كيف يطور فلسطينيو الخارج دورهم الوطني في ظل التحولات الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
في أعقاب معركة "طوفان الأقصى"، برزت تحوّلات استراتيجية كبرى أعادت تشكيل المشهد الفلسطيني، وفرضت على فلسطينيي الخارج تحديات واستحقاقات جديدة. ولم يعد كافيا أن يقتصر دورهم على أشكال الدعم التقليدي؛ بل باتت الحاجة ملحّة لتطوير أدائهم بما يوازي حجم النضال والتضحيات التي يقدمها الداخل، لا سيما في قطاع غزة.
هذه المتغيرات تتطلب من فلسطينيي الخارج إعادة تموضع سياسي واجتماعي، يراعي خصوصية البيئات التي يتواجدون فيها، ويستجيب للفرص والتحديات الإقليمية والدولية المتسارعة. وعليه، فإن تطوير الأداء الشعبي بات ضرورة استراتيجية لتعزيز الدور الوطني لفلسطينيي الخارج، وتوثيق الصلة مع الداخل الفلسطيني ومناصرته، وتقوية الصف الوطني، فضلا عن امتلاك أدوات فعالة للتأثير في المحافل الإقليمية والدولية دعما للقضية الفلسطينية.
لذلك من الأهمية في هذه المرحلة المصيرية التي تعيشها القضية الفلسطينية أن يكون التركيز على البُعد الشعبي لفلسطينيي الخارج، من حيث الواقع، والفرص، والتحديات، مع طرح محاور عملية لتطوير هذا الأداء بما يخدم القضية الفلسطينية في ظل هذه المتغيرات.
من الأهمية في هذه المرحلة المصيرية التي تعيشها القضية الفلسطينية أن يكون التركيز على البُعد الشعبي لفلسطينيي الخارج، من حيث الواقع، والفرص، والتحديات، مع طرح محاور عملية لتطوير هذا الأداء
إن أبرز التحديات التي تواجه فلسطينيي الخارج هي التمثيل الوطني، فقد تراجعت مكانة الشتات كمكوّن أساسي في القرار السياسي الفلسطيني، وتجمّد دور منظمة التحرير كمظلة جامعة. ولا يزال يُنظر إلى الشتات الفلسطيني على أنه ملحق داعم وليس طرفا قياديا يملك حق التأثير. هذا الواقع يتطلب المسارعة إلى سد فراغ التمثيل الوطني، رغم وجود جملة من التحديات التي تواجه هذا المسار، إلا أن سد هذا الفراغ سيمنح البعد الشعبي قوة فاعلة كبيرة.
كما أن التحدي لتهميش ورفض القيادة الفلسطينية المتنفذة للعمل في الخارج؛ يعتبر من أبرز هذه التحديات، حيث تنظر منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إلى أي جهد في الشتات، سواء كان شعبيا أو سياسيا، كتهديد مباشر لشرعيتها، وتسعى بنشاط لتعطيله وتقويضه عبر حملات إعلامية متواصلة. هذه المدافعة على الشرعية تستهلك جزءا كبيرا من طاقة الشتات.
وبالرغم من الطاقة الجماهيرية الهائلة التي يتمتع بها الفلسطينيون في الخارج وقدرتهم الكبيرة على الحشد والتأثير، إلا أن هذا التأثير غالبا ما يكون متقطعا، موسميا أو مقيدا، مما يستوجب استثمار هذه الطاقة الشعبية المنتشرة بإمكانياتها الكبيرة واستمرارية الحراك الشعبي.
كما أن أحد هذه التحديات هو سعي الاحتلال، بدعم من الإدارة الأمريكية، إلى تفكيك المرجعية الوطنية الموحدة، مثل فرض إدارة دولية على قطاع غزة، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا لحق تقرير المصير ويهمش الإرادة السياسية الفلسطينية.
وبالرغم من ارتفاع الصوت الشعبي العربي والإسلامي خارج الإطار الرسمي في رفض الإبادة الإسرائيلية، وبالرغم من ارتفاع الصوت الشعبي العربي والإسلامي خارج الإطار الرسمي في رفض الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، لكنه لا ينعكس دائما واقعا ميدانيا ملموسا. وهذا يضع أمامنا تحديا في إيجاد آليات فعالة لتحويل هذا المخزون التضامني الكامن إلى قوة مستدامة وفاعلة وتحفيز دائم لهذه المكنونات.
وعلى الرغم من ارتفاع مستوى التضامن العالمي الشعبي والرسمي مع فلسطين خلال سنتين من حرب الإبادة الإسرائيلية، وتحوّل الدعم إلى تفاعل مباشر وتبنيه لغة المساءلة القانونية؛ فإن منسوب التجريم ضد الناشطين المتضامين مع فلسطين ارتفع أيضا، مما قد يحدّ من حماسة المشاركة ويقوّض البيئة الدولية الحاضنة لحراك عالمي مستدام، ويحرم القضية الفلسطينية من أحد أهم روافع العمل مستقبلا، وهذا تحدٍّ إضافي للفلسطينيين في الخارج.
خطة عمل واستراتيجية قائمة على توحيد الجهود لإطلاق وثيقة وطنية جامعة تُعبّر عن تطلعات فلسطينيي الخارج، وتمهّد الطريق نحو تجديد شامل للتمثيل الشعبي ومنها للتمثيل السياسي، وتشكّل خطوة تأسيسية على طريق إعادة بناء المرجعية الوطنية الفلسطينية الجامعة، ومن ثم التحول من النخبوية إلى التفاعل الجماهيري
بالتالي، يحتاج الفلسطينيون في الخارج إلى البناء على المتغيرات الكبيرة التي شهدها العالم بسبب الإبادة والجرائم التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة على مدار عامين، وأمام التحديات السابقة تولد مجموعة من الفرص التي لا بد من استثمارها في تطوير أدوات عمل فلسطينيي الخارج.
هذا التطوير يستند إلى خطة عمل واستراتيجية قائمة على توحيد الجهود لإطلاق وثيقة وطنية جامعة تُعبّر عن تطلعات فلسطينيي الخارج، وتمهّد الطريق نحو تجديد شامل للتمثيل الشعبي ومنها للتمثيل السياسي، وتشكّل خطوة تأسيسية على طريق إعادة بناء المرجعية الوطنية الفلسطينية الجامعة، ومن ثم التحول من النخبوية إلى التفاعل الجماهيري؛ من خلال وضع خطط عملية لاختراق الاتحادات والنقابات المهنية والطلابية والعمالية، بهدف توسيع العمل الشعبي للمؤسسات الفاعلة في الخارج.
كما نؤكد على أهمية الانخراط في العمل الدولي المستقل، من خلال تأسيس كيانات مستقلة داعمة لفلسطين خارج العباءة الفلسطينية، لحمايتها من التضييق القانوني، وتمارس المناصرة العالمية بما يحميها قانونيا، ويُسهم في إنهاء استثناء فلسطين من الحقوق الأساسية.
كما تستند هذه الاستراتيجية إلى تعزيز العلاقة المستدامة مع الداخل الفلسطيني، شعبيا وفصائليا ومؤسساتيا، بما يُعزز وحدة النضال الفلسطيني ويمنع محاولات الفصل بين الداخل والخارج.
ولحماية العاملين لأجل القضية الفلسطينية؛ فإنه من الأهمية تأسيس منظومة دعم قانوني وإعلامي للناشطين الفلسطينيين والمناصرين المهددين بالملاحقة في الغرب، لحمايتهم من التجريم، وضمان استمرار حراكهم ضمن بيئة آمنة وفعالة.
إن تطوير الأداء الشعبي لفلسطينيي الخارج لم يعد ترفا أو نشاطا هامشيا، بل أصبح ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المتسارعة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لا سيما بعد التحولات العميقة التي أعقبت "طوفان الأقصى" والعدوان على غزة. هذه المتغيرات وضعت الشتات أمام مسؤولية وطنية وتاريخية لا تحتمل التأجيل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الفلسطيني تحديات الدعم الشتات منظمة التحرير فلسطين دعم تحديات منظمة التحرير شتات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة فلسطینیی الخارج فی الخارج قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة: نشكر مصر والرئيس السيسي على دعم القضية الفلسطينية
أعربت القوى والفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة، عن شكرها لمصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والوسطاء على الجهود المبذولة في دعم ومساندة القضية الفلسطينية.
وأضافت القوى والفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة في بيان لها أنها ترفض أشكال الضم والتهجير كافة في قطاع غزة والضفة والقدس.
وأكدت أن المرحلة الراهنة تتطلب موقفا وطنيا موحدا ورؤية سياسية وطنية تقوم على وحدة الكلمة، لافتة إلى أنه يجب دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار بما في ذلك انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة.
وأوضحت أنه سيتم إنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع مع التأكيد على وحدة النظام السياسي الفلسطيني، لافتة إلى أنه سيتم تسليم إدارة قطاع غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع تتشكل من المستقلين «التكنوقراط».
وأكدت على وجوب فتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح وإدخال الاحتياجات الإنسانية والصحية كافة وبدء عملية إعمار شاملة.
وأشارت الفصائل الفلسطينية إلى ضرورة مواصلة العمل المشترك لتوحيد الرؤى والمواقف لمجابهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، مؤكدة على أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار.
