بخبرة فرنسية.. مهرجان الإسكندرية السينمائي يشارك تلاميذ المدارس في صناعة السينما
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
زار المخرج الفرنسي باتريك جورج إحدى المدارس الدوليه بالقاهره لتعليم التلاميذ مهارات وفنون صناعة الأفلام، وذلك ضمن مسابقة الأطفال التي تم استحداثها بفعاليات الدورة الأربعين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط.
بدأ المخرج الفرنسي اليوم السينمائي بجمع التلاميذ على مسرح المدرسة للبدء في تجربة سينمائية فريدة من نوعها بهدف إدخال الأطفال في عالم صناعة السينما وتعليمهم مهارات جديدة بطرق تفاعلية، وذلك من خلال عرض ثمانية أفلام قصيرة على الأطفال، تحمل في طياتها قضايا اجتماعية وتربوية من خلال رسائل عميقة ومؤثرة، تهدف إلى توعية الأطفال وتعزيز القيم الإيجابية لديهم.
كان أول الأفلام التي عُرضت قصة طفلة تعاني من مرض جلدي، لجأت إلى ارتداء قناع لإخفاء إصابتها خوفًا من تنمر زملائها، لكن المفاجأة كانت عندما قام زملاؤها بارتداء الأقنعة معها تضامنًا، ليؤكدوا لها أنها ليست مختلفة عنهم، مما لاقى تفاعلًا كبيرًا من الأطفال، حيث أدركوا أهمية دعم بعضهم البعض وعدم التنمر.
الفيلم الثاني تناول قضية إدمان الأطفال للإنترنت والشاشات الإلكترونية، مسلطًا الضوء على الأضرار الصحية والنفسية التي قد تصيبهم جراء هذا الإفراط في استخدام التكنولوجيا، أما الفيلم الثالث فقد ركز على قصة طفل مصاب بالتوحد، الذي عانى من صعوبة في التواصل مع الآخرين عبر الوسائل التقليدية كالقراءة والكتابة، فاختار الرسم كوسيلة للتعبير عن مشاعره وأفكاره مع زملائه مما شجعهم على تقبل اختلافه ودعمه.
بعد انتهاء عرض الأفلام، أدار المخرج الفرنسي نقاشا تفاعليا مع الأطفال وشرح لهم مهام صناع السينما و دور كل منهم في صناعة الفيلم من المخرج والممثل والمونتير والمؤلف والمصور، فضلا عن شرح تعريف الفيلم القصير ودورها في نقل الرسائل الاجتماعية، وأسفرت المناقشات عن جمع ردود أفعال التلاميذ حول الأفلام التي شاهدوها، مما ساعدهم على تطوير فهم أعمق لدور السينما في المجتمع.
واختارت إدارة المسابقة برئاسة الباحثة التونسية نورس الرويسي فيلم “الماسك والمرض الجلدي” ليكون الذي سيقوم تلاميذ المدرسة بتصويره بأنفسهم، وبدأ المخرج الفرنسي باختيار مواقع التصوير بالمدرسة من الفصول المدرسية والملاعب، مما زاد حماس تلاميذ المدرسة لتجربة صناعة السينما.
في ختام اليوم، أعرب باتريك جورج عن أمله في أن تكون التجربة قد ألهمت التلاميذ وأثرت فيهم فهم أعمق لدور السينما في نقل الرسائل الإيجابية وبناء جسور التواصل، فيما أكد الأطفال على استفادتهم الكبيرة من التجربة، معبرين عن حماسهم لتعلم المزيد عن عالم السينما التي يمكن أن تكون وسيلة لنشر الرسائل الإيجابية في المجتمع.
وكانت إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي برئاسة الناقد الفني الأمير أباظة قررت تخصيص مسابقة لأفلام الأطفال في دول البحر المتوسط وتعرض أفلامها في دور العرض ومدارس الإسكندرية و القاهره في المرحلتين الابتدائية والإعدادية ورياض الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة بالتعاون مع وزارات التربية والتعليم والشباب والمركز القومي لثقافة الطفل بوزارة الثقافة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط مهرجان الإسكندرية مهرجان الإسكندرية السينمائي مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط صناعة الأفلام المخرج الفرنسی
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: التتر السينمائي.. حكاية ما قبل البداية وما بعد النهاية
دعني أسألك سؤالًا بسيطًا: متى كانت آخر مرة شاهدت فيها تتر فيلم دون أن تضغط زر "تخطٍ"؟ هل تتذكر شكل الخط؟ اسم المصور؟ أو حتى صوت الموسيقى التي تنساب مع ظهور الأسماء واحدًا تلو الآخر؟ الأغلب – وأقولها بلا لوم – لا يفعل.
التتر صار شيئًا يشبه التحية الواجبة التي نقفز فوقها، كما نقفز فوق مقدمة كتاب مليئة بالإهداءات أو تنويهات الناشر.
لكنني أصدقك القول: التتر ليس مجرد قائمة أسماء.
إنه لحظة تأمل، جسر زجاجي بين الواقع والفيلم، بداية صامتة – أو صاخبة – تقول لك: "اجلس. سنبدأ رحلة صغيرة. تفضل واهدأ." وربما، فقط ربما، يكون التتر هو أجمل ما في الفيلم كله.
في زمن صارت فيه المتعة تُختصر، والقصص تُقضم بسرعة الوجبات السريعة، يظل التتر وفياً لطبيعته المتأنية.
هنا، لن نكتفي بالنظر إلى التتر من الخارج كغلاف أنيق، لكننا سنتسلل إلى قلبه، نفك خيوطه، ونتأمل في تلك اللحظات التي لا يتوقف عندها أحد... إلا من يحب السينما حقًا.
التتر – أو كما يسميه أهل الصناعة "الكريدتس" – هو ذلك المشهد الهادئ نسبيًا، الذي يظهر عادة في البداية أو النهاية، تتوالى فيه أسماء الأشخاص الذين قضوا شهورًا، وربما سنوات، في صناعة الفيلم الذي شاهدته.
أسماء تمر أمامك بسرعة، المخرج، الكاتب، مدير التصوير، مهندس الصوت، مساعد المخرج الثاني، وحتى من أحضر القهوة في الكواليس... الجميع يمر من أمامك، كأنها طوابير الجنود العائدين من المعركة.
لكن الغريب حقًا؟ أنك لا تتذكر معظمهم. وفي الحقيقة، لا أحد يلومك.
التتر لم يُخلق لكي يُحفظ، وإنما وُجد ليكرم من ساهموا في العمل الفني. مثل لوحة تذكارية على جدار طويل، لا يتوقف عندها أحد إلا إذا كان يبحث عن اسمه.
هناك من التترات ما يظهر في البداية، ويهيئك نفسيًا للدخول إلى عالم الفيلم. يضبط الإيقاع، يلعب بالموسيقى والألوان، يخبرك أنك على وشك أن تُفلت الواقع. وهناك تترات تأتي في النهاية، تتدفق معها الأسماء كموجة شكر جماعية، تضع يدها على كتف كل من ساهم في بناء الحلم.
في بدايات السينما، لم يكن هناك ما يُعرف بالتتر على النحو الذي نعرفه اليوم. السينما الصامتة كانت مشغولة بما هو أعقد، كيف تحكي دون صوت؟ كيف تُفهم دون شرح؟ فكانت أسماء الطاقم مجرد معلومات عابرة، بلا فن، بلا اهتمام.
ثم جاء عصر هوليوود الذهبي، وبدأ كل شيء يتغير.
صارت الأسماء تُعرض بخط جميل، والموسيقى ترافقها، وصار هناك إدراك بأن اللحظات الأولى في الفيلم لا تقل أهمية عن أي مشهد درامي داخله.
ثم أتى سول باس (Saul Bass)، رجل لم يكن مخرجًا لكنه غير شكل التتر إلى الأبد. مصمم جرافيك أعاد تعريف البداية السينمائية. جعلها تتحرك، تنبض، وتقول شيئًا من دون كلام. أعماله لأفلام هيتشكوك وكوبريك مثال يُدرس في تحويل التتر إلى قصيدة بصرية قصيرة.
ومع التطور التكنولوجي، بدأ المخرجون يستخدمون التتر كمساحة للتجريب.
في السبعينيات والثمانينيات، صار التتر لوحة فنية مستقلة. وفي التسعينيات، ومع دخول المؤثرات الرقمية، بدأت الألوان تتراقص، والخطوط تنكسر وتعود، والرسائل الخفية تختبئ خلف الصور المتحركة.
اليوم، في زمن المنصات الرقمية، صار التتر يصرخ كي يُرى. لم يعد أمرًا مفروغًا منه، وإنما محاولة للفت الانتباه وسط زحام "تخطِ المقدمة".
بعض التترات تهمس لك بما سيحدث، دون أن تفسد عليك المفاجأة. تأتي كالنبوءة الصامتة، لا تفهمها إلا بعد أن ينتهي كل شيء.
أحيانًا تكتشف بعد مشاهدة الفيلم أن التتر كان يحكي القصة من البداية، لكن بلغة رمزية. مشاهد سريعة، رموز، صور، موسيقى تتغير فجأة... كلها إشارات بأن الفيلم بدأ قبل أن تعرف أنت ذلك.
في بعض الأفلام، التتر هو المشهد الأول بالفعل. لا تمهيد، لا مقدمات... فقط إيقاع بصري وسمعي يأخذك من يدك، ويرميك في قلب الفيلم. وأحيانًا يكون وسيلة المخرج لقول ما لا يستطيع قوله في السيناريو. همسة سرية للمشاهدين الذين يعرفون أن السينما تُقرأ كما تُشاهد.
التتر لن يغيّر العالم، لكنه يظل، في هدوئه، من أصدق لحظات الفيلم.
هو تحية لكل من آمن بالقصة، وعمل على إخراجها للنور.
أن تُشاهد التتر، يعني أنك تُكمل الحكاية حتى آخر كلمة... حتى آخر نبضة.
ولربما، في زمن السرعة والتخطي، أن تكون من الذين ينتبهون للتتر... هو فعل نادر.
في المرة القادمة، قبل أن تضغط زر "تخطٍ"، جرب أن تبقى... فقط دقيقة…
في البداية يُرحب بك التتر، وفي النهاية يودعك... وبين الترحيب والوداع، هناك فيلم، وهناك روح… لا يراها إلا من اختار أن يُشاهد كل شيء، حتى الأسماء.