، والتناحر، والغاء الآخر، وفرض الآراء، والتعصب، والانكفاء عن العلم، والثقافة في ظل مجتمع قبلي طائفية مناطق مادي برغماتي علا صوت الرصاص فيه أعلى صوت العقل، والحكمة، لا قانون يحكمه سوى قانون الغاب حيث الكبير يأكل الصغير، ولا هيبة للدولة، ولا كرامة للوطن، والمواطن.


مجتمع متهاوي، ومتآكل لا يؤمن إلا بلغة المصلحة المادية التي فوق أي اعتبار حتى باتت القيم الإنسانية السامية، والأخلاق الرفيعة ضرب من الخيال، وتراث من الماضي. في هكذا مجتمعات متهرئة يشار بالبنان للتوافه، والشواذ ، ويكونون قدوة للمجتمع يصبح المثقف مهمشا (لا حول له ولا قوة) وهو يرى أن الأمور أصبحت معكوسة وكل شيء يبدو بالمقلوب حتى تأكد أن بنات أفكاره، وابداعه تذهب سدى، فلا عين ترى ابداعاته ، ولا أذن تسمع مايدعو له ، ولا استغرب حينما أجد في أعماق التأريخ من شط بعيدا عن العقل، وتصرف بتهور فحرق نتاجه الفكري آخر عمره، ويلعن تلك السنين التي ضاعت في البحث، والقراءة، ولسان حاله يقول :- لمن اكتب؟!
حينما يشعر المثقف بالضياع ، فهو في وادي، والمجتمع في وادي آخر ، ولا سبيل للالتقاء، فهما النقيضان اللذان لا يلتقيان أبدأ ، وهو يصارع الواقع بكل ما اؤتي من قوة من أجل اثبات وجوده على أقل تقدير، فماذا عسىاه أن يفعل وهو يرى بأم عينه أن أصحاب القرار لا يستمعون إليه ويكتفون بمن حولهم من حاشية فاسدة تحيط المسؤول بجدار عازل يحيطه من كل جانب وتسفه من يمتلك فكرا نير وبيده الحلول الناجعة وتمنعه من أجل الوصول لأصحاب القرار.
مجتمع ترى المتزلفون، والمتملقون، وماسحي الأكتاف، والمطأطئين رؤوسهم، ولاعقي أحذية ساداتهم، وكبرائهم، الآفاقين يتسلقون ليصلوا أعلى الهرم وهو قابع منسي في قعر القاعدة.
يا هل ترى من لهذا الكائن الذي يعذبه عقل المتنور واحساسه المرهف بالمسؤولية وضميره الحي الذي يأبى ان ينام لبرهة ووطنيته وولاءه وهو يعيش في حيرة وانداهش مما يجري حوله ، ويرى أن إنقاذ ما يمكن إنقاذه ربما يكون على يديه، ولكن محاولته تبوء بالفشل، وبلا جدوى.
بالرغم من كل شيء لكنه يمني النفس أن الغد أفضل ولابد من أن تجد أفكاره يوما ما طريقا للتنفيذ.
هكذا يساهم المجتمع في تهجير الكفاءات وهكذا يتم الاستغناء عمن الوطن بأمس الحاجة إليه، ويجبره على الموت أما الحسرة حزنا، ونكدا، وأما الهجرة بعيدا حيث يحتضنه وطن آخر يثمن المفكرين، والعلماء، والخبرات.
اليابان والصين وأمريكا وكثير من الدول ما تطورت، ووصلت إلى ما وصلت إليه لولا اهتمامهم بالمبدعين، ووضعهم في المنزلة التي يستحقون. هؤلاء هم من وضعوا الأسس الرصينة لبناء دول على اساس متين فهم مهيئين لاستغلال مقدرات تلك الشعوب الطبيعية، والبشرية احسن استغلال، فهم استطاعوا أن يزيدون إنتاجهم بأقل تكلفة، ووقت، ولذلك أصبح المجتمع منتج فمن يقود المجتمع هم المثقفون، والمفكرين لا الاغبياء والجهلة، وأشباه الأمين، وانصاف المتعلمين الذين لا هم لهم إلا هدم ما بناه الاسبقون، وإنشاء بناء جديد، ولو انهم كانوا متأكدين بأن ما بنوه لا ينفع بل يضر، ولكنهم مصرون عليه.
لا تلوموا من يهاجر لا تقلوا عنه أنه عميل، وخائن فقد بح صوته في وسط ضجيج، وصخب لم يسمعه احد هاجر حينما رأى الوطن يتخلى عن أبناءه ويتنكر لهم، ولا يعترف بأبوته لهم غادر إلى حيث يبدع، ويتألق وينتج في مجتمعات راقية تحترم عقله، وعلمه، وفكره، وتوفر له كل شيء، وتذلل له الصعاب، فهو يا سادة كنز اضعناه، وكم من كنز أضعنا، وسنضيع؟!
أنها صرخة من مواطن أهمه ما آل إليه الوطن، ودعوة لأحتضان أهم الثروات التي هي أغلى من الألماس، والذهب، والنفط أنها العقول الجبارة يا سادة فهل من مجيب؟!

