المسدار يصف أمكنة الرحلة على طول الطريق ويُظهر حاله الشاعر متلهفاً يتحرّق شوقاً وحنيناً للوصول إلى ديار المحبوبة..!
هنا تبدو الأشعار نابضة ومفعمة بالحيوية في وصف الطريق الذي يمر به الشاعر في رفقة جمله الذي لا يقل عن راكبه إثارة وتطلّعاً إلى أدراك غاية الرحلة...!
وفي (مسدار رفاعة) يشرح "احمد عوض الكريم أبو سن" لماذا كان جمله يكاد يطير إلى ديار الحبيب.

.!
ضهير (قلعة مبارك) جيتو تلعب شد
منعت اللسّه والكرباج وقولة هَد
علي التالاك إحسان رزقو ما بنعد
يومك كلّو تمصع ما انلحقلك حد
ويتجلّى إبداع "عادل بابكر" في الترجمة التي تنقل ذات الأحوال والهواجس والصورة الشعرية النابضة بالحياة:
In leaps and bounds you flew past (Mount Mubarak),
Hardly needed any nudge on your belly,
a whip, or even chirrup
For you can’t forget her generous hospitality,
And how you spent all the time chewing..
وبما أن الجمل )له مصلحة) أيضاً في سرعة الوصول إلى نهاية الرحلة..يظل الشاعر يذكّره بالمعاملة الخاصة التي سيحظى بها عند الوصول..!
يشرح الشاعر كيف انه عند الوصول أشارت المحبوبة المقصودة إلى مساعداتها من الفتيات للاعتناء أيضاً بجمل ضيفها (سحّار الغروب) عند إعداد المكان:
أرُبطوا الجانا ضامر لا كبد لا كرشه
"سحّار الغروب" جيبلو العلوق بي الورشه
نفّضن المراتب وطرّحن بي الفرشه
داير يبري جرحاً في القلُب مو خرشه
وفي حالة ما، يرسل الشاعر تحذيراً لجمله عندما يرى منه نكوصاً عن السير بالسرعة المطلوبة والمُبتغاة:
خبّك مو وشيك الليله مالك..؟
تتقّل في اليمين وتجُر شمالك..!
بنيتاً لي شيوما بشنّي حالك
رقاداً دونا قط لا تسيهو بالك
What’s wrong with you today?
Heavy-footed, lumbering along
Never ever dream of a rest
before we reach her quarters
ويصف عبد الله أبو سن مراسم الاستقبال عندما جاء الجيران لتحيته وكيف انه كان متلهفاً للانعتاق منهم للانفراد بمحبوبته الأثيرة:
مشيتا وجيت لقيت دلّو السلوقي
يجوني الناس يعجّو يقيفو فوقي
شاكي الغلَبَه لاكين جدّ شوقي
متل جمل العلوق كُل حين أهوقي
هنا يخلق المُترجم من هذا المربع إبداعاً جديداً موازياً:
They unsaddled my greyhound
I had to meet endless waves of greeters and well-wishers,
Deep inside, I was burning with longing,
Impatiently craning my neck every now and then
Like a hungry camel waiting for his meal
**
وغالباً ما يُختتم المسدار بمزاج احتفالي حيث يبتهج الشاعر وجمله بالضيافة الحانية من المضيفين..وتمثل ذلك المربوعات الختامية لمسدار رفاعة لأحمد عوض الكريم حيث يصف مجالسته لمحظيته، وإدارة حوار مع جمله.. يقول فيه إن الجمل تمنى لهما وقتاً طيباً من الأنس والملاعبة:
قِضا من اللوازم..واتنحف واتجلّا
كوّع فوق مراتبو ولي الجلوس اتحلى
قالع العيص معاند شاية السلسله
قاللي معاهو بي لعب التياترو اتسلى
يقول "عادل بابكر" عن ذكر (التياترو) إنه لفظ لاتيني عن المسرح، وقد كان المسرح معروفاً في الخرطوم في بواكير القرن العشرين (1900)..حيث ادخله الأوربيون الذين كانوا حينذاك يعيشون ويتعاملون بالتجارة في السودان. وكان (تياترو خواجة لويزو) مركزاً شهيراً للترفيه في الخرطوم. وقد استخدم الشاعر مصطلح التياترو في هذا المربوع بصورة مجازية تلميحاً بوقائع مبهجة ومشاعر حسيّة..!
أخدنا الليل تَفنُن بي طرب غير عِلّه
تمّم كيفي "تيس قُنّه" أب حديداً شلّه
أنا والديسو لي عند المَتان إدلى
نومنا بقالنا مِن بعد الإمام ما صلى..!
**
وفي (مسدارسيتيت) يختم عبدالله أبو سن مسداره بكلام حميم مع محبوبته عند انفراده بها:
فتحت الباب دخَلْ عجلان عليها
لقيت أم خد تنوّر زي حليها
بنيتاً من زمان شويمنا ليها
بشوق خِلَق الجمال مجموعه فيها
**
تقول لي يا ولوف طوّل غيابك
تلاته شهور تمام معروف حسابك
دحين وكتين حّضَرْ والمولى جابك
اقيف لا تلجلج النوريك حسابك..!
**
أقول ليها العتاب لي ليه تشنّي
زماناً ما هو دا غيّك مكنّي
اتْرُكي ها العتاب لي روحي دنّي
براك لي مين بنوح دايماً وأغنّي..؟
**
ومن المُلفت أن نرى أن وصف وذكر الجمل في المسدارين لا يتركّز بصفة أساسية باعتباره (وسيلة مواصلات)..ولكن في صورة (رفيق الرحلة).. بل بمثابة صديق حسن النيّة..!!
والحوار مع (الركوبة) من الخصائص السائدة في الشعر البدوي..حيث يجد الشاعر العزاء في صحبة جمله وأن يبثه مشاعره .!
والحردلو يعطى إشارات عديدة عن هذه الحالة؛ خاصة جمليه (عِتيِّت والبانقير)..مع انه لا يذكرهما في مسدار الصيد.. ربما لأنه أراد أن تكون صدارة مربوعاته المطوّلة للظباء في رحلتهن الفاتنة عبر البطانة..وعدم الانحراف عن هذا التركيز بأحواله وأحوال جمله..!
ود الادرع الما بين فهيد ومساهي
في شورتين تحت حزّاز وريدو الباهي
ما شفتّ أم نعيم الكنت بيها بلاهي
دابي عِتِرْ دحين..ما قلت بسم الله..!

مرتضى الغالي

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

محمد فراج يكشف كواليس تجسيده الشاعر الراحل أحمد رامي في فيلم الست

كشف الفنان محمد فراج عن كواليس تجسيده شخصية الشاعر الغنائي الراحل أحمد رامي ضمن أحداث فيلم "الست".

وقال فراج  عبر تصريحات برنامج "ET بالعربي":" بنعمل فيلم فيه حدوتة وفيه شخصيات فيها مشاعر وأحاسيس مينفعش نحصر هذه القيمة الكبيرة ونتكلم عن المكياج وهل فراج كان قريب لأحمد رامي ولا لأ".

واضاف: "أنا مش مطالب كممثل لما أعمل شخصية رامي أني ابقى مطابق ليه، خلاص هاتوا بقى واحد شبه أحمد رامي بجد وخلوه هو يمثل الفيلم".


وأوضح محمد فراج : بلاش كلمة هجوم .. وخلينا نسميها حالة جدل .. ودي حاجة طبيعية جدًا .. لأنه فيلم مميز ومهم وبيحكي عن شخصية كوكب الشرق أم كلثوم .. فأكيد كل الناس هتبقى قاعدة مستنية الفيلم .. وأول ما الفيلم يتعرض هتبان ردود أفعال الجمهور الحقيقية اللي إحنا نهتم بيها ونتكلم فيها.

فيلم الست
يذكر أن فيلم "الست" يتناول السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، ويشارك في بطولته العديد من النجوم مثل كريم عبد العزيز وآسر ياسين وعمرو سعد ومحمد فراج وسيد رجب ونيللي كريم وأحمد داود وأحمد خالد صالح، بالإضافة إلى ظهور عدد كبير من النجوم كضيوف شرف مثل أحمد حلمي وأمينة خليل وأحمد أمين وأمير المصري، وسيبدأ عرضه تجاريا في مصر والدول العربية يوم 10 ديسمبر الجاري.

إطلاق أول روبوت بشري في العالم مزود بستة أذرع وعجلات وأرجل16 فتاة.. عصابة الستات تستدرج الشباب لتصويرهم وتهديدهم| ما القصة؟ طباعة شارك الفنان محمد فراج الست فيلم الست الغنائي الراحل أحمد رامي أحمد رامي الشاعر الغنائي الراحل أحمد رامي

مقالات مشابهة

  • فايزة الغيلانية تقرأ دلالات البحر الفنية والإنسانية في القصيدة العمانية
  • تاريخ العطش لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
  • رحاب الجمل: محمد رمضان كان بيصلي وملتزم في كواليس احكي يا شهرزاد
  • ثقافة أسيوط تنظم عددا من الفعاليات والندوات والمسابقات بالمحافظة
  • محمد فراج يكشف كواليس تجسيده الشاعر الراحل أحمد رامي في فيلم الست
  • مهرجان الشعر العماني.. مسيرة الإبداع الطويلة
  • «رحلة الهجن» تشق طريقها عبر صحراء الإمارات
  • تكريم رئيس اتحاد العمال في ختام ندوة الحماية الاجتماعية للمتقاعدين
  • أمريكا ترحّل عشرات الإيرانيين والعرب!
  • عضو بالشيوخ: الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تدعم النشاط الاقتصادي