في مُجتمع سلطنة عُمان الفتي الذي يُشكِّل الشَّباب فيه رقمًا صعبًا في التركيبة السكَّانيَّة للسَّلطنة، حيث يُمثِّل الشَّباب والأطفال (الأقل من 29 سنة) الشريحة الأكبر، بحوالي ثلثَي السكَّان العُمانيين وما نسبته (65%)، كما تُمثِّل فئة الأطفال (الأقلّ من 5 سنوات) وحدها أكبر الفئات حيث بلغت (15%)؛ يصبح الحديث عن الظواهر السلبيَّة في مُجتمعنا العُماني وتداعياتها الأمنيَّة أحد أهم أجندة الحكومة في الحفاظ على درجة التوازن الاقتصادي والاجتماعي وخفض القلق الناتج من الظواهر السلبيَّة، خصوصًا في ظلِّ اتِّساع هذه الظواهر لمختلف الممارسات والسلوكيَّات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والتقنيَّة والإداريَّة أو ما يرتبط مِنها بالسلوك الاجتماعي والذَّوق العامِّ، أو الظواهر المرتبطة بتقنيَّة المعلومات والمنصَّات الاجتماعيَّة والألعاب الإلكترونيَّة والإشاعة، أو تلك المرتبطة بالعمل والوظيفة العامَّة، أو المرتبطة بالمخدِّرات والمؤثِّرات العقليِّة، أو غيرها من الظواهر السلبيَّة ممَّا لا يسَعُ المجال لذكره، وبالتَّالي حجم ما يطرحه انتشار الظواهر السلبيَّة في مُجتمع سلطنة عُمان من تداعيات على الهُوِيَّة والقِيَم والأخلاق والثوابت العُمانيَّة، في ظلِّ عالَمٍ متَّسعة فضاءاته، مفتوحه أرجاؤه، متداخلة ثقافاته، يتعرض فيه النَّشء للكثير من التحدِّيات الفكريَّة والنَّفْسيَّة، ويواجه فيه حالة من التشويش والضبابيَّة حَوْلَ الحقائق والثوابت التي يؤمن بها، ويتعرض فيه للتدخلات والتأثيرات، والشّحنات السلبيَّة التي باتت تؤثِّر سلبًا على قناعات مبادئ وأفكار الشَّباب، حتى تجاوزت الحدود، ودخلت كُلَّ بيتٍ، ورافقت كُلَّ أُسرة، فكان الأمْرُ السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال ترؤُّس جلالته لمجلس الوزراء الموَقَّر في الخامس عشر من يونيو 2021، على أهمِّية تلمُّس احتياجات المواطنين، ودراسة الظواهر السلبيَّة ووضع الحلول المناسبة لها، خطوطًا عريضة لبناء مسار وطني واضح في إدارة هذه الظواهر السلبيَّة الفكريَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، وتتبُّعها والكشف عَنْها، ودراستها وتحليلها وفهم الدوافع والأسباب التي رافقت وجودها، وإيجاد الحلول المناسبة لها بما يتناغم مع هُوِيَّة المُجتمع العُماني ويجسِّد أولويَّة رؤية عُمان 2040 في محور الإنسان والمُجتمع، والأولويَّة «المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة»، والهدف الاستراتيجي «مُجتمع معتزّ بهُوِيَّته وثقافته وملتزم بمواطنته»؛ وبالتالي إعادة تقييمها وإنتاجها بطريقة تضْمَن المحافظة على سلامة المُجتمع وقوَّته اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتوفير الممكنات الداعمة له للعيش الكريم والحياة السعيدة، كما رسمت توجيهات جلالة السُّلطان المُعظَّم لمساحة أوسع في الإحاطة بقضايا الشَّباب وأولويَّاتهم وإعادة إنتاج واقعهم، بما يتناغم مع أولويَّات المرحلة، ويتناسب مع ظروفها ويجسِّد تطلُّعاتها، ويُعزِّز من فرص التكيُّف مع ما يستجد في إطار المحافظة على الهُوِيَّة والقِيَم الحضاريَّة العُمانيَّة الأصيلة.


لقَدْ عكس خِطاب جلالة السُّلطان المُعظَّم في الحادي عشر من يناير من عام 2022 بمناسبة تَولِّيه مقاليد الحُكم في البلاد، محطَّة تحوُّل في قراءة منظور القِيَم، ووضع هاجس جلالته نَحْوَ القِيَم العُمانيَّة الأصيلة محلَّ التنفيذ والمتابعة واتِّخاذ الإجراءات الثابتة الكفيلة بالمحافظة على القِيَم العُمانيَّة، حيث ورد: «ونُهِيبُ بأبنائِنَا وبناتِنَا التمسُّكَ بالمبادئِ والقِيَم، التي كانت وستظلُّ ركائزَ تاريخِنَا المَجيدِ، فَلْنَعْتزّ بِهُوِيَّتِنَا وجَوْهَرِ شخصيَّتِنَا، ولِنَنْفَتِحْ على العالَمِ، في توازنٍ ووضوحٍ، ونَتَفَاعَلْ معه بإيجابيَّةٍ، لا تُفْقِدُنا أصالتَنَا ولا تُنسينا هُوِيَّتَنَا». وفي السِّياق ذاته عبَّرت لقاءات جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم مع شيوخ الولايات والمحافظات، وحديثه حَوْلَ التربية الوالدية والقِيَم والعادات والتقاليد العُمانيَّة الأصيلة، والمنصَّات التواصليَّة الاجتماعيَّة، مرحلة جديدة في ممارسة المُجتمع لِدَوْره في الضبط الاجتماعي مع المحافظة على مرتكزات وموجِّهات العمل في دولة المؤسَّسات والقانون، لِتعكسَ في مُجملها صورة جدِّيَّة في العمل الجمعي المشترك الموجَّه نَحْوَ المحافظة على القِيَم العُمانيَّة واستحضارها في سلوك الشَّباب وأبناء المُجتمع وبناته، مؤكِّدًا للمواطنين على «أنَّ تربية الأبناء لا تتمُّ عَبْرَ شبكات التواصل الاجتماعي، بل هي جزء من أصل المُجتمع العُماني»، وأنَّه «عِندما يتشرب أبناؤنا عاداتنا وتقاليدنا والتمسُّك بالأُسرة والمُجتمع يتحقق نجاح المُجتمع»، كما أنَّ «التقنيَّات الحديثة وُجدت لخدمة البَشَريَّة، لكنَّنا مع الأسف نستغلُّها بطريقة سلبيَّة جدًّا، وقَدْ أثَّرت على النشء، ليس في بلدنا فحسب، ولكن في جميع أنحاء العالم»، موجِّهًا أبناء المُجتمع إلى المحافظة على «إرثنا وترابطنا الاجتماعي، وعلى تربية أبنائنا وبناتنا التربية الصَّالحة».
وعليه، فقَدْ حملت توجيهات جلالة السُّلطان المُعظَّم الكثير من المدلولات التي تؤطِّر مستقبل القِيَم في سلطنة عُمان. فسلطنة عُمان التي تتَّجه اليوم إلى بناء منظومة اقتصاديَّة واسعة متكاملة، مستفيدة من الموقع الجغرافي والميزة التنافسيَّة التي تمتلكها في توسعة فرص الاستثمار الأجنبي والسِّياحة الوافدة، والجهود السَّاعية نَحْوَ الحياد الصفري وإنتاج الأمونيا الخضراء، وشكَّل ميناء الدقم خصوصًا مركزًا تجاريًّا بحريًّا مزدهرًا في المحيط الهندي امتدَّت علاقتها إلى مختلف القوى الدوليَّة منذ وقتٍ مبكِّر، وتفاعلت بقوَّة مع محيطها الخليجي والعربي والدولي؛ باعتبارها مركزًا للتواصل الحضاري مع الشعوب الأخرى. وقَدْ جاء في عاطر النطق السَّامي لجلالة السُّلطان « لقَدْ عرف العالَم عُمان عَبْرَ تاريخها العريق والمُشرِّف، كیانًا حضاريًّا فاعلًا، ومؤثِّرًا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسَّلام فيها، تتناوب الأجيال، على إعلاء رايتها، وتحرص على أن تظلَّ رسالة عُمان للسَّلام تجوب العالَّم، حاملةً إرثًا عظيمًا، وغاياتٍ سامية، تبنِي ولا تهدم، وتقرِّب ولا تباعد…»؛ وبِدَوْرها أكسبت جغرافيَّة عُمان وتضاريسها وتنوُّع بيئاتها بَيْنَ السَّهل والجبل والصحراء والوديان وامتداد حدودها الساحليَّة أو البَرِّيَّة، تمازجًا نوعيًّا في حوار الطبيعة مع الرصيد الحضاري والثقافي والقِيَمي والتعامل الإنساني معها لضمان تحويلها إلى عناصر قوَّة، بما يتضمنه الاهتمام بالتراث من قِيَم إنسانيَّة نبيلة في تقدير المنجزات الحضاريَّة للأُمم والشعوب والمحافظة عليها لِتكُونَ منطلقًا للبناء والتطوير، على أنَّ هذه الهُوِيَّة في تمازجها بَيْنَ الداخل والخارج وبَيْنَ السَّهل والسَّاحل أدركت مفهوم الخصوصيَّة الثقافيَّة لمُجتمع السَّاحل، ووضعتها في مكانها السَّليم، حيث شكَّل هذا التمازح والالتقاء الحضاري في الداخل والظروف الأخرى التي واجهتها في الخارج، ونموذجًا في التلاحم والتعاون والأخذ بِيَدِ الآخر والبناء والتجديد والابتكاريَّة، وكان للتراث البحري العريق الغائر في جذوره التاريخ أثَرُه في بناء الهُوِيَّة وترسيخ أنماط محدَّدة من الثقافة الاجتماعيَّة، التي أصبحت تُشكِّل شخصيَّة أهل عُمان. فالرحلات الطويلة والشَّاقَّة المصحوبة بالمخاطر والمغامرة والحوادث البحريَّة والبحث في عالَم البحار والمحيطات المترامية الأطراف، عزَّزت من روح التقارب والوئام بَيْنَ أبناء المُجتمع، وأصَّلت ثقافة الودِّ والتعاون وحُسن الخُلُق ووحدة الكلمة، كما أنَّ انقِطاعهم عن الأهل والبلد لمدَّة طويلة من الزمن رسَّخت فيهم ابتكار أدوات معيَّنة لهم في التعامل مع بُعد المسافة ومشقَّة السَّفر وآليَّات تساعدهم في التعامل مع المستجدَّات ومواجهة المشكلات التي تعترض خطَّ سَيْرهم، فاكتشفوا أدوات الملاحة المناسبة، وعزَّزوا سُفنهم بأدوات متعدِّدة الاستخدام قادرة على مقاومة أيِّ إشكاليَّات ناتجة عن خطورة المواقع البحريَّة، واستخدامهم لأدوات المراقبة والرصد والغوص والبوصلة وغيرها في سبيل الوصول إلى مقاصدهم وأهدافهم.
ولمَّا كانت الموارد القِيَميَّة من أكثر الموارد تأثيرًا في حياة الشعوب ونهضة المُجتمعات، سواء في قدرتها على تشكيل حياة المواطن، وترقية ممارساته، وتهذيب سلوكه، وتقوية دعائم الوعي والنُّضج الفكري والمعرفي لدَيْه، ورفع دوافعه الإيمانيَّة، وتعميق الإيجابيَّة نَحْوَ العمل والمبادرة والإنتاج، وهو الأمْرُ الذي أتقنته الشعوب الآسيويَّة التي ظلَّت بالرغم من تطوُّرها الاقتصادي، محافِظةً على قِيَمها ومبادئها وهُوِيَّتها، نظرًا لِدَوْر الموارد القِيَميَّة في تنويع البدائل، وتوسيع الخيارات، وإنتاج الحلول، ومع الإيمان بأنَّ المُجتمع العُماني كغيره من المُجتمعات له خصائص وصفات وقِيَم ومبادئ تدلُّ عليه ويتميَّز بها وتحمل خصوصيَّته مع عدم إنكارها عن غيرهم، لذلك كانت الحاجة اليوم في ظلِّ هذا التشويه الذي بات يُوجَّه نَحْوَ قِيَم الناشئة، والتنازلات التي باتت تتقنها حَوْلَ هُوِيَّتها ومبادئها في ظلِّ تسارع المتغيِّرات وهجمات التغرير الفكري والأخلاقي، وغياب الوازع الديني والخُلقي، كانت الحاجة إلى إعادة إنتاج القِيَم العُمانيَّة، وترسيخ القِيَم الإيجابيَّة والفاضلة وبثِّ روح الحياة فيها، وتعزيز حضورها في مُكوِّنات المُجتمع الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة والفكريَّة والممارسات اليوميَّة في اللباس والعمل والسلوك والعلاقات والتوجُّهات والأفكار، وتكريس الجهود الوطنيَّة نَحْوَ رصد مواطن التميُّز والقوَّة في القِيَم والهُوِيَّة العُمانيَّة التي شكَّلت خصوصيَّة المُجتمع العُماني، والعمل على إحيائها ومراقبتها ورصدها، وتنقيتها من الثغرات والشوائب، والعمل على جعلها حيَّة ناصعة في نفوس أبناء عُمان يفتخرون ويتفاخرون بها، بما يجعل مِنها مددًا للبناء التطوير، ويحصِّن المُجتمع من الأفكار الدخيلة، والممارسات المشوِّهة، والحركات التحريضيَّة، والظواهر السلبيَّة التي باتت تؤثِّر على إنتاجيَّة القِيَم.
عليه، تظلُّ التوجيهات السَّامية لجلالة السُّلطان المُعظَّم بدراسة الظواهر السلبيَّة، محطَّة لالتقاط الأنفاس، وإعادة التفكير في مسار العمل بجديَّة أكبر، وبآليَّات أفضل وبنماذج واقعيَّة أكثر ابتكاريَّة ومهنيَّة، في ظلِّ اتِّساع وتعدُّد هذه الظواهر التي باتت تدقُّ ناقوس الخطر، وفق معالجات نوعيَّة متناغمة مع روح التغيير التي يجِبُ أن تسريَ في حياة المُجتمع حفاظًا على كينونته وخصوصيَّته، عَبْرَ تكوين ثقافة مُجتمعيَّة قادرة على تمييز هذه الظواهر، والتعامل الواعي معها، وإعادة هندسة السلوك الاجتماعي المضادِّ لهذه الظواهر السلبيَّة، عَبْرَ تبنِّي منهجيَّات عمل رصينة، ومسارات أداء مشتركة، وآليَّات متابعة وتشخيص وتقييم مقنَّنة تعمل على منع استمرار انتشار هذه الظواهر والكشف عَنْها، وفق خطَّة عمل زمنيَّة تبدأ بتوجيه القِطاعات والمؤسَّسات نَحْوَ رصد الظواهر السلبيَّة وتصنيفها وفق القِطاعات المختلفة، واتِّخاذ الإجراءات التي تحُولُ دُونَ تبرير انتشارها وفرص وجودها في المُجتمع.
أخيرًا، ومع التأكيد على أهمِّية تعظيم الاستفادة من البيانات والمؤشِّرات الاجتماعيَّة المتعلِّقة بالجريمة والظواهر السلبيَّة في تشكيل صورة الواقع الاجتماعي، وتوجيه مسار الإجراءات الاقتصاديَّة بطريقة تضْمَن حماية كيان الأُسرة والمحافظة على النسيج الاجتماعي وروح الانتماء والولاء التي يتمتع بها، وعدم تحميل المواطن أيَّ تبعات ناتجة عن هذه الإجراءات على ما يعيشه من فرص السَّلام والأمن والتعايش والتسامح، وحوكمة العمل التطوُّعي والخيري والاجتماعي وتطويره وتفعيل قنواته، وتعزيز دَوْر مؤسَّسات المُجتمع المَدَني ذات الصِّلة (جمعيَّات المرأة العُمانيَّة، والأندية الرياضيَّة والثقافيَّة، والجمعيَّات المهنيَّة والنقابات العمَّاليَّة)، وتعزيز مفهوم اقتصاد العادات الاجتماعيَّة الداعمة للادخار والاستهلاك الرشيد والثقافة الشرائيَّة الواعية، وتقليل الهدر والأثَر الاستهلاكي الناتج عن المناسبات الاجتماعيَّة كالعزاء والأفراح، وتفعيل دَوْر الجمعيَّات التعاونيَّة والمبادرات المُجتمعيَّة والصناديق الوقفيَّة في تبنِّي مبادرات التكافل الاجتماعي، وتعويد الأطفال على سلوك الادخار وخَلْق ثقافة واتِّجاهات إيجابيَّة لدَيْهم نَحْوَها، وتفعيل دَوْر المؤسَّسات التعليميَّة والأمنيَّة والتشريعيَّة ومراكز البحوث الاجتماعيَّة والإنسانيَّة في توظيف مناهج البحث العلمي الاجتماعي والنَّفْسي، ورفدها بالخبرات والكفاءات المتخصِّصة والنماذج من العمليَّات والتطبيقات والبرامج وأساليب التقييم والاكتشاف في دراسة هذه الظواهر وتقييم الجهود الوطنيَّة في معالجتها؛ للخروج بتشريعات وقوانين وسياسات وخطط وبرامج تقف على تفاصيل هذه الظواهر وتتَّخذ الحلول المناسبة لمعالجتها؛ محطَّات مهمَّة في تعزيز دَوْر الهُوِيَّة والقِيَم في مواجهة الظواهر السلبيَّة، يُضاف إلى ذلك العمل على التطبيق السريع لمنظومة الحماية الاجتماعيَّة فيما يتعلق بالمنافع النقديَّة والبرامج التأمينيَّة؛ باعتبارها مدخلًا لتعزيز الأمن الاجتماعي والاستقرار الأُسري والحدِّ من الجريمة والظواهر السلبيَّة، وخَلْق روح تغييريَّة في ذات المواطن تستنطق القِيَم والمبادئ والمشاعر، وتستنهض القوانين والإجراءات في مواجهة الممارسات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة غير السليمة.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ات الاجتماعی المحافظة على التی باتت جلالة الس اله و ی ة ع مان ة التی

