أفرز واقع الحرب في السودان عبارات ومصطلحات جديده و أخرى مستحدثة تداولها السودانيون على مستوى الواقع الحقيقي ووسائل التواصل الاجتماعي.

التغيير ــ عبد الله برير

وتشير هذه المصطلحات إلى جماعات معينة سواء سياسية أو  أو عسكرية او مصطلحات للمكايدات بين فئات مختلفة.
وساهمت الحرب في تعريف السودانيين بالعديد من أنواع الأسلحة الحربية والسيارات القتالية والطائرات ومصطلحات أخرى مثل التمشيط وغيرها .


كما برزت على الساحة العديد من الأغنيات والانماط الموسيقية لدى بعض المجموعات من الدعم السريع المنتمية إلى غرب السودان وكذلك التعريف ببعض القبائل والمناطق.
وتعرف بعض الناس على مصطلحات جديدة تماما فيما تغيرت مدلولات بعض الكلمات السوقية مثل «بل» ليتحور معناها الأصلي.
وتعد عبارة «بل بس» هي الأشهر في مصطلحات الحرب الحالية و منها اشتق لفظ «البلابسة» ومفردها «بلبوس» وهو الداعم للحرب والحل العسكري لانهاء الصراع في السودان .
وظهرت معها مرادفات مثل «جغم» التي تدل على القضاء على شيء معين أو موت أحد أو كل الجنود او القادة.
وفي معسكر المنتمين للدعم السريع يطلق منسبوهم مصطلح «فلنقاي» على الضابط أو الجندي من القوات المسلحة السودانية ويستخدم لفظ «بلدة أب قاش» لذات الغرض. و يسخر مناصرو الجيش السوداني من «الدعامة» بإطلاق لفظ الجنجويد عليهم وهو مصطلح قديم تجدد بعد الحرب الحالية.

ويتنمر هؤلاء على الجنجويد بعبارات مثل «كنتقدر» وتعني إذا كنت قادرا والتي ظهرت إبان غارة للطيران الحربي على تجمع للدعم السريع أدى لإصابة أحد افراد القوة وفقد القدرة على الكلام ليلقنه زميله بعباره «اتشهود كنتقدر» أي حاول نطق الشهادة. وبالمقابل يسخر أفراد «الجاهزية» وهو مصطلح يشير لشعار الدعم السريع من الانسحابات المتكررة لبعض الفرق العسكرية للجيش السوداني الذي يتهمونه بأنه «عرد» أي انسحب من مواجهه معينة.

وظهر مثل شعبي من غرب السودان يسمى «شرك ام زيدو» وهو فخ ينصبه الصيادون للطيور او الحيوانات و اصبح يستخدم بصورة واسعة لدى الدعامة.
وفي وقت يطلق فيه الجيش وداعموه لفظ المرتزقة على قوات الدعم السريع و يرفض أفراد الأخير المصطلح ويستبدلونه بلفظ الاشاوس .
وتعرف السودانيون لا إرادياً على المقصود بـ «أم قرون» التي يقصد بها الشابة الجميلة عند بعض قبائل غرب السودان التي كثيرا ما تغنى لها أفراد الجاهزيه من الذكور.

وبرزت كذلك الموسيقى والايقاعات الخاصة باغنيات غرب البلاد التي وجدت رواجا مقبولا لدى الكثيرين رغم موقفهم المعادي للمليشيا.

وساهمت الحرب كذلك في التعريف ببعض المناطق الجغرافية في السودان مثل جبل موية وقطاع عريض من القرى خاصة في ولايات سنار والجزيره والنيل الأبيض وغيرها.

عسكرة الحياة فرضت على السودانيين بمن فيهم الأطفال والنساء التعرف على أنواع كثيرة من الأسلحة من الكلاشنكوف والثنائي والرباعي والتاتشر وطائرات الأنتينوف والمسيرات والميج وغيرها .

ومنذ تفجر ثورة ديسمبر تنامى الوعي لدى بعض السودانيين الذين لم يكونوا يهتموا قبلاً بالسياسه بهذه الصورة الحالية فتعرفوا على الحركات المسلحة عن كثب وكذلك بعض الأحزاب من قوى الحرية والتغيير «قحت» والتي حور اعداؤها المصطلح إلى «قحاطة» مع الإشارة إلى لفظ الكيزان الذي عرف به منذ التسعينيات عناصر النظام البائد. وجهة نظر علمية مبدئياً يرى الدكتور وليد عوض الجيد أستاذ اللغويات بجامعه الخرطوم أن بعض المصطلحات كانت موجودة اصلا ثم تحور معناها و اختلف مدلولها لتستخدم في سياق آخر .
و أشار دكتور وليد إلى أن عبارة «بل» كانت تدل في بداية الالفينيات على مصطلح ينطوي على ايحاءات جنسية في اللغة السوقية وكانت غير مقبولة ثم تطورت لتستخدم في مباريات كره القدم حتى وصلت لمصطلح عادي في الحرب الحالية.
ونبه وليد إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بقدر كبير في نشر هذه العبارات وتداولها بشكل كبير.

