الأعراس بين الأمس واليوم / منى قاسم
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
#الأعراس بين #الأمس و #اليوم
#منى_قاسم
الاحتفال بالأعراس عادة عربية متوارثة , وسنّة إسلامية متّبعة , جاءت تعبيرا عن الفرح بأهمّ مستلزمات استمرار الحياة على هذا الكوكب والتي لا تكون إلاّ بالتقاء آدم وحوّاء بميثاق غليظ قائم على المودّة والرحمة لتكوين أسرة بها تستمرّ الحياة , والاطمئنان النفسي لكلّ منهما علاوة على ما يؤديه هذا الارتباط المقدس من بناء علاقات اجتماعية بين الأسر المتصاهرة , فكان الأمر الطبيعي أن يقابل هذا الحدث بالفرح والسرور من صاحبيه وأهليهما ومن يمتّ لهما بصلة المودّة والمحبة , وأن يتمّ التعبير عن هذا الفرح بما يسرّ الناس ويجعلهم يشتركون بالفرح والسرور , فكان الاجتماع والغناء , وإطعام الطعام .
كانت الأعراس في الماضي تمثّل أفراحا فعلية تجلب السرور للجميع بدون تكلّف أو مظاهر بذخ أو إزعاج إذ يتعاون الجميع وخاصّة المقتدرين على توفير ما يلزم هذا الاحتفال , ويشارك الجميع بسرور في هذا الحفل بعفوية لا تكلّف فيها , ولا تصنّع فيفرح الأطفال بما ينالونه مما يشتهون , وبما يسمح لهم من لعب , وتغنّي النساء وتختلط زغاريدهن بما يحتفل به الرجال بما اعتادوا عليه من غناء وسباق خيل ومباراة في رماية الأهداف , فيشعر الجميع بطعم السرور الماتع , وينتظرون مثل هذه المناسبة بشوق شديد .
احتفال بسيط لكنّه مهيب إذ يعمّ الفرح والسرور النفوس جميعا فتجد الوجوه تطفح بالبشر وتتقارب القلوب , وتفيض مودّة ومحبة مع دروس تربوية في الأخلاق بما يكون من الأغاني والقصائد التي تمتدح البطولة وأهلها تخرج من قلوب تؤمن بما تقول , وألسنة اعتادت الصدق فتقع في أذان صاغية , وعقول واعية , فتشتعل لها مشاعر العزة والكرامة والفضيلة فيتنافس الناس على الفضيلة رغبة في نيل الاستحسان , وإعجاب الحسان , وسعيا للارتفاع بالسلّم الاجتماعي الذي ما كان ليسمح لأحد بالارتقاء إلا بما يبذله من جليل الأعمال , وكريم الأخلاق فتأتي المشاركة في مثل هذه المناسبات بدوافع الفرح بها والشوق إليها لأنّها فعلا مما يجلب السرور ويريح القلوب , ويدخل البهجة على النفوس , فلا إزعاج ولا تكلف ولا إسراف ولا خدش حياء .
ثمّ جالت الحياة جولة فتغيرت الجواهر والمعالم ولم يبق إلاّ أشكال زائفة فارغة من المضمون فأصبح الناس يرون مظاهر الفرح بدون فرح , والمشاركة لا تعدو أن تكون واجبا بما تلقيه كلمة الواجب من ظلال لا تخفى , وتكاليف لا مبرر لها , واستعراض كاذب أقلّ ما يقال فيها أنّها تكسر ظهر الأسرة الجديدة , كما تكسر قلوب الفقراء ومتوسطي الحال , فيكون الحفل مأتما باطنا يلبس لباس فرح زائف بما يظهر من أصوات غناء نشاز , وموسيقى صارخة على مكبرات الصوت المرعبة المزعجة , وتفجيرات تصمّ الأذان , وتخلق الرعب , وتستنزف المال وتلوث البيئة , ويختتم الحفل بالإسراف في تقديم الطعام الذي تذهب ثلاثة أرباعه للحاويات !!
إنّ ما يجري الآن يستوجب إعادة النظر لأنّ مثل هذه الأفراح لم تعد أفراحا , ولكنّها أصبحت أعباء على الجميع , فلا الظروف الاقتصادية تسمح بمثل هذا البذخ , ولا الظروف الاجتماعية تسمح بمثل هذه الأعباء , ولا الظروف النفسية تتقبّل مثل هذا الاستهتار , ولأنّ الناس تبع لكبرائهم في مثل هذه الأمور فالواجب على الكبار أن يكونوا قدوة للمجتمع في ذلك , فلم يعدّ مقبولا أن نعيش حياة الفقراء , ونحتفل احتفالات مترفي الأمراء . مقالات ذات صلة متقاعدو الضمان وجمعيتهم 2024/08/12
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الأمس اليوم مثل هذه
إقرأ أيضاً:
ماكرون أمام البرلمان البريطاني: حرب غزة بلا هدف استراتيجي وتهدد أمن الجميع
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مشددًا على ضرورة العمل المشترك من أجل التمهيد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك خلال زيارة دولة رسمية إلى المملكة المتحدة تستمر ثلاثة أيام. اعلان
وفي كلمة ألقاها أمام البرلمان البريطاني بحضور رئيس الوزراء كير ستارمر، وصف ماكرون الصراع الجاري في غزة بأنه "حرب بلا نهاية وبدون هدف استراتيجي"، محذرًا من تداعياته الأمنية على المنطقة والعالم.
وقال الرئيس الفرنسي: "سنواصل النضال حتى اللحظة الأخيرة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، ومن ثم إطلاق مفاوضات تفضي إلى سلام مستدام"، مضيفًا أن "وقف إطلاق النار في غزة مسألة ملحّة، والإفراج عن جميع الرهائن مطلب مشترك وعاجل".
Relatedحظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال في فرنسا: ما هي العقبات التي تواجه ماكرون؟ترامب مهاجمًا ماكرون: ذلك الباحث عن الشهرة غالبًا ما يفهم الأمور بشكل خاطئفي أول محادثة منذ 2022.. ماكرون وبوتين يبحثان "النووي الإيراني" وسبل إنهاء الحرب في أوكرانياوأكد الرئيس الفرنسي إيمانه بحل الدولتين كأساس لتحقيق الأمن الإقليمي، قائلاً: "أؤمن بأن الحل السياسي ضروري، وأن حل الدولتين هو الأساس لبنية أمنية تتيح لإسرائيل العيش بسلام وأمان إلى جانب جيرانها"، داعيًا إلى "العمل معًا من أجل الاعتراف بدولة فلسطين".
واختتم ماكرون كلمته بالتأكيد على أن "بناء هذا الزخم السياسي هو الطريق الوحيد نحو السلام"، وسط تصفيق حار من الحضور في قصر وستمنستر.
وتأتي تصريحات ماكرون بعد أسابيع من فشل مبادرة فرنسية-سعودية مشتركة لعقد مؤتمر أممي في نيويورك بهدف إحياء جهود حل الدولتين، وذلك عقب الحملة الجوية الإسرائيلية التي استمرت 12 يومًا واستهدفت منشآت نووية وعسكرية داخل إيران.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة