جلال برجس: الرواية الحقيقية تذهب إلى العتمة لتضيئها ولا تمتدح البهجة أو الفرح الزائف
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
حوار ـ فيصل بن سعيد العلوي -
خرج من فضاء الميكانيكا العسكرية ليحلق في فضاء اللغة والسرد... حاملا في داخله ذلك التوتر الخفي بين الواقع والخيال، بين المهنة والكتابة وبين الطفولة في القرية والوعي في المدينة.... حديثه لا يذهب نحو الزخارف اللفظية بل نحو الجوهر، نحو الأسئلة التي لا تكف عن توليد أسئلة أخرى، فهو يرى الكتابة فعلا للبحث لا للأجوبة، ومسارا للتشافي لا للزينة، ويؤمن أن الكاتب يولد من جرح لا يعرف متى انفتح ولا كيف تشكل، لكنه يظل يعيد اكتشافه عبر كل رواية.
ولدت في بيئة بسيطة وبدأت من مجال بعيد عن الأدب هو هندسة الطيران، كيف تحول المسار من الميكانيكي إلى الجمالي؟ وما الذي بقي من الطيران في خيال الكاتب؟
المسألة بالنسبة لي كانت مسألة مهنة في المقام الأول، فقد عملت في قطاع هندسة الطيران في سلاح الجو الملكي الأردني لمدة ثماني عشرة سنة، وكانت مرحلة مهنية وعسكرية تحكمها القوانين التي كانت تمنع النشر وممارسة الكتابة، لذلك لم يكن متاحا لي أن أنشر أو أكتب علنا، ومع عام 2007 غادرت هذه المهنة وبدأت مرحلة جديدة فتحت لي المجال لممارسة نشاطي الثقافي، ثم انتقلت إلى عمل قريب من مجالي السابق لكنه لا يشبهه تماما، ومع هذا الانتقال بدأت اكتشف الجانب الجمالي الذي كنت أحمله منذ الطفولة، فقد نشأت في قرية ما زالت تمثل بالنسبة لي الأصل الجمالي الذي انطلقت منه، البيئة التي تحدث عنها غاستون باشلار في مفهومه عن المكان العش والمكان الحميمي والمكان المرتبط بأحلام اليقظة والخيالات الأولى للإنسان، كانت القرية بالنسبة لي فضاء بكرا يمتلئ بالمشاهد البصرية اليومية منذ الصباح حتى المساء، وهذا ما جعلها تمدني بتلك الرؤية الجمالية التي ترافقني حتى الآن، ومع الزمن انتقلت من القرية إلى البلدة ثم إلى المدينة، فبدأ يتغير السياق الإنساني من دفء القرية إلى برودة المدينة، ولم يتبق من المكان الأول سوى الصورة الراسخة في الذاكرة، أما العلاقة بين الميكانيكي والجمالي فلم يحدث فيها تقاطع، فقد كنت أفصل تماما بين عملي في النهار كموظف يعتمد على القوانين الفيزيائية والهندسية، وبين حياتي بعد الخامسة مساء حين أعود إلى نفسي ككاتب، كنت أقول دائما أنني موظف في النهار وكاتب في المساء، فالكاتب داخلي كان موجودا طوال الوقت يراقب ويرصد ويقارب ويتابع، لكنه لا ينطق إلا في لحظة العزلة، لحظة الجلوس إلى الطاولة التي يبدأ عندها الكلام السردي.
كثيرا ما تبدو الكتابة في تجربتك محاولة للنجاة من واقع ضاغط هل الكتابة عندك شكل من أشكال العلاج أم فعل مقاومة ضد هشاشة العالم؟
أنا أؤمن أن الكاتب أي كاتب هو نتاج جرح في الوجدان ولا أحد يعرف متى حدث هذا الجرح أو كيف تشكل، لكن ما يمكن قوله إن كل ما يكتبه الكاتب وكل ما ينجزه عبر مساره الحياتي هو في جوهره محاولة لترميم ذلك الجرح، هذا الجرح قد يكون ذاتيا أو موضوعيا وقد يتخذ أكثر من شكل، والكتابة بالنسبة لي هي محاولة لتجاوز هذا الألم ومحاولة للتشافي، ومن هذا المنطلق يظهر سؤال طبيعي لماذا ننشر إذا كانت الكتابة فعلا ذاتيا؟ والجواب أن الأزمات تتشابه، ولهذا السبب يتمسك كثير من القراء بنوع معين من الكتب أو الروايات، لأن القارئ يجد أزمته في هذا النص ويجد نفسه في شخصية ما، وربما يجد ما يفكر به أو ما لم يستطع قوله في كلمات النص السردي، ولذلك يمكن القول إن الكتابة بالنسبة لي فعل تشاف وتجاوز للمرحلة، بعيدا عن فكرة طرح الحلول، فالكاتب وتحديدا كاتب الرواية لا يقدم حلولا، بل يطرح أسئلة فقط، لا أكثر ولا أقل.
في «دفاتر الوراق» جعلت من البطل كاتبا يختبئ في ظلال الكتب ليواجه واقعه، إلى أي مدى تمثل هذه الشخصية مرآة لذاتك الكاتبة؟
أنا أؤمن ولا أتوانى عن القول إن كل روائي موجود في نصه بدرجة ما، لكن الروائي الذكي هو من يتقن فن الاختباء، ليس بالضرورة أن يكون الكاتب هو الشخصية الرئيسية، ربما يكون حاضرا في ظلال العمل، في نسيجه العام، في شخصية هامشية أو ثانوية، أو في تفصيلة صغيرة لا ينتبه إليها أحد، أنا لست إبراهيم الوراق ولا أختبئ وراء هذه الشخصية، لكني أشعر أني موجود في ظلال العمل، لأن الرواية في النهاية نتاج خبرة حياتية، وأنت عندما تكتب تستنطق الشخصيات بما تؤمن به أنت، غير أن هذا لا يتعارض مع إيماني بضرورة الابتعاد عن ديكتاتورية الروائي داخل نصه، ومنح الشخصيات حرية التعبير عن ذواتها كي تتحقق ديمقراطية السرد، أنا لا أفرض كل أفكاري على شخصياتي، لكن من الطبيعي أن تتسرب قناعاتي وميولاتي من خلال شخصية ما، ومع ذلك أحرص على أن أظهر الوجه الآخر لكل شخصية، فحين تتناول شخصية مجرم على سبيل المثال، عليك أن تكشف جانبه اللين، إذ لا يوجد كائن مجرم بشكل مطلق، وهنا تكمن أهمية بناء الشخصية ذات الأبعاد الثلاثة، وهو ما أسعى إليه في معظم رواياتي.
تتنقل أعمالك بين الواقعي والمتخيل، بين السيرة والتاريخ، كيف تضبط المسافة بين الوثيقة والخيال حتى لا تتحول الرواية إلى تقرير أو إلى حلم هائم؟
أنا في كل رواياتي أذهب إلى الواقع بأدوات الخيال، لأن نقل الواقع كما هو يجعل الكاتب مجرد كاميرا تنقل ما تراه دون إضاءة أو روح، بينما الكتابة في جوهرها خروج على الواقع، تعبير عن عدم الرضا، سواء عن الذات أو عن العالم المحيط، لذلك لا أميل إلى التسجيلية ولا إلى الحلمية المنفلتة، بل أحاول دائما أن أجد توازنا دقيقا بين الواقع والخيال، وبين التوثيق والتاريخ والتأريخ، وأنا اسمي هذا التوازن الميزان الروائي، وهو ما يحدد قدرة الكاتب على وزن العناصر كلها مع بعضها البعض بحيث ينتج نصا يحدث الأثر المطلوب في القارئ، فالخيال عندي ليس هروبا من الواقع بل وسيلة لفهمه وتجاوزه، والواقع ليس مادة جامدة بل طاقة تستدعي التأمل وإعادة الصياغة، وهنا يكمن سر الرواية التي تنجح في الجمع بين الصدق الفني والحرارة الإنسانية.
تشتغل على الهامش أكثر من المتن في سردك وتمنح المهمشين صوتا مركزيا هل ترى أن الرواية العربية المعاصرة وجدت في الهامش خلاصها الجمالي؟
المسألة بالنسبة لي خلاصة جمالية تتعلق بالزاوية التي يمكن أن تذهب إليها الرواية، فالرواية كما أراها شمس، وعلى هذه الشمس أن تذهب إلى المناطق المعتمة والرطبة لتضيئها، وليس هناك رواية تمتدح البهجة أو الفرح في العالم السردي أو في العالم الواقعي، فالرواية دائما تذهب إلى العتمة لتكشفها وتعيد النظر فيها، وهذا يعني أن الكتابة ليست فعلا من الترف بل من الحاجة، ولهذا أرى أن جزءا كبيرا من الرواية العربية ينتصر للهامش، لأن الهامش في جوهره اكثر صدقا وحياة وامتلاء بالتفاصيل الإنسانية، فهناك تتكشف الأزمات الحقيقية وتظهر ملامح الصراع الداخلي والاجتماعي، والرواية التي تتجاهل الهامش تفقد جزءا من روحها، لذلك أميل دائما إلى الذهاب نحو تلك المناطق المنسية التي تحتاج من يضيئها لا من يمر عليها مرورا عابرا.
اللغة في رواياتك ليست وسيلة نقل .. كيف تنظر إلى علاقتك باللغة ككائن يكتبك بقدر ما تكتبه؟
اللغة عندي بطل حقيقي في الرواية، تماما كما هي الشخصيات والموضوع والحدث، فهي ليست مجرد ناقل لما يجري داخل النص، ولا وسيلة لحمل الأفكار أو المحاور المعرفية، بل هي في قناعتي الجوهر الذي يتشكل منه العالم الروائي، اللغة هي المعرفة ذاتها وهي الكائن الذي يمتلك القدرة على اختراق الظلمة، هي الصوت الحقيقي القادر على اجتياز العقبات وكشف المناطق الخفية من النفس والإنسان، ولذلك لا أتعامل مع اللغة كأداة بل كشريك في الخلق، فهي تكتبني بقدر ما أكتبها، وتوجه مسار السرد أحيانا بما تمتلكه من طاقة وإيقاع ووعي داخلي، ومن هنا أقول إن الرواية بلا لغة حية تصبح عملا خاويا، بينما اللغة التي تنبض بالحياة قادرة على أن تمنح النص روحه وأن تجعله قادرا على البقاء.
المكان في سردك من «مادبا» إلى «عمّان» ليس جغرافيا فحسب بل ذاكرة ووجدان كيف تتعامل مع المكان كعنصر كاشف للهوية وليس مجرد خلفية للأحداث؟
بطبيعة الحال علاقتي بعمان تشكلت في مرحلة مبكرة من الشباب، كنت أسمع عن العاصمة وما يجري فيها من حياة نابضة وصخب ثقافي فكان لدي شغف كبير برؤيتها، وحين زرتها للمرة الأولى برفقة والدي اكتشفت هذا العالم المختلف الذي أسرني منذ اللحظة الأولى، أكشاك الكتب على الأرصفة والمقاهي وحركة الناس في وسط البلد، تلك الصورة رسخت في ذاكرتي وأصبحت جزءا من تكويني، وأنا القادم من قرية كانت في ذلك الوقت تفقد ملامحها الريفية وتبدأ بالتصاقها بالمدينة، لذلك يمكن القول إنني جئت من جهتين ثقافيتين متمايزتين هما مزاج القرية ومزاج المدينة، ومن امتزاجهما تكونت رؤيتي للمكان وللكتابة معا، فأنا أرى المدينة بعين ابن القرية، ولكنني أفهمها جيدا وأفهم تقلباتها وتعقيدها الاجتماعي والثقافي والسياسي، المكان بالنسبة لي ليس مجرد إطار للأحداث بل كائن حي يتنفس ويؤثر في الشخصيات ويشكل وعيها، وهو أيضا مرآة للهوية التي تبقى واحدة سواء كنت في القرية أو في المدينة، لكنها تتجلى بطرق مختلفة بحسب طبيعة التجربة الإنسانية في كل فضاء.
