بين الإبرة والخيط.. حكاية "عم أحمد" أقدم صانع شنط مدرسية بـ الإسكندرية
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
"في زقاق ضيق بحي المنشية العتيق بالإسكندرية، حيث يختفي الزمن بين جدران بيوتها القديمة، يواصل الحاج أحمد رجب، سبعيني العمر، كتابة فصل جديد في قصة صناعة الحقائب المدرسية تحت سقف ورشته المتواضعة، محاطًا بأكوام من الجلود الملونة وخيوط الإبرة، حيث يجلس على طاولة خشبية متآكلة، يمسك بإبرة وسكين حادة، وكأنه ساحر يحول قطعة من الجلد إلى حقيبة مدرسية تحمل بين طياتها قصة عشق للحرفة، تلك المهنة التي ورثها عن والده وتعلم أسرارها منذ الصغر.
يقول الحاج أحمد رجب بحسرة: "أخشى أن تضيع هذه الحرفة مع الأجيال الجديدة، فالشباب يبحثون عن وظائف سهلة وسريعة، ولا يريدون أن يتعبوا في تعلم الحرف اليدوية." ورغم المنافسة الشرسة من المنتجات المستوردة، فأنا أعتمد على جودة الخامات المصرية والحرفية التي اكتسبتها عبر السنين.
وأضاف "الحاج أحمد ": تعلمت هذه المهنة منذ صغري، وهي جزء مني. فعلي مدار 40 عام منذ نعومة أظافري وأنا أصنع الحقائب المدرسية بمفردي، رغم بساطة الأدوات في زمن مضى، إلا أننا كنا نصنع حقائب تدوم طويلاً، اليوم، ومع كل التكنولوجيا أجد نفسي وحيدًا في ورشتي، أحاول الحفاظ على تراث هذه الحرفة".
وأشار "صانع الشنط" أن صناعة الشنط ليست مجرد تجميع لقطع من القماش أو الجلد، بل هي فن يتطلب إبداعًا وحرفية عالية. تبدأ هذه الرحلة بفكرة بسيطة تتحول تدريجيًا إلى تصميم فريد يعكس ذوق صاحبه وأسلوبه. فبعد تجهيز الجزء الأمامي المستورد، يأتي دور الحرفيين في خياطة الظهر وتفصيل الحقيبة لتناسب مختلف الأعمار والأذواق. تستغرق هذه العملية دقائق معدودة لكل حقيبة، مما يسمح بإنتاج كميات كبيرة في وقت قصير، مع الحفاظ على الجودة والتفاصيل الدقيقة."
وأردف عم أحمد قائلاً: أن الأسعار تبدأ من 250جنيه وتصل إلى 500 جنيهاً على حسب الخامة المستخدمة فى الشنطة وحجمها قائلا: «بنعمل شنط من خامات نضيفة أحسن من المستوردة وتعيش فترة طويلة»، مؤكداً أن الورش تعانى من أزمة حقيقية هى ارتفاع أسعار الخامات و أيضاً اليد العاملة لان اغلب الشباب يتجهون الي المقاهي و العمل علي التكاتك، و علي رغم من ذلك نحن حاول تصنيع منتجات بأقل تكلفة: «لو الحكومة دعمت الورش اللى شغالة فى نفس المنتجات اللى بنستوردها من الخارج، هتساعدنا أكتر على الإنتاج وده هيساهم فى تقليل الأسعار بما ينعكس بالصالح العام على المواطن وعلى المنتجين و كل اللي بتمنه أننا نصنع الشنط دون الاحتياج الي المستورد بايدي مصرية 100٪».
أثناء زيارته إلى الصين، ذكر "عم أحمد " أن البلاد حققت قفزات هائلة في صناعة المواد الخام، بفضل تخصيص مدن بأكملها لهذا الغرض. بدأت هذه الرحلة في الثمانينات باستيراد المواد الخام من كوريا، ولكن بمرور الوقت، اكتسبت الصين الخبرات اللازمة وأصبحت قادرة على تصنيعها محليًا، مدعومة بدعم حكومي كبير. هذه التجربة الصينية تثبت إمكانية مصر في تحقيق ذات الهدف، ولكن يجب البدء بخطوات صغيرة، مثل تصنيع الحقائب، لكسب الخبرات وتأمين السوق المحلية."
