مع دنو موعد المولد النبوى الشريف يشتعل من جديد الجدل البيزنطى حول شرعية الاحتفال الرسمى والشعبى.
تاريخيا كانت الدولة العثمانية لعقود طويلة تقيم الاحتفالات وتعتبره مقاماً للفرح والبهجة حتى ظهرت الحركة الوهابية وانتشارها بسبب عصر النفط وهجرة الناس من كل فج عميق للبحث عن المال ليظهر فجأة هذا الجدل العقيم حول العديد من المسائل الدينية، ومن بينها الاحتفال بالمولد الشريف، وتمادى العلماءُ المنتمون لهذه الحركة إلى درجة تحريمه شرعاً، واعتباره بدعة ومن ثم فإن كل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ فى النار ويستندون إلى أدلة ظاهرها الصواب، لكن باطنها التلبيس على الناس، ادعوا انه لم يثبت عن الرسول أنه احتفل بيوم مولده ولا عن الصحابة، والتابعين، مع أن سبب الاحتفال بالمولد موجود، ومع ذلك لم يفعلوه ولو كان فى مثل هذه الاحتفالات خير لفعله الصحابة، ولأمر به النبى فدل هذا على أن هذه الاحتفالات ليست بمشروعة، وأنها من الأمور المحدثة، وان أول من أحدثها هم العبيديون فى القرن السادس الهجرى عند ظهور الدولة الفاطمية وقد كانت تصرفاتهم مشبوهة، ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولا شك فى ضلالهم وبعدهم عن منهج السلف الصالح.
الحقيقة أن الاحتفال بالمولد النبوى هو تعبير انسانى فطرى عن المحبة والتقدير لمقام الجناب النبوى وليس له علاقة له بأحكام الشريعة، لان لم يدع أحد أن الإسلام أمرنا بذلك، بالاضافة انها لم تنقص أو تضيف لتعاليم الإسلام شيئا وهناك مغالطة تاريخية مقصودة وهى ان أول من أرسى الاحتفال بالمولد الشريف ليسوا الفاطميين كما يدعون وانما كما سطر جلال الدين السيوطى فى كتابه «حسن المقصد فى عمل المولد» أنّه أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظم هو الملك السنيّ المظفر أبوسعيد كوكبرى والى أربيل وصهر صلاح الدين الأيوبى وقد أثنى عليه كل من السيوطى وابن كثير بوصفه أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وصاحب آثار حسنة فى خدمة الإسلام وايضا ثمة علماء ومحدثون كثيرون ممن أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي، فمن هؤلاء الإمام النووى وجلال الدين السيوطى وابن الجوزى وابن حجر العسقلانى وحتى المتأخرين امثال شيخ الأزهر حسنين مخلوف وعالم تونس الفاضل بن عاشور وسعيد البوطى ومتولى الشعراوى وبين ذلك الإمام السيوطي، عندى أنّ أصل عمل المولد الذى هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة فى مبدأ أمر النبى وما وقع فى مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التى يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبى وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف وذكر ابن الجوزي، الذى اعتبر أنّ من خواص المولد النبوى أنه أمان فى ذلك العام وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، وكذلك ابن حجر العسقلاني، الذى اعتبر أنّ أصله بدعة، لم تنقل عن السلف من القرون الثلاثة، لكنه يستدرك بقوله مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى فى عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة. اختتم بشهادة النووى ومن أحسن ما ابتدع فى زماننا ما يفعل كل عام الموافق لمولده من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور وقد اغلقت دار الإفتاء المصرية باب الفتنة عندما افتت بأن الأقوال التى تحرم على المسلمين الاحتفال بنبيهم والتعبير عن سرورهم بمولده الشريف بشتى وسائل الفرح المباحة فإنما هى أقوال فاسدة وآراء كاسدة، لم يُسْبَقْ مبتدعوها إليها، ولا يجوز الأخذُ بها ولا التعويلُ عليها. وان شراء حلوى المولد والتهادى بها من باب إظهار الفرح والسرور بمولده أمرٌ جائز ومستحبٌ شرعًا. والخلاصة إنَّ من يريدُ الاحتفال بالمولد النبوي، أو يريد الامتناع عن ذلك فليفعل، وفى كلتا الحالتين فهذا ليس أمرا يستحقُ الجدل السنوى اعتقد أن الاولى هو استثمار هذة الفرصة الثمينة وجعلها يوماً عالمياً للتعريف بشخصية ومآثر هذا النبى الكريم لمن يجهلون فضله ويتطاولون عليه وذلك فرض عين على كل مسلم لأنه أسوة حسنة لمن آمن بالله واليوم الآخر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عصر النفط الدولة العثمانية الاحتفال بالمولد
إقرأ أيضاً:
وزير الإعلام يناقش استعدادات الإذاعة والتلفزيون لمواكبة الاحتفال بالمولد النبوي
الثورة نت/..
