برلماني عن قمة مصر وإريتريا والصومال: أحدثت توازنًا استراتيجيًّا لمجابهة التحكم بمنابع نهر النيل
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
كتب- نشأت علي:
قال الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، إن الجهود المصرية المبذولة من أجل تعزيز السلم والأمن بالقارة الإفريقية تمثل أهمية كبيرة، عبر دعم ورعاية جهود الوساطة في النزاعات، فضلًا عن المساهمة في بعثات حفظ السلام الأممية الرامية إلى دعم وبناء السلام في الدول الإفريقية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تعمل على تعزيز واستدامة دورها المحوري والتاريخي في القارة الإفريقية، وبشكل خاص في منطقة القرن الإفريقي، لتصبح لاعبًا فاعلًا في هذه المنطقة؛ بما يسهم في حماية أمنها القومي.
وقال محسب إن التحركات المصرية المكثفة في منطقة القرن الإفريقي، والتي كان آخرها القمة الثلاثية بين قادة مصر وإريتريا والصومال، أسهمت في إحداث حالة من التوازن الاستراتيجي لمجابهة أية محاولات من جانب دولة بعينها للهيمنة على هذه المنطقة التي تتحكم بمنابع نهر النيل، فضلًا عن كونها المسيطر على مداخل البحر الأحمر وخليج عدن، مؤكدًا أهمية هذه الخطوة في تعزيز الوجود المصري في إفريقيا بعد غياب عقود، الأمر الذي أسهم في تنامي الدور الإثيوبي، والذي يرفض التوصل إلى أي حلول توافقية بشأن سد النهضة الذي أقامته على النيل الأزرق.
وأضاف عضو مجلس النواب أن منطقة القرن الإفريقي تُعد البوابة الرئيسية التي تمر من خلالها الملاحة البحرية والتجارة الدولية عن طريق باب المندب وصولاً إلى قناة السويس الرابط الاقتصادي الحيوي بين أوروبا وإفريقيا وآسيا، وهو ما يجعل هناك ضرورة للتعاون التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع إريتريا تحديداً، التي تحتاج إليها مصر لتعزيز قدراتها في حماية مسار حركة الملاحة والتجارة الدولية من قناة السويس وعبر البحر الأحمر، فضلاً عن حاجة إريتريا إلى مصر باعتبارها صاحبة التأثير الأكبر بين الدول المشاطئة للبحر الأحمر، فضلاً عن دورها الفاعل في كل القضايا المتصلة بالشرق الأوسط، وتداعيات تلك القضايا على أمن البحر الأحمر عموماً، مضيفًا: وفي ما يتعلق بالصومال فمصر من أولى الدول التي تقف ضد الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة، في ظل دعم إثيوبي لهذا الانفصال.
وشدد النائب أيمن محسب على أهمية التطور الأخير في العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، من خلال دعم قدراتها ومؤسساتها في مجالات عديدة أو تقديم المساعدات المباشرة لها، بالإضافة إلى العمل على دعم الوجود المصري في منطقة القرن الإفريقي؛ لارتباطها المباشر بأمن مصر القومي، وحرية الملاحة بالبحر الأحمر، وأثر ذلك المباشر على قناة السويس.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: مهرجان الجونة السينمائي طوفان الأقصى حكاية شعب حسن نصر الله سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الهجوم الإيراني الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي مجلس النواب الدكتور أيمن محسب قمة مصر وإريتريا والصومال منطقة القرن الإفریقی
إقرأ أيضاً:
«استراتيجيّة الهويّة الوطنية» تعزيز للثقافة الإيجابية
محمد عبدالسميع
يدلُّ إطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة لاستراتيجيّة الهوية الوطنيّة، على تفكير ثقافي حصيف واستشرافي للعديد من المتغيرات والأفكار، التي دائماً ما تكون الدول والأمم والشعوب بحاجة إليها، فقد قدّمت الدولة الهوية بمرتكزات ثقافيّة كوثيقة عليا وكبرى، تتضمّن وعي المجتمع بتوجيهات الدولة، والسير نحو تحقيق أهداف غاية في الحكمة والعدالة والموضوعية في الشأن الثقافي، وما يرتبط بالثقافة من اتصالات قويّة ووشائج متينة بكلّ قطاعات المجتمع.
