الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمعالجة العنصرية المنهجية والإرث الاستعماري
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
حثت الأمم المتحدة حكومة المملكة المتحدة على "تصحيح الأخطاء" التي ارتكبت بحق البريطانيين السود في إطار جهد أوسع نطاقا لمعالجة انتهاكات الحقوق المتجذرة.
جاء ذلك ضمن تقرير أصدرته هيئة مكافحة العنصرية التابعة للأمم المتحدة عن سجل المملكة المتحدة في التعامل مع التمييز العنصري، في أعقاب أعمال الشغب العنصرية والمعادية للإسلام التي اندلعت مؤخرًا في بريطانيا.
وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن مخاوفهم بشأن استجابة الحكومة لـ"فضيحة ويندراش" وتأثيرها المستمر على هؤلاء وأحفادهم.
وسميت بهذا الاسم نسبة إلى إمباير ويندراش، السفينة التي جلبت واحدة من أولى مجموعات المهاجرين إلى المملكة المتحدة في عام 1948.
وكان جيل "ويندراش" قد دُعوا إلى المملكة المتحدة من مستعمرات سابقة في الغالب للمساعدة في إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية. وفي عام 2018، كشفت تقارير إعلامية أن سياسة "البيئة المعادية" التي تنتهجها الحكومة أدت إلى التشكيك في جنسيتهم البريطانية، مما أدى إلى احتجاز الآلاف ظلما وتهديدهم بالترحيل وحرمانهم من الحقوق الأساسية، بما في ذلك فقدان قدرتهم على الوصول إلى السكن والرعاية الصحية والحسابات المصرفية.
واعتذرت الحكومة البريطانية السابقة لجيل ويندراش، وأنشأت خطة تعويضات، وكلفت لجنة بإجراء مراجعة للدروس المستفادة من الموضوع. ولكن بعد مرور ست سنوات، لا يزال العديد منهم ينتظرون التعويض. كما أسقطت الحكومة السابقة توصيات رئيسية من هذه المراجعة.
ووجد خبراء الأمم المتحدة أن "تعقيد خطة التعويض (..) يخلق عبئًا غير مبرر على المطالبين" وأوصوا الحكومة بتبسيطها لضمان الوصول العادل والسريع والفعال إلى التعويض، ودعوا حكومة المملكة المتحدة إلى تنفيذ جميع التوصيات الثلاثين لمراجعة ويندراش.
كما أكد خبراء الأمم المتحدة على ضرورة سحب جميع القيود التمييزية على عودة سكان تشاغوس إلى جزر تشاغوس.
وسكان تشاغوس هم شعب أصلي تم تهجيرهم قسرا من قبل حكومتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة من جزر تشاغوس في المحيط الهندي منذ أكثر من 50 عامًا، كجزء من الحكم الاستعماري البريطاني المستمر، لبناء قاعدة عسكرية، وهي أفعال ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وفق هيومن رايتس ووتش.
وتقول المنظمة الحقوقية إن المملكة المتحدة رفضت السماح لشعب شاغوس بالعودة لأرضهم، رغم المفاوضات الجارية مع موريشيوس بشأن توطينهم، وذلك بعد رأي استشاري من محكمة العدل الدولية.
وحث خبراء الأمم المتحدة حكومة المملكة المتحدة على "إجراء مشاورات كاملة وذات مغزى مع شعب شاغوس (..) لتسهيل عودتهم إلى جزرهم وتعوضيهم".
وفي 14 أغسطس/آب الماضي، ردت الحكومة البريطانية الجديدة على أسئلة من هيئة الأمم المتحدة، وتعهدت بمعالجة التمييز العنصري، بما في ذلك تصحيح الظلم ضد جيل ويندراش والعمل على "دعم الوافدين الجدد من شعب شاغوس"، لكنها أهملت الاعتراف بحقهم في العودة، مشيرة إلى أن "حل القضية يشكل أولوية".
وتقول رايتس ووتش إنه ينبغي أن يبدأ تنفيذ هذه الالتزامات المهمة بالاستماع إلى جيل ويندراش والسماح لهم بالعودة إلى ديارهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات خبراء الأمم المتحدة المملکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: الأديان جاءت لتحرير الإنسان من كل صور العنصرية والتفرقة
ألقى فضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، اليوم، كلمةً خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الخامس للحوار بين الأديان في الاتِّحاد الأفريقي، الذي عُقِد بمدينة (ويندهوك) في ناميبيا تحت عنوان: (استعادة الكرامة.. دَور القيادات الدِّينيَّة في الدعوة إلى العدالة والتعويضات والحفاظ على التراث الثقافي للأفارقة ولأبناء الجاليات في الشتات)، وذلك بمشاركة نخبة مِنَ القيادات الدِّينيَّة والثقافيَّة من مختلِف الدول الأفريقيَّة.
وفي مستهل كلمته، دعا الدكتور الجندي أن يعمَّ السلام والخير ربوع القارَّة الأفريقيَّة والعالَم أجمع، وأن تتوقَّف الصِّراعات والحروب التي تَحصد الأرواح وتُبدِّد خيرات الأوطان، مؤكِّدًا أنَّ الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشريف، يقدِّم للعالَم نموذجًا حيًّا في ترسيخ مبادئ العدالة والكرامة الإنسانيَّة، ويواصل دَوره التاريخي في الدِّفاع عن القِيَم الأخلاقيَّة والإنسانيَّة الجامعة، موضِّحًا أنَّ رسالة الأزهر تنبع من إيمانه العميق بأنَّ الأديان جاءت لتحرير الإنسان من كلِّ صور الاستعباد والتفرقة، وإعلاء شأن العدل والمساواة بين البشر.
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة إلى أنَّ الدعوة إلى العدالة لا تكتمل إلا بالاعتراف بحقِّ الشعوب، واستعادة ما سُلِب مِنَ التراث والهُويَّة، مؤكِّدًا أنَّ هذا الأمر يمسُّ كرامة الشعوب الأفريقيَّة وجذورها الحضاريَّة، وأنَّ على المؤسَّسات الدِّينيَّة والثقافيَّة العمل المشترك لاستعادة الذاكرة التاريخيَّة المفقودة.
وأوضح فضيلته أنَّ رسالة الأزهر الشريف تدعو إلى الشراكة بين قارَّتنا الجميلة تحفيزًا للتكامل، فها هي البعثات الأزهريَّة للعالَم تقدِّم نموذجًا رائعًا للتبادل الحضاري والدِّيني تحت سماء التسامح والتعايش؛ ممَّا يؤكِّد العَلاقة القويَّة بين الأزهر وكل الدول التي تمدُّ يد السلام والحوار، كما يستقبل فضيلة الإمام الأكبر وفودًا مِنْ كلِّ دول العالَم لتعزيز الأمن العالمي والسلام الإنساني، ويشدِّد دائمًا على ضرورة التعايش السلمي دون تفريغ الهُويَّة الدينية، مؤكِّدًا أنَّ قيم الإسلام تشجِّع الانسجام والمشاركة المجتمعية، ونبذ العنصريَّة والتمييز وعدم التهميش الدِّيني أو المدني، ومواجهة التطرُّف وترسيخ التسامح في المجتمعات متعدِّدة الأعراق، مبينًا أن الأزهر الشريف يبين للعالم كله أن استقرار الكرة الأرضية يصدر عن ضرورة وجودية تكمن في احترام الإنسان وعدم الكيل بمكيالين وأن احترام الشعوب واجب أخلاقي.
القيادات الدِّينيَّة تتحمَّل مسئوليَّة كبرى في إحياء الضمير الإنساني العالميوتابع أنَّ القيادات الدِّينيَّة تتحمَّل مسئوليَّة كبرى في إحياء الضمير الإنساني العالمي والدعوة إلى العدالة الشاملة، مشدِّدًا على أنَّ الأديان الإلهيَّة كلَّها التقت على هدفٍ واحد؛ هو: تكريم الإنسان، وأنَّ احترام التنوُّع الثقافي والدِّيني ركيزةٌ أساسيَّةٌ لبناء السلام العالمي الحقيقي، كما أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف يكرر نداءاته ومشاركاته في دعم القارة الأفريقية وتعزيز العلاقات والتعايش الآمن والبعد عن الخلاف وضرورة وترسيخ القيم ووحدة الكيان الإنساني.
وأردف أنَّ مِن واجب القادة الدِّينيين أيضًا ألَّا ينسوا أبناء القارَّة في الشتات، الذين حوَّلهم القهر الاستعماري إلى جاليات متفرقة في أصقاع الأرض، لكنهم اليوم يشكِّلون قوَّةً حيَّةً تربط القارَّة بالعالَم، مشيرًا إلى أنهم يواجهون تحديًا مزدوجًا؛ هو: الحفاظ على الجذور، ومقاومة التمييز والعنصريَّة في بلاد المهجر.
ودعا الدكتور محمد الجندي إلى مدِّ يد العون الروحي والثقافي لهم؛ من خلال إنشاء مراكز دِينيَّة وثقافيَّة تكون بمنزلة «منافذ للوطن الأم» تحمي أبناء الجاليات من الذوبان، وتغذِّي فيهم الاعتزاز بأفريقيَّتهم وهُويَّتهم الحضاريَّة، مؤكِّدًا أن الأزهر الشريف يفتح أبوابه لأبناء أفريقيا في كل مكان؛ ليظل منارة عِلمٍ وهُويةٍ وتواصُلٍ حضاري بين القارَّة والعالَم.
كما دعا إلى توحيد الجهود الدِّينيَّة والإنسانيَّة من أجل تحقيق التنمية المستدامة العادلة، ومواجهة كل أشكال العنصريَّة والتمييز، لافتًا إلى أنَّ ما يتعرَّض له بعض الشعوب من انتهاكٍ للحقوق هو اختبارٌ حقيقيٌّ لضمير الإنسانيَّة، وأنَّ قِيَم العدالة لا تتجزَّأ.
واختتم الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة كلمته بتأكيد أنَّ الأزهر الشريف سيبقى صوتًا عالميًّا للحقِّ والعدل، وجسرًا للتواصل بين الشعوب والثقافات، مطالبًا باستمرار الحوار الدِّيني البنَّاء؛ بوصفه الطريق الأمثل لتعزيز السلام، وترسيخ الاحترام المتبادل، وصون كرامة الإنسان في كل مكان.