الجزيرة:
2025-05-28@01:29:41 GMT

ثلاث رسائل للعالم من اختيار السنوار لخلافة هنية

تاريخ النشر: 7th, August 2024 GMT

ثلاث رسائل للعالم من اختيار السنوار لخلافة هنية

أثار اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران في الحادي والثلاثين من يوليو/ تموز الماضي عاصفة من التساؤلات حول تداعياته المُحتملة على مسارات الحرب في غزة والمواجهة الإقليمية المرتبطة بها، وملف المفاوضات، والوضع الداخلي للحركة وعلاقتها بالخارج. لكن اختيار حماس لرئيسها في غزة يحيى السنوار خلفًا لإسماعيل هنية يُعطي لمحة واضحة عن الكيفية التي ستُدير بها الحركة إستراتيجيتها في الحرب بعد الآن.

هذا الاختيار، وإن بدا مفاجئًا لكثيرين ممن كانوا يتوقّعون اختيار شخصية من الجناح السياسي للحركة لتولي هذا المنصب لاعتبارات مُتعددة، إلّآ أنه يظهر قبل كل شيء كنتيجة طبيعية لاغتيال هنية، والمنحى الجديد الذي سلكته الحرب بعد التصعيد الإسرائيلي الجديد لها، وتزايد مخاطرها الإقليمية.

تُظهر الاعتبارات الداخلية للحركة كعامل رئيسي في هذا الاختيار حقيقة أنّ السنوار، الذي يُنظر إليه على أنّه مُهندس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال يقود بفاعلية كبيرة المقاومة على الأرض، رغم مُضي أشهر طويلة على الحرب، حيث تعجز إسرائيل بكل ما تمتلكه من إمكانات عسكرية واستخباراتية وتجسسيّة عالية عن الوصول إليه واغتياله، كما تُظهر الثقة التي توليها الحركة بجناحيها: السياسي والعسكري للسنوار كشخصية قوية قادرة على إدارة حماس في الداخل والخارج معًا في زمن الحرب.

كما أن اختياره لهذه المهمة كان حاجة للحركة لإظهار التماسك بين جناحيها: العسكري في الداخل، والسياسي في الخارج؛ لتبديد المزاعم، التي سعى الإسرائيليون لإثارتها، عن وجود انقسام بين جناحَيها: العسكري والسياسي، وعن انقطاع السنوار عن العالم الخارجي، وعن وجود صراعات داخل الحركة حول خلافة هنية. ويحمل اختيار السنوار في طياته ثلاث رسائل بارزة من حركة حماس.

رسالة تماسك وتحدٍ لإسرائيل

علاوة على إظهار التماسك الداخلي على مستوى العلاقة بين جناحيها في غزة والخارج، يُرسل اختيار السنوار رسالة تحدٍ للاحتلال مفادها أنّ الحركة لا تزال قوية وقادرة على إنتاج قيادة جديدة؛ لمواكبة التحديات التي تفرضها المرحلة الجديدة من الحرب بعد اغتيال هنية.

وإذا كانت إسرائيل قادرة على اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج من أجل إحباط عزيمة المقاومة في غزة، واستعراض قدراتها العسكرية والاستخباراتية لإعادة ترميم مفهوم الردع الإسرائيلي، الذي تصدّع بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإنه سيتعين عليها منذ الآن فصاعدًا مواجهة السنوار، ليس بصفته مُهندس طوفان الأقصى أو قائد المقاومة على الأرض فحسب، بل أيضًا كزعيم سياسي لحماس.

رسالة إذلال لنتنياهو

سوّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اغتيال هنية – وإن لم يُقر بالمسؤولية عنه – في إطار استعراض قدرة إسرائيل على اغتيال قياديي الصف الأول في الجناح السياسي لحماس، مثل: هنية ونائبه صالح العاروري؛ لتحقيقه وعوده بالقضاء على قادة حماس الكبار السياسيين والعسكريين، والتعويض عن فشله في تحقيق انتصار في الحرب.

باختيار السنوار لخلافة هنية، أرادت الحركة إذلال نتنياهو ومفاقمة الحرج الداخلي الذي يواجهه؛ نتيجة العجز العسكري والاستخباراتي في الوصول إلى السنوار واغتياله، وهو الذي تُحمّله إسرائيل المسؤولية الأولى عن تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسيواجه نتنياهو بعد هذا الاختيار حرجًا كبيرًا في مواصلة تسويق اغتيال هنية، وادعاء اغتيال القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف ونائبه مروان عيسى، على أنه نجاح له في تحقيق أهداف الحرب.

لقد فقد نتنياهو عمومًا الكثير من مكانته في الداخل في هذه الحرب، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه المسؤول الأول عن المأزق الإستراتيجي الذي وصلته إسرائيل. ومن غير المتصوّر بأي حال أن تُساعده اغتيالات قادة حماس وحزب الله في إعادة ترميم زعامته، كما كانت قبل الحرب، وفي تجنب الثمن السياسي الباهظ الذي سيتعين عليه دفعه في نهاية المطاف.

