ذاكرتنا التاريخية تقول: حطين مرة أخرى..
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
يقولون إن العظمة التي صاحبت سيرة صلاح الدين جاءت من عظمة القرار الذي اتخذه وقتها، وهو قرار مواجهة الصليبيين وهم في أوج مجدهم، بعد أن بلغوا من القوة واتساع النفوذ درجة هددت العراق والشام ومصر بل والحجاز والحرمين.. وحين قرر المواجهة كان يعلم تماما أنه سينازل عدوا قويا، مكّن لنفسه في الشرق تمكينا تاما.
لقد قرر الرجل تحدي ملوك إنجلترا وفرنسا وألمانيا ومعهم البابوية ذات النفوذ الواسع في غرب أوروبا في هذا الوقت.
* * *
في أحد الكتب المهمة التي تناولت سيرة الرجل وهو كتاب "الناصر صلاح الدين" الذي كتبه د. سعيد عبد الفتاح عاشور (ت: 2009م) أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية رحمه الله.. سيلفت نظرنا شيء بالغ الأهمية، سنجد الكاتب يستخدم عبارة "وشاءت الظروف" مرات عديدة، وهو يتحدث عن تلك الفترة المدهشة والتي بدأت بمجيء صلاح الدين مع عمه أسد الدين شيركوه إلى مصر سنة 1168م.. وحتى نجاحه في جمع مصر والشام في دولة واحدة لتحقيق رسالته وتحرير بيت المقدس عام 1187م..
في كل المراحل الهامة التي صاحبت صلاح الدين في هذه الرحلة العظيمة كانت تحدث أشياء لم يجد لها الكاتب تفسيرا إلا بقوله "وشاءت الظروف"..
والمقصود طبعا هو "القدر" الذي قدّره الله، ولا نعلم من أسراره شيئا، إلا بما يأذن به الله ويشاء.. وقال لنا الفاروق حول معناه جملته الشهيرة حين سمع سورة الأعراف (الآية 54) والتي تتحدث عن قدرة الله المطلقة في إبداع الخلق، ومشيئته سبحانه، وتنتهي بقوله تعالى: ".. ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين".. قال رضي الله عنه بعد سماعها: "من بقي له شيء فليأخذه"!..
رضي الله عنه، كانت له بصيرة تنفذ إلى "قلب الأشياء".
* * *
لكننا سندعو لـصلاح الدين كما دعا له صديقه المقرب القاضي والفقيه والمؤرخ بهاء الدين بن شداد (ت: 1235م): "اللهم إنك تعلم أنه بذل جهده في نصرة دينك، وجاهد رجاء رحمتك، فارحمه".
وهي نفس الكلمات التي نسمعها في التسجيلات التي يرسلها لنا "فتية الأنفاق" الذين أذلوا أحفاد اللنبي/ بلفور/ روتشيلد في بريطانيا وأمريكا و"قفازهم القذر" الذي يضربوننا به من سبعين سنة.
* * *
هذا التاريخ لم يمض، ولم ينته، إذ لم تنته آثاره ومفاعيله، فكيف نغلقه؟
ما سيحدث فقط، هو أننا سنتعامل معه بطريقة مؤسس المدرسة الألمانية في علم التاريخ، يوهان هيردر (ت: 1903م) وسيكون هذا التاريخ حيا بروحه الكامنة بيننا: "التاريخ ليس مجرد المجرى الخارجي للأحداث، ومن يسعى لرؤية روحه، هو وحده الذي يستطيع اكتشاف الروح الكامنة وراء أقنعة هذه الأحداث"..
وطبقا لهذه "الروح الكامنة" سنكتشف أن حروب الغرب على "عالم الإسلام" من القرن الـ12 ميلادي فيما عرف بالحروب الصليبية، لم تنته..!! اللورد اللنبي فقط هو من قال ذلك، حين دخل القدس سنة 1917م: "الآن انتهت الحروب الصليبية"! لكن المرابطين في الأنفاق والكمائن، والصامدين من "أهل الأنوار" في الملاجئ والخيام كان لهم رأى آخر.
* * *
د. إيال زيسر (64 سنة)، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، سيكتب لنا في جريدة "يسرائيل هيوم" يوم الجمعة الماضي (13 أيلول/ سبتمبر): في حرب 1967، واجه الجيش قوات عسكرية أكبر كثيرا من قوات حماس، لكنه احتل غزة خلال يوم ونصف، وحسم المعركة بسرعة، كما احتل معها سيناء برمتها، والضفة والجولان. أما اليوم، فالجيش عاجز عن احتلال غزة"..