وقال :في السابق كانت بعض العبارات حكراً على جماعة مهنية معينه أو جنس معين «ذكور أو إناث  لكن الآن تمددت هذه الكلمات ولم تصبح مقتصرة على نطاق جغرافي أو فئة معينة». وأضاف: «تمدد الحرب ساعد في نشر هذه المصطلحات وتداولها يوميا بكثافة، ولا أتوقع لها قريبا أن تندثر لأن الحرب وصلت إلى كل بيت سوداني».

الوسومبلابسة جغم جنجويد فلنقا كنتقدر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بلابسة جغم جنجويد

إقرأ أيضاً:

من الحرب إلى العقوبات: السودان في طريق مسدود اقتصاديًا

 

من الحرب إلى العقوبات: السودان في طريق مسدود اقتصاديًا
عمر سيد أحمد
[email protected]

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، دخلت البلاد مرحلة من الانهيار الاقتصادي الكامل. شلّ النزاع المسلح معظم الأنشطة الإنتاجية، وتفككت مؤسسات الدولة، وازدادت الأزمات المعيشية تعقيدًا. يعرض هذا المقال ملامح الأزمة الاقتصادية السودانية منذ الحرب، بالاستناد إلى الأرقام والوقائع حتى منتصف 2025، ويحلل دور الذهب والعقوبات الخارجية في تعميق الأزمة.
الاقتصاد الكلي: تضخم منفلت، عملة منهارة، وناتج منكمش
كان السودان من بين الدول الأعلى عالميًا في معدلات التضخم حتى قبل الحرب، حيث تجاوز 60% في 2022، ثم تصاعد إلى أكثر من 200% منتصف 2023، وصولًا إلى 218% في أغسطس 2024، وفق بيانات البنك الدولي. ارتفعت أسعار السلع الأساسية بنسبة فاقت 400%، نتيجة طباعة النقود دون غطاء، وتدهور الإنتاج، وغياب السيطرة النقدية، وسط تحذيرات من تضخم جامح (Hyperinflation).
انهيار الجنيه السوداني وسعر الصرف
قبل الحرب، كان الجنيه السوداني يتعرض لضغوط مستمرة نتيجة نقص موارد النقد الأجنبي، خصوصًا من عائدات الذهب التي يُقدّر أن 40–60% منها كان يُهرّب، لا سيما بعد انقلاب أكتوبر 2021. مع الحرب، فقد الجنيه أكثر من 70% من قيمته، ليرتفع سعر الدولار من 560 جنيهًا في أبريل 2023 إلى أكثر من 2,500 بنهاية 2024. ساهم ذلك في ارتفاع غير مسبوق في كلفة الواردات وانهيار القوة الشرائية.
الناتج المحلي الإجمالي: انكماش تاريخي وتوقعات مشروطة بالتعافي
شهد الاقتصاد السوداني انكماشًا بنسبة 29.4% في 2023 و13.5% في 2024، وفق البنك الدولي (مايو 2025)، بفعل الحرب وتوقف الإنتاج والانهيار المؤسسي. ويتوقع التقرير نموًا يصل إلى 5% في 2025 إذا تحقق السلام، مع إمكانية بلوغ 9.3% في 2026.
المأساة الإنسانية: أرقام تُجمّد الدم
يشهد السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، حيث نزح أكثر من 12.8 مليون شخص، ويحتاج أكثر من 30 مليونًا إلى مساعدات عاجلة. يعاني 16 مليون طفل من سوء تغذية حاد، وسط انهيار الخدمات الأساسية. وقد قُتل أكثر من 150 ألف شخص، وأصيب أضعافهم، في مشهد يعكس انهيار مجتمع بأكمله.
الذهب: مورد استراتيجي بين التهريب وتمويل الحرب
مثّل الذهب أكثر من 70% من صادرات السودان عام 2022 بعائدات 4.7 مليار دولار. لكن مع تفكك الدولة، تراجع الإنتاج الرسمي وسيطرت جماعات مسلحة على مناطق التعدين، وارتفعت نسبة التهريب إلى أكثر من 60%. وقد تحوّل الذهب إلى أداة لتمويل الحرب، إذ تستخدمه أطراف النزاع لشراء السلاح وتأمين الإمداد. وحتى مايو 2025، بلغت صادرات الذهب الرسمية نحو 3.8 مليار دولار، لكن 90% منها لا تزال تُصدّر خامًا، دون تصنيع أو تكرير محلي.
التجارة الخارجية: اعتماد على الذهب وعجز مستمر
تراجعت صادرات السودان من 6.8 مليار دولار في 2022 إلى 3.5 مليار في 2023، ثم تعافت إلى 5 مليارات منتصف 2025، مدفوعة بصادرات الذهب. أما الواردات فانخفضت إلى 5 مليارات في 2023، ثم استقرت عند 6.5 مليار. وبقي العجز التجاري عند 1.2 مليار دولار، في ظل غياب التنوع الإنتاجي والعزلة المصرفية.
العقوبات الدولية: خنق إضافي لاقتصاد يحتضر
في يونيو 2025، أعلنت الولايات المتحدة رسميًا فرض حزمة عقوبات اقتصادية على “حكومة الأمر الواقع” في السودان، تشمل تجميد الأصول، حظر التعامل مع كيانات مالية مرتبطة بالجيش والدعم السريع، وقيودًا على التحويلات والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج. من المقرر أن تدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ في يوليو 2025، ما ينذر بخنق ما تبقى من الشرايين الاقتصادية للبلاد.
ورغم أن الحزمة تستهدف الكيانات المرتبطة بالنزاع، إلا أن آثارها المحتملة تتجاوز ذلك بكثير. وتشير التجربة السودانية السابقة خلال فترة العقوبات الأميركية (1997–2017) إلى أن مثل هذه التدابير غالبًا ما تعيد تشكيل الاقتصاد لا نحو الانضباط، بل باتجاه مزيد من التهريب، والتعاملات غير الرسمية، وتحكّم فئات طفيلية في حركة التجارة. فخلال تلك الحقبة، انتقلت التجارة الخارجية عمليًا إلى الخارج، حيث أُديرت معظم الواردات والصادرات السودانية من خلال مكاتب في دبي، القاهرة، إسطنبول، وغيرها. أصبحت التعاملات البنكية تُنفذ عبر عملات بديلة مثل الدرهم الإماراتي أو اليورو، وظهرت أسواق ظل موازية تتحكم في تدفق الدولار والذهب خارج رقابة الدولة.
نتج عن ذلك اتساع دائرة الفساد، حيث كانت معظم العائدات تُنهب وتُحوّل إلى حسابات أثرياء النظام القديم في الخارج، بينما ظلت فاتورة الغلاء والتدهور تقع على كاهل المواطن. واليوم، مع استعداد العقوبات الجديدة للدخول حيز التنفيذ، يُخشى من إعادة إنتاج نفس السيناريو: تضييق على النظام الرسمي، واتساع للاقتصاد الموازي، وتحكّم نخب عسكرية وطُفيلية في التجارة، مع بقاء المواطن السوداني هو الضحية الأولى والأخيرة، بين غلاء الأسعار وانهيار الخدمات ونهب الموارد

