الاستراتيجية الوطنية للإحصاء.. منظومة متكاملة لإنتاج المعرفة الموثوقة ودعم القرار
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
يُظهر تحليل الوضع الراهن للعمل الإحصائي والمعلومات في سلطنة عُمان أن المنظومة تتمتع بوجود إطار قانوني وتنظيمي يرفع مستوى الأداء؛ لذا شهدت سلطنة عُمان تحولًا نوعيًا في هذا المجال مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للإحصاء والمعلومات 2030، التي أعدها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية، بهدف تطوير منظومة البيانات والمعرفة بما يخدم متطلبات "رؤية عُمان 2040" ويعزز صناعة القرار المبني على الأدلة.
وتؤكد الاستراتيجية ما شهدته المنظومة الوطنية للإحصاء من تطور متسارع خلال الأعوام الأخيرة؛ فقد أحرزت المنظومة خطوات متقدمة في ظل الرعاية السامية، بالإضافة إلى وضع صرح قانوني وتنظيمي حديث يُمكّن من حشد الطاقات وزيادة فاعلية الجهود المشتركة من قبل مختلف مكونات المنظومة، في إطار منظومة متناغمة متكاملة بقيادة استراتيجية وإشراف فني من المركز. ولعل من أهم الإنجازات في الماضي القريب تنفيذ التعداد الإلكتروني للسكان والمساكن والمنشآت 2020 بالاعتماد بشكل كامل على البيانات الإدارية لدى الجهات الحكومية، وباستخدام أحدث الأساليب العلمية والوسائل التقنية لربط عدد من الجهات الحكومية مع المركز، بما يضمن التدفق الآني والآمن للبيانات بشتى أنواعها في إطار منظومة معلومات إلكترونية متكاملة ذات صيغة مكانية.
وقد قام المركز بإعداد هذه الاستراتيجية من خلال نهج اعتمد على مشاركة واسعة النطاق مع جميع مكونات المنظومة، كما اعتمد على أحدث أساليب التخطيط الاستراتيجي المبني على تحقيق النتائج على أرض الواقع.
وترتكز الاستراتيجية على خمسة محاور رئيسية تهدف إلى بناء منظومة بيانات ومعرفة فعّالة تسهم في تعزيز الأداء الاقتصادي والاجتماعي للدولة؛ فقد وضعت المنظومة المحاور الاستراتيجية المتكاملة التي تعالج بشكل منسق ومتزامن جميع التحديات وتبني على الإنجازات المتحققة، وتستفيد من الفرص السانحة المتاحة للمنظومة: تعزيز إنتاج المعرفة لدعم القرار، ورفع مستوى التحليل متعدد الأبعاد من خلال البحث المتعمق في أوجه الترابط بين مختلف البيانات والمعلومات الإحصائية، مما يؤدي إلى معرفة أكثر دقة وشمولًا، والعمل على توسيع تغطية البيانات والرفع من جودتها، حيث ستتم إعادة هندسة المسوح الميدانية بما يرفع من فاعليتها وكفاءتها ويخفف الأعباء على المستجوبين من الأفراد والأسر والمؤسسات، وبناء وتعزيز شراكات هادفة وفعّالة بين المنظومة وبين الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين. كما تركز على إرساء ثقافة التواصل ذي الاتجاهين بين المنظومة وبين المستخدمين والجمهور.
وتتمثل مُمكنات الإنتاج والخدمات في تعظيم الاستفادة من التقنيات الحديثة في جميع مراحل العمل الإحصائي والمعلوماتي ودورة حياة البيانات، وما توفره التقنيات من حلول مناسبة لزيادة فاعلية الأعمال وكفاءتها وتسريعها بصورة آمنة، بناءً على التجارب، والعمل على تنمية القدرات البشرية والمؤسسية، والرفع من قدرات الكادر البشري بالمنظومة بما يتماشى ومتطلبات المحاور الاستراتيجية، ويشمل ذلك تأهيل متخصصين في علم البيانات قادرين على الجمع بين مختلف العلوم مثل الرياضيات والإحصاء والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
وتطرقت الاستراتيجية إلى العوامل التي من شأنها أن تُمكن من تنفيذ الاستراتيجية بمستوى الكفاءة المطلوبة، وذلك من خلال الإطار التنظيمي للاستراتيجية الذي يقترح أن تكون اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء مسؤولة عن متابعة تنفيذ الاستراتيجية وتقييم الإنجازات، وتقديم مقترحات لتطويرها أو تحديثها. كما يقترح إنشاء مكتب إدارة الاستراتيجية، يُعنى بإعداد بطاقات مفصلة للمبادرات والبرامج والمشاريع، ووضع نظام المتابعة والتقييم، وغيرها من المهام. كما يتم وضع نظام إلكتروني ذكي لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية وتقييمها بشكل دوري، يتضمن وضع المؤشرات المناسبة لقياس مدى تحقيق الأهداف الاستراتيجية، ومؤشرات أداء على مستوى المحاور والمبادرات والبرامج والمشاريع.
