وجدي كامل
ذروة الموت من هذه الحرب المستعرة، المتفاقمة كلما يوم، ليست فقط في الموت بالاسلحة النارية، والمقذوفات، اوالموت بالتعرض للجوع نتيجة الفاقة، والمرض، ولكن الموت نتيجة الاصابة بالاخبار الصادمة الكئيبة التي تأتي من كل حدب وصوب فتستقر في قلوب،مهشمة، وهشة اوسعتها المفاجأة واللامعقول من اللسعات ما فاق قدرة احتمالها.
فقد قدرت المأساة ان ينزح نحو مليوني مواطن الى خارج البلاد وما يتجاوز العشرة مليون الى داخل انحاء السودان الآمنة نسبيا دون ان تكتب لهم نجاة كاملة مكتملة الاركان. فالموت يظل يلاحقهم ويستهدفهم في مهاربهم وملاذاتهم باسباب اخرى تتصل بتلقيهم واستقبالهم المتكرر لاخبار مجريات الحرب وفقدان ذويهم، وجيرانهم، ومعارفهم وخيرة علمائهم، مثقفيهم، وفنانينهم مما يثقل الكاهل بالاحزان، والقلوب بالاوجاع، والعقول بالهذيان والتوهان.
ما ان يمر يوم الا وترتقي روح عزيز او عزيرة، ويفارق الحياة احباء كثر لم يكن لهم يد، او نصيب فيما وقع من حرب، ولم يكونوا طرفا من اطرافها.
هؤلاء الضحايا العزل لا تكتفي آلة الحرب الجهنمية بطحنهم حين لم يحسبوا لها حسابا، او بنوا لها توقعات في أسوأ حال بل تجردهم من رفقة ورفقاء الحياة وحقوق العيش الكريم.
تمضي الحرب بخرابها وتخريبها دون توقف وبدون ان يعني ذلك شيئا لمشعليها الراغبين، الحالمين بالعودة الى الحكم، وكتائبهم، وقياداتهم العسكرية. كل ذلك لا يعني شيئا لغانمي الضحايا وسارقي الاموال، والذهب، والممتلكات الشخصية للمواطنيين، بقدر ما يزيد من اطماعهم ورغباتهم لبيع موت اكثر على اطباق متسخة متنوعة. فالفئة الشريرة القليلة المستفيدة من الحرب نأت بنفسها، واسرها، واقاربها من جغرافيا فوهات المدافع، وميادين القتال، وباتت تؤجج لها بالمال المدفوع لفرق الاعلام القاتل، الزبون لديها ولدى اجهزة مخابرات واستخبارات الطرفين.
فرق الاعلام والقونات المدفوعة الاثمان، ، ومع انطلاقة كل طلقة، ودوي مدفع، وقذف طيران للبراميل تزيد تجارة في الموت وتغذي حساباتها البنكية من جيوب القتلة على موسيقى جنائزية لا توفر للضحايا ادني كرامة او قيمة لارواحهم . تلك هي القوة الضاربة باسلحة اشد فتكا باحداثها للتضليل ونشرها لسمومه عبر الاخبار الكاذبة والشائعات ورواية، وتأليف سرديات ما لم يقع من احداث.
ان اعلام من يسمون ب ( البلابسة ) لا ينقل المعارك او يوثق لها، بل يصنعها كذلك ويختلقها عبر التسجيلات الصوتية، والتغريدات، واللايفات عبرالمنصات بدوافع بحث عن ثراء سريع ببيعهم لخدمات اقل ما يمكن وصفه بها انها خدمات قذرة، وهى كل ما يملكون من مواهب وقدرات.
ستتوقف الحرب عاجلا ام اجلا، ولكن ذاكرة هذا الشعب الابي بانسائه، ورجاله، وابنائه، وبناته البواسل لن تنس لهم لعبهم لتلك الادوار، ومشاركتهم في الحرب بابشع المحتويات التي تضاهي وتتفوق نزالة من بقر الاحشاء في المعركة من الجنود المسعورين.