قائمة الهوامش والمراجع
1. البنك الدولي. تقرير الرصد الاقتصادي للسودان – مايو 2025. واشنطن العاصمة: مجموعة البنك الدولي، 2025.
2. صندوق النقد الدولي. تقرير مشاورات المادة الرابعة مع السودان. واشنطن: IMF، 2024.
3. WHO. Public Health Situation Analysis – Sudan Conflict. World Health Organization, March 2025.
4. UNESCO. Sudan conflict: One year on – The long-term impact on education. 2025.
5. Sudan Horizon. (2025). Two Years of War and the Possibility of Reconstruction. https://sudanhorizon.com
6. WASD. Rebuilding the Industrial Sector in Sudan. World Association for Sustainable Development, 2025.
7. Bastille Post. Sudan’s conflict pushes banking sector to brink of collapse. 2024.
8. SudanEvents. Collapse of Sudan’s Trade Routes Amid Conflict. https://www.sudanevents.sd
9. World Bank. Sudan Food Security Crisis Report. https://www.worldbank.org

.

الوسومالحرب السودان سعر الصرف طريق مسدود اقتصاديًا عمر سيد أحمد من الحرب إلى العقوبات نقص موارد النقد الاجنبي

مقالات مشابهة

  • من يحاول خطف نصر الجيش في السودان؟
  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • من الحرب إلى العقوبات: السودان في طريق مسدود اقتصاديًا
  • السودان: دولتان عربية وإفريقية تعترفان برعاية مليشيا “الدعم السريع”
  • رؤى حول الإصلاح العدلي في السودان إثر الحرب
  • حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب
  • مسؤولة أممية: خطر الإبادة الجماعية في السودان لا يزال مرتفعاً وسط هجمات عرقية تقودها للدعم السريع
  • عميد الكفرة: عدد اللاجئين السودانيين أصبح 3 أضعاف سكان المنطقة
  • مصطلحات إسلامية: الولاء والبراء
  • عميد الكفرة: عدد النازحين السودانيين في ليبيا بلغ قرابة 160 ألف نازح