ولتحقيق استدامة تمويل الاستراتيجية بمختلف مبادراتها وبرامجها ومشاريعها، من خلال اقتراح بعض الأنشطة التي أثبتت جدارتها في مكاتب الإحصاء الوطنية في الدول المتقدمة في هذا المجال.
كما يتمتع العمل الإحصائي والمعلوماتي بمنظومة تشريعية حديثة من شأنها تمكين المنظومة الوطنية للبيانات والإحصاء من إحداث نقلة نوعية في أدائها بما يدعم مسيرة النمو والازدهار بشكل أكثر فاعلية.
وتعتمد الاستراتيجية على قانون الإحصاء والمعلومات (2019/55) الذي يشكل الإطار التشريعي للمنظومة الإحصائية والبيانات الوطنية في سلطنة عمان، كما جاءت اللائحة التنفيذية الجديدة لتنظم بدقة أكثر أنشطة الإحصاء والبيانات، بما يسهم في توحيد الجهود وتحقيق التكامل بين الجهات المنتجة للمعلومات.
وتسعى الاستراتيجية إلى جعل سلطنة عُمان نموذجًا في إنتاج المعرفة الإحصائية الموثوقة ودعم منظومة اتخاذ القرار الوطني القائم على الأدلة، من خلال بنية رقمية متكاملة، ومؤشرات دقيقة تقيس الأداء في مختلف القطاعات. كما تهدف إلى أن تكون البيانات الإحصائية ركيزة أساسية في تحفيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتقييم أثر السياسات العامة على المجتمع والاقتصاد الوطني.
ومن المتوقع أن تحقق الاستراتيجية نتائج إيجابية في تعزيز البيئة الاقتصادية والاستثمارية في سلطنة عُمان؛ فقد وضعت الاستراتيجية 13 مبادرة ومشروعًا استراتيجيًا مع إعداد خطط تنفيذية مفصلة لكل منها، وذلك ضمن مهام مكتب إدارة الاستراتيجية، ومن أبرز هذه المبادرات: مبادرة تعزيز التحليل المتعمق ومتعدد الأبعاد، ومشروع الربط الإلكتروني بالجهات الحكومية المستخدمة للبيانات والإحصاءات، ومشروع نظام متكامل لإدارة طلب البيانات والإحصاءات والمعلومات، ومشروع التوسع في استخدام السجلات الإدارية، ومبادرة إعادة هندسة المسوح الميدانية، ومشروع تطوير الإحصاءات الديموغرافية والاجتماعية، ومشروع تطوير الإحصاءات، ومشروع سجل الشركاء، وبرنامج التعاون الإقليمي والدولي، وبرنامج التواصل الإحصائي والمعرفة، وغيرها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجهات الحکومیة من خلال
إقرأ أيضاً:
«الإمارات للمكتبات» تناقش تحديات الذكاء الاصطناعي وصون التراث في «الشارقة للكتاب 2025»
الشارقة (وام) تنظّم جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات برنامجاً ثقافياً ثرياً خلال مشاركتها في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، الذي ينطلق في 6 نوفمبر المقبل بمركز إكسبو الشارقة. ويتمحوّر البرنامج، الذي يهدف لتطوير المهارات المهنية للعاملين بالقطاع، حول عدة محاور أبرزها: «صون التراث والهوية الوطنية في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي»، و«استراتيجيات التسويق الرقمي لخدمات المكتبات»، بالإضافة إلى «الأرشفة الرقمية وأمن المعلومات».
وأكد فهد المعمري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، أن الجمعية تسعى من خلال هذه المشاركة إلى ترسيخ ثقافة المعرفة ومواكبة التطورات الرقمية، بما يضمن مستقبلاً معرفياً مستداماً لأجيالنا القادمة. وأشار المعمري إلى أن الهدف هو توسيع دائرة التواصل مع المهتمين بمجال المكتبات والمعلومات، وتعزيز بيئة العمل المهني في هذا القطاع الحيوي، وتمكين المشاركين من الاطلاع على أحدث الممارسات العالمية.
إلى جانب ذلك، تشارك الجمعية في «مؤتمر الشارقة الدولي للمكتبات 2025»، الذي ينظم بالتزامن مع المعرض بالتعاون بين هيئة الشارقة للكتاب وجمعية المكتبات الأميركية، حيث يشارك أعضاء الجمعية في الجلسات التخصصية لتبادل الخبرات العالمية.