حكم الخروج من المنزل قبل الاغتسال من الجنابة .. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الخروج من البيت على حال الجنابة؟ وهل هذا يجوز أو أنه لا بد من الاغتسال قبل الخروج؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.
وتابعت: فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا، ويجوز له الخروج لقضاء حوائجه والتصرف في بعض شئونه، وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على أن الجنب ليس بنجس.
فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ وَهوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ؟» فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، يَا أَبَا هِرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ».
وأشارت إلى أن غسل الجنابة يجب على التراخي لا على الفور، وإنما استحب بعض الفقهاء عدم تأخيره؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس بكثرة الوساوس ونحوها؛ قال العلامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" (166، ط. دار الحديث، القاهرة): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويمكن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات، ويقال: إن الأكل على الجنابة يورث الفقر] اهـ.
وأوضحت أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، إلا لإدراك وقت الصلاة؛ قال العلامة الشبراملسي الأقهري في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/ 209، 210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور؛ لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.
وتابعت: فلا يأثم الجنب بتأخيره الغسل في غير وقت الصلاة، وإنما يأثم بتأخيره للصلاة عن وقتها؛ قال العلامة ابن قدامة المقدسي في "المغني" (1/ 152، ط. مكتبة القاهرة): [وليس معنى وجوب الغسل في الصغير التأثيم بتركه، بل معناه أنه شرط لصحة الصلاة، والطواف، وإباحة قراءة القرآن، واللبث في المسجد، وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه، ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة، لم يأثم] اهـ.
وبناءً على ذلك: فلا حرج من خروج الجنب من بيته وهو على حالة الجنابة، ولا إثم عليه في ذلك، وإن كانت المسارعة إلى الطهارة أولى؛ لأن غسل الجنابة لا يجب على الفور، ولا يكون الجنب آثمًا بتأخيره لغسل الجنابة، ما لم يؤدِّ ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الجنابة الغسل من الجنابة الاغتسال الطهارة دار الإفتاء غسل الجنابة وقت الصلاة
إقرأ أيضاً:
"شوق الحبيب لأمته.. ما ورد في السنة عن بكاء النبي للقائنا
تلقىّت دار الإفتاء المصرية سؤالًا مؤثرًا من أحد المتابعين، جاء فيه: "هل ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكى شوقًا لرؤية أمته من بعده؟"، ليكشف رد لجنة الفتوى الرئيسة بالدار حقيقة الأمر وما ثبت في السنة النبوية المطهرة بشأن هذا المعنى النبيل.
النبي ﷺ يشتاق إلينا
أوضحت لجنة الفتوى أن النصوص الصحيحة الواردة في السنة تؤكد أن رسول الله ﷺ اشتاق إلى رؤية أمته ولقائهم، بل وأبدى رغبته الصادقة في أن يراهم، رغم أنه لم يعش معهم في الدنيا.
واستشهدت اللجنة بما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ أتى المقبرة فقال:«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا».
فقال الصحابة متعجبين: "أولسنا إخوانك يا رسول الله؟"، فأجابهم: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد».
وفي رواية أخرى، قال ﷺ بصراحة مؤثرة: «إني لمشتاق إلى إخواني».
معنى الأخوّة هنا
أوضحت دار الإفتاء أن المقصود بـ"إخوان النبي" في هذا الحديث هم المؤمنون الذين سيأتون بعده، ويؤمنون به دون أن يروه، وهو ما يشمل كل مسلم ومسلمة جاءوا بعد زمن الصحابة الكرام، حتى يوم القيامة.
هذا الحديث يحمل رسالة حب ووفاء من النبي ﷺ لأمته، ويعكس حرصه عليهم وشوقه للقائهم، وهو ما ينبغي أن يقابله المسلم بمزيد من المحبة والطاعة، والتمسك بسنته، والاستعداد للقائه على الحوض يوم القيامة.
لم يثبت في السنة نص صريح يفيد بأن النبي ﷺ بكى شوقًا لرؤية أمته، لكن ثبت يقينًا أنه عبّر عن شوقه وحنينه إليهم، ووصفهم بإخوانه، وهو شرف عظيم لكل من تمسّك بدينه دون أن يرى نبيه، مؤمنًا به محبًا له، منتظرًا للقائه في دار الخلود.