لو قالها غيرك يا د. زيسر!
ألا تعرف الفارق الهائل المهول بين كتائب "عز الدين القسام" التي تقاتل الآن و"كتائب ناصر/ عامر" التي لم تقاتل في 5 حزيران/ يونيو 1967م؟..
كتائب عز الدين القسام هي بنت "الذاكرة التاريخية" لحضارة عالم الإسلام.. وكتائب ناصر/ عامر حالة هجينة ممسوخة، لا صلة لها لا بالذاكرة ولا بالتاريخ ولا بالإسلام.. وكذلك كان الحال أيضا في سوريا والأردن.. والموضوع يطول شرحه..
* * *
ما يجري في الأرض المباركة وحولها من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، هو في حفظ الله وصونه ورعايته ومعيته ونصرته وتوفيقه وعطائه وفضله وكرمه.
هو سبحانه وتعالى يسمع ويرى، وبذلك طمأن خائفين (موسى وهارون) حين قال لهما في سورة طه "لا تخافا، إنني معكما أسمع وأرى".
وهي بالطبع لكل من يؤمن بأن الله هو الواحد القهار الفعال لما يريد، وأن إرادته سبحانه وتعالى علوا كبيرا لن تكون، إلا فيما يريد له أن يكون.
* * *
حين قرر صلاح الدين المواجهة الكبرى التي قررها وكان يشعر في أعماقه أنه "مختار" لها كان يعلم تماما أنه سينازل عدوا قويا، مكن لنفسه في الشرق تمكينا تاما، وأيقن بأن تلك المواجهة لا بد أن تبدأ من هنا.. مصر.. العمق الاستراتيجي للعروبة والإسلام؛ سيأتي كل آت إلى الشرق وهو يعلم هذه الحتمية التاريخية والجغرافية، فقرر أن يبدأ العمل في هدوء؛ أولا: لا بد من عودة مصر إلى حضن الأمة (الخلافة العباسية) لأن الحرب القائمة ليست حربا إقليميه محدودة، وثانيا: لكي يتم ذلك لا بد من اتحاد جهود الأمراء والعلماء.. وقد كان.. ولولا أنه كان على ما كان عليه ما استطاع أن يقوم بما قام.. كيف كان؟
كان فقيها وأديبا ودرس الحديث في دمشق ومصر والقدس وكانَ يحفظ ديوان الحماسة للشاعر الشهير أبي تمام، وتروى سيرته كما كتبها لنا بن شداد: أنه كان خاشع القلب غزير الدمع، مرتلا وسامعا للقرآن، لا يصلي إلا في جماعة، وكان حريصا على قيام الليل متهجدا متبتلا، داعيا ربه.
الواقع أكبر من الكلمات.. نعم.. لكن ستظل "ذاكرتنا التاريخية" هي النقطة الأقوى التي سننطلق منها.. ولعل تلك الرسالة من أوضح وأبهى رسائل "طوفان الأقصى"، بعد أن حاولوا كثيرا أن يُنشؤا الأجيال على أن هذه الذاكرة، هي العبء الذي يجب علينا أن نطرحه جانبا حتى نتقدم..
وكما يقول لنا أستاذنا وأستاذ كل الأجيال د. عبد الوهاب المسيري رحمه الله: معرفة تاريخنا من أنجع الطرق التي يتوسل بها الإنسان ليحدد علاقته مع الماضي، وليعرف هٌويته، وليتحرر من قضية الحاضر، وليعرف حدود ما هو ممكن وما هو مستحيل.