سيتذكر الناس اي فظاعات ارتكبوها، واي ارواح قضت وذهبت نتيجة اعمالهم وخدماتهم المناوئة لحقوق الانسان عندما شجعت، ومجدت دمار الابرياء العزل، واجازت انتهاك البلاد جنبا الى جنب مع صنائعهم من ميليشيات متوحشة.
wagdik@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حكم الشماتة في الموت وبيان عواقبها
الموت.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز شرعًا للإنسان أن يَشْمَت في نزول المصائب على أحد سواء في الموت أو غيره من المصائب؛ فإنها خَصلةٌ ذَميمة، تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ فإن المولى سبحانه وتعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة، ومن المعلوم أن الإنسان لا يثبت على حال واحدة؛ فإنَّه يعيش الحياة يومًا حزينًا، ويومًا مسرورًا؛ وقد يرحم المولى سبحانه وتعالى المُبتلَى ويبتلي الشامت رَغْمًا عن أنفه.
بيان معنى الشماتة في الموت:والشَّمَاتَةُ في الموت: هي الفرح والسرور بِحُلُول هذه النازلة بأحد الناس. ينظر: "تهذيب اللغة" لأبي منصور الأزهري (11/ 226، ط. دار إحياء التراث العربي).
التحذير من الشماتة في الموت وبيان عواقبها:
وقالت الإفتاء إن القرآن الكريم عبر عن الموت بأنه مصيبة في قول الله تعالى: ﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: 106]، والشَّمَاتة بنزول هذه المصيبة –أي: الموت- على أحد النّاس هي صفةٌ غير مرضية، وخَصلةٌ ذَميمة تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ ولذا نهت عنها الشريعة الإسلامية؛ فعن وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتةَ لأخيك فَيَرْحَمَهُ اللهُ ويَبْتَلِيكَ» رواه الترمذي في "سننه" وحَسَّنه.
فهذا الحديث النبوي الشريف يُفِيدُ أنَّ الشماتةَ أمرٌ منهيّ عنه شرعًا، وأَنَّ الله تعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة؛ فيرحم المُبتلَى رَغْمًا عن أنف الشامت؛ قال العلامة علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/ 3048، ط. دار الفكر-بيروت): [(لا تُظهر الشماتة)؛ أي: الفرح بِبَلِيَّةِ عَدُوِّكَ (لأخيك)؛ أي: لأجل أخيك المسلم الذي وَقَع في بَلِيَّة دينيةٍ أو دُنيويةٍ أو ماليةٍ (فَيَرْحَمَهُ الله).. والمعنى: يرحمه رَغْمًا لأنْفِك (ويَبْتَليك)؛ حيث زَكَّيْتَ نفسك ورَفَعْتَ مَنْزِلَتَك عليه] اهـ.
الشماتة في الموت:
بل إنَّ مِن كمال الأخلاق الإسلامية عدم إظهار الشماتة في نزول الموت بالخصم أو مَن كان بينهما عداوة؛ ولذلك يقول العلامة الكرماني في "شرح مصابيح السنة" (5/ 254، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [لا تُظْهِر الشماتة لأخيك؛ أي: لا تَفْرح بذنبٍ صَدَر من عدُوِّك، أو بِنَكْبةٍ وَرَدت إليه، فلعلك تَقَعُ في مثل ذلك] اهـ.
وفلسفة هذا الأمر -أي: عدم إظهار الشماتة في الموت-: أنَّ الموت من المقادير التي كتبها الله تعالى على جميع الخلق؛ فكلُّ إنسان لا بد أنّه سيموت؛ فلا ينبغي لأحد أن يشْمَت عند موت غيره، فالموت ممَّا لا يمكن أن يَفِرَّ منه المرء مهما طال عمره؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [الأنبياء: 34-35].
قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140].
وممَّا يدلّ على عدم جواز الشماتة في الموت: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قاعدين بالقادسية، فمرّوا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما إنّها من أهل الأرض، أي: من أهل الذمة، فقالا: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنّها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا».