وكأنما كان لها من اسمها نصيب، الدورة «الأربعون» لمهرجان الإسكندرية السينمائي، جاءتِ الفعاليات «أربعينية»، في خريف العمر «الناضج» الذي يعتبره البعض رمزًا لبداية «الذبول» وبشائر لـ«صدمة النهايات»، ومع حلول الخريف العالمي بمقاييس الحسابات الفلكية، حل خريف آخر بمدينة الإسكندرية، غُرة أكتوبر، بفعاليات مهرجان «عادي» كان حضور نجمته الأيقونة «نيللي» أكبر حسناته، وسط غياب ملحوظ لنجوم الفن السابع ممَّن كانوا في الماضي القريب يتدافعون دفعًا للسير على السجادة الحمراء للمهرجان العريق على شاطئ عروس البحر.

في أحد الفنادق الكبرى (النائية) بمنطقة المعمورة، شرقي المدينة، وعلى مدار «5» أيام، فقط، تقافزت ساعات الفعاليات، وحاول القائمون على المهرجان مواجهة «الأزمة المالية» التي أجبرتهم على «إلغاء الإصدارات الورقية والنشرة اليومية»، وتفتقت أذهانهم عن إبرام «بروتوكول» مع عدد من المدارس، لحضور التلاميذ عروض أفلام سينما الطفل، للتغلب على مشكلة «قاعات العرض الخاوية»، كما عقدت ورشة التصوير السينمائي لمدير التصوير سمير فرج، و«ماستر كلاس» المخرج محمد عبد العزيز، وجرى الاحتفال بتخرج الدفعة الثانية من معهد السينما بالثغر، ولم تشفع محاولات جذب النجوم، ولو بالحضور في ندوات تكريم الكبار (نيللي، ولطفي لبيب)، وترددت أصداء التصريحات «المؤلمة» لرئيس المهرجان، الأمير أباظة، بالشكوى من ضعف الميزانية التي لا تتعدى «2.5 مليون جنيه»، وهي نفس الميزانية التي لم تتغير منذ 2016!

شهدتِ الدورة الحالية سلسلةً من الاعتذارات، أولهم الفنان السوري أيمن زيدان الذي اعتذر عن عدم المجيء لتكريمه، بسبب الحرب على لبنان، كما اعتذرتِ الفنانة بدرية طلبة عن التكريم لظروف صحية طارئة، وبرغم إصدار «كتاب» عنها يحمل اسم «نوارة السينما»، غابت النجمة منة شلبي عن التكريم دون سبب معلن، وفي آخر أيام المهرجان تم تأجيل إعلان جوائز مسابقة ممدوح الليثي للسيناريو، لظروف طارئة للإعلامي عمرو الليثي، حتى أن حفل الختام بدا هزيلًا ولم يرقَ حتى إلى كونه «دعوة على العشاء»، فمَن حضر من النجوم لا يتعدى أصابع اليدين، على رأسهم نيللي والمخرج يسري نصر الله ومحمد رياض وزوجته رانيا محمود يس (لكونها عضو لجنة تحكيم)، وسامح حسين (لكونه رئيس لجنة تحكيم أفلام الطفل)، وخالد سرحان (رئيس لجنة تحكيم)، وعدد قليل من الفنانين.

وبإعلان فوز الفيلم التونسي (الما بين) كأفضل فيلم عربي وحصد أيضًا جائزة أفضل ممثلة للفنانة أمينة بن إسماعيل، والفيلم المصري «الماعز» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، واليوناني «أغنية الماعز» كأفضل فيلم روائي، والمغربي «خلف الجبال»، كأفضل فيلم وثائقي، وفوز الفيلم الكرواتي «الاحتفال» بجائزتَي أفضل سيناريو ومخرج، يكون الستار قد أُسدل على المهرجان.

في هذا العام، استُحدثت مسابقة «أفلام الطفل»، وخضعت مسابقتا «أحمد الحضري» لأفضل فيلم قصير، و«أفلام شباب مصر» للجنة تحكيم واحدة، برئاسة الفنان خالد سرحان، وشارك بمسابقة أحمد الحضري «8» أفلام «إنسانية»، هي: «لعل الله يراني، ضفائر تائهة، نور، وصلة، وحيد، سوء اختيار، الرؤيا، وحلاوة الدنيا»، وللعام الثاني على التوالي، تقام مسابقة أفلام شباب مصر، بفرعيها الوثائقي والروائي، واختار القائمون على المهرجان، أفلامًا تسلط الضوء على التحديات الراهنة. أما الحرب الدائرة في غزة، فكانت حاضرة بقوة بتخصيص يوم كامل باسم «فلسطين»، شمل معرضًا للفن التشكيلي، ضم «13» عملًا مصوَّرًا يجسد أهوال غزة، وتقديم سهرة فنية وطنية لفرقة «مقام» الفلسطينية، وتنظيم عروض لأفلام فلسطينية، منها «الموت في جنين»، و«دوامة الحياة»، و«سأعود إليك»، و«خلاويص»، وعالجت أفلام لبنانية تداعيات الحرب في «6» أفلام، هي: «أمي المحبة»، «روح»، «أنا يا بحر منك»، «تالت مرة بموت»، «كيل»، و«لو غرقت الشمس في بحر الغمام»، فيما شاركت سوريا بفيلم «كانو 4» عن معاناة جيل ضائع أنهكته الحرب.

وتأرجحت معالجات السينما المصرية بين قضايا الهوية والصراعات النفسية والاجتماعية، في مسابقة الأفلام القصيرة، في «بحر»، «بيت الصدى»، «إسكندر»، «مش منكوشة»، و«الهرم». أما مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، التي تحمل اسم نور الشريف، فلم تخلُ من القصص الإنسانية، بمشاركة «6» أفلام، بدأت بفيلم الافتتاح «يومين» بطولة الفنان الكبير دريد لحام، وإخراج باسل الخطيب، في ثالث تعاون بينهما، وتناول آلام الشعب السوري خلال فترة الحرب، وشاركت تونس بفيلمَي «خلف الجبال»، و«الما بين» الذي رشحته تونس لتمثيلها في مسابقة الأوسكار، ومن المغرب «على الهامش»، وشارك الفيلم المصري «الماعز»، تأليف وإخراج إيلاريا بوريللي، بطولة نيللي كريم وعمرو سعد وسيد رجب، والذي أثار جدلاً لمخالفته قواعد المهرجان نظراً لعرضه جماهيريًّا في سبتمبر الماضي، وفيلم «بحر الماس» الذي يضم نجومًا من مصر والسعودية.

مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، لدول البحر المتوسط، الذي يترأسه الناقد الأمير أباظة، تحت رعاية أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والفريق أحمد خالد حسن محافظ الإسكندرية، استقبل في دورته الأربعين «63» ضيفًا، من دول البحر المتوسط، بمشاركة «140» فيلمًا من «26» دولة في مختلف المسابقات الرسمية، والبرامج الموازية، وتحت شعار «السينما تصنع الحب»، كرمت إدارة المهرجان عددًا من الرموز، على رأسهم: أيقونة الاستعراض نيللي، التي أُهديت الدورة لها، وأسماء أخرى منها الفنان القدير لطفي لبيب، والناقد العراقي مهدي عباس، والممثلة المغربية سعاد خويي، والإيطالية إيزابيل أدرياني، والفرنسية آن باريو، واسم الكاتب الراحل أبو السعود الإبياري، بمناسبة مرور «90» عامًا على تقديم أول أعماله، واسم الأيقونة الراحلة هند رستم، احتفالًا بمرور «75» سنة على ظهورها الأول بفيلم «غزل البنات»، والتي تتصدر أفيش المهرجان بشخصيتها السينمائية الأشهر «هنومة» في فيلم «باب الحديد»، كما اختارتٍ الدورة الأربعون «17» فنانًا من مبدعي الثغر لمنحهم أوسمة التكريم، منهم: عارفة عبد الرسول، شريف دسوقي، الشاعر الغنائي عماد حسن، المطرب عمر محمود، وآخرون.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: لطفي لبيب الفنانة نيللي عارفة عبد الرسول الإسكندرية السينمائي لجنة تحکیم أفلام ا فیلم ا

إقرأ أيضاً:

خالد صديق: لولا دعم القيادة السياسية ما كان تم تنفيذ مشروع حدائق تلال الفسطاط

قال المهندس خالد صديق رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية، إنّه لولا دعم القيادة السياسية ما كان تم تنفيذ مشروع حدائق تلال الفسطاط، موضحًا: "في الزيارة الماضية للمشروع، قال رئيس الوزراء إنه عندما كان رئيس هيئة التخطيط العمراني كان قد صمم تخطيطا لهذه المنطقة كي تتحول على ما هي عليه الآن".

خالد صديق: مشروع حدائق تلال الفسطاط من أكبر المشاريع في الشرق الأوسط وأفريقيا

وأضاف صديق، في لقائه مع الإعلاميين سارة سراج وباسم طبانة، ببرنامج "هذا الصباح"، عبر قناة "إكسترا نيوز": "تم البدء في تطوير هذا المشروع عام 2021، فالقيادة السياسية لديها العزيمة من أجل تذليل الصعاب المختلفة كما أن لديها الجرأة في تنفيذ هذا النوع من المشروعات".

لم تكن عشوائيات فقط

وتابع: "المنطقة كانت عبارة عن مقلب نفايات للقاهرة، وكانت جبال نفايات ومخالفات بناء، لكننا عالجناها، ووضعنا فلاتر رمال وركام حتى نعزل الانبعاثات وقمنا بعمل صرف مياه زراعية، وبذلنا جهود جبارة، فطبيعة الأرض صعبة للغاية، وكان لدينا 4700 أسرة في عزبة أبو قرن كانت تعيش دون مستوى الحياة في عشش صفيح وحمامات مشتركة، لم تكن عشوائيات فقط، بل كانت من أشهر العشوائيات التي يتم عرضها في المنتديات العالمية".
 

طباعة شارك خالد صديق صندوق التنمية الحضرية القيادة السياسية حدائق تلال الفسطاط التخطيط العمراني

مقالات مشابهة

  • للعام الخامس.. إسماعيل يوسف مسؤول التغطية الإعلامية في مهرجان الإسكندرية السينمائي
  • ان كانت هذه رؤيته فمرحبا بها و عليه أن يثبت ذلك بالأفعال لا بالاقوال
  • مهرجان روتردام للفيلم العربي يختتم دورته الـ25 بتكريم ليلي علوي وإعلان الجوائز
  • خالد صديق: لولا دعم القيادة السياسية ما كان تم تنفيذ مشروع حدائق تلال الفسطاط
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • فتح باب المشاركة في "المهرجان السينمائي الخليجي" بمسقط.. والانطلاق في 16 نوفمبر
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • مسابقة التصوير العالمية للطعام.. تعرف على الصور التي حازت على المراكز الأولى
  • الحصيني يكشف سبب العاصفة المفاجئة التي ضربت الإسكندرية
  • باسم محمود ياسين | انطلاق مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي سبتمبر 2025