الكاتبة الاقتصادية رانيا جول

تواجه أسعار النفط الخام تحديات معقدة في الوقت الحالي، حيث تستقر حول مستوى 71.50 دولارا، مما يعكس حالة من عدم اليقين والضغوط الناتجة عن إعادة تسعير الأسواق لتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي. ومع تراجع احتمالات اتخاذ خطوات خفض كبيرة في أسعار الفائدة، تزداد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي وطلب الطاقة، مما يؤدي إلى غموض متزايد في التوقعات حول أسعار النفط في الأشهر المقبلة.

كما يعكس أداء مؤشر الدولار الأمريكي(DXY)، الذي يتداول بالقرب من أعلى مستوى له في 11 أسبوعًا عند 104.00، الضغوط التي تتعرض لها أسعار النفط. فمع ارتفاع العائدات الأمريكية، تزداد جاذبية الدولار على حساب العملات الأخرى، مما يؤدي برأيي إلى المزيد من الضغوط على أسعار النفط. كما انخفضت المراكز المضاربية الطويلة في عقود خام برنت الآجلة للمرة الأولى منذ خمسة أسابيع، بينما شهدت العقود الآجلة للنفط الخام انخفاضًا في صافي مراكزها الطويلة للأسبوع الثالث على التوالي.

ومن وجهة نظري، التطورات الإنتاجية لا تبدو إيجابية أيضًا، حيث سجلت النرويج زيادة في إنتاجها النفطي بنسبة 1.5% في سبتمبر، مما يعكس زيادة في المعروض العالمي. وأفادت البيانات أن سوق النفط في الصين شهد فائضًا في المعروض بلغ 930 ألف برميل يوميًا في سبتمبر. وقد أظهرت المقارنات بين أرقام إنتاج النفط الخام الواردة من المكتب الوطني للإحصاء وواردات النفط الخام، أن الطلب الضمني في الصين، الذي يمثل الفرق بين معالجة النفط الخام والصادرات الصافية من المنتجات النفطية، كان أقل بنسبة 2% عن مستواه في العام السابق. وفي هذا السياق، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب في الصين بشكل طفيف، بنحو 150 ألف برميل يوميًا، ولكن بدون توقعات لارتفاع حاد في الطلب العام المقبل.

ويبدو لي أن حالة السوق الحالية تعكس مزيجًا من العوامل، بما في ذلك تراجع المراكز المضاربية، وزيادة الإنتاج، وفائض العرض في الصين، مما يعزز النظرة العامة السلبية للأسعار. ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، أتوقع أن تلعب السياسة دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل أسعار النفط. حيث يسعى كل من دونالد ترامب وكامالا هاريس إلى تقديم استراتيجيات مختلفة حول الطاقة، لكن التأثير الحقيقي على سوق النفط يأتي غالبًا من سياسات أوبك، والصراعات الجيوسياسية، والعرض والطلب، والأزمات المالية.

وفي ظل هذه الظروف، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كيفية تأثير العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على الطلب، حيث أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين قد دفع وكالة الطاقة الدولية وأوبك إلى مراجعة الطلب على النفط بالخفض لعامي 2024 و2025. وبالنظر إلى الوضع الحالي، أعتقد أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تقلبات أعلى في أسواق النفط بسبب تاريخه من السياسات التجارية المتشددة، مما قد يؤثر على الطلب الصيني ويمثل خطرًا على الاستقرار الاقتصادي.

كما أن الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية تمثل أيضًا تحديًا كبيرًا، حيث تثير القلق بشأن انقطاع الإمدادات. ويبدو أن مواقف ترامب وهاريس تختلف في هذا المجال، حيث من المتوقع أن يتخذ ترامب مواقف أكثر تشدداً وحدة، مما قد يؤدي إلى زيادة التقلبات، في حين تفضل هاريس الحلول الدبلوماسية.

ومن ناحية سياسات أوبك، بقيت حصص إنتاج أوبك محركًا رئيسيًا لأسعار النفط. ففي حالة فوز ترامب، قد يدفع ذلك أوبك إلى تعديل حصصها نظرًا لزيادة الإنتاج الأمريكي، بينما قد يدفع فوز هاريس إلى اتباع نهج أكثر توازنًا.

أيضًا، لا يمكنني إغفال التحولات العالمية نحو الطاقة المتجددة، حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية أن عام 2024 سيكون عامًا قياسيًا للطاقة المتجددة، مع زيادة بنسبة 60% في الاستهلاك بحلول عام 2030. كما تدعم هاريس هذا التحول من خلال قانون خفض التضخم، مما قد يسهم في انخفاض الطلب العالمي على النفط. بالمقابل، من المحتمل أن تبطئ سياسات ترامب هذا التحول، مما يؤدي إلى دعم أكبر للوقود الأحفوري.

وباختصار، أرى إن مستقبل أسعار النفط يعتمد بشكل كبير على مزيج معقد من العوامل السياسية والاقتصادية. فبينما يعكس الأداء الحالي للسوق حالة من عدم اليقين، فإن القضايا المرتبطة بالطلب العالمي، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات في السياسات النقدية ستبقى محورية في تشكيل الاتجاهات المستقبلية. وفي ظل هذا الوضع، يجب على المستثمرين والمحللين مراقبة هذه المتغيرات بحذر، حيث قد تحدث تغييرات سريعة تؤثر على أسعار النفط بشكل كبير وغير متوقع.

التحليل الفني لـ أسعار النفط الخام (WTI):

من منظور فني، يواجه سعر النفط الخام ضغوطًا متزايدة، حيث تتخلص الأسواق من تأثيرات الصراع في الشرق الأوسط ويبدو أن تدفق المعروض وفير. ولاستعادة الزخم، يجب أن يتجاوز السعر المستوى المحوري عند 71.50 دولار بإغلاق يومي، مما سيوفر فرصة لاختبار مستوى 75.13 دولار، الذي يمثل عقبة رئيسية. وعلى الجانب السلبي، يجب مراقبة مستوى الدعم عند 67.12 دولار، وفي حال كسره، يمكن أن يشهد السوق تراجعًا إلى أدنى مستوى لعام 2024 عند 64.75 دولار، يليه 64.38 دولار.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النفط الخام أسعار النفط یؤدی إلى فی الصین

إقرأ أيضاً:

الفضة تتفوق على الذهب كأفضل المعادن أداءً في 2025

كشفت بيانات مركز «الملاذ الآمن للأبحاث» عن ارتفاع أسعار الفضة في الأسواق المحلية بنسبة 6% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بالتزامن مع صعودها عالميًا بنسبة 4.2% لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي وتزايد الطلب الصناعي، مع توقعات بأن يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى مزيد من خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة.

وأوضح التقرير، ارتفاع جرام الفضة عيار 800 من 68 إلى 74 جنيهًا، بينما سجّل عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وعيار 999 حوالي 93 جنيهًا، فيما استقر جنيه الفضة عيار 925 عند 664 جنيهًا.

ورصد المركز حالة من الارتباك في السوق المحلية، حيث أقدم بعض تجار الخام على رفع الأسعار دون مبرر، ما تسبب في نقص المعروض وتوقف بعض المصانع عن الإنتاج انتظارًا لمستويات سعرية أعلى.

سعر الذهب في مصر بمستهل التعاملات المسائية اليوموزيرا الصناعة والاستثمار: التوسعات الجديدة تعكس ثقة المستثمرين في الاقتصاد

وأوضح التقرير أن السوق «بدأ يدخل مرحلة خطيرة»، مع تحذير من احتمال حدوث قفزات غير منطقية إذا لم يتم التدخل لضبط الأسعار ومنع الممارسات الاحتكارية.

عالميًا، ارتفعت الأوقية من 48 إلى 50 دولارًا، لتسجل ثالث أعلى مستوى تاريخي منذ عامي 1980 و2011، مدفوعة بالإقبال المتزايد على الملاذات الآمنة وسط اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة.

وأشار التقرير إلى أن هذا المستوى يُعد الأعلى منذ محاولة الأخوين هنت احتكار السوق في ثمانينيات القرن الماضي، حين لامست الفضة مستوى 50 دولارًا لأول مرة.

حققت الفضة خلال شهر سبتمبر مكاسب لافتة بلغت 27% محليًا و20% عالميًا، لترتفع الأوقية من 40 إلى 48 دولارًا، والجرام من 52 إلى 66 جنيهًا.

ومنذ بداية عام 2025، ارتفعت الفضة بنسبة 81% محليًا و73% عالميًا، متفوقة على الذهب الذي ارتفع بنحو 50% فقط خلال الفترة نفسها.

عجز متواصل في المعروض وطلب قياسي

أظهر التقرير أن الطلب الصناعي على الفضة بلغ مستوىً قياسيًا بلغ 680.5 مليون أوقية في 2024، مدفوعًا بطفرة الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، في حين سجل السوق عجزًا قدره 148.9 مليون أوقية للعام الرابع على التوالي.

