القضية الفلسطينية.. بين هوية النضال ومخاطر الانسحاب
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
د. سلطان بن خميس الخروصي
sultankamis@gmail.com
يمثل الصراع العربي- الإسرائيلي أحد أهم مُعضلات العصر الحديث الذي انطلق مع شرارة الاحتقان بين العرب واليهود في مطلع القرن العشرين إبان الحكم العثماني ليزداد ضراوة وعنفًا مع إطلاق وعد بلفور عام 1917، الذي رسم خارطة طريق لبناء وطن قومي لليهود في فلسطين ليتمخَّض في 1948 بأول صراع مسلح حقيقي تغذّت وتوغّلت فيه عقيدة الوجود الإسرائيلي بدعم مطلق من بريطانيا وحلفائها، ليبدأ النضال العربي الموحد من مصر، والأردن، وسوريا، ولبنان، والعراق في مواجهة القوات اليهودية الغارقة في مستنقع الحقد والدم والعقيدة الصماء وفق النظرية الوجودية ليكون فارق الخبرة والعدة والعتاد والتحالفات في صالح الجماعات اليهودية التي تعطَّشت لقتل النضال العربي واحتلال أجزاء واسعة من فلسطين التاريخية.
تغوّلت الأطماع الصهيونية نحو خلق إسرائيل العظمى فخلقت مجتمعا عسكريا بامتياز لا يمتُّ للمدنيِّة بصلة في سبيل قطع رحم التكامل العربي الذي قد يلد يوما وحدة المصير، فجاء العدوان الثلاثي البريطاني، والفرنسي، والإسرائيلي على مصر في (1956) كردة فعل منزعجة من تأميم قناة السويس، لتُجدِّد نازيتها في حرب 1967 والتي عُرفت بـ"نكسة يونيو 1967"؛ حيث احتل الصهاينة- في حرب خاطفة مفاجئة عمرها لم يتجاوز 6 أيام- الصفة الغربية وقطاع غزة في فلسطين، وشبه جزيرة سيناء المصرية، ومرتفعات الجولان السورية، لتدُّب دماء وحدة المصير العربي (المصرية- السورية) في حرب 1973 بهجوم مباغت في يوم الغفران اليهودي فينتهي الصراع بحراك دبلوماسي امتد حتى 1979 بإبرام اتفاقية "كامب ديفيد"، بين إسرائيل وأبرز مكون في العمق العربي بحجم مصر، تمخضَّ عنه استعادة سيناء، بينما لم يتضمن تسوية القضية الفلسطينية.
وفي ظل التشتت المجتمعي والفكري العربي، وغياب البوصلة السياسية المصيرية لهذه القضية التي كانت أساس تأصيل الصراع الحتمي الطويل منذ 7 عقود ونصف كان الجدل على أشدّه في المرافق العربية وأروقتها المتباينة، بينما كانت وحدة الصف والهدف والمصير قائمة على قدم وساق في إسرائيل وحلفائها، فظلت المؤسسات الأمنية والعسكرية والدولة العميقة تنخر في عمق الجسد العربي لتجعل من أصل الصراع بحجم أنها قضية هامشية ودولية لا تهمنا كدول عربية عظيمة لها ثقلها السياسي والعسكري والدبلوماسي والتاريخي والعقائدي؛ بل من يتتبّع الخيوط الرفيعة لسياسة إسرائيل نحو عزل القضية وتغييب تأصيلها حتى في عقول وقلوب الدول الإسلامية يجدها قد نجحت بامتياز، والأكثر من ذلك أنها استطاعت عبر أيادي الظل تجريد الوعي المجتمعي العربي من مفاهيم وقيم الوحدة العربية والتآخي الإسلامي والحفاظ على حياة الإنسان والدفاع عن حقوقه والأهم من كل ذلك تغييب القضية المصيرية الأساسية وطمس الكفاح العربي الطويل فيما يتصل بالقضية الفلسطينية.
وبالرجوع إلى التاريخ قليلًا، نجد أن الفلسطينيين على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم قدَّموا قلوبهم على كفوف أيديهم منذ الانتفاضة الأولى التي انطلقت من قطاع غزة (1987- 1993) وامتدت إلى الضفة الغربية، ثم الانتفاضة الثانية (2000 -2005) فكان الفقهاء والعلماء والمثقفين وبعض رجالات السياسة والعسكر يجاهرون ليل نهار بالمقاطعة للمنتجات الأمريكية والصهيونية، وتأسيس جيل يستكمل مسيرة النضال العربي ضد الصهاينة المغتصبين، لنجد أن كل هذه الفقاعة الكبيرة قد انفجرت في حرب العقيدة والمصير الصهيونية التي تُبرِّر إبادة الإنسان في قطاع غزة وتصفية حثيثة للقضية الفلسطينية، وكأن لسان الحال يقول استطعنا أن نطمس فلسطين خلال سبعة عقود ونصف.
إنَّ ما تعانيه القضية الفلسطينية من تهميش دولي ومن جانب بعض العرب- للأسف- قد تسبَّب في ما تمر به المنطقة اليوم من غطرسة صهيونية وهيمنة أمريكية، ويجب أن يعلم الجميع أن القضية الفلسطينية هي أساس الصراع والتأصيل والمرجعية الأولى لأي مفاوضات أو تفاهمات، وليس التنصل والتهميش والانسحاب وانتهاج سياسات تتنصل من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الدول العربية، وخاصة الكبرى منها والفاعلة تاريخيًا وسياسيًا.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترامب: إسرائيل أرسلت عملاء إلى المواقع النووية الإيرانية التي تعرضت للقصف للتأكد من تدميرها
#سواليف
كشف الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب أن #إسرائيل “أرسلت عملاء إلى #المواقع_النووية_الإيرانية التي تعرّضت للقصف للتحقق من تدميرها بالكامل”.
وأكد ترامب في تصريح على هامش قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في مدينة لاهاي، أن “الهجوم المفاجئ الذي شنته الولايات المتحدة كان سريعا إلى درجة لم تسمح لطهران بإزالة اليورانيوم من تلك المواقع”.
وشدد على أن “الضربات الجوية دمّرت منشآت إيران النووية وأعادت برنامجها النووي عقودا إلى الوراء،” وذلك بالرغم من تسريب تقييم استخباراتي أولي يفيد بأن طهران قد تتمكن من إعادة بناء برنامجها خلال أشهر.
مقالات ذات صلة مهم للمسافرين عبر جسر الملك حسين 2025/06/25وقال ترامب للصحفيين خلال القمة: “أفهم أن إسرائيل تُعد تقريراً حول نتائج الضربة، وقيل لي إنهم أكدوا أن ما حدث هو تدمير كامل. لديهم أشخاص يدخلون المواقع بعد الضربة، وقالوا إنها دمّرت بالكامل. وأنا أعتقد أنها دُمّرت بالكامل”.
وجاءت تصريحات ترامب عقب الهجوم على التقييم السري الذي أعدته وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، والذي تسرّب إلى شبكة “سي إن إن”، وتضمّن تقديرات تفيد بأن إيران يمكنها استعادة برنامجها النووي خلال أشهر.
وكتبت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على منصة “إكس”: “هذا التقييم المزعوم خاطئ تماما، وقد كان مصنفا على أنه سري للغاية، لكن تم تسريبه إلى “سي إن إن” من قبل شخص مجهول ومنخفض الرتبة في مجتمع الاستخبارات”.
وأضافت: “تسريب هذا التقييم هو محاولة واضحة للنيل من الرئيس ترامب، وتشويه سمعة الطيارين المقاتلين الشجعان الذين نفذوا مهمة مثالية لتدمير البرنامج النووي الإيراني”.
وختمت ليفيت بالقول: “الجميع يعرف ما يحدث عندما تُلقى أربع عشرة قنبلة تزن كل واحدة منها 30 ألف رطل بدقة على أهدافها: دمار شامل”.