#إبطال_الباطل
د. #هاشم_غرايبه
السؤال الملح: متى تنتهي محنة القطاع الصامد، وينكفئ المعتدون بعد اذ فقدوا الأمل بتحقيق أهدافهم؟.
قبل البحث في الإجابة يجب أن نعلم أن هنالك ثوابت في الصراعات البشرية، وإن تبدلت مظاهرها الخارجية بتطور الوسائل، وهي ان الصراع بين فسطاطي الخير والشر باق أبدا، يفتر سنوات ويشتد أخرى بحسب ظن أهل الشر أنهم قادرون على دحر أهل الحق أو يأسهم من ذلك والتحول الى مهادنتهم مؤقتا.
قد يتساءل بعض الهلوعين: لماذا يبقي الله دائما أعداءه أقوياء متجبرين، أليس بقادر على أن يجعلهم بلا حول ولا قوة، فيكفي عباده المؤمنين ويلات الحروب والقتل والتدمير!؟.
لقد أخبرنا الله تعالى بالإجابة، فبيّن أن الدنيا دارابتلاء، لذلك خلق الإنسان حر الإرادة ليكون مسؤولا عن أعماله، وبقدرات هائلة تكريما له عن سائر مخلوقاته، وبمناقص كثيرة تنبيها له وتأديبا أن لا يتعالى تيها واعجابا، ولضمان صلاح اختياره أنزل منهجه الذي يضمن له معيشة كريمة في الدنيا المؤقتة، وسعادة خالصة من المعاناة في دار الجزاء الدائمة.
لذلك يبقى الإنسان حر الاختيار: بين الانسياق وراء مناقصه التي تغريه بمتع فورية، وبين اتباع الصلاح المتمثل بمنهج الله المحفوف بالمكاره، ويعد بالأفضل لكنه مؤجل.
بالطبع الكثرة الغالبة تتبع الخيار الأول، ولأن كبراء هؤلاء وزعماءهم المستفيدون من ملذات الحياة أكثر من غيرهم، لا يريدون خسارة امتيازاتهم غير المحقة ان طبق منهج الله الذي يعدل بين الناس، لذلك يحاربون متبعيه، وفي أقصى الأحوال إن لم يتمكنوا من ردهم عنه، يسمحون لهم باتباعه كفكر نظري، شريطة عدم تطبيقه كنظام حكم، ولا الدعوة له لتوسيع رقعة متبعيه.
قد يقول قائل: ليست كل الصراعات بين معادي منهج الله ومتبعيه، بل أغلبها وأشدها قسوة هي عندما يكون الطرفان إما كليهما معاد لمنهج الله، أو كليهما متبع له.
صحيح ذلك، لأن الصراع بين باطلين لا ينتهي أبدا، فهو بين أطماع وأطماع، لأن كليهما يعتقد أنه صاحب حق في تحقيق مصالحه، ولما كان الاحتكام الى المرجعية العادلة (حكم الله) مفقود بين الطرفين، لذلك لن يلتقيا، ولن يحسم الصراع بينهما بغير الغلبة العسكرية، فيرضخ المغلوب الى حين تمكنه من تجميع قوته فيتجدد الصراع وهكذا دواليك.
وكذلك ان كان الصراع بين من يعتبران نفسيهما متبعين لمنهج الله، لكنهما لوكانا حقا كذلك، لن يحدث الصراع، ففي منهج الله حكم شرعي لكل ما اختلف عليه، والمؤمن يصدع بحكم الله ولا يجد في صدره حرجا مما قضاه، لذلك ان حدث اقتتال فلأن أحدهم أو كلاهما غلّب أطماعه فلا يقبل بحكم الله: “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا..” [الحجرات:9].
وتطبيقا على القواعد الآنفة الذكر لو استعرضنا ما شن على القطاع الصامد، لن نجده يخرج عنها، بل هو حلقة من سلسلة طويلة من محاولات أهل الباطل إزهاق الحق، وما عنف العدوان وضراوته إلا لأن أهل الباطل أرعبهم أن أهل الحق استخدموا سلاح العقيدة لأول مرة، بعد قرن من نجاحهم بإكراه أهل الحق على تحييده، لأنه الوسيلة الوحيدة التي انتصروا بها في كل المواجهات السابقة.
ورغم أن نتيجة كل محاولاتهم فشلت طوال التاريخ، إلا أنه ولدوام سنة التدافع، يمد لهم الله بأسباب القوة ليغريهم بأنهم في هذه المرة سيدحرون أهل الحق نهائيا، وبأنه لن تقوم لهم قائمة بعدها أبدا، لكن النتيجة دائما هي ذاتها، يفشلهم وينجي الله الذين آمنوا واتبعوا منهجه، لكن بالطبع لا يقطع دابر أهل الباطل نهائيا، ليبقى الصراع قائما أبدا.