وزارة الثقافة كانت شريكاً أساسياً في هذا الإطلاق الوطني للاستراتيجيّة، حيث إن الثقافة الإماراتيّة، كحامل للأفكار الاستراتيجيّة مع غيرها من القطاعات المجتمعية والاقتصادية والسياسيّة والحكوميّة، تعد عاملاً فاعلاً في ترسيخ الهوية الوطنية، كما أن الثقافة مثالٌ حيّ على احترام عقل الدولة لأفكار مجتمعها المتنوع والمتكامل لصالح العمل الكلي الخلاق والابتكاري، الذي ينعكس بالخير على الجميع.
ومن الضروري للدول والأمم والشعوب أن تكون على قناعة بأفكار ثقافية تحقق لها النموذج المتوخى، ليس فقط في الحياة الثقافية، وإنما في كلّ أوجه الحياة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والتربوية، وبما ينعكس على حالة نموذجيّة من الوئام المجتمعي والتعبير الثقافي الرائع في الآداب والفنون والمؤلفات، وفي الإعلام الناقل لروح الدولة الثقافي ومرتكزاتها الوطنيّة.
وحين أطلقت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية الهوية الوطنية، بالشراكة ما بين وزارة الثقافة ومكتب المشاريع الوطنية في ديوان الرئاسة، فإننا نجد في هذا التفكير الواعي مرتكزات دائرة جامعة تضمّ نقاطاً أو محاور مهمّة يحترمها عقل الدولة الجمعي ويثق بها كركائز متينة، هي: الاتحاد والوطن، والأسرة الإماراتية، واللغة العربية واللهجة الإماراتية، والتاريخ والجغرافيا، والذاكرة المشتركة، والقيم ومكارم الأخلاق الإسلامية، والتراث والعادات والتقاليد.
منطلقات الإبداع
والحقيقة أنّ الركائز السّت السابقة، تشكّل منطلقات للإبداع، كما تؤكّد أنّ الوطن مقدّس من المنظور الثقافي في تفكير الأفراد واتحاد الدولة، حيث يعمل الجميع على هدي من فلسفة الاتحاد، ليكون المجتمع والأسرة الإماراتية بمثابة الأسرة الواحدة، مهما تنوّعت، كأسرة متحابة ومثقفة وواعية تؤمن بهوية الدولة، وأنّ الجميع يعمل ضمن هذه الهوية، كما أنّ اللغة العربية واللهجة الإماراتية يدخلان في ثوابت العمل الثقافي الإماراتي، حيث اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية التي تعبّر بها وتحترمها وتقيم لها المؤتمرات والمنتديات، ولها أكثر من احتفالية، خاصةً في يومها العالمي، إضافةً إلى أنّ اللهجة الإماراتية هي منبثقة عن اللغة العربية بالتأكيد، فالإمارات ذات لهجة أصيلة يحترمها الجميع، وهي جديرة بأن يُحتفى بها وتقدّر لما تشتمل عليه من مفردات أصيلة ذات ارتداد لغوي ضارب في العمق، ولا ننسى أنّ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، قد رسّخَ أهمية وضرورة حفظ الأرشيف الوطني والتراث وقراءته وجمعه، نظراً لأهميّته، لما تتضمنه هذه اللهجة من كنوز وأمثال وحكايات وقصص وأهازيج وممارسات ثقافيّة اعترفت بها منظمة اليونيسكو العالمية، وأدرجت عدداً منها على قائمتها كتراث عالمي، كما أنّ التاريخ والجغرافيا والذاكرة المشتركة كلّها منطلقات حاضرة في الفكر الإماراتي، حيث نصاعة التاريخ وحضور الجغرافيا، فالجميع يعمل في هذه البيئة المتحابة ذات الذاكرة التي تحتفي بالموروث وتنطلق إلى المستقبل بعزم وثقة وثبات.
قيم ومكارم
إنّ استراتيجية الهوية الوطنية هي قيم ومكارم وأخلاق مستمدّة من ديننا السمح، نعتدّ بها ونحترمها ونعمل بها، ذلك لأنّ المعتقدات، وعلاوةً على كونها تدخل ضمن التاريخ الثقافي غير المادي، هي نبراس للدولة، كما أنّ الأخلاق الإسلامية هي أخلاق تتميّز بالوسطية والاعتدال، وبالتالي تقوم عليها الدولة في تعاملها مع رعاياها وعلاقاتها بجيرانها ومع العالم كلّه أيضاً، والتراث والعادات والتقاليد كلّها أمور متضمنة في أصالة السلوك الوطني، كما عملت عليها الدولة في إشباع هذه الركيزة، من حيث جمع التراث، وتخصيص أيام للتراث والاحتفاء بمؤلفات مقارنة، وكذلك العناية بالرواة والحفظة والمعمرين وتوثيق عاداتهم وتقاليدهم وتراثهم وأفكارهم، فلا تزال الإمارات تعتمدها كمصدر اعتزاز، خاصةً حضور هذه العادات والتقاليد والممارسات والتراث لدى منظمة كبرى مثل منظمة اليونيسكو، حيث اعتبرت هذه العادات والممارسات والأشعار والأهازيج والقصص والحكايات من التراث الثقافي غير المادي، وأدرجت ضمن قائمة اليونيسكو.
لقد كانت الرؤية الاستراتيجية للهوية الوطنية، وبكلّ الركائز والأبعاد السابقة، تؤكّد أنّ الدولة لها هوية وطنية إماراتية راسخة، وأنها معنية بتجسيد طموحات قيادتها الرشيدة، وأنّ المجتمع الإماراتي يعتزّ بهذه الهوية، ويسعى إلى تأكيدها، وتحقيق الاستقرار والرفاه بها، وبالتالي فهذا ينعكس على التلاحم والاستقرار الأسري والمجتمعي، خصوصاً حين تكون الهوية الوطنية الإماراتية حاضرة في مجالات التعاون والتواجد الدولي، كهوية تنتقل ويتم توارثها بين فئات المجتمع، في اللغة والثقافة والأسرة والمجتمع والإعلام والتعليم والدين الوسطي والتعايش والاقتصاد والسياسة والحكومة.
القطاع الثقافي
كلّ هذه المحاور لم تترك شاردة ولا واردة إلا وأقرّتها وأكدتها، لما يخدم الانتماء ويشيع حالة من الإبداع الإنساني في كل القطاعات، وبالطبع فإنّ القطاع الثقافي سيزدهر، بما أنّه قطاع لا يمثّل فقط الآداب والفنون بشكل منعزل أو مجرّد، بل هو تفكير جمعي لتعزيز الأفكار النيّرة والموروث الأصيل والانفتاح الواعي، ومن الرائع أنّ استراتيجية الهوية الوطنية يتم تطويرها بالشراكة ما بين وزارة الثقافة ومكتب المشاريع الوطنية في ديوان الرئاسة، كدليل على أهميتها، خصوصاً وأنها أطلقت خلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات العربية 2025 في العاصمة أبوظبي بحضور أكثر من 500 من القيادات الحكومية على المستوى الوطني، مما يعكس الحرص على أن يتمّ تطوير نموذج الحوكمة ومؤشر الهوية الوطنية لضمان تكامل الجهود واستدامه الأثر، بالتنسيق مع أكثر من أربعين جهة اتحادية ومحلية من مختلف القطاعات، لتعريف موحّد للهوية الوطنية، كمجموعة من الخصائص الفريدة، التي تميّز المجتمع الإماراتي وثقافته وتسامحه واحترامه لكينونة الدولة وهويتها الوطنية.
تفكير عميق
كلّ هذه التقسيمات والأبعاد السابق ذكرها، تؤكد التفكير العميق لما هو قادم، ومحاولة تنظيم هذا التفكير، بحيث يندرج ضمن هذه الركائز على إطلاقها، فلو أخذنا على سبيل المثال الإعلام فهو ناقل قوي للهوية الوطنية والبث الواعي لها، وكذلك التعليم والمناهج والأفكار الوسطية والتعايش، وتضرب دولة الإمارات العربية المتحدة المثال الواضح والأصيل في هذا الشأن، فهي تحترم التعدد والتعايش انطلاقاً من أنّ ديننا الوسطي والحنيف إنما يدعو إلى التعامل بالحسنى والتعددية والوسطية ويحترم الآخرين.