x.com/helhamamy
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه صلاح الدين التاريخ مصر مصر فلسطين تاريخ صلاح الدين مسلمين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
الحمد لله الذي جعلنا يمنيين
قد يقول قائل، أو يتساءل متسائل لماذا اخترت هذا العنوان لموضوع المقال هذا؟
أقول له مجيبا: لأسباب عديدة ووجيهة سوف أحاول قدر الإمكان أن أسردها في عدة نقاط
أولا: إن اليمن متمسك بدينه وأخلاقه ومروءته وإيمانه متمسك بالقرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وهو أيضا متمسك بالسنة الصحيحة التي تتفق مع القرآن
واليمن قد اختاره الله سبحانه وأثنى عليه، وقال عن رجاله الثابتين على الموقف الحق في مرحلة التراجع والارتداد عن خط الإسلام الأصيل، ومسار القرآن الصحيح قال تعالى : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ .وهم أهل اليمن
والرسول صلوات الله وسلامه عليه قد وضع لأهل اليمن وسام عز ومنحهم شهادة فخر ستبقى موضع اعتزاز إلى يوم القيامة وذلك عندما قال: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
فحق لي وعمر قد ناهز على المائة عام أن أعتز باليمن وأن أحمد الله أن جعلني يمنيا وكيف لا أعتز بنسبتي لليمن، وقد أخبر رسول الله عما يجول في خلدي، ويجيش في صدري من مشاعر فياضة عندما قال عن أهل اليمن ودورهم الإيماني، وشجاعتهم المذهلة التي أغاظت العدو وأسرت الصديق، وساندت المستضعفين في غزة فقد قال رسول الله: الأَزْدُ أَزْدُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُرِيدُ النَّاسُ أَنْ يَضَعُوهُمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يَرْفَعَهُمْ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُولُ الرَّجُلُ: يَا لَيْتَ أَبِي كَانَ أَزْدِيًّا يَا لَيْتَ أُمِّي كَانَتْ أَزْدِيَّةً « أي يمنية ونسبتي أو نسبة أي يمني لليمن مصدر الاعتزاز بهذه النسبة مقترن أو مرتبط بمستوى التمسك بما يريده الله من عباده،
ثانيا: إن اليمن هو الوحيد الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وبتعاطف مع المظلومين وعلى رأسهم فلسطين وغزة، والناس والعالم كله يتفرج على هذه المذبحة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة، وشهرا بعد شهر، وعاما يتلوه عام، والعالم كأنه في غيبوبة، أو كأنه ميت لا حياة له وبالأخص الأعراب من العالم العربي والعالم الإسلامي الذين هم معنيون قبل غيرهم في الدرجة الأولى إذ أن القتلى مسلمون وأبناؤهم الذين يذبحون كل يوم هم أبناؤهم وما كان يحق لأحد أن يتفرج على هذه المذبحة التي يرتكبها اليهود الكفرة الفجرة الظلمة أحفاد القردة والخنازير، ما كان ينبغي ولا يجوز لأحد أن يتفرج على كل هذه المآسي والجرائم والمجازر في غزة
وأنا أعتقد- والله أعلم- أن هؤلاء المتفرجين قد ألبسوا أنفسهم العار الأبدي إلى أبد الآبدين والعياذ بالله.
ثالثا: إن اليمن لا يؤمن بما يؤمن به الآخرون بوجوب طاعة ولي الأمر إذا كان فاسقا كافرا جاحدا ظالما فاسقا يبدد أموال المسلمين، ويبذر بها شرقا وغربا، ويتفرج على المؤمنين المسلمين وهم يذبحون من الوريد إلى الوريد كل يوم، هذه الزعامة أو الرئاسة التي تقلدها هؤلاء الظالمون الفاسقون لو كان لها لسان تنطق لنطقت بلعنهم، ووجوب الخروج عليهم، ولرفعت شكواها، وعبرت عن ألمها إلى الجن قبل الإنس، الجن الذين قالوا بعد سماع القرآن: إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ. ومن لا يكون راشدا وهو في موقع الحكم فلا شرعية له، ولا طاعة، لأنه سفيه في رأيه، وتصرفه، وسياسته وكفى بقول الجن حجة على الإنس الذين يؤمنون بطاعة ولي الأمر السفيه والأشد كفرا ونفاقا، فالزعامات المتفرجة على غزة، والتي لا تتحرك مشاعرها، ولا يؤنبها ضميرها ولا تقوم بواجبها كما أرادا الله لا يجب طاعتها بل يجب الخروج عليها وقتالها وهذا ما سطره، وأسسه الإمام الحسين رضوان الله عليه، وقام به، وعمده بدمه وروحه حتى لا تبقى للحكام الظالمين شرعية، وهو المبدأ الذي أحياه الإمام زيد بن علي رضوان الله عليه من بعد كربلاء بسنوات قليلة فسنوا سنة حسنة ومباركة لا يعرف قيمتها إلا المؤمنون الأحرار، أما عبيد الدنيا، وأسرى الخوف فهم على دين ملوكهم ورؤساءهم حتى لو كانوا من أظلم الظالمين، وأفسق الفاسقين، ولو كانوا يشربون الخمر في جوف الكعبة، أو على صعيد عرفة كما هو معروف من فتاوى الوهابية، وثقافة السلفية وفي كتبهم التي أوصلت الأمة أن هذا المستوى من الذل والقهر والخزي والجبن أمام حفنة من اليهود الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة.
إن هؤلاء الرؤساء والزعماء والملوك هم أظلم وأطغى من ملوك وزعامات الأمس والواجب بل أوجب الواجبات هو الخروج عليهم لا طاعتهم، ومن يجب طاعته هو ولي الأمر المؤمن المسلم المجاهد الذي يأمر المعروف وينهى عن المنكر الصادق في أقواله وأفعاله الشجاع المقدام الغيور على حرمات الله عندما تنتهك، والمجيش للجيوش عندما يعربد اليهود، ويرتبكون المجازر هذا هو الذي يحق له أن يتولى أمر الإسلام والمسلمين ويستحق أن يسمى بولي الأمر ومن تنطبق عليه الأوصاف المذكورة في هذه المرحلة هو المتولي للأمر في اليمن وهو القائد التقي الحيدري/ عبد الملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ونصره، ولأنه يحمل المؤهلات القرآنية والإيمانية يجب على كل فرد من أهل اليمن أن يطيعه ويسانده، ولا أقصد بكلامي هذا كل اليمنيين، ولا أوجهه لتلك المجموعة التي خرجت من تلقاء نفسها التي أخرجها حقدها، وكبرها، وذنوبها، وركونها إلى الظالمين من أعراب نجد ووقعوا في شر أعمالهم في أحضان الطغاة، وفي أحضان عبيد العبيد، ويدرك الكيسون الفطناء جيدا أنه لا زالت بعض الخلايا الخبيثة والخيوط الشيطانية، والنفوس المريضة والجاحدة في الداخل وهؤلاء غير معول عليهم، إنما المعول على من عرفوا كلمة الحق والصدق، وحملوا لواءها بجد، وتحركوا في الساحة ولهم تأثير وحضور في إحقاق الحق، ونصرة المظلومين، والوقوف في وجه الظالمين هؤلاء هم من تجب مولاتهم واحترامهم ومن يعول عليهم، ويجب الاعتزاز بهم.
رابعا: إن اليمن بقيادته العظيمة الشجاعة المباركة هو الشعب الوحيد الذي تصدى لأطغى طغاة العالم وعلى رأسهم أمريكا وإسرائيل ومن دار في فلكهما لقد قال قائد اليمن بالحرف الوحد: لأمريكا وإسرائيل قفا عند حدكما وإلا فسوف تأتي إليكم الصواريخ المحمدية والعلوية.
خامسا: إن اليمن بقيادته هو الوحيد الذي برز إلى حيز الوجود وتظاهر لما يقارب العامين وهو يتحدى العالم بكله ويؤيد المظلومين ويناصرهم ويساندهم بكل ما يستطيع ويحتج على الظلمة الفجرة ولا يبالي بهم ولقد سمع العالم كله مظاهراتهم الأسبوعية التي استمرت 22 اثنين وعشرين شهرا هذا هو الشعب اليمني وهذه هي قيادته القيادة المخلصة المؤمنة الصادقة.
سادسا: إن اليمن هو الوحيد الذي لا يكل ولا يمل ومستمر دائما وأبدا في المظاهرات وفي التصدي للظلم ولا يبالي بالاعتداءات عليه ولا يعرف الهزيمة ولا يعرف الخوف بل كأنه شرب الموت شهدا عسلا مصفى، اليمن هو الذي برز إلى حيز الوجود وأخاف أكابر الظلمة في الدنيا بكلها ذلك هو اليمن وما أدراك ما اليمن؟ ولهذا آثرت واخترت أن يكون عنوان مقالي وموضوعي هو اليمن وأفتخر وأعتز بأنني يمني للأسباب الوجيه التي أوردتها وسيعجب بهذا الكلام من يعجب ممن لازالت فطرتهم سليمة، وقلوبهم نقية، وستضيق الأرض بما رحبت بتلك القلوب المقلوبة، والصدور المتكبرة التي لا يعجبها إلا ما يعجب الحكام الجائرين، ولا ترتاح إلا لما ينشرح له صدور أكابر المجرمين والمنافقين المتفرجين على غزة وفلسطين والله المستعان.
سابعا: إن الصواريخ اليمنية هي التي أخرست اليهود ومضاداتهم وأسكتتهم وتجاوزت كل تقنياتهم، ومرت من فوق رؤوسهم وهم ينظرون إليها نظر المغشي عليه من الرعب والرهبة والموت، هذه اليمن وما أدراك ما اليمن الذي لم يتفرج قائدها وشعبها وجيشها كما تفرج الأخرون، وقعدوا مع القاعدين من الخوالف والجبناء والمثبطين.