قلت في أحد الحوارات «أنك تكتب لتتعافى من وجع الحياة»... هل يمكن أن تكتب يوما وأنت في حالة تصالح كامل مع ذاتك والعالم؟
نعم أكتب حتى في لحظات البهجة والسعادة، ولكن الكتابة في تلك الحالة تكون مختلفة، فهي لا تصدر عن الحاجة إلى التشافي بقدر ما هي امتداد للحظة الراهنة واحتفاء بها، حين اكون في حالة فرح تصبح الكتابة أشبه بإنشاد داخلي، لها إيقاع خاص وربما نغمة مغايرة لتلك التي تولد من الألم، لكنها في النهاية فعل وعي واستمرار للحياة، فالكتابة بالنسبة لي لا تنفصل عن الوجود الإنساني بكل تحولاته، هي سعي دائم نحو فضاءات اكثر بهاء، سواء جاءت من رحم الجرح أو من لحظة رضا نادرة، في الحالتين تبقى الكتابة طريقة للقول والنجاة وتأكيد الحضور.
الجوائز الكبرى مثل البوكر وكتارا منحتك حضورا عربيا واسعا لكنها ربما وضعتك في مواجهة توقعات متزايدة كيف تحافظ على صوتك الداخلي وسط ضجيج التتويج؟
الجوائز باختصار هي طريق إلى القراءة وتوسيع قاعدة القراء في العالم العربي، لكنها في الوقت نفسه وجه مزدوج، فحين يستغرق الكاتب كثيرا في ما تفرزه الجوائز من أضواء وشهرة ومقابلات إعلامية ودعوات، فإنه يرهق نصه ويخسر صفاء الكتابة، لأن لكل جائزة لعنتها، فهي تقيد الكاتب وتضعه في رهان دائم مع نفسه، يسعى فيه لإنجاز نص يوازي على الأقل النص الذي فاز واعجب القراء، وأنا اعتقد أن المسألة هنا تتعلق بالكاتب وبقدرته على الموازنة، لذلك لدي ما أسميه تكتيكا ثقافيا يجعلني أعود دائما إلى المنطقة الأولى التي انطلقت منها نحو الكتابة، تلك المنطقة البكر التي تشكلت في القرية، حيث الأحلام الأولى والرؤى والتصورات التي انبثقت منها رغبتي في الكتابة وإيماني بالكلمة، هذه المنطقة يجب أن تبقى نقية وأن لا تتشوه، فالتشوهات كثيرة، منها استسهال الكتابة بعد الفوز بجائزة أو الاعتقاد بان كل ما سيكتبه الكاتب بعد التتويج سيكون مقبولا، وهذا فخ كبير يقع فيه البعض، كذلك الارتهان لعمل سابق والتفكير المستمر في تجاوزه قد يقيد الإبداع، لذلك أرى أن النص الذي صدر وأصبح ملكا للقارئ يجب أن يتجاوزه الكاتب ويواصل، ليس إيمانا بفكرة موت المؤلف، فأنا لا أؤمن بها إطلاقا، بل لأن المؤلف حتى لو مات بيولوجيا يبقى حاضرا في نصه، ومن الخطأ الكبير فصل الكاتب عن نصه، ولهذا أسعى دائما إلى الحفاظ على تلك المنطقة الفطرية الأولى التي أؤمن أنها سر الاستمرار والصدق في الكتابة، وهي التي جعلت كثيرا من الكتاب الكبار يحافظون على مكانتهم في عقول وقلوب القراء.