عُقد في المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون اليوم اجتماع، برئاسة وزير الإعلام هاشم شرف الدين، ضم مدير عام المؤسسة عبدالحافظ معجب ومديري قنوات التلفزيون الحكومية وإذاعة صنعاء ورئيس قطاع الإذاعات المحلية.
كُرس الاجتماع لمناقشة الاستعدادات والخطط الخاصة باستقبال ومواكبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام، بما يتناسب مع عظمة المناسبة وبما يضمن تقديم رسالة إعلامية نوعية على مستوى الداخل والخارج، وبما يعزز من الارتباط بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ويعكس صور التأسي به.
واستعرض، الاجتماع الجوانب المتصلة بتنسيق العمل بين مختلف القنوات والإذاعات المحلية الوطنية العامة والخاصة لتنفيذ أعمال إعلامية مشتركة تلبي احتياج الجمهور وتلامس تطلعاته من هذه المناسبة.
وفي الاجتماع، أكد وزير الإعلام، الحرص على اضطلاع القنوات الفضائية والإذاعات المحلية بدورها في التهيئة للمناسبة والتغطية لفعاليات المولد النبوي الشريف 1447هـ، لما تحمله من دلالات في تمسك الشعب اليمني بالنبي الكريم، والسير على نهجه، والاقتداء به في الواقع العملي والنفسي.
وأشار إلى أن اهتمام وسائل الإعلام بهذه المناسبة الدينية الجليلة، يترجم توجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وتوجيهات رئيس المجلس السياسي الأعلى وبرنامج حكومة التغيير والبناء، في الشد إلى الله تعالى والرسول الذي بعثه الله رحمة للعالمين.
وشدد الوزير شرف الدين، على ضرورة تكامل الجهود الإعلامية لتغطية الأنشطة والفعاليات الخاصة بالمناسبة، وصولًا للفعاليات المركزية، وأن يكون هناك بث موحد لبرامج إذاعية وتلفزيونية تفاعلية مع الجمهور، للتعبير عن فرحتهم بهذه المناسبة الدينية العظيمة.
كما أكد ضرورة تنفيذ أعمال إعلامية يمنية – فلسطينية مشتركة تؤكد ثبات موقف الشعبين في مواجهة العدوان الإسرائيلي، الأمريكي، من خلال أعمال نوعية تتيح للشعب الفلسطيني المظلوم في غزة مشاركة اليمنيين الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، وبما يجسد تمسك الشعبين برسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والاقتداء به في جهاده وصبره.
وأضاف “يجب أن تكون هناك لوحة إذاعية وتلفزيونية تجسد الوحدة الوطنية في الاحتفال بالمناسبة، والانفتاح على الإعلام العربي الحر الذي قد يتفاعل مع تنسيق الإعلام اليمني معه في هذا الإطار”.
أثري الاجتماع بمداخلات من مسؤولي الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة، حول الجوانب المتعلقة بالبرامج المخصصة للاحتفاء بهذه المناسبة الدينية الجليلة وتغطية فعاليات المولد النبوي الشريف، كما تطرق المجتمعون إلى المواضيع الكفيلة بتطوير العمل الإعلامي بما يواكب المرحلة الاستثنائية التي يمر بها الوطن.