اليمن لم ولن يتفرج على الظلم مع المتفرجين، ولن يهدأ له بال وهو يرى الظلم في الأرض وسيكون شوكة في حلوق الظالمين والمستكبرين، وسيكون ضد الفجرة والكفرة وضد المنافقين واليهود والنصارى هذا هو اليمن.
فعلى كل إنسان أن يعرف من هو اليمن وإلا فسوف يموت قهرا وكمدا.
ثامنا: إن اليمن وجيشه وقيادته قد التحموا وشكلوا جبهة واحدة أمام العدو وأمام الظلمة وأمام الطغاة، ولهذا فلن تستطيعوا ولن يستطيع العدو أن ينفذ إلى اليمن حتى لو حشر الجن والإنس لن يقدر على اليمن بحال من الأحوال بإذن الله.
هـذا هو اليمن الذي بوأه الله هذه المكانة، وشرفه بهذا الموقف التاريخي وعلى الظلمة وعلى القتلة أن يموتوا بغيظهم، والذين يسارعون إلى جهنم عليهم أن يصمتوا إلى الأبد فأمامهم اليمن الذي لا يخاف في الله والحق لومة لائم كما وصف الله رجاله الذين وعد بالإتيان بهم عندما يرتد المسارعون المطبعون في هوى وهاوية التولي لليهود والنصارى، اليمن الذي ترعاه عناية الله، وهو معتصم بالله لن يتزحزح ولن يخاف من أحد إلا من الله.
ويجب أن يفهم الجميع أن قدرة الله فوق قدرة الظلمة والطغاة ولن يستطيع أحد أن يغالب الله، ويقف أمام قدرته القاهر، وقوته الغالبة، وسننه الماضية واليمن مع الله والله معه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء الله.
تاسعا: أن اليمن هو الوحيد الذي علماؤه لم يكونوا مرتبطين بالسلطة، إنما ارتباطهم بالله الذي بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير ولعلكم قد سمعتم وشاهدتم علماء السلطة في السعودية وغيرها الذين ينتاب المسلم الخجل عند سماعهم ورؤية وجوههم المنافقة المكفهرة التي تتزيا بزي العلماء، وتظهر بمظهر العلم ويسميهم الناس بالعلماء وهم بحق كما وصفهم الإمام زيد بعلماء السوء، وأقول في الأخير حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا أدري كيف سيكون موقفهم وجوابهم بين يدي الله، وبأي وجه سيلقونه، والحجة عليهم أعظم، وهم عند الله ألوم.
عاشرا : الشعب اليمني هو الشعب الوحيد الذي يأس من مجلس الأمن والأمم المتحدة ومن الجامعة العربية ومن كل التجمعات، لأن هذه التجمعات هي من صنع أمريكا، ولهذا لم يعرها الشعب اليمني اهتماما، ولم يقتنع بشعاراتها البراقة، ولم تنطل عليها، عناوينها الكذابة، ووضع تقاريرها تحت قدميه هـــــــــااااااااذا هو الشعب اليمني.
وأخيرا: اتجه إلى السعودية والإمارات وأقول لهم: إذا بقي فيكم ذرة من الذوق، أو مثقال خردلة من الفهم فيجب أن تفهموا أن الأمن يجب أن يكون للجميع، والحرب يجب أن تكون على الجميع والقتال آت بدون قيد ولا شرط، وإن كنتم تعتقدون أو تظنون بأن الشعب اليمني سيرضخ للضغوط الاقتصادية التي تمارسونها أو أنه سيجوع كما هو الحال في غزة فإن الشعب اليمني سيجعلها ثورة عارمة، وسيتحول إلى بركان جارف يكتسحكم، ويقلب الأمور على رؤوسكم الزجاجية، فيجب أن تفهوا أن السن بالسن والعين بالعين والجروح قصاص هذا ما يجب أن تفهموه ويكون في حسبانكم وكفاكم حصارا وتآمرا وخرابا في اليمن فقد قتلتم أبناءه، وخربتم بيوته وطرقاته، والآن أتظنون أنكم في سلامة وأمان لا وألف لا، لن تكونوا في سلامة وأمان ومنأى من غضب اليمنيين هذا ما يجب أن تفهموه الفهم الصحيح قبل فوات الأوان، وقبل أن تذوقوا وبال جرائمكم بحق الشعب اليمني، والعاقبة للمتقين وصدق الله أحكم الحاكمين القائل: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ.