آخر تحديث: 20 غشت 2024 - 11:05 صبقلم:د. صلاح الصافي لمن لا يعرف ما هي سرقة القرن تتمثل “سرقة القرن” باختفاء مبلغ 3.7 تريليون دينار عراقي بما يعادل نحو مليارين ونصف المليار دولار من أموال الأمانات الضريبية، وهناك من قال أنها تصل إلى (8) ترليون، وتم الكشف عنها من قبل عدة جهات معنية قبل نحو شهرين من انتهاء فترة حكم الحكومة العراقية السابقة برئاسة، (مصطفى الكاظمي).

وكشف كتاب رسمي صادر عن هيئة الضرائب أن مبلغ 2,5 مليار دولار، جرى سحبه بين سبتمبر 2021 وأغسطس 2022 من مصرف الرافدين الحكومي، عبر 247 صكاً مالياً، حرّر إلى خمس شركات، قامت بصرفها نقدا مباشرة. ونور زهير أصبح أشهر شخصية في العراق بل يستحق أن يدخل موسوعة غينتس، هو نور زهير جاسم المكنى أبي فاطمة تولد (1980) من مدينة البصرة كان موظفاً في الموانئ العراقية، والآن صاحب شركات منها شركة مبدعون التي تم من خلالها سحب مبالغ كبيرة.وعلى إثر انكشاف السرقة تحركت هيئة النزاهة والسلطة القضائية لتتولى التحقيق بالقضية وصدرت عدة أوامر قبض قضائية وكان أول المعتقلين رجل الأعمال، نور زهير. وفي 24 أكتوبر 2022، تم إلقاء القبض على “نور زهير”، وذلك خلال محاولته الهروب خارج البلاد عن طرق مطار بغداد الدولي عبر طائرة خاصة.وفي مؤتمر صحفي أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، عن قيام “نور زهير”، بتوزيع أمواله على متنفذين من بينهم “سياسيين واعلاميين”، ملمحاً إلى ارتفاع رقم سرقة القرن.ووقتها أعلن السوداني أيضا إن القاضي المختص أصدر أمراً بإطلاق سراح نور زهير بكفالة، مقابل تعهده بتسليم كامل المبلغ المسروق خلال مدة أسبوعين، مشيراً إلى أن القسم الأكبر من المبلغ لدى المتهم عبارة عن عقارات وأملاك. وينخر الفساد كافة مؤسسات الدولة والإدارات العامة في العراق، ورغم صدور إدانات قضائية إلا أنها نادراً ما تستهدف مسؤولين كباراً.ويحتل العراق المرتبة (157 من 180) في مؤشر منظمة الشفافية الدولية عن (مدركات الفساد)، وغالباً ما تستهدف المحاكمات في قضايا الفساد في حال حصلت، مسؤولين في مراكز ثانوية، متحاشية الخط الأول أو ما يطلق عليهم بـ (الحيتان) وقد أكد قاضي التحقيق أن “عملية سرقة التأمينات تمت من خلال شبكة منظمة وبتعاون من قبل مسؤولين في هيئة الضرائب وموظفين آخرين”، وكما يعلم الجميع أن الفساد في العراق مستشري وهو فساد مؤسساتي مستمر ومتغلغل فيكل مفاصل الدولة.وبعد اكتمال التحقيق تم احالته إلى المحكمة المختصة (محكمة الجنايات) وقد حدد يوم (14) من هذا الشهر موعداً لمحاكمته ولوجود المتهم خارج العراق وهذا أمر غريب أن يكون متهم بهذا الحجم دون أن يمنع من السفر تم تأجيل المحاكمة إلى يوم (27) القادم، وحضوره على ما أعتقد سوف يخرج القضاء لأن من الصعوبة بمكان أن يعود ويقف في قفص الاتهام دون ضمانات كافية. وهذا سيؤثر على سمعة القضاء بل يمس سيادة الدولة العراقية، والسؤال الأهم هل أن المتهم يمتلك هذه القدرات الخارقة لوحده؟، نقول من المستحيل أن يكون نور زهير والمتهمين الآخرين قاموا بسرقة القرن لوحدهم، بل هناك منظومة كاملة تقودها حيتان تسيطر على كل مفاصل الدولة وراء هذه السرقة، وهؤلاء الحيتان معروفون لدى أغلب السلطات، ومن يقترب منهم يحترق، وللعراق الله لا غير.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: سرقة القرن نور زهیر

إقرأ أيضاً:

العراق: الميليشيات وحرب الموارد!

تسبب قرار إداري بتغيير مدير زراعة بغداد، وهي وظيفة مدنية تتبع لمجلس محافظة بغداد، في مواجهة مسلحة بين الميليشيات التي يتبع اليها مدير الزراعة المقال (وهي ميليشيا كتائب حزب الله) والميليشيات التي يتبع اليها المدير الجديد (وهي ميليشيا كتائب الإمام علي)، وأدى إلى تدخل القوات الأمنية وقد نتج عن هذه المواجهة سقوط قتيل و14 عشر جريحا منهم.

في العراق، لا يمكن فهم المواجهة المسلحة بين الميليشيات، والتي يفترض أنها تتبع القائد العام للقوات المسلحة، وأنها تنتمي إلى هيئة الحشد الشعبي، إلا في سياق حقيقة أن هذه الميليشيات لا تتبع سوى أوامر «عرابيها»، وأنها تستخدم كأدوات للسيطرة على الموارد، عبر ما يسمى بالمكاتب الاقتصادية التابعة لها، والمستنسخة من المكاتب الاقتصادية للأحزاب. وأن دورها الرئيسي هو ضمان الحاكمية الشيعية في العراق وضمان فرض هوية أحادية على الدولة والمجال العام، وضمان سيطرة القوى الحليفة لإيران على السلطة في العراق في مواجهة القوى الشيعية الأخرى (بشكل خاص التيار الصدري)، ثم استخدامها بطبيعة الحال لتحقيق مصالح شخصية لعرابيها، وللمجموعات الزبائنية المحيطة بهم!

منذ 2014 وأنا شخصيا أقول إن الحشد الشعبي، الذي أعلن عن تشكيله في حزيران 2014 دون إطار قانوني (بعد تحريف فتوى المرجع الديني السيد علي السيستاني التي دعت إلى الجهاد الكفائي عبر التطوع في القوات الأمنية حصرا)، كان خيارا إيرانيا، وإن القوى السياسية الشيعية وأجنحتها المسلحة والميليشيات الشيعية (التي أعاد رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي تفعيل نشاطها في منتصف عام 2012، كرد فعل على محاولة سحب الثقة عنه، ولاستخدامها لدعم نظام بشار الأسد من جهة ثانية) ظلت عصية على الضبط طوال السنوات اللاحقة.


فبعد ما يقارب ثلاثين شهرا من التشكيل الفعلي للحشد الشعبي، صدر قانون هيئة الحشد في تشرين الثاني 2016، وكان قانونا مهلهلا غايته توفير الغطاء القانوني والمالي للميليشيات العاملة فعليا على الأرض، ومع ذلك تضمن مادة نصت على أن «يتم فك ارتباط منتسبي هيئة الحشد الشعبي الذين ينضمون الى هذا التشكيل عن كافة الاطر السياسية والحزبية والاجتماعية ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه». لكن هذا لم يحدث مطلقا، وأقصى ما حصل هو استبدال أسماء تلك الميليشيات بألوية ذات أرقام محددة، مع معرفة الجميع بأن كل لواء من هذه الألوية هو ميليشيا تابعة لهذه الجهة أو تلك، وبقاء ارتباطها الكامل بعرابيها (على سبيل المثال اللواء 45 و46 اللذان شاركا في المواجهة التي تحدثنا عنها بداية المقالة، يتبعان لكتائب حزب الله)!

ولمواجهة هذا الانفلات، أصدر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عام 2018 أمرا ديوانيا في محاولة منه لضبطها، وتضمن فقرة تنص على أنه «يشترط لمن يشغل منصب آمر تشكيل فما فوق [أي قادة المناطق ونائبا رئيس هيئة الحشد الشعبي] أن يكون خريج دورات كلية القيادة او كلية الأركان التابعة لوزارة الدفاع، ولا يكون إشغال المناصب المذكورة إلا بموافقة القائد العام للقوات المسلحة، وله حق استثناء من لا تتوفر فيه الشروط المذكورة لمن لديه خبرة عملية وأثبتت كفاءة في الميدان وباقتراح من رئيس الهيئة». لكنه عجز عن تنفيذ ذلك، وأصرت الميليشيات، ومن خلفها إيران والقوى السياسية الشيعية، على إبقاء الوضع على ما هو عليه!

عام 2019 أصدر رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي أمرا ديوانيا آخر، أكثر شدة، لضبط الميليشيات التي أصبحت فاعلا سياسيا رئيسيا، فلم تعد الأحزاب الشيعية الرئيسية لديها أجنحة مسلحة، بل أصبح لكل ميليشيا جناح سياسي يمثلها في مجلس النواب.

تضمن هذا الأمر الديواني التخلي نهائيا عن جميع المسميات التي عملت بها فصائل الحشد الشعبي في سياق الحرب على داعش، واستبدال ذلك بتسميات عسكرية (فرقة، لواء، فوج، الخ)، كما يحمل أفرادها الرتب العسكرية المعمول بها في القوات المسلحة، وأن تقطع هذه الميليشيات افرادا وتشكيلات أي ارتباط سياسي أو عقائدي، وتضمن الأمر الديواني «غلق جميع المكاتب الاقتصادية أو السيطرات أو التواجدات أو المصالح المؤسسة خارج الإطار الجديد لعمل وتشكيلات الحشد الشعبي كمؤسسة تعتبر جزءا من القوات المسلحة» لكنه فشل أيضا في تنفيذ هذا الأمر الديواني للأسباب نفسها!

بعد احتجاجات تشرين، لم تعد هذه الميليشيات مجرد دولة موازية، بل فرضت سطوتها على الدولة نفسها، وبدا هذا واضحا عندما اضطُر رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، حينها، إلى الإذعان الكامل لها. وبعد انتخابات 2021 أصبحت هذه الميليشيات الفاعل الرئيسي في الدولة بعد سيطرتها على مجلس النواب بعد استقالة التيار الصدري، وسيطرتها على الدولة بضوء أخضر إيراني!

بعيدا عن السلطة والدولة، كانت المكاتب الاقتصادية لهذه الميليشيات، قد بدأت بأخذ حصتها من الاستثمار في المال العام، لكن سلاحها مكنها هذه المرة من تجاوز المكاتب الاقتصادية للقوى السياسية، خصوصا في المناطق التي تنتشر فيها؛ بمحافظات بغداد ونينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك.

حيث استحوذت على الحصة الأكبر في المشاريع والمقاولات فيها، وفرضت إتاوات على الجميع، وسيطرت على مساحات واسعة من الأراضي المملوكة للدولة. ولم تكتف بذلك، بل أصبحت تبتز المواطنين عبر التهديد بالتهم الكيدية، وعلى رأسها الإرهاب، أو الانتماء إلى حزب البعث، أو عبر التهديد بالتهجير القسري لدفع مالكي البساتين والأراضي الزراعية بالتخلي عنها لمصلحتهم.
لا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي
ويحرص الفاعلون السياسون الشيعة، ومن خلفهم إيران، على الإبقاء على الميليشيات، خاصة بعد التغيير الذي حدث في سوريا، لاعتقادهم أنها الضامن الوحيد ليس لضمان الحاكمية الشيعية وحسب، بل لاستمرار وجودهم نفسه، لهذا يرفضون الحلين الوحيدين المنطقين وهما حلها أو دمجها في القوات المسلحة العراقية، فالجميع يدرك أنه لا إمكانية لإعادة هيكلة هذه الميليشيات وإنهاء طبيعتها المزدوجة (قوات رسمية وغير رسمية)، وولائها المزدوج (العراقي -الإيراني)، ونطاق عملها المزدوج أيضا (في الداخل وخارج الحدود)، ولا إمكانية لضمان التزامها بالقانون أو بسياقات الدولة، والتخلي عن تكوينها العقائدي الطائفي.

ولا يمكن أيضا التعويل على موقف للفاعلين السياسيين السنة في هذه المسألة، بسبب خضوعهم الكامل لإرادة الفاعل السياسي الشيعي، كما أن الانقسام الكردي بين السليمانية الحليفة للميليشيات، وأربيل التي تواجه صواريخهم ومسيّراتهم، يمنعهم من اتخاذ موقف حاسم، ومن ثم لم يبق سوى الموقف الأمريكي الذي يصر على دمجها في القوات المسلحة، وهو الموقف الوحيد الذي سيحدد مستقبلها، بل ومستقبل الدولة العراقية ككل لاسيما أن المجتمع الدولي لديه تجربة مرة مع العراق، بسبب الممارسات السياسية الطائفية التي أدت إلى ظهور داعش، والتداعيات الخطيرة التي نتجت عن ذلك.

وعلى العقلاء في الطبقة السياسية العراقية، إن وجدوا، أن يتعلموا من دروس الماضي، وأن يصححوا الخطايا التي ارتكبوها؛ بينها خطيئة صناعة الدولة الموازية التي شكلتها هذه الميليشيات، وأن الإصرار على استمرار هذه الخطايا لغرض فرض الحاكمية الشيعية، وتقويض الدولة، لا يمكن إلا أن يكون إصرارا على الخراب.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • ائتلاف المالكي:قانون الحشد لن يُقر لرفضه أمريكياً وشعبياً
  • منظمة العفو الدولية تحذر العراق من تمرير قانون يقمع حرية التعبير والتظاهرات السلمية
  • حقيقة منع السوريين من دخول الأراضي العراقية
  • زهير بهاوي وناصف زيتون يجمعان بين المغربية والشامية في " يا مسافر"
  • العراق: الميليشيات وحرب الموارد!
  • سلاح الشائعة.. كيف يردع القانون مروجي الأكاذيب على مواقع التواصل؟
  • أوكرانيا تعيد استقلالية هيئات مكافحة الفساد
  • العشائر العراقية.. حصنٌ ودرعٌ بوجه الفكر المنحرف
  • المفتي دريان مهنئًا بعيد الجيش: لتثبيت الدولة وتطبيق القانون
  • الرئيس اللبناني: تلقينا مبادرة سعودية لترسيم الحدود مع سوريا.. ونسعى لاستعادة سيادة الدولة