هناك من يرى أن بعض الكتاب بعد نيلهم الجوائز لا يسعون لتجاوز ذواتهم إبداعيا بقدر ما يسعون لكتابة نصوص جديدة قد تقودهم إلى جوائز أخرى هل ترى في هذا السعي حافزا مشروعا أم فخا يهدد صدق التجربة الابداعية ويضع الكاتب في دائرة المقارنة؟
ربما يفكر بعض الكتاب بهذه الطريقة، لكن برأيي من يسعى وراء هذه الفكرة يكون قد وضع قدمه على الطريق الأول نحو الاندثار الثقافي، فالكاتب ليس آلة ميكانيكية تنتج رواية جيدة ثم أخرى أفضل ثم ثالثة أكثر تفوقا، الكتابة ليست سلما تصعده درجة بعد أخرى، بل هي فعل وجداني مرتبط برؤية الذات والكون، وكل عمل أدبي يولد من منطقة غامضة في داخل الكاتب لا يمكن قياسها بمعايير كمية، لذلك لا يمكن اختزال الكتابة في منطق التنافس أو في رؤية تجارية كما تفعل بعض دور النشر، التي تتعامل مع كل نص بوصفه سلعة يجب أن تتفوق على ما قبلها، أنا لا أؤمن بهذا المنطق أبدا، فحين يذكر ماركيز مثلا تذكر مائة عام من العزلة رغم أن له أعمالا أخرى بالغة التأثير، ومع ذلك لم يقس أحد أعماله اللاحقة بمستوى تلك الرواية، أنا أكتب وفقط، لا افكر إن كان هذا العمل يشبه الذي سبقه أو يفوقه أو يقل عنه، فلكل عمل قراؤه المختلفون الذين يتفاعلون معه بطريقة خاصة، قراء دفاتر الوراق ليسوا قراء المعزوفة ليوم السابع ولا قراء سيدات الحواس الخمس، فالرواية ليست ألبوما غنائيا يكرر اللحن والإيقاع نفسه، بل هي تجربة متجددة تتبع الوجدان لا السوق، والكاتب الحقيقي يظل يبحث عن صدقه الداخلي لا عن تجاوزه الشكلي.
بعد هذا المسار من «أفاعي النار» إلى «نشيج الدودوك» ما السؤال الذي ما زال يلاحقك ككاتب وتشعر أنك تكتب لتقترب منه دون أن تجيب عليه؟
الكتابة في جوهرها قائمة على الأسئلة، ولو انتفى السؤال لانتفت الكتابة نفسها، فأنا حين أكتب أحاول أن أجيب على تلك الأسئلة التي تعيش في داخلي، ومع كل رواية أعتقد أنني أقتربت من الإجابة، لكن ما يحدث هو العكس تماما، إذ تتوالد أسئلة جديدة تقود إلى أخرى، وهكذا تستمر الكتابة بوصفها بحثا متصلا عن نص اللؤلؤة، النص الذي يمكن أن يجيب عن كل شيء، النص الذي يقول الكاتب عبره كل ما في داخله فيرتاح ويتجاوز الحاجة إلى الكتابة، لكن هذا النص لا يأتي، لذلك أظل أكتب مدفوعا بما لم أقله بعد، وما زال السؤال الأكبر الذي يلاحقني هو سؤال الوجود، من أنا؟ وهل أقف في المكان المناسب على وجه هذه البسيطة؟ وهل هذا الوقوف حقيقي أم أن هناك مكانا آخر أكثر صدقا ينبغي أن أقف فيه؟ هذه الأسئلة هي التي تبقيني يقظا وتدفعني إلى الاستمرار في الكتابة، لأنها ببساطة لم تجد جوابها بعد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکتابة فی بالنسبة لی النص الذی بقدر ما
إقرأ أيضاً:
صحيفة: الرواية الإسرائيلية حول مقتل زعيم "القوات الشعبية" تثير تساؤلات
قالت صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الجمعة، إن حركة حماس فوجئت بأنباء مقتل ياسر أبو شباب، الذي أظهر نفسه زعيماً على مجموعات مسلحة تنتشر في مناطق شرق رفح، جنوب قطاع غزة ، من دون أن تصدر أي تعليق على الحدث قبل أن تؤكد قوات أبو شباب مقتله بعيار ناري، فيما بقيت الرواية الإسرائيلية حول الحدث تثير الكثير من التساؤلات في ظل نفيها القاطع من عدة جهات. فيما تعهد غسان الدهيني، المرجح تزعمه «القوات الشعبية، بمواصلة مقاومة حماس.
علاقة الحركة
ووفقاً لمصادر من حماس تحدثت للصحيفة، فإن الحركة لم يكن لها تدخُّل بالحدث، وأنها فوجئت به رغم أن لديها قراراً واضحاً بالتعامل بالقوة مع كل من يتعاون مع الاحتلال، ولديها قرار من أعلى المستويات بالتعامل بشكل خاص مع الحالات المسلحة التي تخدم إسرائيل، مثل جماعة أبو شباب وآخرين.
وحسب المصادر، فإن قيادة الحركة اتخذت قراراً بعدم التعقيب لحين اتضاح صورة عملية قتله، وبعد أن تم التأكد من الملابسات ومقتله، أصدرت بياناً حول الحادثة.
ولم تُخفِ المصادر أن الحركة كانت تأمل أن يُقتل أبو شباب على يد عناصرها ممن بقوا في أنفاق رفح طوال الفترة الماضية، لكنها لا تُخفي في الوقت ذاته أن عملية قتله سيكون لها تأثير كبير على مجرى اعتماد إسرائيل على مثل هذه المجموعات المسلحة، التي أثبتت فشلها في تحقيق أهداف الاحتلال بتحدي الحركة وقوتها داخل القطاع، أو فرض سيطرتها على مناطق شاسعة، وحتى في قدرتها على إحداث انشقاق فلسطيني.
وقالت حماس في تعقيبها على عملية قتل أبو شباب، إن مصيره كان حتمياً لكل من خان شعبه ووطنه، ورضي أن يكون أداة في يد الاحتلال، متهمةً إياه بالقيام بأفعال إجرامية مثلت خروجاً فاضحاً عن الصف الوطني والاجتماعي. مثمنةً موقف العائلات والقبائل والعشائر التي تبرأت من أبو شباب، وكل من تورط في التعاون مع الاحتلال.
وأضافت: الاحتلال الذي عجز عن حماية عملائه لن يستطيع حماية أيٍّ من أذنابه، وأن مصير كل من يعبث بأمن شعبه ويخدم عدوه هو السقوط في مزابل التاريخ، وفقدان أي احترام أو مكانة في مجتمعه.
رواية إسرائيل
وأكدت القوات الشعبية التي كان يتزعمها أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي بين أبناء عائلة أبو سنيمة، مشددةً على أنه لم يكن لحركة حماس أي علاقة بظروف قتله، واصفةً إياها بأنها "أضعف من أن تنال من القائد العام ورفاقه، وفق نص بيانها".
ولم تتطرق القوات الشعبية في بيانها للرواية الإسرائيلية التي أثارت استغراباً في أوساط الفلسطينيين حول مقتله، والتي تفيد بأنه تعرض للضرب والركل المبرح من قبل مرافقيه وحراسه الشخصيين على خلفية نزاع على المناصب والأموال، وكذلك بسبب تعاونه مع إسرائيل.
واعتبرت مصادر حماس هذه الرواية تخلياً واضحاً من قبل إسرائيل عن كل من يعمل لصالحها، وأنها تتعمد تشويه صورة أبو شباب وظروف قتله بما يخدم مصالحها التي تفضي حالياً إلى إنهاء وجود هذه الحالات المسلحة، التي رعتها وقدمت لها الدعم بعد أن أصبحت تفهم جيداً أنه لا قيمة لوجودها في التأثير على تواجد وقوة الحركة في قطاع غزة، وأن هذه المجموعات كانت عبئاً على الاحتلال لأنها لم تقدم المأمول منها وهو تحقيق انشقاق في أوساط الفلسطينيين والسيطرة على مناطق واسعة وهو ما فشلت به مجموعات أبو شباب وغيره.
وتقدر المصادر أن إسرائيل حالياً معنية بأن يتم إنهاء حالة أبو شباب وغيره، خاصةً في ظل الضغوط الأميركية المستمرة للانتقال للمرحلة الثانية، ما يعني تقليص مساحة سيطرة الاحتلال على القطاع، التي تتواجد بها تلك المجموعات، والتي كان يأمل الاحتلال أن تكون بمثابة الجهة التي ستحكم قطاع غزة.
