البعثة الأممية تحذر من انهيار الاقتصاد و«المنفى» يدعو لحل الصراع
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
حذرت بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا من التدهور الاقتصادى الذى تشهده ليبيا مؤخرا بسبب أزمة البنك المركزى كما أكدت المبعوث الأممية ستيفان خورى أمس خلال لقائها القائد العسكرى خليفة حفتر على ضرورة توافق مجلسى النواب والدولة حول منصب محافظ ليبيا المركزى، مُشيرةً إلى أن البعثة ستبذل جهودها لتحقيق هذا التوافق.
وبحسب البعثة أوضحت أنه مع استمرار الاجراءات الأحادية سيتكلف الشعب الليبى فاتورة باهظة الثمن لحل الأزمة التى طال أمدها، ويخاطر بتسريع الانهيار المالى والاقتصادى فى البلاد».
وجاء ذلك فى ظل النزاع حول السيطرة على البنك المركزى الليبى وهو ما يمثل ناقوس الخطر بشأن احتمال إساءة استخدام الموارد المالية للبلاد. حيث يعتمد الاقتصاد الليبى بشكل كبير على عائدات النفط، وكانت هناك خطوات لفرض القوة القاهرة على حقول النفط، مما أدى فعليًا إلى قطع المصدر الرئيسى للدخل فى البلاد .
كما ركزت البعثة الأممية على عدة حلول للوصول إلى توافق حول الأزمة ومنها الدعوة إلى اجتماع طارئ لجميع الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزى على أمل التوصل إلى «توافق مبنى على الاتفاقات السياسية والقوانين النافذة ومبدأ استقلال البنك المركزى». بالاضافة إلى تعليق جميع القرارات الأحادية الجانب المتعلقة بالبنك المركزى، ورفع القوة القاهرة عن الحقول النفطية، ووقف استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية أو مصالح فئوية، وحماية موظفى البنك.
ومن جانبها دعمت السفارة الأمريكية فى ليبيا عبر بيان لها أمس مبادرة البعثة الأممية وقالت: «تعد مسارًا إيجابيا للمضى قدمًا فى حلّ الأزمة المتعلقة بالمصرف المركزى، وناشدت جميع الأطراف باغتنام هذه الفرصة.
وبحسب وكالة الأنباء الليبية دعا رئيس المجلس الرئاسى محمد المنفى مجلس النواب إلى سرعة اختيار محافظ للمصرف المركزى فى جلسة قانونية علنية وشفافة وبالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة.
وأعرب المنفى عن تفهمه لقلق البعثة الأممية فى ليبيا «بسبب التباس التوصيف لقراراتهم وتداخل الاختصاصات، مؤكدا أن المجلس الرئاسى مجتمعا اتخذ قرارا عزز سيادة القانون وحقق قرار اختيار ممثلى الشعب لمحافظ يتمتع بالنزاهة والكفاءة، مرفقًا بقرار آخر بتشكيل مجلس إدارة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة
وأضاف «مارسنا اختصاصنا بالاتفاق السياسى بتعيين كبار الموظفين محققين التمثيل السياسى الواسع للقوى والأطراف كافة بما انعكس عنه تحقيق الاستقرار دون التخلى عن الخبرة والكفاءة لعناصره».
فيما رفض المنفى التدخلات الخارجية فى البلاد قائلا «إن المسئولية الوطنية تحتم علينا حل خلافانتا مهما بلغت داخليا بالحوار الغير مشروط القائم على السيادة ورفض الاملاءات الخارجية أو دعوات التقاعس والتأخير عن خدمة شعبنا وإنهاء معاناته».
وتعهد المنفى بالتزام المجلس الرئاسى بإجراء انتخابات نزيهة لتمكين الشعب الليبى من تقرير مصيره وتجديد الشرعية لمؤسساته متابعا «حان الوقت للعمل المشترك فى إطار مؤسساتى لتوحيد المؤسسة العسكرية من أجل مهمة تأمين الحدود والمنشآت الحيوية تمهيدا للاحتكام إلى الشعب الليبى لإجراء انتخابات فى مدة أقصاها 17 فبراير 2025 ليقرر مصيره ويحدد خياراته ويجدد الشرعية لمؤسساته».
وكانت قد أغلقت الحكومة الليبية المتمركزة فى شرق البلاد حقول النفط التى تسيطر عليها وعلقت الانتاج وسط تصاعد التوتر مع الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة فى طرابلس.
وقالت إدارة بنغازى فى بيان نشرته على موقعها الإلكترونى إنها «علقت كل عمليات إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر»، مشيرة إلى «القوة القاهرة».
وربطت هذه الخطوة بـ«الاعتداءات المتكررة على قيادات وموظفى وإدارات البنك المركزى» فى طرابلس، الذى يدير موارد ليبيا النفطية الكبيرة وميزانية الدولة.
