جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-15@09:30:23 GMT

رعد العملاق

تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT

رعد العملاق

 

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

عندما كُنَّا صغارًا كانت تغرس في نفوسنا مفاهيم القوة والشجاعة والغيرة والحمية العربية الأصيلة التي تهيئنا للدفاع عن أنفسنا وأوطاننا ومقدساتنا أينما كنَّا، ومن تلك المفاهيم التي كانت تبث في نفوسنا هي كيف نكون أقوياء؟ وكيف نكون أصحاب رسالة وغيرة وقيم ودفاع عن المظلومين في العالم؟

كنا نشاهد عبر الإعلام العربي الأفلام والرسوم المتحركة المختلفة والمتنوعة، والتي كان أحدها فيلم رعد العملاق، الفيلم الذي كان في بداية كل حلقة منه يعرض شعرا حماسيا يبعث في نفوسنا روح القوة والبطولة والشجاعة وهو كالاتي: "رعد العملاق // جاء جاء ليحمنا// يحمي الدار والسماء // من كل الأشرار// رعد القوي // رعد الشجاع // يضرب الأعداء // أسرع من الشهاب // أقوى من الألغام // ينصر الإنسان // يساعد الصديق // صديق الأحرار // عدو الأشرار".

كان أغلب الإعلام العربي يهيئ النفوس للدفاع عن المظلومين والمستضعفين في العالم، وكان الطفل العربي يشاهد تلك الأدوار والمشاهد الجميلة حاملا في نفسه رسالة عظيمة ومسؤولية أعظم، وهي كيف يجعل من نفسه جنديا عملاقا لنصرة الحق والوقوف مع المظلومين والمحرومين في العالم؟

لكن يا ترى هل لا زال الإعلام العربي مُربيًا للأجيال الحاضرة على تلك المشاهد المشجعة والمحفزة على القوة والشهامة والبسالة والشجاعة بهدف الدفاع عن الإنسان وعرضه ومقدساته؟ أم تغيرت أجندة الإعلام إلى عكس ذلك؟

اليوم عندما نتأمل الإعلام العربي نرى بعضه بات يؤمن بالثقافة الغربية التي باتت تؤرق المجتمعات العربية والإسلامية وتحولها إلى مجتمعات ضعيفة ومهزوزة من الداخل، فهناك من القنوات العربية التي حذفت معاني القوة والبسالة والشجاعة من قنواتها، كحذف الجهاد في سبيل الله، واستبدال الجهاد والقوة والدفاع عن المقاسات بالحديث عن النسوية والمثلية والماسونية والصهيونية والرأسمالية، وإحياء الليالي الصاخبة بالاحتفالات الماجنة التي يرفضها الشرفاء في العالم البشري.

اليوم عندما يُسيطر الغرب بأدواته الإعلامية المضللة على كثير من الأفكار العربية الأصيلة، صار البعض لا يهتم أن يكون كرعد العملاق في نصرة المظلومين والمحرومين في العالم، وما نراه اليوم في غزة وفلسطين وكثير من بقاع العالم خير مثال يمكن لنا ذكره، فهناك من الأطفال والشيوخ والنساء الذين يقتلون في كل يوم، وهناك من لا زال يئن ويحن، مطالبا من الدول العربية والإسلامية وعلمائها النجدة والاغاثة، ولا من مجيب إلا من رحم ربي من شرفاء وأحرار العالم.

ليس علينا بالضرورة أن نكون كرعد العملاق؛ فتلك شخصية وهمية بثها الإعلام في رسوم متحركة أريد منها تحريك الضمائر، ولكن علينا أن نكون كقدواتنا الحقيقية، وهم: الأنبياء المخلصين، والخلفاء الراشدين، الذين كانوا لا ينامون ليلهم ونهارهم إذا سمعوا أن هناك مظلوم، أو محروم، لذا ينبغي على كل مسلم ومسلمة نصرة الحق أينما كان موقعه ومكانه، فالإنسان بفطرته يعلم أن الظلم في دنياه قبيح وينبغي اجتنابه، وهذا إن دل على شي فإنما يدل على أهمية نصرة المظلوم والدفاع عنه، وليس هناك أفضل وأجمل من أن ينصر الإنسان العربي اخوانه وأخواته في غزة الأبية وفلسطين الزكية بل وفي كل بقعة من بقاع العالم تشكو من الظلم والهوان والاستبداد.

قال الله تعالى: "وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ" (إبراهيم: 45).

وقال أمير المؤمنين ومولى الموحدين وسيد البلغاء صاحب كتاب نهج البلاغة الإمام علي بن أبي طالب: "إِذَا رَأَيْتَ مَظْلُومًا فَأَعِنْهُ عَلَى اَلظَّالِمِ"، وقال: "قُولاَ بِالْحَقِّ، وَاِعْمَلاَ لِلْأَجْرِ، وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْمًا وَلِلْمَظْلُومِ عَوْنًا".