ووفقاً لما ورد في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة، فإن مقتل أبو شباب الذي كان البعض يصوره على أنه "قوة صاعدة ستتحدى حكم حماس"، يظهر صورة أكثر إثارة للقلق في ظل التقارير الرسمية داخل إسرائيل عن حرب صامتة ووحشية تدور داخل جماعته المسلحة، معتبرةً قتله ليس مجرد خطوة عادية، بل بمثابة لحظة كشفت مدى تصدع الفكرة الإسرائيلية بتشكيل قوة محلية بديلة من الداخل لملء الفراغ الأمني المدني مكان حماس.
ورغم أن الصحيفة هي من سارعت لنقل الرواية الأمنية الإسرائيلية عن مقتله ضرباً بشكل مبرح، عاودت في تقريرها الإشارة إلى أنه قتل بالرصاص بعد شجار بين مجموعات أبو شباب المسلحة وبعض العائلات، قبل أن يتطور لخلافات داخلية أيضاً.
وقالت الصحيفة العبرية إن "أبو شباب في مقابلة سابقة معها تفاخر بأنه أصبح الرجل الأقوى في قطاع غزة، وكان يرى نفسه بديلاً لحماس، لكن هذا الرجل الذي اعتبر نفسه قائداً للثورة، قُضي عليه من قبل القوى التي ساهم في نموها، وتحطمت رؤيته لـ(غزة مختلفة) بالرصاصة التي وجهت إلى ظهره". وفق تعبيرها.
خليفة ضعيف
ورأت الصحيفة أن مقتل أبو شباب خلق فراغاً خطيراً، ولا يوجد حالياً كيان مستقر قادر على استبدال حماس في قيادة غزة، خاصةً أن الميليشيات الحالية منقسمة وغير منظمة، وأن غسان الدهيني نائب أبو شباب قد يتسلم الزعامة لكن منصبه غير مستقر تماماً.
وأصيب الدهيني بجروح طفيفة في ساقه خلال نفس الحدث ونقل إلى مستشفى برزيلاي في عسقلان لتلقي العلاج، كما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي. إلا أنه ظهر في مقطع فيديو صغير بث عبر شبكات التواصل الاجتماعي وهو يؤدي إلى جانب عشرات المسلحين صلاة الجنازة على أبو شباب وكان يتقدمهم رجل طاعن بالسن ملتحٍ لم تُعرف هويته.
وتعهد الدهيني في مقابلة مع الصحيفة العبرية، نشرت الجمعة، بشكل مقتضب، بمواصلة مشروع ياسر أبو شباب ومقاومة حماس، من خلال إقامة بديل لحكمها، قائلاً: "بعون الله، ووفقاً لخطة أخي ياسر، سنكون كما كنا تماماً، أكثر تصميماً وقوةً... سنواصل القتال بآخر ما تبقى من قوتنا حتى آخر الإرهابيين صغاراً وكباراً، ولا يهم من هم، اليوم سترى حماس وجهها الحقيقي الذي كان ينبغي أن يراه العالم منذ زمن طويل... سنعيد الأمل لجميع الفلسطينيين والأحرار وكل المظلومين وكل المؤمنين بالسلام".
ووصف الدهيني، وهو ضابط أمن فلسطيني سابق، حركة "حماس" بأنها أضعف من أن تقوض معنويات أحد. بحسب الصحيفة
وكانت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" قد أكدت مقتل أبو شباب على يد شابين من عشيرتي الدباري وأبو سنيمة، وقد قُتلا بعد أن دخلا في شجار وإطلاق نار مع مسلحين من جماعة أبو شباب الذي كان موجوداً في المكان.
المصدر : وكالة سوا - صحيفة الشرق الأوسط اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين إصابتان خلال اقتحام الاحتلال مخيم الجلزون شمال البيرة إصابات في قصف مدفعية الاحتلال بيت لاهيا شمال قطاع غزة إصابة مواطن بجروح إثر اعتداء الاحتلال عليه شمال جنين الأكثر قراءة إصابة مواطن إثر اعتداء مستوطنين عليه شرق نابلس الجيش الإسرائيلي يعلن قتل أحد أهالي غزة بادّعاء اقترابه من قوّاته قوات الاحتلال تُفجر غرفة في منزل جنوب طوباس إسبانيا: خطة ترامب وقرار مجلس الأمن دليلا لتطبيق حل الدولتين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025