التاياترو اللاتيني: نومنا بقالنا مِن بعد الإمام ما صلى..؟!
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
المسدار يصف أمكنة الرحلة على طول الطريق ويُظهر حاله الشاعر متلهفاً يتحرّق شوقاً وحنيناً للوصول إلى ديار المحبوبة..!
هنا تبدو الأشعار نابضة ومفعمة بالحيوية في وصف الطريق الذي يمر به الشاعر في رفقة جمله الذي لا يقل عن راكبه إثارة وتطلّعاً إلى أدراك غاية الرحلة...!
وفي (مسدار رفاعة) يشرح "احمد عوض الكريم أبو سن" لماذا كان جمله يكاد يطير إلى ديار الحبيب.
ضهير (قلعة مبارك) جيتو تلعب شد
منعت اللسّه والكرباج وقولة هَد
علي التالاك إحسان رزقو ما بنعد
يومك كلّو تمصع ما انلحقلك حد
ويتجلّى إبداع "عادل بابكر" في الترجمة التي تنقل ذات الأحوال والهواجس والصورة الشعرية النابضة بالحياة:
In leaps and bounds you flew past (Mount Mubarak),
Hardly needed any nudge on your belly,
a whip, or even chirrup
For you can’t forget her generous hospitality,
And how you spent all the time chewing..
وبما أن الجمل )له مصلحة) أيضاً في سرعة الوصول إلى نهاية الرحلة..يظل الشاعر يذكّره بالمعاملة الخاصة التي سيحظى بها عند الوصول..!
يشرح الشاعر كيف انه عند الوصول أشارت المحبوبة المقصودة إلى مساعداتها من الفتيات للاعتناء أيضاً بجمل ضيفها (سحّار الغروب) عند إعداد المكان:
أرُبطوا الجانا ضامر لا كبد لا كرشه
"سحّار الغروب" جيبلو العلوق بي الورشه
نفّضن المراتب وطرّحن بي الفرشه
داير يبري جرحاً في القلُب مو خرشه
وفي حالة ما، يرسل الشاعر تحذيراً لجمله عندما يرى منه نكوصاً عن السير بالسرعة المطلوبة والمُبتغاة:
خبّك مو وشيك الليله مالك..؟
تتقّل في اليمين وتجُر شمالك..!
بنيتاً لي شيوما بشنّي حالك
رقاداً دونا قط لا تسيهو بالك
What’s wrong with you today?
Heavy-footed, lumbering along
Never ever dream of a rest
before we reach her quarters
ويصف عبد الله أبو سن مراسم الاستقبال عندما جاء الجيران لتحيته وكيف انه كان متلهفاً للانعتاق منهم للانفراد بمحبوبته الأثيرة:
مشيتا وجيت لقيت دلّو السلوقي
يجوني الناس يعجّو يقيفو فوقي
شاكي الغلَبَه لاكين جدّ شوقي
متل جمل العلوق كُل حين أهوقي
هنا يخلق المُترجم من هذا المربع إبداعاً جديداً موازياً:
They unsaddled my greyhound
I had to meet endless waves of greeters and well-wishers,
Deep inside, I was burning with longing,
Impatiently craning my neck every now and then
Like a hungry camel waiting for his meal
**
وغالباً ما يُختتم المسدار بمزاج احتفالي حيث يبتهج الشاعر وجمله بالضيافة الحانية من المضيفين..وتمثل ذلك المربوعات الختامية لمسدار رفاعة لأحمد عوض الكريم حيث يصف مجالسته لمحظيته، وإدارة حوار مع جمله.. يقول فيه إن الجمل تمنى لهما وقتاً طيباً من الأنس والملاعبة:
قِضا من اللوازم..واتنحف واتجلّا
كوّع فوق مراتبو ولي الجلوس اتحلى
قالع العيص معاند شاية السلسله
قاللي معاهو بي لعب التياترو اتسلى
يقول "عادل بابكر" عن ذكر (التياترو) إنه لفظ لاتيني عن المسرح، وقد كان المسرح معروفاً في الخرطوم في بواكير القرن العشرين (1900)..حيث ادخله الأوربيون الذين كانوا حينذاك يعيشون ويتعاملون بالتجارة في السودان. وكان (تياترو خواجة لويزو) مركزاً شهيراً للترفيه في الخرطوم. وقد استخدم الشاعر مصطلح التياترو في هذا المربوع بصورة مجازية تلميحاً بوقائع مبهجة ومشاعر حسيّة..!
أخدنا الليل تَفنُن بي طرب غير عِلّه
تمّم كيفي "تيس قُنّه" أب حديداً شلّه
أنا والديسو لي عند المَتان إدلى
نومنا بقالنا مِن بعد الإمام ما صلى..!
**
وفي (مسدارسيتيت) يختم عبدالله أبو سن مسداره بكلام حميم مع محبوبته عند انفراده بها:
فتحت الباب دخَلْ عجلان عليها
لقيت أم خد تنوّر زي حليها
بنيتاً من زمان شويمنا ليها
بشوق خِلَق الجمال مجموعه فيها
**
تقول لي يا ولوف طوّل غيابك
تلاته شهور تمام معروف حسابك
دحين وكتين حّضَرْ والمولى جابك
اقيف لا تلجلج النوريك حسابك..!