إنَّ مسؤوليتنا العربية والإسلامية اليوم تجاه ما يجري من ظلم في غزة الأبية، وفي كثير من بقاع العالم هي مسؤولية عظيمة يجب أن يتحملها الجميع، وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي، لكسر الحصار المفروض على الأحبة هناك، بكل الوسائل والإمكانيات المتاحة، ولا يكون ذلك إلا من خلال تفعيل الجوانب الداعمة والناصرة للقضية الإنسانية كتفعيل الجانب السياسي، وابراز الإعلام النزيه؛ وذلك من خلال تفعيل البرامج الهادفة لنشر المبادئ الصحيحة لتربية أجيالنا القادمة، وتكثيف جهود الاغاثة، والدعاء للمظلومين في الصلوات والخلوات، وطلب النصر والثبات من الله تعالى للمجاهدين والمرابطين، وكما قال المُناضل الفلسطيني الكبير أبو عبيدة: "إنه لجهاد.. نصرٌ أو استشهاد".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في ملتقى الإعلام العربي بالكويت.. جمال السويدي يحدد الأسلوب الأمثل للتعامل مع التحول الرقمي في مجال الإعلام

 

شارك معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ورئيس منتدى الفكر والثقافة العربية، يوم أمس السبت، في فعاليات الدورة العشرين للملتقى الإعلامي العربي في دولة الكويت، برعاية الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء الكويتي، وتحت شعار “تحديات الإعلام في ظل تطور التكنولوجيا والتحول الرقمي”.
وتم تكريم دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حلّت ضيف شرف الملتقى، تقديراً لمكانتها الريادية في المجال الإعلامي ومواكبتها للتطورات التكنولوجية. ويأتي هذا التكريم عقب اختيار دولة الكويت “عاصمة الثقافة والإعلام العربي” لعام 2025، حيث تستمر فعاليات الملتقى حتى 12 مايو الجاري.
يُعقد الملتقى بمشاركة عدد من وزراء الإعلام والإعلاميين والكُتّاب والصحفيين والأكاديميين العرب، إلى جانب مجموعة من الشباب وصنّاع المحتوى والمهتمين بصناعة الإعلام وتطوير محتواه، لمناقشة واقع الإعلام العربي ومستقبله في ظل التحولات التكنولوجية وتعدد مصادر الأخبار.
وبدأ حفل الافتتاح بعزف السلام الوطني، تلاه عرض فيلم تسجيلي قصير بعنوان “الملتقى الإعلامي العربي: سيرة ومسيرة”، يروي تاريخ الملتقى وإسهاماته. كما أُلقيت كلمة نيابة عن الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، راعي الملتقى، رحّب فيها بالحضور وأكد أهمية الإعلام في مواجهة التحديات الراهنة. وتلتها كلمة دولة الإمارات العربية المتحدة، ضيف الشرف، التي أبرزت دورها في تطوير الإعلام الرقمي.
ومن جانبه، ألقى معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي كلمة ترحيبية تناول فيها أهمية تعزيز التعاون العربي لمواجهة تحديات التكنولوجيا. وقدّم السويدي شكره إلى دولة الكويت والكاتب والإعلامي ماضي عبدالله الخميس، الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي، على دعوته للمشاركة في هذا الملتقى المميز، وعلى اختيار دولة الإمارات العربية المتحدة ضيف شرف الملتقى.
وقال السويدي، “لقد أصبح الإعلام العربي والعالمي، بلا شك، أمام لحظة تاريخية فارقة تتمثل في التحول الرقمي الكبير ودخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في جميع مناحي الحياة الإعلامية والثقافية والاجتماعية. هذه اللحظة لا يمكن التعامل معها على أنها مجرد تطور تقني عابر، بل يجب أن تُقرأ في سياق حضاري أوسع يشمل إعادة تشكيل الوعي الإنساني وأساليب التواصل، الأمر الذي يدفعنا جميعاً إلى مزيد من الجدية والتفكير النقدي في مستقبل الإعلام وآلياته ومخرجاته”.
وأضاف السويدي أن التكنولوجيا الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي، لم تَعُد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت الركيزة الأساسية التي تُعيد تشكيل المشهد الإعلامي وتحدد معالم المستقبل، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي يقدم اليوم فرصاً غير مسبوقة لتطوير المحتوى الإعلامي وتحليله وتوزيعه بشكل أكثر دقة وفاعلية، مما يسهم في الوصول إلى شرائح أوسع من الجمهور بأساليب أكثر تفاعلية وجاذبية.