الكلمة للقوة في المفاوضات

كان يُنظر إلى الراحل إسماعيل هنية على أنه قوة دافعة داخل الجناح السياسي لحركة حماس من أجل التوصل إلى صفقة لإنهاء الحرب. ومن البديهي الاستنتاج بأن اغتياله كان مُصممًا في أحد جوانبه لتقويض فرص التوصل إلى مثل هذه الصفقة. والنقطة التي تُجمع عليها حركة حماس وكثير من الإسرائيليين، الذين يُريدون عودة المحتجزين، والولايات المتحدة ضمنًا، أن نتنياهو وحده من يُعرقل اتفاقًا لإنهاء الحرب.

وفي الواقع، أظهر اغتيال هنية بوضوح الخداع الذي يُمارسه نتنياهو في المفاوضات من أجل التهرب من استحقاق الصفقة وإطالة أمد الحرب لأطول فترة مُمكنة. يُرسل اختيار السنوار خليفة لهنية ثلاث رسائل من حماس فيما يتعلق بملف المفاوضات. أوّلها أنها لم تعد مُستعدة للمُضي في هذه المفاوضات ما دام نتنياهو يواصل خداع العالم فيها. وثانيها أن الكلمة الأولى والأخيرة للحركة في المفاوضات تُحددها المقاومة على الأرض. وثالثها أنه سيتعين على الوسطاء التعامل منذ الآن فصاعدًا مع السنوار لتحديد أطر أي صفقة مُحتملة في المستقبل.

إنّ أولوية حماس الرئيسية المتمثلة بإنهاء المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والتوصل إلى صفقة تُحافظ على المكاسب الإستراتيجية التي حققتها القضية الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ستبقى قائمة بمعزل عن الآثار المُحتملة المُترتبة على اختيار السنوار لزعامة مكتبها السياسي. واختيار السنوار لهذا المنصب مُصمم لتعظيم فرص الوصول إلى مثل هذه النتيجة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول اختیار السنوار اغتیال هنیة على أن التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

السودان وفروقات الوعي السياسي

أن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أية مجتمع، و العقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلي الحرب، لا يستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. و التغيير لا ينتج بعقول خاملة لا تستطيع أن تنتج أفكار جديدة، فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة، تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.. لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.. أن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلي الأزمة.. لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب و يعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة..
أن أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لا يفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، أو مصالح أحزبهم، لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.. مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول ( طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ز جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة في السودان) و أضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة) أن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلي رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.. رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.. فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.. و أيضا هناك أحزاب و سياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل، بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.. و أيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.. الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة..
أن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب و بعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.. الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل و التدمير، و يظهر السلوك السالب بكل تفاصيله، و كلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس و سلوكهم و علي طريقة تفكيرهم.. الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال، هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.. الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن و جمع السلاح من كل المقاتلين و فرض السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.. و وضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.. و كلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي... و ليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..
معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء و النهضة تؤسس عن طريقين.. الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة و فاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب و تعمل بجد، و عمل إداري بخبرات عالية، و نزاهة و شفافية. و التزام قوى بتطبق القوانين، و استطاعت أن تنجح في ذلك حدث ذلك في البرازيل و الهند و تركيا و ماليزيا و رواندا.. و هناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.. المشروع السياسي و حسن الإدارة و النزاهة و الشفافية و تطبيق القوانين و حدث ذلك في الصين و سنغافورة و كوريا الجنوبية و فيتنام.. و النجاح في الثاني الرهان عليه في التحول غلي الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي و الفكري و الثقافي في المجتمع..
إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.. اولا - أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا - القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية " الوزارات" أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة، و بعض منهم أول وظيفة له في حياته و حياتها كانت وزارة.. ثالثا - خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.. رابعا – راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا - تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.. سادسا - فشلوا في تقييم التجربة و مايزالون يرهانوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع... سابعا – عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها و تخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع، لكن قلة الخبرة، و عدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع..
أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات) البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات " قانون الأحزاب" أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين.. و في الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد، و بالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، و الانتخابات تضمن تجديد للأفكار و البرامج، و النافسة هي التي تخلق الوعي، و تقدم قيادات مدركة لدورها، إلي جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.. أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة و المحسوبية و الشللية و غيرها.. نسأل الله حسن البصيرة

zainsalih@hotmail.com

 

مقالات مشابهة

  • الحرب النفسية: اليمن يُعيد تعريف معادلة الصراع
  • نتنياهو: غزة سجن كبير وحدودها مغلقة.. ولا يمكن إطلاق سراح الرهائن دون نصر عسكري
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • هل على نتنياهو أن يخشى من جيل الأطفال الذي شهد الإبادة؟
  • السودان وفروقات الوعي السياسي
  • وزير الدفاع الإيطالي: نتنياهو مخطئ في كل شيء تكتيكيا وأخلاقيا
  • جنرال إسرائيلي: نتنياهو يواصل التنصل من فشله بغزة والجنود يدفعون الثمن
  • خروج إيران من حرب غزة يفضي إلى اغتيال هنية وقادة حزب الله.. ماذا بعد؟
  • تحقيق صحفي عبري يكشف خفايا اختيار نتنياهو لشركة مشبوهة لتوزيع المساعدات بغزة
  • زعيم تاريخي لليكود يهاجم نتنياهو: دمرت كل شيء لأجل ائتلافك القذر ‏