وانجاء الله للمؤمنين هذه المرة، كانت تصديقا لوعده الذي لا يخلفه، وكما في كل المرات السابقة، يدبر الله من الأسباب، ما يعطل السنن الكونية التي وضعها: وهي تحقيق الغلبة للأقوى، والاستسلام للمحاصر والمحروم من الماء والغذاء والدواء، لتحقق انهزام معادي منهجه رغم قوته وتمكنه، متمثلا بفشله في تحقيق مبتغاه، وينتصر المؤمنون رغم خساراتهم، فيعوضهم الله قادة بدل من استشهدوا، ويُسخّر من يعيد لهم بناء ما تهدم.
النتيجة هذه مؤكدة، وما اطالة أمد المعاناة الا لاصطفاء الشهداء وكشف المنافقين مقالات ذات صلة كلماتٌ في وداع إسماعيل هنية “أبو العبد” 5 2024/08/08
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الصراع بین أهل الحق
إقرأ أيضاً:
تصاعد الخلافات داخل الحشد الشعبي واتهامات لرئيسه بـالعمالة لتركيا
تتصاعد الخلافات داخل الحشد الشعبي العراقي، خصوصا بين "عصائب أهل الحق" ورئيس قوات الحشد الشعبي فالح الفياض.
وفي متابعته لشؤون الحشد الشعبي العراقي، لفت "معهد واشنطن" إلى تصاعد الخلاف السياسي بين جماعة "عصائب أهل الحق" الشيعية التي يتزعمها قيس الخزعلي، ورئيس "قوات الحشد الشعبي" فالح الفياض، بعدما بدأ حول "قانون الخدمة والتقاعد" المقترح من قبل الحشد، ليتحول إلى مواجهة أكثر حدة.
وقد شنت "عصائب أهل الحق" حملة تتهم الفياض بخدمة المصالح التركية، في مؤشر واضح على تعمق الانقسام داخل "الإطار التنسيقي"، بينما تستعد البلاد للانتخابات البرلمانية المقررة في 11تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، بحسب المعهد.
جاءت أولى الهجمات في خطبة عيد الفطر قبل شهر تقريبا حيث زعم الخزعلي أن "هناك ميليشيات تضم آلاف المقاتلين الذين تم تدريبهم، وتمويلهم، وقيادتهم بشكل كامل من قبل تركيا... إنهم عراقيون من محافظتي نينوى وكركوك، وقد أُرسلوا إلى تركيا حيث خضعوا للتدريب... وبعضهم لا يزال يتلقى رواتب من تركيا. وتُعرف هذه القوات رسميًا بـ"قوات حرس نينوى" و"قوات درع كركوك". وقد تم دمج جزء منهم في "قوات الحشد الشعبي"... ويتقاضون رواتبهم تحت اسم الحشد، وتحديداً ضمن "اللواء 59" في نينوى"، مطالبا بفتح تحقيق في هذه القضية.
وفي 15 نيسان/ أبريل الماضي، استضافت قناة "العهد"، التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث السابق باسم القائد العام للقوات المسلحة إبان حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والذي يُعدّ اليوم من الشخصيات المقربة من "عصائب أهل الحق".
وقال خلف: "سافر فالح الفياض على متن طائرة خاصة في ثلاث زيارات سرية إلى تركيا، زار خلالها إحدى القواعد العسكرية هناك. ولم تقتصر هذه الزيارات على قضية دمج تلك "قوات "حرس نينوى" و"درع كركوك" في "الحشد الشعبي"، بل هدفت أيضاً إلى طمأنة الأتراك بأن الحشد لا يُعادي تركيا".
بعد ذلك بيوم عرضت قناة "العهد" وثائق داخلية مزعومة، نُسبت إلى دائرة الاستخبارات والمعلومات التابعة للمديرية العامة للمعلومات في "قوات الحشد الشعبي".
وزعمت الوثائق أن عدد حرس نينوى يبلغ 2119 فرداً، منهم 750 يتلقون رواتبهم من تركيا ومتمركزون في قاعدة زليكان، بينما يعمل 1519 تحت قيادة "اللواء 59" التابع لقوات الحشد الشعبي. كما قدمت الوثائق تفاصيل دقيقة عن قيادة الجماعة وانتشارها، وصوَّرت "حرس نينوى" على أنهم يعملون فعلياً كوكلاء للأتراك.
ويرى معهد واشنطن أن تلك الاتهامات تمثل تحولاً ملحوظاً في موقف "عصائب أهل الحق"، حيث أصبحت أكثر استعداداً لمواجهة خصومها الشيعة داخل "الإطار التنسيقي"، ولم تعد تقتصر على المناورات خلف الكواليس. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، أصبحت هذه المواجهة علامة واضحة على تصاعد الصراعات الداخلية بين القوى الشيعية وانتشارها بشكل أكبر.
وبحسب تقديرات معهد واشنطن فإنه على الرغم من الجهود المستمرة، فشلت "عصائب أهل الحق" حتى الآن في إقالة فالح الفياض، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى دعم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني له، بالإضافة إلى الدعم المستمر من إيران.