إقرأ أيضاً:

2.7 مليار ريال حجم إسهام القطاع السياحي العُماني في الناتج المحلي

العُمانية: تصاعد أداء القطاع السياحي في سلطنة عُمان من حيث العائدات المالية وأعداد الزوار وأثره في تحفيز الأنشطة الاقتصادية الداعمة والمتشابكة مع القطاع الذي يعد ركيزة اقتصادية فاعلة وقطاعًا واعدًا في التنويع الاقتصادي.

ووضحت البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن إسهام القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني ارتفع إلى 2.12 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2024، مقارنة بـ 1.75 مليار ريال في عام 2018 بمعدل نمو بلغ 3.2 بالمائة.

كما ارتفع إسهام القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان إلى 2.7 مليار ريال عُماني في عام 2024 مقارنة بـ 2.3 مليار ريال عُماني في عام 2018، بما يعكس تنامي الأثر الكلي للسياحة على الاقتصاد الوطني كواحد من محركات النمو.

وأكد معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة على أن المؤشرات الإيجابية التي حققها القطاع السياحي في عام 2024 سواء من حيث عدد الزوار أو حجم الإنفاق أو القيمة المضافة تمثل ثمرة لجهود مركزة وطموحة تتبناها الوزارة لتعزيز مكانة سلطنة عُمان باعتبارها وجهة سياحية ثرية ومتنوعة، مثمّنًا جهود الشركاء في القطاع على ما بذلوه للارتقاء بالمرافق والخدمات ما أسهم في تحقيق هذه المؤشرات النوعية.

وقال معالي وزير التراث والسياحة في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن هذه المؤشرات هي نتيجة لدعم السياسات الحكومية المتعلقة بالتنويع الاقتصادي، والتكامل مع مختلف الجهات الحكومية والذي له دور محوري في تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار وتسريع وتيرة المشروعات السياحية، مشيرًا إلى أن الوزارة تحرص على تبني سياسات ترويجية مبتكرة وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص وتطوير المنتجات والخدمات السياحية بما يواكب تطلعات الزوار ويعزز تجربة السائح.

وأضاف معاليه أن الوزارة ماضية في تنفيذ خطط التنوع في المنتجات السياحية وتوسيع الشراكات مع المجتمعات المحلية، بما يعزز إسهام القطاع في النمو الاقتصادي في سوق العمل وفق التوجهات القائمة لرفع مستوى وأعداد العاملين من القوى العاملة الوطنية في هذا القطاع.

وانعكست هذه الجهود على باقي المؤشرات المرتبطة بالقطاع؛ إذ ارتفع إجمالي الاستهلاك السياحي في سلطنة عُمان إلى 1.02 مليار ريال عُماني في عام 2024، مقارنة بـ960 مليون ريال عُماني في عام 2018، فيما شهدت القيمة المضافة المباشرة للسياحة نموًّا بمعدل 5.3 بالمائة لتصل إلى 1.09 مليار ريال عُماني، مقارنة بـ799.7 مليون ريال عُماني في عام 2018، ما يبرهن على قوة الترابط بين السياحة والقطاعات الاقتصادية الأخرى مثل النقل والضيافة والتجزئة والثقافة.

وعلى صعيد التدفق السياحي، استقبلت سلطنة عُمان نحو 3.8 مليون زائر خلال عام 2024، منهم 68.2 بالمائة زوار مبيت و31.8 بالمائة زوار اليوم الواحد، في حين بلغ إجمالي الإنفاق السياحي لهؤلاء الزوار نحو 989 مليون ريال عُماني بمتوسط إنفاق للفرد بلغ 253.8 ريال عُماني.

وأشارت البيانات إلى أن أكثر من 55 بالمائة من الزوار القادمين هم من المقيمين بدولة الإمارات العربية المتحدة، ما يعكس قوة السوق الخليجي بوصفه سوقًا مستهدفًا رئيسًا، ويؤكد على أهمية تعزيز الربط البري وتسهيل حركة السفر بين الدول الخليجية، أما الزوار الأوروبيون فقد شكلوا 16 بالمائة من الإجمالي، فيما بلغت نسبة الزوار من الدول الآسيوية 13.2 بالمائة، وهو ما يشير إلى تنوع الأسواق وفعالية الحملات الترويجية التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع المكاتب الخارجية.

وتصدرت السياحة الترفيهية قائمة الأسباب بنسبة 70.2 بالمائة، تلتها زيارة الأقارب والأصدقاء بنسبة 17.9 بالمائة، ثم التسوق بنسبة 5 بالمائة، بينما تراوح متوسط مدة الإقامة بين 5 و6 ليالٍ بإجمالي بلغ 14.8 مليون ليلة سياحية، ما يؤكد على قدرة الوجهات العُمانية على اجتذاب الزوار لفترات أطول بفضل التنوع في المنتجات السياحية والتجارب الثقافية والمواقع الطبيعية والمعالم التاريخية والأثرية.

وفيما يتعلق بأنماط الإقامة، شهدت المنشآت الفندقية نموًّا في الطلب، ما يعزز جدوى الاستثمار في المرافق السياحية، لا سيما في المحافظات التي تشهد تطورًا في بنيتها الأساسية السياحية مثل محافظات ظفار ومسندم والداخلية، ويُنتظر أن تسهم المشروعات قيد التنفيذ والشراكات بين القطاعين العام والخاص في توسعة الطاقة الاستيعابية وتحسين جودة الخدمات.

من جهة أخرى، بلغ عدد الزوار المغادرين 8.1 مليون زائر، أنفقوا ما مجموعه 1.8 مليار ريال عُماني، بمتوسط إنفاق للفرد قدره 218.5 ريال عُماني، ما يعكس حجم الإنفاق المحلي على السياحة الخارجية، ويفتح المجال أمام تطوير مبادرات لتعزيز السياحة الداخلية، وتوجيه القوة الشرائية نحو الوجهات الوطنية.

مقالات مشابهة

  • الهدابية: نسلّط الضوء على التجربة العمانية في عالم الموشحات خلال الموسم الثاني من برنامج "زرياب"
  • إدارة المبادرات المجتمعية في إب تتسلم خزان مياه للشرب في ذي السفال
  • محافظ اللاذقية: عمليات إخماد الحرائق في ريف المحافظة مستمرة، رغم اشتداد سرعة الرياح، وانتشار الألغام التي زرعها النظام البائد.
  • السفير الفرنسي بمسقط: ندعم جهود السلام العمانية.. ولا بدّ من إنهاء مأساة غزة
  • 2.7 مليار ريال حجم إسهام القطاع السياحي العُماني في الناتج المحلي
  • قيادي بـ « مستقبل وطن»: مصر تنطلق من رؤية شاملة لتعزيز العمق الإفريقي
  • خامنئي يهدّد بتكرار "صفعة العديد": إيران قادرة على ضرب العمق الأميركي في المنطقة
  • شاب عُماني يسطع في واحدة من أرقى كليات إدارة الأعمال في العالم
  • موقف حاسم من النصر بشأن مستقبل ساديو ماني
  • استعراض الجهود العمانية في مكافحة "الإسلاموفوبيا" بفعالية إقليمية