كتب- محمد عمارة:

دفعة صاروخية أُطلقت من طهران، على مدن إسرائيل مساء اليوم الثلاثاء، في أول رد فعل حقيقي بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس في 31 يوليو الماضي وحسن نصرالله أيضا الذي أغتيل منذ نحو 4 أيام.

وفي أبريل الماضي، أطلقت إيران آخر وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، بعد أن شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربات قتلت العديد من كبار القادة الإيرانيين أثناء زيارتهم لسوريا، قبل أن يتجنب الجانبان الدخول في حرب شاملة إقليمية.

ويبقى السؤال، هل الضربات الإيرانية الأخيرة تدفع باتجاه حرب إقليمية في المنطقة؟
يقول محمد جمعة، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريحات لمصراوي، من دبي، إن الموقف الأمريكي هو بيت القصيد وليست إسرائيل.

ويعتقد رياض قهوجي الباحث في الشؤون العسكرية رياض قهوجي، الذي تحدث لمصراوي من العاصمة السعودية الرياض، أن إسرائيل حتما سترد وأن تأثيرات ضرباتها سيكون أعمق بكثير.

و‎أصدر الحرس الثوري الإيراني، مساء اليوم الثلاثاء، بيانا في أعقاب إطلاق وابل من الصواريخ على إسرائيل، قائلا: "إنه أطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل وسيستهدفها مجددا إذا ردت على أي هجوم".

ويرى جمعة، أن الوصول لحافة الحرب الإقليمية يكون المرجعية فيها لأمريكا وليست إسرائيل، لإن إسرائيل لا يمكنها خوض حرب إقليمية بدون حماية وتغطية من الولايات المتحدة.

وتابع جمعة، "ربما يثبت التاريخ أن أمريكا شاركت في كافة العمليات التي حدث".

بينما يرى رياض قهوجي، أن إيران تستطيع أن تقصف إسرائيل بالمسيرات والصواريخ الباليستية والجوالة فقط في حين أن إسرائيل تستطيع قصف إيران بالطائرات والصواريخ الباليستية أيضا.

وتابع فهوجي، أن إسرائيل ستشن غارات على إيران والتي ستحدث دمار أكبر بكثير مما ألحقته الصواريخ الإيرانية، وهو ما يعني الدخول في حرب مباشرة.

وأضاف قهوجي، أن إسرائيل تملك أحدث منظومات الدفاع الجوي المتطورة عالميا في حين أن دفاعات إيران محدودة وبالتالي ضربات إسرائيل ستكون أكثر ضررا.

وفي هذه النقطة بالتحديد يرى جمعة، أنه في هذه الحالة إيران لن يسعها التزام الصمت وستكون الحرب الإقليمية قد بدأت.

وأوضح جمعة، أن لو الأمريكان مع التصعيد ضد إيران وتدفيع إيران الثمن سنرى تصعيدا خطيرا في المنطقة لإن إيران لا تملك إلا الرد بشكل قوي، لكن الدولة العميقة في أمريكا وليس بايدن نفسه، يمكن أن تكبح جماح إسرائيل برد فعل محدود.

وفي أول رد فعل على الهجوم الإيراني، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن بلاده مستعدة لمساعدة إسرائيل في مواجهة هذه الهجمات وحماية الأميركيين في المنطقة.

ودعا بايدن إلى اجتماع مع نائبته هاريس وفريق الأمن القومي الأميركي لمناقشة الهجوم الجديد.

وأضاف جمعة، أن أمريكا إذا أرادت كبح جماح إسرائيل ستهندس الرد الإسرائيلي، وأعتقد أن ترك الأمور لليمين الإسرائيلي في هذه اللحظة سيؤدي لاستهداف البرنامج النووي لأن إسرائيل تريد توريط أمريكا في حرب مع إيران.

ويعتقد قهوجي، أن الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة سيعزز دفاعات إسرائيل والذي قد يشارك في الهجوم في مرحلة ما مستقبلا.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: حكاية شعب حسن نصر الله السوبر الأفريقي سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي ايران وإسرائيل صواريخ باليستية الهجوم الإيراني على إسرائيل الصواريخ الإيرانية على تل أبيب طهران تل أبيب إسماعيل هنية حسن نصرالله فی المنطقة أن إسرائیل

إقرأ أيضاً:

ماذا تقول لنا المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران؟

بدا الهجوم "الإسرائيلي" الأخير على إيران مع ما تبعه من تطورات كاشفا لبعض الحقائق بخصوص المنطقة، ولعل أولها ما يرتبط بموقف الإدارة الأمريكية.

فقد أتى الهجوم في ظل المفاوضات التي كانت تجريها طهران مع واشنطن على عدة جولات، والتي أكد فيها ترامب عدة مرات حرص بلاده على التوصل لاتفاق بخصوص البرنامج النووي الإيراني. فجأة ودون أدنى تردد، انتقل الرئيس الأمريكي لتبرير الهجوم "الإسرائيلي" وتحميل إيران نفسها مسؤوليته من باب أنها رفضت المقترحات الأمريكية، وصولا للشماتة بما حل بها من قصف ودمار واغتيالات. وهنا، ظهر بوضوح أن ترامب وإدارته كانا على علم بالضربة "الإسرائيلية" قبل تنفيذها وأنهما شاركا في عملية تمويه وخداع لطهران، فضلا عن تأكيد وجود ضوء أمريكي أخضر -بالحد الأدنى- لقصف إيران، على عكس ما كانت التصريحات الرسمية تدعي.

ما هو أهم، من ضمن ما كشفه الهجوم وما تلاه، يرتبط بدولة الاحتلال "الإسرائيلي" وما تعرضت له رؤيتها وأولوياتها في المنطقة من متغيرات بعد عملية السابع من أكتوبر وحتى اليوم، وهو تغير شامل يكاد يصل حد 180 درجة، بعد أن تداعت إلى حد كبير النظرية الأمنية السابقة لدولة الاحتلال والتي استمرت لعقود، حيث تتبدى اليوم معالم نظرية جديدة تنسجها حكومة نتنياهو بشكل عملي على الأرض.

في غزة، تعلن المقاومة منذ يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أنها تريد وقف الحرب، وقد قبلت كل ما عرض عليها من مقترحات جادة لذلك، بل إنها عرضت صفقة شاملة تطلق من خلالها كل الأسرى "الإسرائيليين" لديها دفعة واحدة، ورغم ذلك لم توافق حكومة الاحتلال على أي مقترح يشمل وقف إطلاق النار بما في ذلك مقترحات قدمتها هي عبر واشنطن.

وأما الضفة الغربية المحتلة فلم تصل في يوم من الأيام وخصوصا خلال هذه الحرب إلى مستوى تهديد متقدم (فضلا عن وجودي) للاحتلال، ورغم ذلك عمدت حكومة نتنياهو لتفعيل مشاريع الاستيطان وهدم المنازل والحصار والتهجير.

في لبنان، ضبط حزب الله "جبهة الإسناد" بمستوى معين لا يؤدي لحرب مفتوحة أو شاملة أو بلا سقف، وأكد على عدم رغبته في توسيع نطاقها، ورغم ذلك لم تسع "إسرائيل" إلى هزيمته فقط وإنما إلى إفنائه، ضمن سلسلة عمليات لتقويض كادره البشري وأسلحته الاستراتيجية وصولا لقيادة الصف الأول فيه وعلى رأسها أمينه العام السيد حسن نصر الله.

وتمثل سوريا الجديدة بعد سقوط نظام الأسد مثالا نموذجيا لما نتحدث عنه، فهي لا تشكل أي تهديد لـ"إسرائيل"، بل أكدت أكثر من مرة أنها تريد "سلاما مع الجميع" وأنها "لن تسمح بتهديد أي طرف انطلاقا من أراضيها بما في ذلك إسرائيل"، وانخرطت في مباحثات أمنية معها بوساطة أطراف ثالثة، ورغم ذلك لم توقف "إسرائيل" قصفها واغتيالاتها واختطاف المواطنين السوريين، فضلا عن توسيع الاحتلال والتخطيط لمشاريع استيطانية والإعلان عن الرغبة في تقسيم سوريا بدعم شرائح إثنية ومذهبية معينة.

ولا تشذ إيران عن هذه القاعدة، فهي لم تنخرط بشكل عملي ومباشر في الحرب دعما لغزة أو لبنان، وردّت بشكل نسبي ورمزي إلى حد بعيد على اعتداءات "إسرائيل" على أراضيها، بما في ذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، بل إنها لم تردَّ على العدوان الأخير عليها، وانخرطت في مفاوضات حول برنامجها النووي مع الإدارة الأمريكية، ولم يحمها كل ذلك من العدوان "الإسرائيلي" الموسّع مؤخرا.

ملخص كل ما سبق وغيره أن "إسرائيل" تغيرت جذريا في هذه الحرب بعد تداعي نظريتها الأمنية بالكامل، فما عادت تنتظر حصول تهديد لتتعامل معه احتواء أو مواجهة، وإنما تسعى لوأد أي إمكانية لتَشكل تهديد لها -ولو نظريا- في المستقبل، بما يشمل غزو الدول وإقامة مناطق عازلة فيها، ومواصلة القصف وتدمير المقدرات والاغتيالات.

هنا، تثبت "إسرائيل" أنه لا أمان لأحد في المنطقة من عدوانها بالمطلق، وأن إعادة رسم خرائط المنطقة ليست شعارا فارغا للتهويل أو التهديد وإنما سياسة مرسومة ومتبعة، وأنها تسير ضمن مخطط للاستفراد بأعدائها وخصومها الواحد تلو الآخر وفق أجندتها وأولوياتها وتوقيتها هي، بغض النظر أكان هؤلاء الأعداء والخصوم حقيقيين أم مفترضين أو حتى متوهمين.

يعني ذلك أن رهان أي طرف على إمكانية تجنب العدوان "الإسرائيلي" بالحفاظ على سقف محدود من الرد أو بالتدرج البطيء في المواجهة أو حتى بتجاهل كل ذلك؛ رهان خاطئ لن يحمي أحدا ولن يمنع خطط الاحتلال، بل سيسهلها ويتيح المجال لوضعها موضع التنفيذ في التوقيت الأنسب للاحتلال نفسه.

وهنا الرسالة مزدوجة؛ أولها لإيران نفسها، ألا تراهن على العودة سريعا للمفاوضات مع الإدارة الأمريكية (التي أثبتت أنها جزء من العدوان عليها) قبل أن تكسر شوكة الهجوم عليها وتعيد صياغة موازين القوى وقواعد الاشتباك، وإلا منحت الاحتلال مكاسب أكبر في هذه الجولة، بما يعيدها لطاولة المفاوضات أضعف وأقرب لتقديم تنازلات كبيرة، مع احتمال كبير لعودة الاحتلال لاستهدافها لاحقا بشكل أكبر. ويتأتى ذلك بإدامة أمد الاستنزاف وتوجيه ضربات قاسية للمواقع الاستراتيجية والجبهة الداخلية على حد سواء، فرغم كل عوامل التفوق العسكرية والتكنولوجية والدعم لدولة الاحتلال، إلا أنها تبقى أقل قدرة على احتمال حرب استنزاف طويلة مقارنة بإيران؛ بعدد سكانها واتساعها الجغرافي وأسلوب حياتها وخلفية نظامها.

والرسالة الأخرى لدول المنطقة وقواها الحية، بأنها جميعا على قائمة الاستهداف والإضعاف وربما التقسيم، الآن أو لاحقا، وبأشكال وأساليب متعددة، وأن أي موقف منها اليوم، بما في ذلك السكوت أو حتى التواطؤ، لن يحميها من المصير الذي تخططه لها دولة الاحتلال وفق قراءتها لمنظومة التهديدات المحتملة عليها مستقبلا. يجعل ذلك دولا ليست منخرطة في صراع مباشر مع "إسرائيل" اليوم مثل تركيا، وأخرى أبرمت معها اتفاقات "سلام" مثل مصر والأردن، وأخرى في وارد التطبيع معها مثل السعودية، ضمن الأهداف المحتملة مستقبلا.

تلخيصا، لم تعد قواعد وموازين ومعادلات ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قائمة في المنطقة وتحديدا بالنسبة لـ"إسرائيل". وعليه، فكل من يصر على التعامل وفق المعادلات "المنسوخة" سيكون من المستهدَفين والخاسرين وإن ظن عكس ذلك. في منطقة تغلب عليها السيولة والتطورات الضخمة والمواجهات العسكرية الواسعة، يصبح من السذاجة غير المقبولة البقاء في مناطق السكون والركون والثقة بما غيّرته هذه الحرب المستمرة والمتصاعدة يوما بعد يوم.

وللحديث بقية.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • ماذا تقول لنا المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران؟
  • "التعاون الخليجي": عدوان إسرائيل على إيران يحمل سيناريوهات مقلقة
  • "التعاون الخليجي" يُحذّر من سيناريوهات مقلقة للعدوان إسرائيل على إيران
  • إيران تدعو سكان تل أبيب للمغادرة بعد تحذير إسرائيلي مماثل باستهداف طهران
  • كتائب حزب الله في العراق تهدد أمريكا إذا تدخلت في المواجهة بين إيران وإسرائيل
  • المواجهة العسكرية تدخل مرحلة اشتباك إستراتيجية| 3 سيناريوهات تنتظر المنطقة بعد الصراع الإيراني الإسرائيلي.. وخبير يعلق
  • سيناريوهات متشائمة لهزيمة إيران في الحرب!
  • أهداف إسرائيل الحقيقية من ضرب إيران
  • خلال اجتماعه بالسفراء المعتمدين.. “عراقجي”: أمريكا متورطة مع إسرائيل في الاعتداء على إيران.. وردُّنا حق مشروع
  • أخبار العالم | إيران تشن هجمات صاروخية غير مسبوقة على إسرائيل.. مصرع وإصابة العشرات في تل أبيب ونتنياهو يطلب من ترامب انضمام أمريكا للحرب