أكد نخبة من المسؤولين من الإمارات والعالم أهمية دمج البيانات والأتمتة في النظام الحكومي كوسيلة رئيسية لتحسين مستوى المعيشة، مشددين على ضرورة تقديم الحكومات للجمهور خدمات تساهم في تعزيز التوازن بين حياتهم العامة والخاصة، بما يسهم في تطوير المدن بشكل متكامل. كما تناول المتحدثون أهمية تحسين البنية التحتية واستغلال المساحات بشكل أمثل كأحد أفضل الحلول لبناء مدن المستقبل.

وفي هذا السياق، برزت إمارة الشارقة في الجلسة واحدة من المدن العالمية التي نجحت في تحويل ورقمنة خدماتها إلى ذكية وسلسة، باعتمادها على البيانات، ما ساهم في تحويلها إلى وجهة مفضلة للإقامة والعمل.
جاء ذلك خلال جلسة “مدن المستقبل: تطويع البيانات لتحقيق التنمية المستدامة” ضمن فعاليات “المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية 2024″، بمشاركة الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وآنا كونيج چيرلمير، عمدة مدينة ستوكهولم السابق، وروبرت ندوغوا، رئيس قسم البيانات والتحليلات، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وأدارت الحوار ندى تريم، الرئيس التنفيذي لـ”بيئة للعقارات”.
3 عناصر لمدن المستقبل
وفي مشاركته في الجلسة، قال الشيخ فاهم القاسمي: “تتكون مدن المستقبل من ثلاثة عناصر رئيسية تتمثل في الأمن، المجتمع، وتقديم الفرص للسكان. ومع وصول عدد سكان الشارقة إلى 1.8 مليون نسمة من 204 جنسيات، وبلوغ حجم اقتصادها نحو 45.1 مليار دولار، تبرز أهمية هذه العناصر في تعزيز الرفاهية وجودة الحياة”.
وأضاف: “يعتبر دمج البيانات والأتمتة في النظام الحكومي أمراً بالغ الأهمية لضمان تقديم أفضل الخدمات للسكان وتحسين مستواهم المعيشي. وقد استفادت الإدارات العليا في حكومة الشارقة من تجارب ناجحة من مدن عالمية في بناء مجتمعات مستدامة وخضراء، مما يعكس التزامها بتطبيق أفضل الممارسات في التخطيط والتنمية الحضرية”.
خدمات راقية تعزز الموازنة بين العامة والخاصة
بدورها، أكدت كونيج جيرلمير أن الرؤية المستقبلية لمدن المستقبل تركز بشكل رئيس على ضرورة تقديم خدمات راقية للسكان تعزز من موازنتهم بين حياتهم العامة والخاصة، مما يجمع بين تطوير المدن ورفاهية السكان. وفي هذا السياق، استعرضت جيرلمير تجربة مدينة استوكهولم، التي حصلت على لقب الأذكى عالمياً لعام 2017، حيث أكدت أهمية التواصل المباشر مع السكان لفهم احتياجاتهم وقيمهم وثقافاتهم، مما يعد أساساً لتأسيس مدن مستقبلية ناجحة.
وحول أهمية الاستثمارات في المدن الخضراء، قالت عمدة استوكهولم السابقة: “يجب أن تمتد الخدمات إلى جميع أنحاء المدينة وليس فقط إلى مركزها، بما يسهم في تحقيق العدالة والشفافية والمرونة، ويعزز رفاهية السكان، ويضمن استدامة المدن لتكون صديقة للبيئة، وهذا كله يعتمد بالدرجة الأولى على البيانات”.
تحديات المدن تحتاج حلولاً مبتكرة
من ناحيته، رأى روبرت ندوغوا أن بناء مدن المستقبل يتطلب التركيز على المدن العمودية واستصلاح البيوت المتهالكة واستغلال المساحات بشكل أمثل، مع تحسين البنية التحتية باستخدام البيانات والمؤشرات الإحصائية. وقال: “هذه الحلول تعتبر من أفضل الطرق لتشكيل ملامح المدن المستقبلية، حيث تسهم في تحسين التخطيط الحضري وتلبية احتياجات السكان المتزايدة”.
وأضاف ندوغوا: “كما أن التكنولوجيا والرقمنة تلعبان دوراً محورياً في تسريع تقديم الخدمات للسكان، مما يضمن التطور الحضري المستدام. وتأتي أهمية تدريب السكان وتأهيلهم رقمياً كعنصر أساسي أيضاً، حيث يُمكن الاعتماد على البيانات التغذية الراجعة الأمثل التي تعزز رفاهية السكان. ومع التحديات التي يواجهها صناع القرار، مثل الازدحام الحضري وارتفاع تكلفة السكن، تتضح الحاجة إلى حلول مبتكرة للتعامل مع هذه المشكلات التي تؤثر على مليارات الأشخاص حول العالم. وهنا يكفينا أن نعلم أن هناك أكثر من مليار نسمة يعيشون في أحياء فقيرة، و2 مليار نسمة لا يملكون ثمناً لشراء بيوتهم، وينفقون أكثر بمقدار 30 % من دخلهم الأساسي”.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

افتتاح فعاليات الملتقي البيئي الثاني للتنمية المستدامة بجامعة بنها

افتتح الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والمهندس أيمن عطية محافظ القليوبية ، والدكتور ناصر الجيزاوى رئيس جامعة بنها ، فعاليات الملتقي البيئي الثاني للتنمية المستدامة بعنوان " من الندرة للاستدامة تحديات وحلول ".

جاء ذلك بحضور الدكتور سلامة جمعه داود رئيس جامعة الأزهر ، والدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة السابق ، والدكتور علي شمس الدين رئيس جامعة بنها الأسبق ، والدكتور السيد فودة نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ، والدكتورة جيهان عبد الهادى نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث ، وممثلى جامعات (القاهرة – عين شمس – حلوان ) ، وممثلي الأزهر والأوقاف بالقليوبية والقيادات الأكاديمية والإدارية بالجامعة. 
وأكد الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن اللقاء الذي احتضنته جامعة بنها برعاية تحالف جامعات القاهرة الكبرى جاء في توقيت بالغ الأهمية لما يتضمنه من دعوة إلى الإحسان في التعامل مع النعم التي أنعم الله بها على الإنسان استنادًا إلى قوله تعالى لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.

وأضاف فضيلة المفتي أن البيئة بطبيعتها واجتماعها تُعد أساس وجود الإنسان وأن الإنسان الذي خلقه الله وكرّمه وسخر له ما في السماوات والأرض بات في كثير من الأحيان جاحدًا بهذه النعمة مخالفًا مقتضى قانون التسخير الذي أقره الله تعالى.

وأكد المفتي أن المحافظة على البيئة ليست حكرًا على أصحاب ديانة معينة وإنما هي تكليف إنساني شامل لقوله تعالى " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"مشيرًا إلى أن الأزمة البيئية الراهنة تعكس فجوة عميقة بين ما أراده الله للإنسان من عمارة الأرض وما آل إليه سلوكه.

وشدد فضيلته على أن الإنسان أمام تحديين أساسيين هما دوام العمل وحسن العمل انطلاقًا من قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ" مؤكدًا أن الإيمان لا ينفصل عن العمل وأن حسن استثمار الموارد الطبيعية والوفاء بحقوق الأجيال القادمة يمثلان أمانة ثقيلة.
وفي كلمته اكد المهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، أن الجامعات المصرية تلتزم بدورها الوطني من خلال تبني قضايا البيئة والمجتمع، وهو ما يتجلى في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تسهم في رفع الوعي وتعزيز الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة.

وأعرب المهندس أيمن عطيه عن شكره وتقديره لكل من ساهم في إقامة هذا المؤتمر وخروجه بهذا الشكل المشرف، مشيدًا بالجهود المبذولة لإنجاحه.

كما لفت محافظ القليوبية إلى اهتمام القيادة السياسية الكبير بهذا الملف، حيث قامت الدولة بإنشاء العديد من محطات معالجة الصرف الصحي والزراعي لإعادة تدوير المياه والحفاظ عليها ، مشيرا إلى وجود أكبر محطة صرف صحي في الشرق الأوسط بمحافظة القليوبية، وهي محطة الجبل الأصفر، بالإضافة إلى محطة بحر البقر لمعالجة الصرف الصحي بسيناء.

وفي كلمته اكد الدكتور ناصر الجيزاوي ، أن ملتقى التنمية المستدامة في دورته الثانية يعكس التزام جامعة بنها العميق نحو مستقبلٍ أكثر توازنًا واستدامة ، حيث يأتى الملتقى بعنوان "من الندرة إلى الاستدامة: تحديات وحلول المياه والطاقة والغذاء"، ليكون منصةً علمية وحوارية تسهم في رسم خارطة طريق واضحة نحو مواجهة التحديات الكبرى التي تهدد أمن الإنسان وبيئته.

وأشار " الجيزاوي " إلي إن التنمية المستدامة لم تعد خيارًا بل ضرورة، ومسؤوليتنا الأكاديمية والمجتمعية تقتضي أن نكون فاعلين في صياغة الحلول وتقديم نماذج قابلة للتكرار والنجاح.  

وأشاد رئيس الجامعة بجهود الدولة المصرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تتجلى في "رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030"، حيث تبنت الدولة سياسات طموحة لتعزيز الأمن المائي عبر مشروعات التحلية وتبطين الترع، والتوسع في الطاقة النظيفة من خلال مشروعات كبرى إلى جانب دعم الزراعة الحديثة ، وتمكين الفئات الأكثر احتياجًا، وتطوير التعليم والبحث العلمي كركائز للنمو الشامل.  

وأكد الدكتور ناصر الجيزاوي ، أن جامعة بنها تضع الاستدامة في صميم رؤيتها الإستراتيجية، وتتبنى سياسات متكاملة تشمل الإدارة الرشيدة للموارد، ودمج مفاهيم الاستدامة في المناهج الدراسية، وتشجيع البحث والابتكار لحل تحديات الطاقة والمياه والغذاء ، لافتا إلي أن الجامعة تطلق العديد من المبادرات المجتمعية بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، وتسعى للتحول نحو جامعة خضراء تستوفي المعايير البيئية العالمية، مؤكدةً بذلك التزامها الجاد ببناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.  

وفي ذات السياق أكد الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف أهمية دور الجامعات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة باعتبارها منابر لإنتاج المعرفة مشيرًا إلى أن الابتكار وعدم التقليد هما مفتاح الريادة في هذا العصر.
وأشار داود إلى أن الأزهر الشريف يمثل قيمة حضارية كبرى وهو كما قال نيل بجوار النيل وله تاريخ في دعم الشعوب المجاورة في أوقات الأزمات.

 أضاف الدكتور السيد فوده أن الملتقى البيئي الثاني يعكس الواقع الذي نعيشه وتطلعاتنا المستقبلية، في ظل واقع عالمي تتزايد فيه التحديات البيئية، وتُطرح فيه تساؤلات جادة حول مستقبل الموارد الطبيعية، وجدوى النماذج التنموية التقليدية، وكيفية الانتقال إلى استدامة شاملة تُوازن بين احتياجات الحاضر وحقوق الأجيال القادمة.

وأوضح نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة أن هذا الملتقى يُعقد تحت مظلة "تحالف جامعات إقليم القاهرة الكبرى"، والذي يجسد نموذجًا للتعاون والتكامل بين الجامعات المصرية في قلب الوطن، من أجل توحيد الجهود العلمية والبحثية والمجتمعية لمواجهة التحديات التنموية والبيئية المشتركة.

وقال " فوده " إن هذا الملتقى ليس مجرد تجمع أكاديمي، بل هو إعلان صريح عن التزام تحالف جامعات إقليم القاهرة الكبرى، عبر تحالفها، بالمساهمة الفعلية في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، في مجال البيئة والتنمية المستدامة.

وفي كلمته استعرض الدكتور أيمن فريد وزير الزراعة الأسبق ، استدامة الإنتاج الزراعي في ضوء محدودية الموارد الطبيعية والبشرية ، مشيرا إلي تأثير  التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة علي عدد من المحاصيل الزراعية. 
كما استعرض الدكتور أيمن فريد رفع كفاءة طرق ونظم الري الحقلي ، واستخدامات الطاقة الشمسية في الزراعة.

طباعة شارك القليوبية بنها محافظ القليوبية

مقالات مشابهة

  • البيان الختامي لمؤتمر “حل الدولتين”: الحرب والاحتلال والنزوح لن تفضي إلى السلام
  • افتتاح فعاليات الملتقي البيئي الثاني للتنمية المستدامة بجامعة بنها
  • انطلاق فعاليات بازار “أياد منتجة” في دمشق بمشاركة 35 سيدة من مختلف المحافظات
  • ينطلق برعاية خادم الحرمين في فبراير.. الدوسري: “المنتدى السعودي” يعيد تشكيل مستقبل الإعلام بالمنطقة
  • المدن الأفريقية الأكبر بعدد السكان في العام 2024 (إنفوغراف)
  • أردوغان يمهد لمرحلة ما بعد “بي كا كا”: إصلاح شامل للبلديات ونهاية عهد الوصاية
  • تحت شعار “ابتسامة العافية”.. أمير القصيم يرعى تدشين فعاليات اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي
  • المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2025 المعني بالتنمية المستدامة
  • من قلب +8: أسئلة مؤجلة من المستقبل عن الهوية والتنمية وروح المجتمع
  • “فيفا” يفتتح في الرباط مقره الإقليمي بإفريقيا