استفتاء واسع لصالح خيار المقاومة
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
لم يكن استفتاء مرتبا على الطريقة الرسمية العربية لا يجلب إلا التندر والازدراء. كان استفتاء عفويا تداعت له جماهير عربية واسعة مع أنه لم يكن محددا بيوم معين بل فرضته الأحداث على الجميع دون سابق إعلام أو إعداد.
من أعطى إشارة الانطلاق لهذا الاستفتاء لم يكن سوى استشهاد يحيى السنوار بتلك الطريقة الدرامية التي خلدته مقاتلا مدافعا بشراسة عن أرضه وشعبه إلى آخر رمق، وانتشار لقطاته الأخيرة التي سفهت كل ما أراد الاحتلال ترويجه لأشهر من أن الرجل مختبئا في الأنفاق، أو بين المدنيين أو الأسرى الإسرائيليين متخذا منهم دروعا بشرية.
كان استفتاء داعما لخيار المقاومة ضد الاحتلال رغم كل الدمار والمآسي والتضحيات التي لم تتوقف يوما منذ أكثر من عام، وهو الاستفتاء الذي تجلى على أكثر من مستوى:
الفلسطيني التنظيمي: لم يتأخر تنظيم فلسطيني واحد عن نعي رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” رغم أن رمزيته تختلف كثيرا عن سلفه الشهيد إسماعيل هنية لأن اسمه ارتبط شخصيا بما جرى في السابع من أكتوبر العام الماضي وبالتالي صُور نهائيا “إرهابيا وقاتلا” في كل الدوائر الرسمية الغربية. كل ذلك لم يمنع حركة “فتح” من نعيه ولا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مما خلق إجماعا واضحا هاما جدا في هذه المرحلة.
العربي الشعبي: لقد كانت صلاة الغائب في الكثير من المساجد العربية والدعاء للرجل بالرحمة في صلوات الجمعة مؤشرا بالغ الدلالة، تماما مثل اندفاع آلاف الشباب في ملاعب كرة القدم للهتاف باسمه ورفع صوره.
حدث كل ذلك بالرغم من أن الحكومات العربية لم تجد من الجرأة ما يجعلها تتخذ أي موقف لما يسببها لها ذلك من تبعات مع الإدارة الأمريكية ومع إسرائيل نفسها بالنسبة لمن يحتفظ معها بعلاقات طيبة فوق الطاولة أو تحتها، لكن ذلك لم يمنع مؤسسة دينية محترمة مثل الأزهر من أن تشق عصا تحفظها الشديد وتخرج بموقف يمجد خيار المقاومة ويعطي الشهيد حقه من الاحترام والتبجيل، عكس ما يقوم به بعض من يحسبون على الإسلام في فرنسا مثلا من تماه مقزز مع كل ما تقوله إسرائيل وداعموها.
الغضب الواسع من الإعلام العربي المعادي: مع أن الكثير أعربوا طوال الأشهر الماضية عن امتعاضهم من بعض وسائل الإعلام العربية التي استمرأت تشويه نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال إلا أن وصول الأمر إلى حد وصم السنوار بالإرهاب مع آخرين كثر في تبرئة فظيعة للاحتلال وجرائمه أصبح مستفزا للغاية.
هذا الغضب تجلى بأشكال مختلفة، العنيف منه مثل ما حصل في بغداد من هجوم على مقر القناة التلفزيونية صاحبة تلك السقطة، وغيره على غرار التشنيع الواسع بهذا الإعلام في كل مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لاذع للغاية. إن نظرة سريعة إلى عدد المشاهدين الهزيل للغاية لهذه القنوات العربية المجاملة للاحتلال والمتحاملة على المقاومة عبر “يوتيوب” مثلا تغني عن أي تعليق.
استمرار موجة الشباب العالمي المتضامن: مع إن اسم السنوار وحده كفيل بالنسبة لكثيرين من المؤيدين الأجانب للفلسطينيين بأخذ مسافة معينة من حادثة مقتله، لتجنب تصنيفهم المباشر والسهل بدعم الإرهاب والترويج له، لكن ذلك لم يمنع الكثير منهم من التعبير، من خلال مواقع التواصل المتعددة، على الأقل عن سفاهة الصورة التي أراد الاحتلال ترويجها عن الرجل والتي انهارت مع تلك الصور ولقطة المسيّرة وهو يرمي بعصاه عليها.
وعلى ذكر الأجانب، فقد كان لافتا حتى قبل مقتل السنوار مدى ما باتت تثيره تصريحات المسؤولين الغربيين من استنكار وغضب خاصة عندما تصل في فحشها ما صرحت به وزيرة الخارجية الألمانية من أن المواقع المدنية مثل المدارس والمستشفيات تفقد حصانتها إذا ما لاذ بها “الارهابيون”.
من المثير هنا، لو سلمنا جدلا بهذا المنطق الذي يتنافى بالمناسبة مع القانون الإنساني الدولي، أن نعرف موقف نفس الوزيرة لو أن أحد الإرهابيين الألمان تحصن بمدرسة أو مستشفى أو سوقا شعبية، هل كانت ستبدي نفس الحماسة لقصف هذه المواقع بالطائرات للتخلص منه ولو ذهب ضحية ذلك عشرات الأطفال والنساء؟!!
لقد تهرأت تماما مقولة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” من فرط استعمالها المتعسف مع أن لا شيء في القانون الدولي يعتبر عنف وقتل قوة محتلة لشعب تحت الاحتلال “دفاعا عن النفس”، في حين أن القانون الدولي ذاته يقر بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال ومع ذلك يحرف هذا الحق ليصبح ببساطة “إرهابا”.
لقد مل الناس من هذا النفاق الغربي المستفز للغاية لكن المأساة في حادثة السنوار أن بعض العرب باتوا صهاينة فعلا قلبا وقالبا فيما جاء الرد المفحم من حيث لم يحتسب الكثيرون حين تحول أبغض رجل لدى الغرب والإسرائيليين إلى مدعاة فخر للفلسطينيين والأغلبية الساحقة من العرب في استفتاء عجيب قد لا يفهمه هذا الغرب، وربما يفهمه لكنه يفضل أن يكون مع القاتل على أن يكون مع الضحية.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة استشهاد السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المقاومة تستهدف قوات الاحتلال شمالي غزة وإسرائيل ترصد تصاعدا بالعمليات النوعية
استهدفت المقاومة الفلسطينية قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة مواقع شمالي قطاع غزة، في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عما قالت إنها محاولة اقتحام موقع محصن للجيش الإسرائيلي بخان يونس جنوبي القطاع أمس الاثنين.
وقالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في منشور عبر تليغرام، اليوم الثلاثاء، إن مقاوميها -بعد عودتهم من خطوط القتال- أكدوا أنهم دمروا آلية عسكرية لجيش الاحتلال خلال توغلها في شارع حمدان بمنطقة الفالوجا غرب مخيم جباليا بتفجير عبوة "ثاقب" شديدة الانفجار.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد أعلنت قبل يومين أن مقاتليها أكدوا بعد عودتهم من خطوط القتال أنهم استهدفوا برج دبابة ميركافا بقذيفة تاندوم شرق مدينة جباليا بتاريخ 21 يوليو/تموز الجاري.
وبثت سرايا القدس، اليوم، مشاهد لتفجير آلية عسكرية إسرائيلية شرق حي التفاح بمدينة غزة والاستيلاء على طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال خلال تنفيذها مهام استخبارية.
???? سرايا القدس: مشاهد من تفجير آلية عسكرية صهيونية شرق حي التفاح بمدينة غزة والاستيلاء على طائرة مسيرة صهيونية خلال تنفيذها مهام استخبارية pic.twitter.com/H7XVhQGwFo
— ساحات – عاجل ???????? (@Sa7atPlBreaking) July 29, 2025
من ناحية أخرى، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عما قالت إنها محاولة اقتحام موقع محصن للواء كفير بالجيش الإسرائيلي جنوبي خان يونس بعد ظهر أمس الاثنين.
ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن "كارثة" كادت تقع عندما حاول مسلحون اختراق الموقع الذي وصفته بأنه منطقة استراحة وتدريب لقوات لواء كفير.
وقال مراسل الهيئة إن جنديا عند بوابة الموقع رصد مسلحا في نقطة قنص بالخارج فأطلق النار عليه وقتله.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يرصد تصاعدا واضحا في محاولات عناصر حماس تنفيذ عمليات نوعية ضمن تكتيك حرب العصابات، خاصة في ظل استمرار المحادثات بشأن وقف إطلاق النار.
كيف تنعكس عمليات المقاومة ومشاهد كمين خان يونس الذي نفذته كتائب القسام على المسار العسكري لجيش الاحتلال في قطاع #غزة وعلى الداخل الإسرائيلي؟
قراءة عسكرية مع العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/tfPKqS9btB
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) July 28, 2025
إعلانوتصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف محاور التوغل على امتداد قطاع غزة، ولا سيما في خان يونس ورفح جنوبا، مخلفة العديد من القتلى والجرحى.
وبثت كتائب القسام مشاهد لعملية نوعية نفذها مقاتلوها السبت الماضي في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس، حيث استهدفوا ناقلتي جند بعبوتين داخل قمرتي القيادة ثم هاجموا ناقلة ثالثة بقذيفة "الياسين 105". وأسفرت العملية عن مقتل 3 جنود إسرائيليين على الأقل وإصابة آخرين، وفق تقارير إسرائيلية.