السيد ذي يزن يؤكد: توظيف طاقات الشباب في مسيرة التنمية المباركة
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
◄ السيد ذي يزن يُعبر عن ثنائه على فكر وتفاني وعطاء الشباب العُماني
◄ نُثمن عطاءكم الميمون وما يتركه من طيب الأثر أينما حل
◄ نتطلع لمجتمعٍ إنسانه مبدع قادر على توظيف هُويتِه وقِيمِه لحياةٍ كريمةٍ
◄ حريصون على متابعة جهودكم الدؤوبة وسعيكم الحثيث في سبيل التنمية الشاملة
◄ الشباب يمثلون سلطنة عُمان خير تمثيل أرضًا وإنسانًا وحضارةً
◄ توجيه بتوسُّع مركز الشباب لينطلق في 3 محافظات وفق خطط استراتيجية
◄ نؤكد العزمَ على إيجادِ مساحةٍ وبيئةٍ حاضنةٍ لطُموحاتِ الشباب
مسقط- العُمانية
أعرب صاحبُ السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزيرُ الثقافة والرياضة والشباب عن ثنائه على فكر وتفاني وعطاء الشباب العُماني في كلمته بمناسبة يومهم السنوي الذي يوافق 26 أكتوبر من كل عام.
وفيما يأتي نص الكلمة:
"بُناة عُمان الأوفياء؛ مَعينها الدفاق، وسراجها الوضاء، وحُراس إرثها التليد، يطيب لنا في يومكم المعهود من كل عامٍ أن نبارك لهذا البلد الطيب ما أنبته من كريم مفاخركم ونبيل صنائعكم، التي نباهي بها الأمم جيلًا بعد جيل؛ وما أنعم الله عليه من رجاحة فكركم النير، وأنفسكم الملأى حبًا بالتفاني دونه؛ ليهنأ آمنًا مطمئنًا سخاءً رخاءً.
شبابنا الهُمام...
إننا نُثمن عطاءكم الميمون وما يتركه من طيب الأثر أينما حل؛ بوصفكم شعلة النور الوهاج في المجتمع العُماني، فإن البلاد تُعول عليكم أيضًا لتوظيف طاقاتكم في مسيرة التنمية المباركة؛ بكافةِ أبعادها، واضعين بين أيديكم الثقةَ للاستمرار في العطاء؛ متطلعين بكم إلى مجتمعٍ، إنسانه مبدع، قادر على توظيف هُويتِه وقِيمِه لحياةٍ كريمةٍ لمن سيعيشونَ على هذه الأَرضِ الكريمة، ومجتمعٍ راسخٍ يَعملُ على أن يَكونَ هذا الوطنِ مكانًا أفضلَ دائمًا للجميع، مؤكدين بوقفتنا هذه على حرصنا على متابعة جهودكم الدؤوبة وسعيكم الحثيث في سبيل التنمية الشاملة التي عمت جميع المحافظات.
شبابَ عُمانَ الأوفياء...
إن المعرفةَ والتقنيةَ والابتكارَ ركائزُ أساسية لمسيرة التطوير في البلاد، ومحركٌ للاقتصاد، وإن القيمَ العُمانية التي نَعتز بأصالتِها ورسوخِها في نفوسِنا كالطود الشامخ؛ هي حجر أساس، وها أنتم تُثبتون على الدوام، أنكم وبتسلحِكم بالقيم والمبادئ العُمانية على مر الأزمان، تمثلون سلطنة عُمان خير تمثيل؛ أرضًا وإنسانًا وحضارةً. مسترشدين بالرؤيةِ الحكيمةِ لمولانا حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزهُ اللهُ وأيدهُ- في جميع ما تصبون إليه.
فخر عُمان...
من هنا، يسرنا وبمناسبةِ يومِ الشبابِ العُماني أن نعلن مُضينا في الرحلةِ التي بدأناها مُنذُ إنشاءِ الفرعِ الرئيس لمركزِ الشباب، والتوجيهِ بالتوسعِ في عددٍ من المحافظاتِ بحسبِ خططِنا الاستراتيجيةِ، وإنشاءِ فروع جديدة لمركزِ الشبابِ في كل من محافظةِ الداخلية، ومحافظةِ مسندم، ومحافظةِ جنوبِ الشرقية؛ مؤكدين على العزمَ على إيجادِ مساحةٍ وبيئةٍ حاضنةٍ لطُموحاتِ الشبابِ العُماني من أقصى عُمانَ حتى أقصاها.