**
أقول ليها العتاب لي ليه تشنّي
زماناً ما هو دا غيّك مكنّي
اتْرُكي ها العتاب لي روحي دنّي
براك لي مين بنوح دايماً وأغنّي..؟
**
ومن المُلفت أن نرى أن وصف وذكر الجمل في المسدارين لا يتركّز بصفة أساسية باعتباره (وسيلة مواصلات)..ولكن في صورة (رفيق الرحلة).. بل بمثابة صديق حسن النيّة..!!
والحوار مع (الركوبة) من الخصائص السائدة في الشعر البدوي..حيث يجد الشاعر العزاء في صحبة جمله وأن يبثه مشاعره .!
والحردلو يعطى إشارات عديدة عن هذه الحالة؛ خاصة جمليه (عِتيِّت والبانقير)..مع انه لا يذكرهما في مسدار الصيد.. ربما لأنه أراد أن تكون صدارة مربوعاته المطوّلة للظباء في رحلتهن الفاتنة عبر البطانة..وعدم الانحراف عن هذا التركيز بأحواله وأحوال جمله..!
ود الادرع الما بين فهيد ومساهي
في شورتين تحت حزّاز وريدو الباهي
ما شفتّ أم نعيم الكنت بيها بلاهي
دابي عِتِرْ دحين..ما قلت بسم الله..!
مرتضى الغالي
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
سلوك العصابات.. اقتحام مليشيا الانتقالي لمسجد في عدن واختطاف الإمام تشعل غضبًا واسعًا في اليمن
في حادثة أثارت حالة من الذهول والاستياء الواسع، أقدمت قوة أمنية مقنعة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، على اختطاف الشيخ محمد الكازمي، إمام وخطيب مسجد ساحة الشهداء (مسجد عمر بن الخطاب) بمديرية المنصورة في عدن، وذلك عقب أدائه صلاة الفجر مباشرةً.
وأقدمت تلك القوات باقتحام المسجد وأطلقت الرصاص الحي، واختطفت الكازمي بطريقة همجية، الأمر الذي أثار حالة هلع وترويع للأطفال والمسنين، بطريقة تعكس عقلية المليشيا التي يراد لها أن تحكم عدن.
ووثقت كاميرات المراقبة، لحظة اقتحام العناصر المسلحة للمسجد وهم يرتدون زيا أمنيا ما تسبب بحالة من الذعر والفوضى داخل المسجد، قبل أن يقدمون على اختطاف الإمام ويسحبونه خارج المسجد.
ناشطون وحقوقيون قالوا إن المجموعة المسلحة التي نفّذت الاقتحام تتبع مدير شرطة دار سعد، مصلح الذرحاني، وهو متهم في قضايا وانتهاكات متعددة تتعلق بالخطف والتعذيب والاقتحامات غير القانونية.
وبعد ساعات من اختطافه، أفادت وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي، بأنه تم الإفراج عن الشيخ الكازمي، دون معرفة أسباب اختطافه حتى لحظة كتابة الخبر.
وفي السياق دعا وكيل وزارة الأوقاف مختار الرباش القيادة السياسية ومحافظ عدن وإدارة الأمن إلى القيام بواجبهم والضرب بيد من حديد ضد هذا العمل المسيء لبيوت الله، وإحالة المجرمين للمحاكمة والمحاسبة وفق النظام والقانون".
وأكد الرباش -على صفحته بالفيسبوك- أن ما حصل من قبل البلاطجة المسلحين المقتحمين لمسجد عمر بن الخطاب بمديرية المنصورة وترويع المصلين بإطلاق الرصاص في بيت من بيوت الله تعالى واختطاف إمام المسجد يُعد انتهاك صارخ وإهانة لبيوت الله".
واعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا لحرمة المساجد وإهانة لمكانتها وقدسيتها، وإساءة لعدن وأهلها وتاريخها النضالي".
وأشار إلى أن عدن، مدينة المساجد والإيمان والقرآن، لم تنتصر في حرب 2015 إلا برجالها الذين خرجوا من مساجدها للدفاع عن الشرعية والدولة، ورفضًا لسقوطها بيد المشروع الإيراني، مؤكدًا أن الاعتداء على المساجد اليوم يُعد خيانة لذاك التاريخ المجيد.
من جانبه أكد وزير الشباب والرياضة نائف البكري -الذي نفذ نزولا ميدانيا إلى المسجد عقب حادثة الاقتحام- رفض أنباء عدن التام لهذه التصرفات غير المسؤولة التي تُعدّ انتهاكاً لحرمة بيوت الله، وترويعاً للمواطنين والمصلين الآمنين".
بدوره محافظ عدن رئيس اللجنة الأمنية، أحمد لملس أصدر توجيهًا رسميًا إلى مدير أمن عدن والأجهزة الأمنية المعنية، بفتح تحقيق فوري وعاجل في واقعة اقتحام مسجد عمر بن الخطاب في مديرية المنصورة، واحتجاز إمامه الشيخ محمد الكازمي أثناء صلاة الفجر..
واعتبر التوجيه أن ما حدث من "إطلاق نار في حرم المسجد واحتجاز الإمام" انتهاكًا خطيرًا يستوجب التحقيق العاجل، ورفع تقرير مفصل إلى المحافظ، مع إحالة الأفراد المتورطين إلى الإجراءات القانونية.
إلى ذلك حذر المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) من خطورة استمرار الانتهاكات بحق أئمة وخطباء المساجد في عدن والمناطق المجاورة.
وقال المركز في بيان له "بقلق بالغ اقتحام قوات الحزام الأمني لمسجد عمر بن الخطاب في المنصورة – عدن أثناء صلاة الفجر، وإطلاق النار داخل المسجد، واعتقال إمامه الشيخ "محمد الكازمي" واقتياده إلى جهة مجهولة، في مخالفة صريحة للإجراءات القانونية وضمانات الحرية الدينية وسلامة دور العبادة.
وقال "نحذر من خطورة استمرار الانتهاكات بحق أئمة وخطباء المساجد في عدن والمناطق المجاورة، بعد موجة طويلة من الاغتيالات والتهديدات، ما دفع العشرات منهم لمغادرة المدينة حفاظًا على حياتهم، وسط غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب".
الحقوقية هدى الصراري، قالت إن "ما حدث في مسجد مديرية المنصورة هو عار وفضيحة أخلاقية وقانونية وإنسانية".
وأضافت "مجموعة مسلحة ملثّمة، مدججة بالسلاح، تقتحم بيتًا من بيوت الله أثناء صلاة الفجر، وتُرَوِّع المصلين بإطلاق النار، ثم تختطف إمام المسجد الشيخ محمد الكازمي وكأنه مجرم حرب، وليس رجل دين يقود الناس في صلاة آمنة في بيت آمن".
وتابعت "هذه ليست قوة أمنية، بل تشكيل مسلح لا يخضع لأي سلطة قضائية أو مدنية. وطريقة الاقتحام والاختطاف لا تختلف عن سلوك العصابات، بل إنها أسوأ، لأنها تمارس باسم مؤسسات يفترض أن تحمي لا أن تُرهب".
وأكدت الصراري أن ما جرى يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين اليمنية والدستور والشرائع الدولية، وخصوصًا الحق في الأمان، وحرمة المساجد، والحق في المحاكمة العادلة. لا يمكن أن نقبل بأن يتم اختطاف الناس بهذه الطريقة الهمجية، وبغطاء صامت من الجهات الرسمية.
وطالبت بفتح تحقيق عاجل ومحايد في واقعة الاقتحام والاختطاف، ومحاسبة كل من يقف خلف هذه الجريمة، سواء كانوا منفذين أو متواطئين بالصمت. كما طالبت بوضع حد للانفلات الأمني والانتهاكات المتكررة بحق المواطنين في عدن.
وقالت "عدن اليوم لا تحتاج مزيدًا من الكوابيس، بل تحتاج عدالة حقيقية وأمنًا يحمي لا يرهب، ومن يقتحم المساجد اليوم ويخطف الأئمة، سيقتحم غدًا منازلنا ويخطف أبنائنا، إن لم نقف جميعًا ضد هذا الإرهاب المنظم.
المحامي عبدالرحمن برمان قال "هذا عمل عصابات.. شخص معروف بإمكانكم استدعائه للحضور إلى قسم الشرطة أو إلى النيابة العامة وفقاً للإجراءات القانونية".
وأضاف مخاطبا الانتقالي: لماذا تصروا على تذكيرنا أنكم عصابات لا علاقة لها بالدولة ولا بالقانون؟
الصحفي فتحي بن لزرق كتب "هذه الافعال مرفوضة جملة وتفصيلاً وتسيء بشدة للاجهزة الأمنية، الشيخ الكازمي رجل خير وبر وصلاح ولو عليه شيء كان يمكن استدعاءه بالطرق القانونية".
الصحفي أنيس منصور قال "هذا ما عملته مليشيا الإمارات في عدن اقتحام مسجد في صلاة الفجر واعتقال واختطاف امام المسجد الكازمي، كان استطاعتهم اعتقاله باي طريقة وأي مكان، لكن بهكذا طريقة بشعة نفس كيان الاحتلال الإسرائيلي".
أما الذيب الخليفي الهلالي، فقال "طريقة اختطاف الكازمي فجر اليوم من محراب مسجده بعد أن صلى بالناس وإطلاق الرصاص وسط المسجد وإشهار القنابل في مسجد عمر بن الخطاب بالمنصورة عدن بلطجة في أقصى حدودها، ليس عمل دولة ولا الخاطفين رجال أمن ودولة، بلطجة بلطجة بلطجة، والفيديوهات تشهد".
في حين تساءل الصحفي أحمد الصباحي بالقول: بالله عليكم هل هؤلاء يمكن المراهنة عليهم ببناء دولة ونظام؟!