ومن المتوقع استمرار هذا العجز في 2025، ليصل إلى 187.6 مليون أوقية، ما يُعد ثالث أكبر عجز تاريخي في سوق الفضة.

الفضة تتفوق على الذهب

قال التقرير إن الفضة أصبحت «نسخة عالية الحساسية من الذهب»، إذ تتحرك في الاتجاه ذاته ولكن بوتيرة أقوى، مستفيدة من الزخم الاستثماري والتوجه نحو الأصول الآمنة.

وتراجع معدل الذهب إلى الفضة إلى 81 نقطة، وهو الأدنى في عام، ما يعكس أداءً أقوى للمعدن الأبيض.

تحذيرات من ارتفاع مفرط

وحذّرت مؤسسة Metals Focus من أن الارتفاع السريع في الأسعار قد يدفع بعض القطاعات الصناعية إلى تقليص استهلاك الفضة، خاصة في تقنيات الطاقة الشمسية، رغم استمرار الطلب القوي على المدى الطويل.

لكن التقرير شدّد على أن العجز الهيكلي في السوق سيُبقي الأسعار مرتفعة نسبيًا خلال العامين المقبلين.

تحليل فني وتاريخي

أظهرت العقود الآجلة لشهر ديسمبر نمطًا انعكاسيًا هبوطيًا على المدى القصير بعد أن بلغت القمة 49.96 دولارًا للأوقية، وهو ما قد يشير إلى احتمال تصحيح سعري مؤقت، قبل أن يستأنف السوق اتجاهه الصاعد.

وتاريخيًا، بلغت الفضة ذروتها عند 50.36 دولارًا في 1980 و49.52 دولارًا في 2011، وها هي اليوم تتجاوز هذه المستويات للمرة الثالثة في تاريخها الممتد على مدى قرن.

توقعات مستقبلية

توقّع ساكسو بنك في مذكرة بحثية أن يواصل المعدن الأبيض صعوده نحو 100 دولار للأوقية بحلول 2026، بدعم من الطلب الصناعي القوي والتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.

وقال البنك: الفضة تُعد النسخة عالية بيتا من الذهب، تتحرك مثله ولكن بتأثيراتٍ أقوى، مما يجعل مكاسبها أكثر حدة في فترات الصعود.

ويرى محللون أن الفضة لم تعد رخيصة مقارنة بالذهب، وأن مستوى 50 دولارًا قد يشكّل حاجزًا نفسيًا قويًا، لكنه ليس بالضرورة سقفًا دائمًا، خاصة إذا واصل الذهب صعوده فوق 4000 دولار للأوقية.

تعيش الفضة مرحلة تاريخية جديدة، يجتمع فيها الطلب الصناعي القياسي، والعجز المستمر في المعروض، والتحوّل العالمي للطاقة النظيفة، وضعف الدولار الأمريكي.

وبينما تتجه الأنظار نحو الذهب كملاذ آمن، يبدو أن الفضة أصبحت اللاعب الأقوى في مشهد المعادن النفيسة لعام 2025، مع توقعات بمزيد من الصعود في حال استمرار السياسات النقدية التيسيرية والاضطرابات الاقتصادية العالمية.

طباعة شارك أسعار الفضة أسعار الذهب أسعار الفضة محليا سعر جرام الفضة أسعار الفضة عالميا

مقالات مشابهة

  • أمين عام «أوبك»: النفط سيشكل 30% من مزيج الطاقة العالمي حتى عام 2050
  • معلومات الوزراء يستعرض أبرز مؤشرات مستقبل الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • أسعار النفط عالميا تتراجع تحت الضغط مع ارتفاع إنتاج «أوبك» وضعف الطلب
  • «معلومات الوزراء» يستعرض أبرز مؤشرات مستقبل الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • الطاقة الدولية تتوقع أن يشهد سوق النفط العالمي فائضا هائلا عام 2026
  • النفط يتراجع مع تصاعد التوتر التجاري بين أمريكا والصين
  • تراجع أسعار النفط وسط حالة من الحذر حول مستقبل الطلب على الوقود
  • وكالة الطاقة ترفع توقعاتها لمعروض النفط العالمي
  • اسعار النفط ترتفع مدعومة بتصريحات مهدئة من الرئيس الأمريكي
  • الفضة تتفوق على الذهب كأفضل المعادن أداءً في 2025