وكل عامٍ وشبابُ عُمانَ يعانق هامات الأمجاد".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نحو سياحة عُمانية فعّالة
دائما ما ينتابني الشعور بالسرور حين تتخالجني «دوبامينات» الدماغ مع لحظات الوعي بموقعنا الجغرافي المتميّز في سلطنة عُمان؛ إذ أكرم اللهُ عُمانَ بتنوع جغرافي مدهش يجمع بين جمال الجبال واعتدال درجات حرارتها وبين البحار ذات الشواطئ الجميلة والهواء العليل البارد -في بعض المواقع- صيفا وبين البساط الأخضر والصيف البارد جنوبا وبين الصحراء الشاسعة الذهبية التي تأسر النفس وتوقد إلهام العقل المتأمل وبين المعالم التاريخية التي استطاعت أن تتناغم مع لمسات الحاضر فتنقل السائح إلى لحظات «زمكانية» يتوق إلى تجربتها. شاءت كلُ المزايا الجغرافية -التي حباها الله لعُمان- أن تهيأ كل الأسباب لتجعل من عُمان وجهةً سياحيةً طوال العام، ولتكون من ضمن الدول القليلة التي تتميّز بمواسم سياحية مستمرة طوال العام.
شهدنا -مؤخرا- انطلاقةً أسرعَ في مشروعات السياحة الداخلية وتنميتها؛ فتعكسه التطويرات المستمرة للمرافق السياحية وترويجٌ جاذبٌ للسياحة يعتمد وسائل معاصرة، وتأكيد ذلك ما حدث ويحدث في محافظات وولايات مثل محافظة ظفار والجبل الأخضر من حيثُ تشييد مزيد من المرافق العامة وتفعيل أفضل للفعاليات وزيادة الاستثمارات السياحية مثل الفنادق والمنتجعات، وهذه خطوة إيجابية تعكس الجهود الحكومية عبر تشجيع الاستثمار السياحي ودعمه بجانب الدعم الحكومي المباشر في تطوير المرافق العامة والبنى التحتية بأنواعها. نجدها كذلك -عبر الجهود الأهلية ودفعها بالاستثمار السياحي الداخلي وبوجود الدعم الحكومي- في تطوير السياحة التراثية والتاريخية المتمثلة في ترميم الحارات القديمة وتحويلها إلى قرى تراثية تجمع بين مظاهر الماضي ومستلزمات الحاضر، وتمنح السائح فرصة لخوض تجربة جديدة يمكن أن تمتد إلى عدة أيام تجعله منسجما مع زمن جديد كأنه ولج إليه عبر آلة الزمن.
رغم هذه الانطلاقة المُلفِتة في دعم السياحة العُمانية؛ فإننا ما نزال نرى مظاهر سياحية إما مفقودةً أو تتطلب التحسين والمواءمة، ونجد مواقع عُمانية جغرافية -تصنّف في قائمة المواقع السياحية المهمة- بحاجة إلى مزيد من التفعيل السياحي وتقويته مثل الأشخرة التابعة لولاية جعلان بني بو علي وجزيرة مصيرة في محافظة جنوب الشرقية وشاطئ بر الحكمان في محافظة الوسطى الذي أطلق عليه «مالديف الخليج»؛ فعبر تجربة شخصية كنت أحاول أن أبحث عن مرافق سكنية فندقية في هذه المواقع العُمانية ذات الطابع السياحي؛ فلم أجد -للأسف- الفئة الفندقية المرجوة وأعدادها الكافية؛ فمعظم ما يتبقى من سكنات -لا يصنّف معظمها من الفئات الفندقية- ينفد بسرعة ولا يلبي طلب السائح؛ فيضطر أن يُحدثَ تغييرا في خطته السياحية لهذه المناطق الجميلة التي تستحق الزيارة فترة الصيف نظرا لاعتدال درجات حرارتها. كذلك شدّني النشاط السياحي التراثي عبر استغلال القلاع والحصون العُمانية سياحيا بفتحها أمام الزوار والسُيَّاح، وهذا نشاط سياحي مهم تمارسه كثيرٌ من دول العالم ذات الإرث التاريخي المشابه لعُمان، ولكن من المهم أن نجعل لهذا الانفتاح السياحي بعض الضوابط التي تحفظ لمثل هذه المعالم هيبتها التاريخية، وألا تتجاوز هذه النشاطات -خصوصا تلك التي تدخل في نطاق المواقع ذات الطابع التاريخي أو الديني- حدود القيم العُمانية المرتبطة بدينها الإسلامي وثقافتها العربية المحافظة؛ فينبغي أن تراعى مكانة هذه الحصون والقلاع العُمانية بما يتوافق مع قيمتها التاريخية والدينية -كونها ارتبطت بشخوص وأحداث ساهمت في حفظ مجد عُمان وسيادتها- عن طريق وضع شروط -غير تعجيزيّة- تحدد معايير عامة للباس المحتشم مثل الذي يُفرض لزوار المواقع الدينية أو مراكز التسوّق «المولات»، وهذا أمر نجده في كثير من دول العالم -كثير منها غير عربية- التي تصون حرمة مواقعها الدينية أو التاريخية.
لا أتصور أن خطط التطوير السياحي والاستثمار فيه غائبةٌ عن ذوي الشأن، ولست متخصصا في الحقل السياحي لأضع التوصيات التي يمكن للمتخصصين أن يفقهوا مفاصلها وتحدياتها، ولكنني مع طرح عام بطابع الرأي، وأسعى بواسطته أن أرى مزيدا من التحسين في قطاع السياحة العُماني دون أن نبخس جهودا مستمرة تُبذل بكل إتقان وإخلاص مع علمي بأن حمل السياحة وتطويرها لا يمكن أن نضع كل ثقلها على وزارة بعينها مثل وزارة التراث والسياحة التي ينطوي عليها مسؤولية التنظيم والتشجيع والترويج والدعم، ولكن ثمّة تفرعات أخرى تتعلق بتنمية السياحة وتطويرها تتصل مسؤوليتها بجهات حكومية أخرى أو جهات خاصة ومجتمعية، وأذكر في هذا المقام لقاء جمعني بصحبة والدي قبل عدة سنوات مع الوزير المتقاعد أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة السابق وبمعية بعض مستشاري الوزارة ومديري عمومها لبحث سبل التطوير السياحي لـ«حارة العين» في ولاية إزكي؛ فاتضحت لي -عبر تطرّق عام لشأن السياحة العُمانية- صورة أفضل لقطاع السياحة في عُمان وحجم الطموحات والجهود المبذولة بجانب التحديات التي ينتج بعضها من الزاوية المجتمعية وتعقيداتها التي تراعي الحكومةُ حقوقَها -الفردية والعامة- وخصوصياتها وبعضها الآخر يتعلق بالاستثمار السياحي والمستثمر الذي يبحث عن سبل تحقيق مصالحه. لعلّنا نحتاج إلى مراجعة شاملة مع نهاية كل عام نكشف عن طريقها مدى رضانا عن عدد الزائرين -من الخارج ومن الداخل- ونقارنه بأعداد الزائرين لدول أخرى في المنطقة؛ إذ مع استشهادنا بما تُظهره إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغ عدد الزائرين -من الخارج- إلى سلطنة عُمان حتى نهاية ديسمبر عام 2024 3.89 مليون سائح، وبجانب هذا الرقم الذي يمكن أن يراه بعضنا رقما لا بأس به؛ فإننا نحتاج إلى نتجاوز مظاهر القناعة والرضا في بعض الحالات مثل هذه؛ لنقارنها بشكل إقليمي وعالمي، ولنجعل طموحنا أكبر؛ فعُمان أرض حباها الله بتضاريس نادرة تغبطها عليها دولٌ كثيرةٌ بالإضافة إلى نعمة الأمن والأمان والكرم وحسن الخلق عند العمانيين عامة وكفاءة التنظيم الحكومي المواكب للتقدم الرقمي وقوانينه الصارمة التي أكسبَ البلاد سمعة لتكون من ضمن أقل معدلات الجريمة في العالم ومن ضمن أنظف دول العالم. كل ما نحتاجه أن نواصل المسير في تنمية قطاع السياحة ليشمل بقية الولايات والبقع الجغرافية الجميلة التي لم تنل نصيبا كافيا من الازدهار السياحي الجاذب للعنصر البشري التواق للجمال المرتبط بكل سبل الراحة والتيسير، ونحتاج أن تمتد ضوابط اللباس المحتشم والسلوكيات الأخلاقية لتشمل أروقة معالمنا التاريخية مثل القلاع والحصون لإبقاء عنصر الهيبة العُمانية شامخا لا تزعزعه فرضيات «مواكبة العصر» و«الانفتاح السياحي» غير المقنن والمنضبط.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني