لجريدة عمان:
2025-06-17@21:13:36 GMT

هل يمضي الزمن في خط مستقيم أم دائرة مغلقة ؟

تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT

«الآخر الذي يختلف تمامًا عن جميع الكيانات هو ما لا كيان له، أو العدم، لكن هذا العدم هو وجود على نحوٍ أساسي».

هذا هو المذهب الذي، كما أراه، يدين به الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر، والذي جاء نصًّا في كتابه: (الوجود والزمن - Being and Time)، حيث يرى هايدغر أن الزمن ليس مجرد تسلسل للأحداث وحسب، بل إنه يمثل البعد الذي تتجلّى فيه فكرة الوجودية.

في الحقيقة، وفي مرحلة يطيب لي أن أطلق عليها شخصيًّا وصف مرحلة ما قبل النضج الفكري، كثيرًا ما تساءلتُ عن معنى وجود الإنسان، إذا ما هو سائرٌ نحو الموت والعدم، وإذا ما افترضنا أنه يمشي في سياقٍ دائري كشيء لم يكن كيانًا يومًا! في تذبذب لا يهدأ، بين ماضٍ راسخ كالجبل المكين، وحاضرٍ يتلاشى ما إن يدركه، وبين مستقبلٍ مبهم يقف أمامه متكهّنًا، ولا حقيقة تعادله إلا النهاية المُحتمة التي لا يملك إلا أن تترقّبها سريرته.

من هنا، تنطلق فكرة العلاقة بين الإنسان والزمان، كما أشار إليها سارتر، عندما قال: الوجود يسبق الجوهر.

في الفكر المتصوّف الإسلامي، يبدو الزمن حاجبًا يفصل الإنسان عن حقيقته المطلقة. فقيل: إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، فالزمن هنا يسير في وتيرةٍ دائريةٍ مغلقة، ولا ينفرد على خطٍّ مستقيم يسير بالإنسان ما بلغ به مسيره. فنجد المشاهد تتكرّر في دوائر الزمن، وتتناسل الأحداث والمواقف. كلٌّ يتبع الكلّ، وجزءٌ يولد من الكلّ، ما يدفع بالسالك إلى السعي الواهم لكسر هذه الدائرة، والوصول إلى لحظة الآن الأبدية، حيث البقاء للحقيقة.

قرأتُ منذ مدة مقالًا في مدوّنة بقلم روبير شعيب، كان يستشهد بأقوال البابا يوحنا بولس الثاني، جاء فيه مقتبسًا من كتاب الإيمان والعقل - Fides et Ratio، أن «الوحي الإلهي يندرج في الزمان وفي التاريخ»، مذكّرًا أن تجسّد يسوع المسيح صار «في ملء الزمان». ويؤكد البابا على أنه، على مسافة ألفي سنة من هذا الحدث، «أشعر بحاجةٍ للعودة إلى التأكيد بقوةٍ أن الزمن في المسيحية له أهمية أساسية، ففي الزمن يظهر كل عمل الخلق والخلاص، ويتجلّى لنا خصوصًا أننا، بواسطة تجسّد ابن الله، نعيش ونستبق، منذ الآن، ما سوف يكون كمال الزمان».

يقول القديس أوغسطين: «إذا لم يسألن أحد عن الزمن، فأنا أعلم ما هو؛ ولكن إذا سألني أحد عن ماهيّته، فلا علم لي!»

يبدو أن الزمن كذبة لطيفة، لا نعترف بوجوده كيانًا ملموسًا، لكنه ضرورة حسّية ملحّة نحتاجها لنمنح حياتنا، وهذا العُمر الذي نستهلكه معنًى.

وعودة إلى هايدغر، الذي يرى أن الزمان شعور أكثر منه حساب! لأنه نقطة مفصلية بين ما كان وما سيكون. فاللحظة الحقيقية لا تُعاش إلا حين تتلاشى، وعند هذا الحدّ فقط، يمكننا القول بأنها عبرت، وأصبحت ضمن ثوابت الماضي.

آية السيابي كاتبة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران

القدس المحتلة – تعيش إسرائيل واحدة من أكثر اللحظات توترا منذ تأسيسها عام 1948 بعد نكبة الشعب الفلسطيني، مع تصعيد عسكري غير مسبوق ضد إيران، قابله هجوم صاروخي إيراني مضاد، مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ خطوة دراماتيكية تمثلت في الإغلاق الكامل لمجالها الجوي ومطار بن غوريون، وفرض قيود شديدة على الحركة الجوية والبرية.

هذا القرار لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة أشهر من التخطيط السري والمكثف، كما كشفت تقارير إسرائيلية في مقدمتها تقرير لصحيفة "غلوبس"، التي أزاحت الستار عن عملية "الدرع الجوي" التي نفذت قبل دقائق فقط من انطلاق الهجوم الإسرائيلي.

في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الإسرائيلية تغير على العمق الإيراني، كانت آلاف الطائرات المدنية تغادر مطار بن غوريون وسط تعتيم إعلامي صارم، وبإشراف أمني مباشر، خشية أن يصبح المطار هدفا لصواريخ إيرانية طويلة المدى أو طائرات مسيرة.

مع تنفيذ الإغلاق، تم إجلاء نحو 10 آلاف مسافر من المطار، وأُخليت الطائرات الإسرائيلية من المدارج، ونقلت إلى مطارات في أوروبا تحسبا لأي هجوم صاروخي مباشر قد يطال البنية التحتية الجوية في إسرائيل.

ورغم أن القرار الأمني اعتبر "ناجحا" من وجهة نظر السلطات الرسمية، فإنه كشف عن هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وأطلق موجة من القلق والتساؤلات بين الإسرائيليين في الداخل والخارج، لا سيما أولئك العالقين في الخارج بعد إغلاق الحدود بشكل مفاجئ.

مع استمرار الصواريخ الإيرانية.. مطار بن غوريون مهجور بالكامل بعد توقف حركة الطيران في إسرائيل pic.twitter.com/AM8wjpyoSI

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 16, 2025

خطة "العودة الآمنة"

مع توقف حركة الطيران بالكامل، وجد أكثر من 150 ألف إسرائيلي أنفسهم عالقين في وجهات مختلفة حول العالم، من بانكوك إلى نيويورك، دون قدرة على العودة ووسط ارتباك في المعلومات وشحّ في الحلول.

إعلان

في مواجهة هذا الواقع، أعلنت وزيرة المواصلات ميري ريغيف، بالتعاون مع وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، عن إطلاق خطة طوارئ تحت عنوان "العودة الآمنة" لإعادة الإسرائيليين العالقين في الخارج عبر رحلات خاصة من وجهات رئيسية كأثينا، ولارنكا، وبانكوك، وروما، ونيويورك.

ورغم الترحيب بهذه الخطوة، فإن الخطة لا تزال محدودة، إذ تنص على السماح بهبوط رحلتين فقط في الساعة، وفي ساعات النهار فقط، مع إغلاق مستمر أمام الإسرائيليين للسفر إلى الخارج.

وقالت ريغيف بلهجة حازمة "لن نسمح بخروج الإسرائيليين في هذه المرحلة، والأولوية هي لإعادة المواطنين من الخارج فقط.. لسنا في وضع يسمح لنا بالمجازفة بحياة 300 راكب على متن طائرة واحدة قد تستهدف"، بحسب ما نقلت عنها القناة 13 الإسرائيلية.

تحوّلت المرافئ الإسرائيلية إلى نقاط مغادرة لرحلات بحرية خاصة تقل أفرادًا وعائلات إلى قبرص (صحافة إسرائيلية) طرق بديلة للفرار

في ظل تعقيدات الأجواء، بدأ عدد من الإسرائيليين البحث عن طرق بديلة. فقد تحولت موانئ مثل مارينا هرتسليا إلى نقاط انطلاق بحرية، شهدت ازدحاما غير مألوف لعائلات تجرّ حقائبها بحثًا عن وسيلة للخروج إلى قبرص. وقال بعضهم لصحيفة هآرتس إنهم "هربوا من الصواريخ"، في مشهد يذكر بأزمنة الطوارئ والحروب الوجودية.

وبحسب هآرتس، فإن شركة "مانو كروز" استجابت للدعوات، وحصلت على إعفاء خاص من أوامر قيادة الجبهة الداخلية، لتبدأ بتسيير رحلات بحرية لنقل الإسرائيليين من قبرص إلى البلاد، في حين لا تزال وزارة المواصلات تدرس استخدام سفن إنزال عسكرية لنقل مواطنين، رغم التعقيدات التشغيلية.

كإجراء احترازي مواز، أغلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية عددا من سفاراتها في الخارج وعلقت الخدمات القنصلية، في إشارة إلى تقديرات بأن المواجهة مع إيران قد تطول، وأن المصالح الإسرائيلية حول العالم قد تصبح أهدافا.

صالة الوصول في مطار بن غوريون خالية بسبب غلق الأجواء وغياب جدول زمني لإعادة فتحها (غيتي) هشاشة الجبهة الداخلية

القلق لا يتوقف عند حدود التنقل، تقول نوعا ليمونا مراسلة صحيفة هآترس، فالتقديرات الاستخباراتية التي تدفع باتجاه الإغلاق الكامل تعبر عن خشية حقيقية من استهداف رموز السيادة الوطنية، وعلى رأسها المطار، مما يثير مخاوف متنامية من أن تتحول هذه الأزمة إلى لحظة فارقة تدفع عشرات آلاف الإسرائيليين للتفكير في الهجرة الجماعية، خاصة أصحاب الجنسيات المزدوجة.

وبينما تؤكد الحكومة الإسرائيلية أن الإغلاق مؤقت ومرتبط بالحالة الأمنية، تضيف الصحفية الإسرائيلية "إلا أن غياب جدول زمني لإعادة فتح الأجواء، والمشهد الكئيب لمطار بن غوريون الخالي من الطائرات، يتركان انطباعا بأن الوضع قابل للتصعيد أكثر من الانفراج".

وأوضحت أن ما يجري ليس مجرد قرار فني بإغلاق مطار، بل هو تعبير عن أزمة وطنية تتجاوز الأمن العسكري إلى الأمن النفسي والسياسي، وتظهر حجم هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية حين توضع تحت ضغط التهديدات الإقليمية.

ولفتت إلى أن الإجلاء الجاري، سواء عبر الجو أو البحر، لم يعد مجرد عملية إنقاذ تقني، بل هو مؤشر على اضطراب واسع في بنية الأمن القومي، وربما يعيد تشكيل العلاقة بين الدولة ومواطنيها في الداخل والخارج في زمن الحرب.

 

في حدث تاريخي غير مسبوق، المرة الأولى التي يغلق فيها مطار بن غوريون حتى إشعار آخر، ونقل كامل الأسطول الجوي لشركة العال الإسرائيلية إلى لارنكا وأثينا.. تفاصيل الخسائر الاقتصادية عبر الشاشة التفاعلية مع صهيب العصا#الأخبار pic.twitter.com/GJc8DtNEp4

— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 14, 2025

إعلان المواطن رهينة حرب

"الدولة سلبت مواطنيها حق الفرار"، تحت هذا العنوان، كتب أمير زيف نائب رئيس تحرير صحيفة "كالكليست" مقالًا ينتقد فيه قرار السلطات الإسرائيلية إغلاق مطار بن غوريون والمعابر الجوية، بالتزامن مع بدء الهجوم الإسرائيلي على طهران.

فجأة، ومن دون سابق إنذار، يقول زيف، "فقد الإسرائيليون حقهم الطبيعي في مغادرة البلاد". لا فرصة للتفكير أو القرار، فقط إغلاق تام للسماء، دون استثناءات أو جدول زمني للفتح. حتى البحر لم يعد خيارا، إلا لمن يملك يختا ويأخذ إذنا مسبقا.

رغم أن إسرائيل حافظت على عمل مطارها خلال حروب سابقة، بما فيها يوم الغفران وحرب الخليج، يضيف زيف، "فإنها في هذه المرة أغلقت الأفق تماما، وكأن لا حق للناس في الهروب أو البحث عن الأمان". لا حاجة لتجنيد جماعي، ولا قتال بري، ومع ذلك طُلب من المواطنين البقاء في المنازل، وكأنهم جنود دون أمر تجنيد.

فشل في حرب البقاء

وأوضح أن إسرائيل حولت مواطنيها المدنيين إلى أدوات صامتة في آلة الحرب. "عليهم البقاء أحياء فقط، بينما تسقط الصواريخ الثقيلة وتهدم الأحياء، ويطلب منهم الصبر والشكر على التحذير من الهجمات الصاروخية الإيرانية".

وأشار إلى أن الحياة اليومية شلت، والمواصلات شبه متوقفة، والمدارس مغلقة، والعيادات خالية، والرعاية الأساسية غائبة. لا خطة واضحة، ولا استجابة مدنية حقيقية. قائلا "وكأن الدولة استسلمت لفكرة أن الكابوس هو الوضع الطبيعي".

وختم "نعيش فقدانا مزدوجا، لا فرار من الحرب، ولا حياة طبيعية تحتها. الحكومة تطلب الطاعة والخوف دون توضيح أو أفق. حرية التنقل والسفر والاعتراض الرمزي على واقع الحرب سلبت بهدوء. حتى لو سميت حرب بقاء، فتاريخ إسرائيل مليء بسيناريوهات فاشلة، بعضها من توقيع بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، نفسه".

مقالات مشابهة

  • سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران
  • مسؤول أممي: الأمم المتحدة تسابق الزمن لإنقاذ النظام الصحي في غزة من الانهيار
  • السيب يسابق الزمن للتأهب لموقعة ملحق دوري أبطال آسيا 2
  • موجة جديدة من الصواريخ الايرانية تدك كيان العدو
  • عاوز يمضي للزمالك .. مفاجأة مثيرة عن عمرو السولية
  • سماء مغلقة وتأشيرات مرفوضة.. عراقيون عالقون في جورجيا  يطالبون الحكومة بإعادتهم (صور)
  • مجلس الأمن يعقد جلسة مشاورات مغلقة لمناقشة انعدام الأمن الغذائي في غزة
  • كشتة من الزمن الجميل
  • إعقلوا ..الأردن ليس دولة مارقة ولا كيان هش!