وأشار السويدي إلى أن هذه الإمكانات التقنية الهائلة تطرح تحديات جادة تتعلق بضمان النزاهة والشفافية والعدالة الإعلامية، وتفرض ضرورة وضع معايير واضحة وصارمة تنظم الاستفادة من هذه الأدوات وتحد من مخاطر سوء الاستخدام أو التضليل.
وأوضح السويدي أن التحولات الرقمية فرضت على المختصين مسؤوليات كبرى، خاصة فيما يتعلق بأخلاقيات الإعلام، قائلاً، إن التقنيات المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، توفّر قدرات استثنائية لإنتاج المحتوى وإدارته وتوزيعه بشكل فوري، مشيراً إلى أن هذه التحولات تثير أسئلة جوهرية حول أخلاقيات العمل الإعلامي، بدءاً من احترام خصوصية الأفراد وضمان حقوق الملكية الفكرية، مروراً بالحفاظ على الحقيقة والمصداقية، وانتهاءً بمسؤولية الإعلام في تعزيز الاستقرار والسلم الاجتماعي.
وأضاف السويدي، أن “الذكاء الاصطناعي والتقدم التكنولوجي باتا ضرورة حتمية تستوجب منّا مواكبة واعية ومسؤولة. وهذا ما دفعني شخصياً إلى الخوض في تفاصيل هذه التقنيات وانعكاساتها المحتملة على مستقبل البشرية، من خلال كتابي الأخير “الرحم الاصطناعي: عالم ما بعد التكاثر البشري”، حيث حاولت استشراف المستقبل وتسليط الضوء على ضرورة مناقشة الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية والقانونية للتكنولوجيا”. وأكد على أهمية الحوار البنّاء والمستمر حول هذه القضايا المصيرية.
وتابع السويدي: إن الإعلام العربي في العصر الرقمي يقف أمام فرصة تاريخية غير مسبوقة لتأكيد حضوره وريادته، من خلال تعزيز قيم المسؤولية والنزاهة والشفافية، مضيفاً، “يمكن للإعلام العربي أن يلعب اليوم دوراً محورياً في توجيه وتوعية المجتمعات العربية حول الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي، بما يتوافق مع قيمنا الثقافية وهويتنا الحضارية، ويحمي مجتمعاتنا من المخاطر المحتملة للتقنيات الحديثة، مثل التضليل الرقمي واختراق الخصوصية وانتشار الأخبار الزائفة”.
وخلال كلمته، قال المستشار ماضي عبدالله الخميس، الأمين العام للملتقى، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تحل ضيف شرف الملتقى هذا العام تقديراً لمكانتها وإعلامها، الذي يخطو خطوات مميزة، ويواكب التطورات الإعلامية، مشيراً إلى أن فعاليات هذا العام تركّز على دور الإعلام العربي في مواجهة التحولات الرقمية المتسارعة، وما تفرضه من تحديات وفرص، وكيفية توظيف التقنيات الحديثة لتعزيز الحضور الإعلامي العربي وتوسيع نطاقه العالمي، مع تسليط الضوء على دور الإعلام في دعم التنوع الثقافي والحفاظ على الهوية العربية.
وفي النهاية وقع معالي الدكتور السويدي نسخ من كتابه “صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية” وكتابه “الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير”، للمشاركين في الملتقى الإعلامي العربي الذين أبدو تقديرهم وشكرهم على هذه الإصدارات القيمة.


مقالات مشابهة

  • الأردن يشارك في المؤتمر العربي للإعلام الأمني بتونس
  • متحدث الإعلام الحكومي العراقي: القمة العربية لحظة مفصلية في تاريخ العمل العربي المشترك
  • زكي: القمة العربية في بغداد تعزيز للأمن والتعاون العربي المشترك
  • مشاركة إماراتية بارزة في الملتقى الإعلامي العربي
  • رسالة ماجستير بجامعة الأزهر حول معالجة الإعلام الصهيوني لقضايا العالم العربي
  • وزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني: أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادةً وحكومةً وشعباً، على الجهود الصادقة التي بذلتها في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا، هذه الخطوة تمثل انتصاراً للحق وتأكيداً على وحدة الصف العربي
  • القمة العربية في بغداد والتعاون الاقتصادي العربي المشترك
  • ورش نوعية لجامعة الإمارات في «قمة الإعلام العربي»
  • في ملتقى الإعلام العربي بالكويت.. جمال السويدي يحدد الأسلوب الأمثل للتعامل مع التحول الرقمي في مجال الإعلام
  • اختتام فعاليات الملتقى الإعلامي العربي في الكويت