نص البيان الصادر عن اجتماع الفصائل الفلسطينية بالقاهرة يوم 23-24 أكتوبر 2025بدعوة من جمهورية مصر العربية، وبرعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، واستكمالا لجهود الأشقاء الوسطاء في مصر وقطر وتركيا لوقف الحرب على غزة ومعالجة تداعيتها، وآخرها نتائج قمة «شرم الشيخ للسلام» في أكتوبر 2025، فقد عقد عدد من الفصائل الفلسطينية اجتماعا في العاصمة المصرية القاهرة لبحث تطورات القضية الفلسطينية ومناقشة المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترامب لوقف الحرب على قطاع غزة، وذلك في إطار التمهيد لعقد حوار وطني شامل لحماية المشروع الوطني واستعادة الوحدة الوطنية.
واستهل المجتمعون لقاءهم بتوجيه التحية إلى جماهير الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وعلى وجه الخصوص أبناء شعبنا في غزة، وإلى الشهداء والأسرى والجرحى تقديرا لصمودهم وتضحياتهم، وضرورة استكمال كل الجهود من أجل إنهاء المعاناة وتحقيق مستقبل أفضل لشعبنا وقضيتنا الوطنية.
كما جدد المجتمعون تقديرهم للجهود العربية والإسلامية والدولية بما فيها جهود الرئيس ترامب بشأن وقف الحرب على غزة.
وأكدت القوى الفلسطينية أن المرحلة الراهنة تتطلب موقفا وطنيا موحدا ورؤية سياسية وطنية تقوم على وحدة الكلمة والمصير ورفض أشكال الضم والتهجير كافة في قطاع غزة والضفة والقدس.
وأدانت مصادقة برلمان الاحتلال بالقراءة التمهيدية على قانون «تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية» واعتباره عدوانا خطيرا على الهوية والوجود الفلسطيني، مثمنين قرار الرئيس ترامب بوقف هذا التحرك، ووعده بعدم تكراره، كما
شددت على أن الوحدة الوطنية هي الرد الحاسم على هذه السياسات، وضرورة العمل على اتخاذ كل الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك.
واتفق المجتمعون على ما يلي:
1- دعم ومواصلة تنفيذ إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، ورفع الحصار المفروض عليه بشكل كامل، وفتح جميع المعابر بما فيها معبر رفح، وإدخال الاحتياجات الإنسانية والصحية كافة، وبدء عملية إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية للقطاع وتنهي معاناة المواطنين.
2- تسليم إدارة قطاع غزة إلى لجنة فلسطينية مؤقتة من أبناء القطاع تتشكل من المستقلين «التكنوقراط»، تتولى تسيير شؤون الحياة والخدمات الأساسية بالتعاون مع الأشقاء العرب والمؤسسات الدولية، وعلى قاعدة من الشفافية والمساءلة الوطنية، وإنشاء لجنة دولية تشرف على تمويل وتنفيذ إعادة إعمار القطاع، مع التأكيد على وحدة النظام السياسي الفلسطيني والقرار الوطني المستقل.
3- اتخاد جميع الإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والاستقرار في كافة أرجاء القطاع، مؤكدين على أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار.
4- الدعوة إلى إنهاء كافة أشكال التعذيب والانتهاكات بحق الأسرى في سجون الاحتلال، وضرورة إلزام الاحتلال بالقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة، مؤكدين أن قضية الأسرى ستبقى على رأس أولوياتنا حتى نيل حريتهم.
5- مواصلة العمل المشترك لتوحيد الرؤى والمواقف لمجابهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، بما في ذلك الدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لكافة القوى والفصائل الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية وطنية وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بحيث تضم مكونات شعبنا الفلسطيني وقواه الحية كافة.
واختتم المجتمعون حوارهم بالتأكيد أن الوقت من دم، واللحظة الراهنة مصيرية، وتأكيدهم أمام الشعب الفلسطيني بجعل هذا الاجتماع نقطة تحول حقيقية نحو وحدة وطنية دفاعا عن شعبنا وحقه في الحياة والكرامة والحرية وصون أمانة القضية الفلسطينية وحقوق الأجيال القادمة وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وبما يكفل حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
كما تقدم المجتمعون بالشكر لجمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والوسطاء على الجهود المبذولة في دعم ومساندة القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضاًالصحة العالمية: ندعو إلى فتح جميع معابر قطاع غزة
«الأونروا»: لا يمكن إيصال المساعدات إلى شمال غزة دون فتح معبري زيكيم وإيريز
أردوغان: إعادة إعمار غزة مسؤولية جماعية.. ومصر وتركيا لا يمكنهما القيام بها وحدهما