وأضافت الحكومة المتمركزة فى الشرق إن «مجموعات خارجة عن القانون» مسؤولة عن محاولة السيطرة على «المؤسسة المالية الأكثر أهمية فى ليبيا».
والجدير بالذكر أن ليبيا تعانى انقساما بين الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة فى طرابلس، بقيادة رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة، وإدارة منافسة فى الشرق برئاسة أسامه حماد يدعمها مجلس النواب والقائد العسكرى المشير خليفة حفتر وتقع معظم حقول النفط الليبية تحت ولايته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأطراف السياسية الليبية البنك المركزي الأمم المتحدة ليبيا البعثة الأممیة البنک المرکزى فى لیبیا
إقرأ أيضاً:
مجلس تأسيسي لحل أزمة ليبيا
إذا افترضنا عدم وجود حسمٍ بالقوة لأيّ من الأطراف المتنازعة في ليبيا منذ عام 2011، فإن مفهوم “الغلبة على جغرافية الكيان الليبي” يكون قد سقط هو الآخر، بعدما سقط الكيان السياسي في السنة ذاتها؛ حادثةٌ لم تُحدت في تونس أو مصر اللتين شهدتا أحداثًا مشابهة، لأسباب عديدة لا يتسع المقام لسردها.
وفي ظل حكومة سقطت أخلاقيا وقانونيا واجتماعيا ومعها كل الأجسام المزمنة التي هي سبب هذا التأزم في المشهد الليبي اليوم.
يَبقى هناك عددٌ من الأمور التي يجب أخذُها في الحسبان قبل التفكير في حلٍّ مستدام يعالج الأسباب، ومنها اربع قضايا حاكمة في استقرار ليبيا من وجهة نظري:
الهوية الليبية الجامعة وعلاقتها بالخطاب الديني. التقسيم والنظام الإداري من حيث المركزية أم الفيدرالية إداريًّا وتشريعيًّا. المشروع الاقتصادي وهويتُه وتنافُسيته، والتوزيع العادل لعوائد النفط وللتنمية، وتموضع الاقتصاد الليبي داخل اقتصاد عولمي يُرفَع معه ويُستفاد منه . قضاء عادل وناجز ومكافحة الفساد من خلال منظومة أممية تلاحق الأموال المهربة والمنهوبة.ولابد من الإجابة عن سؤال (الكيف) وآلياتٍ مقترحة لتنفيذ الاستقرار، لوجدنا أننا منهجيًّا في أمسِّ الحاجة إلى:
مجلس تأسيسي يشمل كل أطياف الليبين يناقش كل هذه القضايا. يتكون من أحزاب وقبائل ومجتمع مدني ونقابات. تنفيذ مخرجات اللجنة الاستشارية. تنفيذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا في نفس التوقيت، وقبول نتائجها بعد الاتفاق على القواعد السياسية الأساسية. الحل الأمني وبناء مؤسسة أمنية وعسكرية نواتُها لجنة (5×5)، وتنفيذ مخرجاتها. تصميم نموذج اقتصاد مختلط، تملك الدولة فيه المواردَ (مثل النفط والغاز والمعادن والشواطئ)، وتشتري الخدمةَ من القطاع الخاص دون منافسته. تصميم نموذج إداري بحُكْم لا مركزي أو فيدرالي على المستوى التنفيذي والتشريعي، يحل مشكلَ المطالبات الإدارية والثقافية والاقتصادية. مصالحة شاملة، وإطلاق المعتقلين على خلفية قضايا سياسية (وليست جنائية)، وتعزيز حقوق الإنسان. مكافحة الفساد وفتح ملفاته منذ عام 2011 وحتى اليوم. الاستفتاء على الوثائق الشبه دستورية لتكتسب شرعيتها من الشعب.وقبل ذلك كلِّه، حكومةٌ مُصغَّرة تتولى مكانَ الحكومة الساقطة اليوم أخلاقيًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا. قد تتشكل إمَّا من أحد وزراء الحكومة المستقلين الذين لم يتورطوا في فساد، أو من مجلس القضاء الأعلى كهيئة تشريعية (وليس تنفيذية)، لأن الجمع بين السلطة القضائية والتنفيذية غير جائز قانونًا.
كما لا يُغفَل دورُ البعثة الأممية لأن ليبيا ما زالت تحت قرارات مجلس الأمن والبند السابع. وفي ظل إدارة أمريكية بدأت تلتف إلى الملف الليبي وتسعى لمخرجٍ من الأزمة بسبب هامٍ وهو تداخلها مع ملفات أخرى في المنطقة كسوريا وأوكرانيا والأهم في ظلِّ شارعٍ حيويٍّ بدأ يكسر حاجزَ الصمت والسلبية، ويستمر في مظاهرات سلمية وعصيان مدني مستمر حتى ترحل كل الأجسام البائسة واليائسة ونؤسس لدولة مدنية يستحقها هذا الشعب الأصيل.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.