خطة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للتجارة.. ننشر خريطة 7 محاور لوجستية تنفذها وزارة النقل
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
كتب- محمد نصار:
تعمل وزارة النقل حاليًا على تنفيذ سبعة ممرات لوجستية متكاملة، وذلك ضمن خطتها لتحديث شبكة النقل على مستوى البلاد، كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة لمصر لعام 2030، استجابةً لتوجيهات رئيس الجمهورية، بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية وتجارة الترانزيت.
ووضعت الحكومة خطة لإنشاء سبعة ممرات لوجستية متكاملة، تهدف إلى ربط مناطق الإنتاج المختلفة (الصناعية والزراعية والتعدينية) بالموانئ البحرية، أو لربط الموانئ الواقعة على البحر الأحمر بنظيرتها على البحر المتوسط.
كما ستدعم هذه الممرات أيضًا المجتمعات العمرانية الجديدة عبر شبكات من السكك الحديدية (ديزل أو قطار كهربائي سريع) أو الطرق الرئيسية، مرورًا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية الواقعة على طول هذه الممرات.
1- ممر "السخنة - الإسكندرية" اللوجستي
هذا الممر يمتد من ميناء السخنة على البحر الأحمر، مرورًا بميناء العاشر من رمضان الجاف والمنطقة اللوجستية. ويتصل هذا الممر بشبكة السكك الحديدية عبر خط "الروبيكي - العاشر من رمضان - بلبيس"، ويمر بالمنطقة الصناعية في العاشر من رمضان، وصولًا إلى مدينة السادس من أكتوبر الصناعية، وينتهي بميناء الإسكندرية الكبير.
2- ممر "العريش - طابا" اللوجستي
يمتد هذا الممر من ميناء العريش على البحر المتوسط إلى ميناء طابا على خليج العقبة، ويخدم مناطق الصناعات الثقيلة في وسط سيناء والمناطق اللوجستية الناشئة في شبه جزيرة سيناء.
3- ممر "القاهرة - الإسكندرية" اللوجستي
يبدأ من محطة سكك حديد قطارات صعيد مصر في بشتيل، مرورًا بميناء السادات الجاف وميناء السادس من أكتوبر الجاف، ويتصل بشبكة السكك الحديدية عبر خط "بشتيل - الاتحاد - إيتاي البارود - القباري"، وصولًا إلى ميناء الإسكندرية الكبير.
4- ممر "طنطا - المنصورة - دمياط" اللوجستي
ينطلق من المنطقة اللوجستية في طنطا، ويمر بمناطق الإنتاج الزراعي والصناعي في وسط الدلتا، متصلًا بميناء دمياط عبر خط سكة حديد، ويشمل الميناء الجاف في مدينة دمياط الجديدة.
5- ممر "جرجوب - السلوم" اللوجستي
يربط بين ميناء جرجوب البحري على البحر المتوسط وميناء السلوم البري، بهدف تعزيز التبادل التجاري بين مصر وليبيا، ويشمل خط سكة حديد يربط بين جرجوب والسلوم.
6- ممر "القاهرة - أسوان - أبو سمبل" اللوجستي
يشمل هذا الممر الخط الثاني من شبكة القطار الكهربائي السريع وطريق الصعيد الصحراوي الغربي، مرورًا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية مثل الفيوم الجديدة وكوم أبو راضي وسوهاج الجديدة.
7- ممر "سفاجا - قنا - أبو طرطور" اللوجستي
يبدأ هذا الممر من ميناء سفاجا على البحر الأحمر، ويمر بالمنطقة اللوجستية في سفاجا، وصولًا إلى قنا وأبو طرطور عبر شبكة القطار الكهربائي السريع وخط سكة حديد الديزل.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: تنسيق الثانوية العامة 2024 سعر الدولار إيران وإسرائيل الطقس أولمبياد باريس 2024 أسعار الذهب زيادة البنزين والسولار التصالح في مخالفات البناء معبر رفح سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان ممرات لوجستية وزارة النقل ممر العريش على البحر هذا الممر مرور ا
إقرأ أيضاً:
البُعد اللوجستي للأمن الخليجي.. رؤية استباقية للاستدامة عند الأزمات
د. منصور القاسمي **
في ظلّ التصاعد غير المسبوق للتوترات العسكرية بالمنطقة، تجد المنظومة اللوجستية في سلطنة عُمان ودول مجلس التَّعاون الخليجي نفسها أمام اختبار حرج؛ ذلك أنَّ موقع هذه الدول على ضفّتي مضيق هرمز يجعلها في قلب أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم؛ إذ يعبُر منه نحو 30 في المائة من صادرات النفط الخام العالمية وما يربو على خُمس تجارة الغاز الطبيعي المُسال.
ومع أنّ سلطنة عُمان تمتلك واجهة بحرية واسعة على المحيط الهندي وبحر العرب خارج المضيق، إلّا أنّ تشابك اقتصادها مع أشقائها بدول المجلس واعتماد الأسواق الصناعية على واردات الخام والغاز والمواد الأولية عبر الخليج العربي يضعنا جميعًا في سلة المخاطر حين تتفاقم الأزمات والتحديات. ورغم تمتع سلطنة عُمان بموقع استراتيجي مهم خارج مضيق هرمز، ما يمنحها ميزة نسبية في ظل الأزمات. ومع ذلك، فإنَّ اعتماد السلطنة على أشقائها بدول المجلس وسوق التصدير الخليجي يجعلها غير محصنة بالكامل.
وتكشف أرقام عام 2023 أنّ إجمالي صادرات دول المجلس من النفط الخام تجاوز 17 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثّل نحو 40 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحرًا وتُحافظ السلطنة وحدها على معدل يتراوح بين 800 و900 ألف برميل يوميًا، يتجه ثمانون في المائة منه إلى الأسواق الآسيوية الكبرى وتحديدًا الصين والهند واليابان. أمّا في سوق الغاز الطبيعي المسال، فتتصدر دولة قطر المشهد بطاقة قدرها 82 مليون طن سنويًا، بينما ترفد عُمان السوق الإقليمية والعالمية بـ11 مليون طن من محطة قلهات بولاية صور. وعلى الجانب المقابل، ما زالت دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تستورد جزءًا معتبرًا من المنتجات المكررة، كما تعتمد دولة الإمارات والبحرين والكويت على واردات الغاز لسد فجوات توليد الكهرباء في ذروة الصيف، وأي توقف مفاجئ لحركة الناقلات أو استهداف للبنى التحتية الساحلية سيعني عجزًا مباشرًا في تشغيل محطات الكهرباء والصناعات البتروكيماوية وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والمنتجات الاستهلاكية.
ولا تقتصر المخاطر على المعادلة الاقتصادية؛ إذ إنَّ بحر عُمان والخليج العربي بحران شبه مغلقيْن تدور فيهما التيارات المائية ببطء؛ ما يجعل أي تسرب نفطي أو تلوث كارثي طويل الأمد من خلال احتمالات استهداف السفن أو تلغيم الممرات وغيرها، يزداد خطر الانسكابات الواسعة التي قد تُدمِّر الشعاب المرجانية بالمنطقة، وتشوّه السواحل التي تعيش عليها آلاف من العائلات العاملة في مجال الصيد، وتُعطِّل محطات التحلية التي تؤمِّن أكثر من نصف مياه الشرب في دول مجلس التعاون.
هل نقف عاجزين أمام هذه السيناريوهات المعقدة؟
تبرز الحاجة إلى حزمة استثمارات وحلول لوجستية متكاملة لا تقوم على ردّ الفعل؛ بل على بناء مناعة مسبقة لدول مجلس التعاون تقودها سلطنة عُمان. فمن الناحية اللوجستية، يُعد تسريع تطوير الموانئ العُمانية، وفي مقدمتها الدقم وصحار وصلالة، وربطها المباشر بخط السكك الحديدية الخليجي المرتقب، وهي خطوة أساسية لإنشاء ممر بديل لا يمُر عبر هرمز. ويكمن عنصر الأمان الحقيقي في إنشاء مرافق تخزين استراتيجية على سواحل السلطنة وخارج دول المجلس تتسع احتياطيًا بما يكفي لنحو 90 إلى 180 يومًا من النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز المسال، بحيث تواصل مصافي المنطقة ومولدات الكهرباء عملها حتى في أسوأ السيناريوهات. كما إن توسيع نطاق التجارة المباشرة مع أسواق شرق إفريقيا وجنوب آسيا عبر خطوط ملاحية تنطلق من بحر العرب، سيُخفِّض الاعتماد على عمليات إعادة الشحن داخل دول المجلس، ويُقلِّص زمن الرحلات وكلفة التأمين حين يشتد التوتر.
في المقابل، يتطلب اتقاء التلوث البحري من خلال تأسيس مركز إقليمي للاستجابة السريعة، وهنا نُرشِّح جنوب سلطنة عُمان (ظفار)، وأن يكون هذا المركز مجهزًا بسفن مكافحة التسرُّبات وحواجز عائمة وطائرات مُسيَّرة للمسح اللحظي. وينبغي إلزام جميع الناقلات المارة بمياه المنطقة باستخدام بَدَنٍ مزدوجٍ ومعدات سلامة مُعزَّزة، مع تكثيف عمليات التفتيش في الموانئ للتثبُّت من جاهزية الناقلات القديمة. ولأن الوقاية تبدأ من السماء، فإن استثمارًا خليجيًا مُشتركًا في أقمار صناعية صغيرة مخصصة لرصد بقع النفط والتلوث البحري وتتبُّع عمليات التفريغ غير القانونية، من شأنه أن يمنح السلطات القُدرة على التدخل خلال ساعات لا أيام. وفي حال وصول التلوث إلى السواحل، يجب أن تمتلك محطات تحلية المياه خططًا للطوارئ تُتيح سحب المياه المُلوَّثة من مساراتٍ أبعد في البحر وتفعيل أنظمة ترشيح متقدمة، وإلّا تعرَّضت مدنٌ كاملة لخطر نقص وشُح مياه الشرب في المنطقة.
يبقى الجانب السياسي والأمني هو الضابط النهائي لهذا المشهد؛ إذ لا يُمكن لأي خطة وطنية أن تصمُد دون تنسيق إقليمي ودولي. ومن هنا تبرُز أهمية إنشاء فريق اتصال بحري مُوَحَّد يضم سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون مع منظمات دولية مثل المنظمة البحرية الدولية، إضافة إلى القوى البحرية الرئيسة الحاضرة في المنطقة كالولايات المتحدة والهند والصين. ويُفترض أن يفضي هذا الفريق إلى صياغة ما نسميه «بروتوكول هُرمز للأمان البحري» بما يضمن تحديد مسارات إبحار مُنفصلة ويربط السفن التجارية بنظام إنذار مُبكِّر يستند إلى بيانات الأقمار الصناعية والرادارات الساحلية. وفي الجبهة المالية، يستطيع صندوق استثمار خليجي مشترك في خدمة التأمين وإعادة التأمين البحري أن يخفف من قفزات أقساط التأمين على الناقلات، ما يحد من انتقال تكلفة المخاطر الأمنية مباشرة إلى أسعار المستهلك النهائي.
إنَّ الأزمات، مهما بدت قاتمة، تحمل بذور الفرص؛ فموقع سلطنة عُمان قد يتحول من مجرد ميزة جغرافية إلى صمام أمان حقيقي لإمدادات الطاقة والماء والغذاء والدواء للخليج العربي، إذا ما اقترن بالاستثمار في المخازن الاستراتيجية، وامتلاك موانئ عملاقة عميقة الكاسر، وشبكات نقل داخلية حديثة وسكك الحديد، وحلول رقمية قائمة على الذكاء الاصطناعي لضبط سلاسل الإمداد. ومع تبنِّي استراتيجية وبروتوكولات استباقية، تجمع بين التحول اللوجستي والحماية البيئية والتنسيق الأمني، تستطيع دول مجلس التعاون أن تبني مناعةً تُمكِّنها من امتصاص الصدمات والأزمات في المستقبل، وتضمن استقرارها الاقتصادي والصناعي، وتُؤمِّن بيئتها البحرية لأجيال قادمة.
** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد