تشهد مالي حلقة جديدة من الصراع، وبلغت ذروتها بمعارك متوازية شرسة، في وقت لا تتحمل الأوضاع اشتعال كرة جديدة من اللهب لترمي بنيرانها على جيرانها الواقعين في فخ من الأزمات، خاصة النيجر التي تستعد لمواجهة التدخل العسكري.

 

عودة الصراع في مالي

 

وفي السياق ذاته، دعت تنسيقية الحركات الأزوادية "سيما" إلى التعبئة العامة بين صفوفها، لا سيما بعد اتهامها للقوات الحكومية ومجموعة فاجنر الروسية الخاصة بشن هجوم على المنطقة التي تسيطر عليها في إقليم أزواد شمالا، وجاء التصعيد في وقت تستعد فيه مالي للمشاركة في تحالف مع قوات جارتها النيجر وبوركينا فاسو لمواجهة التدخل العسكري المحتمل من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إيكواس لإنهاء الانقلاب العسكري في النيجر.

ويهدد دخول البلاد في اشتباكات مسلحة في الشمال، الذي تنشط فيه كذلك جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة للقاعدة، وتنظيم "داعش"، الإرهابيين، بتشتيت القوات الحكومية بين التعامل مع الخطر الداخلي والانخراط في عمل عسكري خارجي.

 

الوضع في حالة حرب

 

وفيما يتعلق باسباب التعبئه قال محمود المولود رمضان المتحدث باسم سيما وهي حركات وقعت اتفاق سلام مع الحكومه بعد صراعات كانت تريد من خلالها الاستقلال باقليم ازواد في بيان صادر له في 11 أغسطس فتحت وحدات "فاما" التابعة للجيش المالي و"فاجنر" النار على أحد مواقع التنسيقية قرب بلدة بير.

وأضاف أن هذه المحاولة على وشك أن تبدأ السبت، وأدى الهجوم إلى انتهاك للترتيبات الأمنية بين الطرفين في 2014، واتفاق الجزائر للسلام 2015، وأشار إلى أن منذ هذه اللحظة والبلاد في حالة حرب مع القوات المالية وفاجنر.

 

تصعيد ومغادرة باماكو

 

وفي سياق متصل، وقعت الاشتباكات بعد يوم من تصعيد قام به وفد سيما في باماكو، بانسحابه من العاصمة المالية، يوم الخميس الماضي، وحينها برر عطاي أغ محمد رئيس الوفد هذه الخطوة بقوله "إننا لم نعد بأمان في العاصمة، وفقًا لفرانس برس.

وأوضح هذا الخروج أدى إلى وصول الخلافات مع الحكومة إلى ذروتها، حيث تتهمها التنسيقية بالإفلات من تطبيق اتفاق الجزائر الذي يعطي الموقعين المشاركة في الحكم، وأن

وتتكون الحركات المكونة للتنسيقية من جماعات شاركت في معارك مسلحة ضد السلطات عام 2012 بهدف الاستقلال بأزواد، ويسيطر على أكثرها الطوارق.

 

اتفاق في خبر كان

 

ومن جانبه، علق السيد بن بيلا ممثل الحركة الوطنية لتحرير أزواد في موريتانيا، على هذه التطورات قائلًا، المناطق التي هاجمهتها "فاجنر" تقع في الحيز الذي كانت تسيطر عليه تنسيقية الحركات الأزوادية، وفقا لاتفاق إطلاق النار عام 2014.

وأدى هجوم فاجنر لإنهاء العمل بوقف إطلاق النار، وهو ما تضعه سيما في الاعتبار، ومن هنا يمكن القول أن وقف إطلاق النار أصبح في خبر كان.

وفيما يخص اتفاق الجزائر للسلام لم يُبحث بعد، لكن في حال التصعيد قد يتم اتخاذ قرار بشأنه وفي كل الأحوال للحركات الأزوادية حق الرد على أي انتهاكات تمس أمن وسلامة أراضيها، وهي مستعدة تمامًا للدفاع عنها.

 

فقدان أزواد

 

وعلى الصعيد الآخر، حذرت إيرينا تسوكرمان الباحثة الأمريكية والخبيرة في العلاقات الدولية، من أن تصل الخلافات إلى اشتعال صراع آخر في شمال مالي، مما سيكون له تأثيره السلبي على منطقة الساحل وغرب إفريقيا، ومن شأنه إيضًا أن يعطي الفرصة على طبق من ذهب لتمدد الإرهابيين بشكل أسرع.

واستبعدت تسوكرمان أن تفقد الحكومة إقليم أزاد، في حال إن وجدت نفسها محاطة بمشاكل من عدة جهات، إلى جانب أن الباحث الأمريكي مايكل شوركين يرى أنه بغض النظر عن الفائر في المواجهة، فالدولة المالية هي الخاسرة في النهاية، وتوقع أن يعمل الطرفان على تخفيف التصعيد، لأن مالي ليست بحاجة لقتال يجعله ثقب في رأسها.

وعلى الرغم من عمليات الشد والجذب بين مالي وحركات أزواد الساعية لحكم إقليم أزواد، وقع الطرفين عدة اتفاقيات، والتي تأتي من ضمنها اتفاقية الجزائر الأولى عام 1991، تم استكمالها باتفاقية 1996، وصولا لاتفاق الجزائر 2015، ومن أهم بنود الأخير، احترام الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان،  وقف العنف الاقتتال العرقي والمظاهر المسلحة.

وتشمل البنود أيضًا، تمثيل لجميع مكونات الشعب في المؤسسات لم يكن للأزواديين تمثيل فيها، وإعادة تنظيم القوات المسلحة والأمن كانت قاصرة على الماليين من غير الأزواديين، والتزام الأطراف بمكافحة الإرهاب، تسهيل عودة وإدماج اللاجئين قرابة مليون في بلدان الجوار، إلى جانب دمج 3 آلاف مقاتل أزوادي في الجيش، وهو البند الوحيد الذي تم الشروع في تنفيذه، وفق مصادر بأزواد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: النيجر انسحاب مكافحة مكونات حالة حرب المجموعة الاقتصادية دول غرب إفريقيا بوركينا فاسو داعش المالية القوات المسلحة تنظيم داعش اتفاق الجزائر

إقرأ أيضاً:

توتر متصاعد بين الهند وباكستان رغم اتفاق وقف إطلاق النار

تبادلت الهند وباكستان، اليوم الأحد، الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس السبت بوساطة أمريكية، بعد أيام من التصعيد العسكري المتبادل الذي أسفر عن مقتل 60 مدنيًا على الأقل في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الجانبين.

وأكد سكرتير وزارة الخارجية الهندية، فيكرام ميسري، في مؤتمر صحفي، أن "هناك انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار خلال الساعات الأخيرة"، مشيرًا إلى أن "القوات المسلحة الهندية ردت بالشكل المناسب على هذه الانتهاكات". 

أول تصريحات لـ ترامب بعد وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان باحث دولي: وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان خطوة إيجابية تفتح الباب لتحسين العلاقات

وطالب ميسري الجانب الباكستاني باتخاذ ما وصفه بـ "الإجراءات المناسبة" للتعامل مع الوضع بجدية، وتفادي المزيد من التصعيد.

باكستان تنفي الاتهامات وتؤكد التزامها بالاتفاق

في المقابل، شددت وزارة الخارجية الباكستانية على التزامها الكامل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة في بيان أن "القوات الباكستانية تتعامل مع الوضع بمسؤولية وضبط للنفس". 

واتهم البيان الجانب الهندي بارتكاب خروقات متكررة للاتفاق، داعيًا إلى معالجة تلك الانتهاكات عبر "القنوات الدبلوماسية المناسبة" مع التأكيد على أهمية التزام القوات على الأرض بضبط النفس.

تبادل إطلاق النار في كشمير رغم الهدنة

ورغم الإعلان الرسمي عن الاتفاق، أفاد مراسلون من وكالة الصحافة الفرنسية بسماع دوي انفجارات قوية في مدينة سريناغار، كبرى مدن كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وأشاروا إلى تدخل أنظمة الدفاع الجوي، في مؤشر واضح على تواصل الاشتباكات.

وفي الجانب الباكستاني من كشمير، تحدث مسؤولون محليون للوكالة ذاتها عن "تبادل متقطع لإطلاق النار" بين القوات الهندية والباكستانية في ثلاث نقاط على طول خط المراقبة، ما يعكس هشاشة الهدنة المعلنة.

اتفاق الهدنة بوساطة أمريكية وسط مخاوف دولية

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أعلن، في منشور على منصته "تروث سوشيال"، أن اتفاق وقف إطلاق النار بين نيودلهي وإسلام آباد جاء بعد "ليلة طويلة من المحادثات بوساطة أمريكية". 

وأضاف ترامب: "يسعدني أن أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري"، مشيدًا بـ "المنطق السليم والذكاء العظيم" الذي تحلى به الطرفان، حسب تعبيره.

وأكد وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، عبر منصة "إكس"، أن الاتفاق تم التوصل إليه بين الطرفين دون شروط مسبقة، وأنه يشمل "وقفًا فوريًا لإطلاق النار".

بدورها، أكدت مصادر حكومية هندية أن الاتفاق تم بعد مفاوضات مباشرة بين الجانبين، دون مناقشة أي بنود إضافية خارج وقف إطلاق النار، في حين اعتبر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن الاتفاق جاء نتيجة "مفاوضات مكثفة" شارك فيها إلى جانبه نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، مع قادة البلدين.

ترحيب دولي واسع بالتهدئة

لاقى الاتفاق ترحيبًا دوليًا واسعًا، حيث وصفته بريطانيا بأنه "خطوة إيجابية ومرحب بها"، فيما اعتبرته فرنسا "اختيارًا مسؤولًا"، وأشادت ألمانيا به بوصفه "خطوة أولى مهمة نحو التهدئة".

كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أمله في أن يؤدي الاتفاق إلى "سلام دائم ومستقر" بين البلدين النوويين، في حين دعت إيران إلى "ضبط النفس والحوار"، مؤكدة دعمها لأي جهود تفضي إلى الاستقرار الإقليمي.

أما الصين، التي تتقاسم حدودًا مع الهند وباكستان، فقد أعربت عن "قلقها الشديد" إزاء التصعيد الأخير، وأكدت استعدادها للعب دور "بنّاء" في دعم جهود السلام بالمنطقة.

خلفيات التصعيد: هجوم دموي في كشمير

ويعود التصعيد الأخير إلى يوم 22 أبريل الماضي، عندما شهد الشطر الهندي من كشمير هجومًا مسلحًا استهدف موقعًا سياحيًا وأدى إلى مقتل 26 شخصًا، وهو ما اعتبرته نيودلهي "هجومًا إرهابيًا" ونسبته إلى جماعة "لشكر طيبة" التي تتخذ من باكستان مقرًا لها وتُصنف كمنظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة.

في المقابل، نفت الحكومة الباكستانية علاقتها بالهجوم، ودعت إلى "تحقيق دولي شفاف"، محذرة من استغلال الحادثة لتأجيج التوترات السياسية والعسكرية بين البلدين.

أعنف مواجهة منذ عقود

وبدأت الهند يوم الأربعاء الماضي سلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت عدة مدن باكستانية، قالت إنها "معاقل لجماعات إرهابية"، ما دفع الجيش الباكستاني إلى الرد بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة على قواعد عسكرية هندية، منها ثلاث قواعد جوية، إحداها قريبة من العاصمة إسلام آباد.

وشكل هذا التصعيد أسوأ مواجهة عسكرية بين البلدين منذ عقود، وأثار مخاوف من انزلاق النزاع إلى حرب شاملة بين الجارتين المسلحتين نوويًا.

مقالات مشابهة

  • الحرب العالمية الثانية.. الصراع الدموي الذي يشكل العالم إلى اليوم
  • توتر متصاعد بين الهند وباكستان رغم اتفاق وقف إطلاق النار
  • الهند وباكستان.. ماذا نعلم عن اتفاق وقف إطلاق النار؟
  • الهند وباكستان تتوصلان إلى اتفاق فوري وشامل لوقف إطلاق النار
  • انتهاء وقف اطلاق النار الذي أعلنته روسيا لمدة 72 ساعة في أوكرانيا
  • عُمان تصدر بيانًا حول اتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند
  • الهند تتهم باكستان بخرق اتفاق وقف إطلاق النار
  • مع إعلان وقف إطلاق النار.. تاريخ الصراع بين الهند وباكستان من 80 عاما (تسلسل زمني)
  • الكرملين: بوتين يبذل كل ما في وسعه لحل الصراع في أوكرانيا
  • ترامب: يجب على موسكو وكييف العمل على إنهاء الصراع في أوكرانيا