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسكندرية العام الدراسي الجديد الحرف اليدوية المصرية
إقرأ أيضاً:
حكاية عشق لا تنتهي… مع عمّان الأهلية
#سواليف
#حكاية_عشق لا تنتهي… مع عمّان الأهلية
كتبت : د. #سمر_أبوصالح
حين أقول إن جامعة عمّان الأهلية ليست مجرد مكان عمل بالنسبة لي، فأنا لا أبالغ، إنها نبض القلب، وذاكرة الروح، ومنارة بدأت منها رحلتي، وما زلت أواصل فيها طريق الشغف والانتماء.
بدأت حكايتي معها عام 2004، حين قررت أن أبدأ مشواري الأكاديمي من خلال برنامج التجسير، وكان هذا القرار هو مفترق الطريق الأجمل في حياتي. درست بكل إصرار، وتخرجت بتفوق، ولم يمر سوى أسبوع حتى وجدت نفسي أعود إلى الجامعة، لكن هذه المرة كعضو هيئة ادارية مساعد بحث و تدريس ، شعرت حينها أنني لم أنتمِ فقط لمكان، بل لعائلة كبيرة آمنت بي قبل أن أُثبت نفسي.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت الجامعة لي أكثر من مجرد مؤسسة، أصبحت حضنًا حقيقيًا احتواني في كل مراحل حياتي. أكملت دراساتي العليا بدعم ومحبة لا حدود لهما، تزوجت، وأنجبت، وكبر أولادي وأنا ما زلت في قلب الجامعة، أتنفس من هوائها، وأزهر من دفئها.
توليت العديد من المهام الإدارية، وسعيت بكل حب وصدق لأبقي كليتي، وقسمي، وجامعتي، في أجمل صورة وأبهى حضور. لأنني أؤمن أن من يُحب، يُخلص، ومن يُخلص، يُبدع، ومن يُبدع، يصنع الفرق.
دوامي في الجامعة ليس التزامًا وظيفيًا فحسب، بل هو دوام غرام، بل هيامٌ حقيقي. لدرجة أن كثيرين يظنون أنني لا أستطيع مغادرة الجامعة إلى أي مكان آخر لأنني “مبتعثه”. لكن الحقيقة التي أفخر بها: أنا لست مبتعثه، ولم تمولني أي جهة، بل أكملت دراستي من مالي الخاص، وبإرادة شخصية مني ، فقط لأنني أحببت، وآمنت، وقررت أن أكون.
ومن شدة إيماني برسالة الجامعة، وثقتي بأنها تعمل للرقي العلمي والأخلاقي للطالب والدكتور معًا، لم أتردد لحظة في أن أُسجّل ابنتي فيها، وقد تخرّجت منها بفخر. واليوم، أقولها بصوت عالٍ:
ممنوع على أي أحد من أحفاد العائلة التسجيل خارج جامعة عمّان الأهلية، إلا إذا كان ذلك لدراسة الطب البشري أو تخصصات اللغات.
وأضيف بكل فخر: ستة من أحفاد العائلة الآن مسجلون في الجامعة، بتخصصات مختلفة، لأن هذا الصرح أصبح جزءًا من هويتنا العائلية وامتدادًا لإيماننا العميق بجودة التعليم فيه.
رسالتي للأجيال القادمة: ازرعوا الحب فيما تفعلون. فالنجاح لا يُصنع من الأداء فقط، بل من الشغف، والوفاء، والإيمان. المكان الذي تمنحونه قلوبكم، يمنحكم أكثر مما تتخيلون. وأنا، وُلدت أكاديميًا من رحم هذه الجامعة، وسأظل مدينة لها بكل خطوة في مسيرتي.
شكري الخالص لإدارة جامعة عمّان الأهلية، قيادة وأساتذة وزملاء، لأنهم لم يكونوا فقط شركاء مهنة، بل رفاق درب، وأسرة مؤمنة بالإنسان قبل الألقاب.
كل زاوية في الجامعة تحمل ذكرى، كل قاعة درست أو درّست فيها، كل صباح شاركت فيه طلابي شغفي بالعلم، كل ركن وقفت فيه أتنفس الانتماء الحقيقي… هذه الجامعة تسكنني، بكل تفاصيلها، وكل حكاياتها.
وقد أختصر كل هذا وأقول: جامعة عمّان الأهلية ليست في سيرتي الذاتية فقط…
بل محفورة في قلبي، وساكنة في وجداني، وستبقى دائمًا قصتي الأجمل.
وستبقى روح الدكتور أحمد الحوراني رحمه الله وقلبه ونبضه فينا مهما حيينا.