سعد الزبيدي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

#ارهقتم_الوطن و #اتعبتم_المواطن

#ارهقتم_الوطن و #اتعبتم_المواطن

إذا #المواطن بخير #الوطن بخير

#الدكتور_أحمد_الشناق

الدولة الاردنية لديها تحديات داخلية في البطالة والفقر ودخل الأسرة وتكلفة الكهرباء والمياه على جيب المواطن ، تحدي توفير العلاج اللائق لكل مواطن وتأمين السكن لقد تعب الوطن والمواطن من نهج وسياسة الإرتهان للأحداث الخارجية وعلى حساب إيجاد الحلول الحقيقية لقضايا المواطنيين بعيداً عن التنظير من خلف الشاشات ، وجيوش العاطلين عن عمل تزدحم في بيوت الأردنيين ، وهذا التنظير وهذه التصريحات لا تطعم من جوع ولا تؤمن مستقبل الأجيال . المصلحة الأردنية هي تحقيق مصلحة الشعب الأردني في حياة كريمة، وهذا يتطلب ربط القرار السياسي الأردني بالمصلحة الإقتصادية للأردن وتفعيل دور الدبلوماسية الإقتصادية . المرحلة تعصف بها رياح هوجاء لا مكان فيها للضعفاء والظروف أصبحت تُعاند بمجموعها ولا تُطاوع، ومن المصلحة الوطنية ضرورة مراجعة شاملة بعمق وحزم لملفات التحديث الإقتصادي والسياسي بأفق وطني يعتمد على الذات ، وفتح حوار وطني حول تحديات الداخل الوطني وتمكين الكفاءات والعقول في تقديم الحلول المنطلقة من واقع أردني وقابلة للتنفيذ وفق مدد زمنية وبما يلمسه المواطن الأردني على أرض الواقع ، ورفع الغطاء عن كل مسؤول فاشل أو عاجز وعلى قاعدة عجز المسؤول لا يعني غياب الحلول ، وفتح ملف التحديث السياسي بعيداً عن وضع العصي في دواليب الإصلاح الوطني وبما يقنع القواعد الإجتماعية في أنحاء الجغرافية الأردنية مع التأكيد أن غاية اي دولة في هذا العالم هي تحقيق الرفاة والكرامة لشعبها ، وأن أهداف الإصلاح لتطمئن الدولة على إستراتيجياتها لخدمة مصالح الدولة العليا .
مقالات ذات صلة لا وقت للنقاش! 2025/05/11

مقالات مشابهة

  • وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها
  • نائب محافظ الجيزة تشارك في جلسة مشاركة المجتمع المحلي في مشروعات التنمية التي تنفذها الحكومات
  • حينما تُثمر الجهود.. الشرطة بين الميدان والإعلام…
  • شيخ الأزهر يكرم طفلا ويجلسه على كرسيه ويستمع إليه واقفا
  • انظروا إليه .. هالاند يتغزل في عمر مرموش | ماذا قال
  • هذا ما يريد الاطمئنان إليه الأخوة العرب
  • جستنيه: حينما تحضر العدالة يحضر الاتحاد
  • «فخر الوطن»: مهنة التمريض القلب النابض
  • #ارهقتم_الوطن و #اتعبتم_المواطن