شهادةُ الوفاة أسرعُ من شهادة الميلاد: حكايةُ غزة المُغيَّبة
تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT
د. نجيب علي مناع
غزة، تلك البُقعةُ الصغيرةُ من الأرض المُحاصَرة، تُحكي حكايةً قاسيةً تتكرّر فصولها دون هوادة، حَيثُ تُصبح شهادةُ الوفاةِ أسرعَ من شهادةِ الميلادِ؛ نتيجةً للصلفِ والإرهاب الصهيونيّ المُستمرّ منذ عقود.
تُصبحُ الحياةُ في غزة صراعاً يوميًّا؛ مِن أجلِ البقاء، وتُصبحُ آمالُ الأجيال المُقبلةِ رهينةَ سياساتٍ لا تُراعي سوى المُصالحِ الضيِّقة، فَتَتحول غزة من مهدِ الحياةِ إلى مقبرةٍ حديثةٍ تُشهد علىَ جرائمِ الاحتلال الصهيوني.
لا يُمكنُ أن يُؤثّرَ صِغَرُ السِّنِ أَو براءةُ الأطفال في استهدافهمِ بالرصاصِ الحيّ، والطائرات والصواريخ والمدافع وكل أنواع الأسلحة المُدمّـرة، ففي غزة يَحُتّمُ الصراعُ على الأطفال أن يَشهدوا مشاهدَ القتلِ والإرهاب، وأن يَخافوا من كُـلِّ صوتٍ عالٍ، وأن يَتعلّموا كيفَ يَختبئوا في مُلاجئِهمِ منَ القصفِ الهمجي. تُصبحُ الألعابُ والعابُ الأطفال هيَ رموزُ الموتِ والخوفِ، وَتُحوّلُ الحربُ الطفولةَ إلى حياةٍ منَ الظّلمِ وَالقهرِ.
السلطةُ الصهيونيةُ، بدعمٍ من بعضِ الدولِ العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، تَسْتَخفُّ بِحياةِ الشعبِ الفلسطينيّ، تَصُّبُّ عليها النارَ بِدُونِ رحمة، تُدمّـر بيُوتهُ، تَحرمُهُ منَ العيشِ الكريمِ، وتَحاصرهُ فيَ قفصِهِ الصغيرِ، فكيفَ تُطالبُ هذا الشعبَ بِالتّهدئةِ والتّسليمِ فيَ وقتٍ محتلّ أرضه ويَسْتَهدفُ فيهِ الشّعبَ بِدُونِ وجهِ حقٍّ. تَتَحَوّلُ الأرض إلى مُجَـرّد رمادٍ، وَتُصبحُ البيوتُ دُونَ سُكّانٍ، وَتُفقِدُ الحياةُ معناها.
ما يَحدُثُ فيَ غزةَ منَ عدوان وظّلمِ وإرهاب ِ يَختفيَ وراءَ أكبر مُؤامرةٍ دولية وإعلاميةٍ، فَتُصبحُ الصّورةُ المُغيبةُ للشّعبِ الفلسطينيّ فيَ العالمِ، وَتَتحوّلُ المُقاومةُ إلى إرهاب، وَيَصِيرُ المُستضعفُ هوَ المُجرّمُ، فَيَصعبُ علىَ العالمِ أن يَرىَ حقيقةَ ما يَحدُثُ فيَ غزةَ، فَيَصِيرُ الأمرُ مُجَـرّد أرقام عن الضحايا دُونَ تَفاصيلَ عنَ معاناة الشعب. تُسكتُ الأصوات المُناديّةُ بالعدالةِ، وَتَتَحوّلُ صراخاتُ الشّعبِ المُذَبحِ إلى أصداءٍ خافتةٍ لا يُسمعُها العالمُ.
فيَ وجهِ هذا الظّلمِ يَقفُ الشّعبُ الفلسطينيّ مُصمَّمًا علىَ الجهاد والمُقاومةِ، بِكلِّ ما يَملكهُ منَ قوةٍ وَإرادَة، فَتُصبحُ صراخاتهُ الخافتةُ هيَ نَبضاتُ قلبِهِ، وَيَستمرّ فيَ نضالهِ؛ مِن أجلِ الحريةِ وَالاستقلال. وَإنْ كانَت معاناتهُ كبيرةً، فَــإنَّ رُوحَهُ لا تَزِالُ، وَسَيَظلّ يُقاتلُ؛ مِن أجلِ حُقوقِهِ ومقدساته المَسلوبةِ. رُوحُ المقاومةِ تُسكنُ قلوبَ الشّعبِ الفلسطينيّ، وَتَصِيرُ أُمنيةَ الحياةِ وَالاستقلال هيَ أُمنيةَ الجيلِ وَالجيلِ الذي يَليِهِ.
عليناَ أن نَستمعَ إلى صوتِ الشّعبِ الفلسطينيّ، أن نَرىَ حقيقةَ ما يَحدُثُ فيَ غزةَ، أن نُسلّطَ الضوءَ علىَ الظّلمِ وَالإرهاب الصّهيونيّ، أن نَدعوَ لِمُحاسبةِ المُجرمينَ وَتَقديمِهم لِلمُحاكمةِ.
علينا أن نُؤكّـدَ علىَ ضرورةِ توفيرِ الحمايةِ لِشعبِ غزةَ وَإنهاء العدوان والاحتلال والحصارِ الظّالمِ، وَنَعملَ معاً علىَ إيجاد حَـلّ مُرْضٍ وَعادلٍ لِمُشكلةِ الصّراعِ الفلسطينيّ الإسرائيليّ. فما أُخِذَ بالقوةِ لا يُستعَادُ إلا بالقوة، وإنّ الصّمتَ وَالتّغاضيَ عنَ ما يَحدُثُ فيَ غزةَ يُشجّعُ الظَّالمينَ وَيَزيدُ منَ معاناةِ المُظلومينَ.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ما ی حد ث
إقرأ أيضاً:
وفاة الطاهية والكاتبة الفرنسية آن بوريل في ظروف غامضة
خاص
أعلن ممثلو الطاهية والكاتبة الفرنسية الشهيرة آن بوريل، وفاتها اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز 55 عاماً، في منزلها بولاية نيويورك الأمريكية، في ظروف غامضة.
ووفق ما أكده ممثلوها في بيان رسمي نُشر عبر مجلة بيبول، لم تكشف السلطات حتى الآن عن أسباب الوفاة أو ملابساتها، وسط حالة من الصدمة والحزن في الأوساط الإعلامية والمهنية التي عرفت بوريل كوجه بارز في عالم الطهي.
وأكدت شرطة نيويورك في بيان لشبكة سي إن إن، أنها تلقت اتصالاً بشأن امرأة فاقدة للوعي وغير مستجيبة، وأعلنت وفاتها في مكان الحادث بعد وصول فرق الطوارئ، دون توضيح ما إذا كانت الوفاة طبيعية أو بسبب ظرف طارئ آخر.
وجاء في بيان عائلتها المؤثر: “كانت آن زوجة محبوبة، وأماً حنونة، وشقيقة وابنة مثالية، وصديقة وفية، لقد كانت ابتسامتها تملأ المكان دفئاً، وامتد أثرها إلى ملايين الناس حول العالم، سنفتقد نورها، لكن روحها ستظل حاضرة في كل من لمست قلوبهم.”
وكانت آن بوريل قد برزت كأحد أبرز نجوم شبكة فود نتورك، وشاركت في العديد من البرامج الشهيرة مثل “أسوأ الطهاة في أمريكا” و*”الشيف الحديدي – أمريكا”* و*”أفضل شيء أكلته على الإطلاق”*. وُلدت في نيويورك في 21 سبتمبر 1969، ودرست الإعلام واللغة الإنجليزية قبل أن تلتحق بمعهد الطهي الأمريكي عام 1996. كما تابعت تدريبها في إيطاليا، وعملت في مطاعم شهيرة، إضافة إلى تدريسها لاحقاً في المجال الأكاديمي.