في الوقت الذي تواجه دولة الاحتلال تعثراً عسكريا وقتاليا في الجبهات المختلفة، فإنها تواجه تأزّماً سياسياً ودبلوماسيا لا تخفيه، لعل أهمه قيام الولايات المتحدة بتأخير شحنة من الذخيرة للاحتلال.

ودفع هذا الأمر، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للمكابرة بقوله إننا "إذا اضطررنا لذلك، فسنقاتل بأظافرنا"، رغم أنه يعلم أن الاحتلال سيواجه صعوبة في البقاء دون الدعم والمساندة السياسية الأمريكية.



توفا هرتسل السفيرة والدبلوماسية السابقة ذكرت أنه "بينما يكرس الاحتلال جهوداً عسكرية كبيرة لصدّ حلقة النار التي تحيط به، فيبدو أنه يتجاهل العواقب الوخيمة للآثار الجانبية للحرب، عندما يردّ على الانتقادات المتزايدة في العالم بعدوانية جامحة، مما يؤدي لزيادة العزلة، والمخاطر الكامنة فيها، بدليل تأخير الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر شحنة ذخيرة خوفاً من إلحاق الأذى بالمدنيين الفلسطينيين، في حين أن الرسالة الجادّة التي وجهها وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين، كان يجب أن تؤخذ على محمل الجدّ في تل أبيب".



وأضافت في مقال نشرته في موقع واللا، وترجمته "عربي21" أن قادة الاحتلال "يعلمون تماما أنهم سيواجهون صعوبة في البقاء من دون الدعم الأمريكي بالمعدات والمال والدعم السياسي، ورغم ذلك فلا ينظر أحد منهم إلى عواقب استمرار التنفير الإسرائيلي عن المواقف والمصالح الأمريكية، وكأنها مرهونة بنا، وليس العكس، وكأن إسرائيل تستطيع أن تتصرف كما تشاء، دون حدود، بدليل أن قادتها يتحفظون ويوبّخون العديد من الدول الصديقة، رغم أنها تقف منذ سنوات في خط الصداقة الأول، بينها بريطانيا وفرنسا وكندا، التي أعلنت مؤخرا فرض قيود على بيع الأسلحة المواقف".

وأشارت إلى أن دولة الاحتلال لم تقتصر أزمتها السياسية الدولية على التدهور الدبلوماسي، بل وصل الأمر إلى وإهانة وكالات التصنيف الائتماني، مما ينذر يتزايد الخوف من الإضرار بإمدادات الأسلحة والاحتياجات الأساسية الأخرى، وهناك قلق حقيقي على مستقبل الاقتصاد، وكل هذه الأمور على حدة، وبالتأكيد مجتمعة، تشكل خطراً وجودياً على مستقبل الدولة.

وأوضحت أن "التدهور الدبلوماسي الإسرائيلي وصل الى الأمم المتحدة ذاتها، بزعم أنها لم تدن الهجوم الصاروخي الإيراني على الاحتلال، ووصفها بأنها بؤرة للعداء والنفاق تجاهه، واعتبار أمينها العام أنطونيو غوتيريش شخصية غير مرغوب بها، فإن هذا تصرف لا يليق بأكبر دبلوماسي إسرائيلي ينتهج هذه الطريقة، لأن ذلك يعني إعلان الحرب ليس عليه فقط، بل على المنظمة الدولية برمّتها أيضًا، فضلا عن التشريع الذي يشقّ طريقه هذه الأيام عبر الكنيست للحدّ من أنشطة إحدى وكالاتها، الأونروا، إلى حد إغلاقها، بزعم دورها بتشجيع العنف، ومشاركة موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر".

وأكدت ان "هذا السلوك الدبلوماسي العدائي الإسرائيلي تجاه العالم يضع على عاتقنا مهمة محاولة فهم ما يمكن اعتباره نصرا كاملا في هذه الحرب، بما يهدد التحالف الإقليمي المعتدل مع أمريكا والسعودية اللتان تعملان ضد إيران، صحيح أن هذا لا يعني تجاهل الاحتلال لكل الانتقادات الموجهة إليها، بل المطلوب أن تختار صراعاتها السياسية بهدوء وحذر، لأن البديل هو تفاقم الضرر الذي نلحقه بأنفسنا من خلال التحدي العشوائي للعالم بأسره، بدلاً من التوبيخ العبثي الذي يتصدّر العناوين الصحفية والتصفيق من الداخل أن العزلة الدولية تهدد مستقبل دولة الاحتلال بما لا يقل عن حلقة النار المحيطة به".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال امريكا فرنسا غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

رصد إسرائيلي للمخاطر السياسية والدبلوماسية للاعتراف الدولي بدولة فلسطينية

تعكس إعلانات فرنسا وبريطانيا ودول أخرى عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية تحولاً جذرياً في العلاقات الدولية تجاه دولة الاحتلال، صحيح أن هذه الخطوة قد لا تُسهم في دفع عجلة الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، لكنها عملية قد تُعرّض الاحتلال لعزلة سياسية، وإجراءات قانونية، وعقوبات على مستوى لم تشهده من قبل. 

البروفيسور عميحاي كوهين, الباحث بمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، وعضو هيئة تدريس في كلية "أونو" الأكاديمية، ذكر أنه "في الأيام الأخيرة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، وهو ليس الوحيد، إذ من المقرر أن يُقدّم رئيس الوزراء البريطاني خطة سياسية تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية بشروط معينة، كما تدرس كندا وأستراليا اتخاذ مثل هذه الخطوة".

وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "هذه الدول قد تنضم لأكثر من 140 دولة أعلنت سابقاً اعترافها بدولة فلسطينية، مما يطرح السؤال عما يعنيه هذا الاعتراف الموسّع للدولة الفلسطينية، حيث يُحدّد القانون الدولي أربعة شروط واقعية لوجود الدولة: الإقليم؛ عدد سكان محدد؛ حكومة فعّالة تُسيطر على الإقليم؛ والاستقلال عن سيطرة أو إدارة العلاقات الخارجية لدولة أخرى". 



وأوضح أن "هناك شكّ كبير فيما إذا كانت السلطة الفلسطينية تفي بهذه الشروط الواقعية: من بين أمور أخرى، لا تسيطر السلطة على جميع جوانب الحياة فيها، وبعضها يخضع للقرارات الإسرائيلية، والموقف التقليدي في القانون الدولي هو أن الدولة إما أن تكون موجودة أو لا تكون، وإذا لم تستوف الشروط الواقعية لوجود الدولة، فإن الاعتراف بها لا معنى له". 

وأشار أن "هذا الموقف لا يأخذ في الاعتبار حقائق الدبلوماسية الحديثة، حيث تكون شرعية الادعاءات المتعلقة بحق وجود دولة مستقلة ذات أهمية كبيرة، في هذا الواقع، قد يكون للكتلة الحرجة من الدول التي تعترف بوجود دولة آثار واسعة النطاق، فالاعتراف بالدولة خطوة سياسية ودبلوماسية وقانونية".

وأكد أنه "من الناحية السياسية، يعكس الاعتراف بدولة فلسطينية دعمًا لرؤية الاعتراف بدولتين كوسيلة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو موقف تشترك فيه جميع دول العالم تقريبًا، ويُعدّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية دليلاً على تدهور مكانة الاحتلال على الساحة الدولية نتيجةً للحرب الدائرة في غزة، ومعاناة فلسطينييها هناك، والضم التدريجي للضفة الغربية، وتقارير العنف ضد المدنيين الفلسطينيين". 

وأشار أنه "من الناحية الدبلوماسية فإن هذا يُولّد شعوراً بالاستعجال لدى المجتمع الدولي للتدخل، واتخاذ إجراء دبلوماسي، ويتجلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية أن 135 دولة تُقيم علاقات دبلوماسية معها، ففي عام 2012، أيّدت 138 دولة منح "فلسطين" صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، ولم يُمنع قبولها كدولة كاملة العضوية في أبريل 2024 إلا باستخدام حق النقض (الفيتو) الأمريكي في مجلس الأمن، ففي هذه الحالة، أيّدت فرنسا قبول فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، وامتنعت بريطانيا عن التصويت".

وأضاف أن "هذا الاعتراف الدبلوماسي بالدولة الفلسطينية سيؤدي لعواقب قانونية، على سبيل المثال، كان الاعتراف بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة الأساس لقرار المحكمة الجنائية الدولية بمنحها ولاية قضائية على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبناءً على هذا القرار، أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت".


 
وأوضح أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحد ذاته لن يؤدي فورًا لإقامتها على أرض الواقع، ما دام الاحتلال لا يسمح بذلك، لكن عملية الاعتراف الجارية، بتداعياتها السياسية والدبلوماسية، وخاصة القانونية، مما سيُصعّب عليه بشدة ممارسة نفوذه على الساحة الدولية، وسيُثقل كاهل أفعاله في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن المتوقع أن تكون العواقب أشد وطأة مما شهدناه حتى الآن، وقد يُترجم الضغط السياسي عليه لإجراءات عملية كالعقوبات والإضرار بالعلاقات الاقتصادية مع العالم". 

وأشار أنه "علاوة على ذلك، سيُسهّل الاعتراف الدولي المتزايد على السلطة الفلسطينية عملية "تدويل" الصراع، مما يؤدي لتزايد تدخل المجتمع الدولي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مع مطالبة الفلسطينيين من الدول الأجنبية بالمساعدة في الصراع ضد دولة الاحتلال، ويُعدّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية جزءًا من التسونامي السياسي الذي يشهده الإسرائيليون حاليًا". 

وأكد أن "إعلان شخصيات إسرائيلية سياسية بارزة عن نيتها ضم قطاع غزة وبسط السيادة الكاملة على الضفة الغربية سيؤدي لتكثيف ردود الفعل الدولية، وإشعار الدول بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لثني الاحتلال عن أفعاله الميدانية، ونواياه المستقبلية، صحيح أن الولايات المتحدة تُعيق في هذه المرحلة أبرز جوانب الضغط الدولي، إلا أن هناك أيضًا تراجعًا ملحوظًا في دعمه في الولايات المتحدة، وليس هناك ما يضمن استمرار الحماية الأمريكية". 

وختم بالقول إن "اعتراف فرنسا وبريطانيا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدولة فلسطينية سيجعل الاحتلال يعتمد كليًا على استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، الذي لطالما ترددت في استخدامه، وفي حال امتنعت الولايات المتحدة من الدفاع عن الاحتلال مستقبلًا، فسيضطر للوقوف وحيداً في وجه الضغوط الدولية التي لم تستطع أي دولة تحمّلها".

مقالات مشابهة

  • مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب
  • رصد إسرائيلي للمخاطر السياسية والدبلوماسية للاعتراف الدولي بدولة فلسطينية
  • حملة حوثية جديدة تستهدف أرزاق سائقي الدراجات النارية
  • أسبوع مصيري| خلافات في إسرائيل بين القيادة السياسية والعسكرية.. ما القصة؟
  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتصور نتنياهو يتعمد إطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • مسؤولون أمريكيون: ترامب يتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب لمصالحه السياسية
  • بلجيكا تحيل جنديين إسرائيليين إلى الجنائية الدولية.. شاركا بجرائم الإبادة في غزة
  • جولة غارات إسرائيلية على وقع الحمى السياسية اللبنانية
  • في خرق واضح للتابوهات السياسية.. شخصيات إسرائيلية بارزة تدعو لفرض عقوبات قاسية على حكومة نتنياهو بسبب تجويع غزة