ما تداعيات حظر إسرائيل لوكالة الأونروا؟
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
يخيم الغموض على مستقبل نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الثلاثاء غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل، بما يشمل القدس المحتلة.
ماذا سيحدث؟تعمل الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تقدم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وخاصة في مجالي التعليم والصحة.
ويحظر التشريعان على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا ويمنعها من العمل داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية التي احتلتها عام 1967 ثم أعلنت ضمها.
ومن المقرر أن يدخل التشريعان حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر.
ويشير الباحث ريكس برينين المتخصص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين إلى أنه "في المستقبل القريب، قد يجعل هذا استمرار عمليات الأونروا في القدس الشرقية صعبا للغاية"، مذكّرا بأن الوكالة تعمل في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية.
لكن المتحدث باسم الوكالة جوناثان فاولر يؤكد أن "هناك تداعيات تتجاوز ما تعتبره إسرائيل إقليمها السيادي، لأن انتهاء التنسيق مع السلطات الإسرائيلية سيشكل ضربة قوية للعمليات في غزة التي نمثل نحن عمودها الفقري".
وفي قطاع غزة الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، توظف الوكالة 13 ألف شخص، وتدير الاستجابة الإنسانية لمنظمات أخرى، وهي على اتصال منتظم مع السلطات الإسرائيلية، وخاصة في ما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية.
كما سيجعل حظر التنسيق مع إسرائيل من الصعب على الأونروا العمل في الضفة الغربية المحتلة حيث تخدم وفق برينين 900 ألف لاجئ، وتدير 43 مركزا صحيا وما يقرب من 100 مدرسة.
وردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية، لم ترغب الأونروا في تقديم تفاصيل، لكنها أشارت إلى أن اتصالاتها مع الهيئة الإسرائيلية المشرفة على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (كوغات) تتعلق خصوصا بتنقلات موظفيها.
ما هو الدافع من التشريع؟يرى ريكس برينين أن هذا التشريع هو نتيجة "غضب الإسرائيليين" تجاه الوكالة التي يربطونها بهجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكنه أيضا نتيجة "للجهود التي بذلتها الحكومة الإسرائيلية والعديد من النواب مع مرور الوقت لإضعاف الأونروا من أجل تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين".
وأحد الوجوه التي تقف وراء ذلك هي النائبة السابقة عينات ويلف التي تنتقد الوكالة على خلفية حق العودة للاجئين، وتعتبر أن أقلية من اللاجئين المسجلين لدى الأونروا هم لاجئون "وفقا للمعايير الدولية".
وتنص لوائح الأمم المتحدة على أن الأشخاص يعتبرون لاجئين "حتى يتم حلّ الأزمة (التي تسببت في وضعهم)"، كما تقول الباحثة البريطانية في شؤون اللاجئين آن عرفان.
وتوضح عرفان "إنها سياسة موحدة".
وترى الباحثة أن الحظر المفروض على الأونروا يعكس "تغييرا كبيرا" في السياسة الإسرائيلية تجاه الاحتلال، لأن إسرائيل في السابق انتقدت ولكنها لم تشكك في الأونروا التي يؤدي عملها إلى "خفض تكلفة الاحتلال".
ومنذ التصويت، واجهت إسرائيل انتقادات دولية، ويرجع جوناثان فاولر ذلك إلى توجيهها "ضربة لتعددية الأطراف" عبر استعراض القوة في مواجهة نظام "قرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية".
من يمكن أن يعوض الأونروا؟منذ ما يقرب من 75 عاما من تأسيس الأونروا، فشلت محاولات العثور على بدائل "فشلا ذريعا"، حسبما تؤكد المتحدثة باسم الوكالة جولييت توما.
ويذكّر فاولر أنه "بموجب القانون الدولي الإنساني، تقع على عاتق قوة الاحتلال مسؤولية ضمان رعاية السكان الخاضعين للاحتلال"، مشيرا إلى مسؤولية إسرائيل في حال توقف أنشطة الأونروا.
ويقترح البعض أن تتولى دول أجنبية أو وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة مهام الأونروا، ولكن مايكل دامبر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يؤكد أن "أي محاولة لتقييد دور الأونروا سيُنظر إليها على أنها تقويض لالتزام المجتمع الدولي بحق تقرير المصير (للفلسطينيين)".
وقالت "كوغات" لوكالة الصحافة الفرنسية إنها تشجع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في غزة، ولكن فاولر يلفت إلى أن تلك الوكالات "لا تعمل على نفس النطاق".
أما السلطة الفلسطينية التي تسيطر جزئيا على الضفة الغربية، فإنها تواجه مشاكل مالية خطيرة، وبالتالي لن تكون قادرة على تولي مهام الأونروا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
غليون لـعربي21: أوروبا تعترف بفلسطين خوفاً من وصمة الإبادة التي شاركت فيها
اعتبر المفكر العربي وأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور برهان غليون أن إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر المقبل، لا يعكس صحوة ضمير أو تحولاً جوهرياً في السياسة الغربية، بل هو "رد فعل متأخر يهدف لتفادي تهمة التواطؤ في حرب إبادة جماعية يتكشف فظاعتها تدريجياً"، مشيراً إلى أن "أوروبا كانت وما تزال شريكة أصيلة في الجريمة، تسليحاً وصمتاً وتغطية سياسية".
وقال غليون في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "ما غيّر موقف بعض العواصم الأوروبية ليس معاناة الفلسطينيين ولا احترام القانون الدولي، بل الخوف المتزايد من تحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن صمتٍ طويل رافق مذبحة جماعية شُنّت بدم بارد على الشعب الفلسطيني في غزة".
وأضاف: "لا يوجد إنسان لا يتأثر مبدئياً باعتراف أوروبي بالدولة الفلسطينية، لكنه اعتراف متأخر ومشروط وفارغ من مضمونه، لأن دوافعه لا تنبع من شعور بالعدالة، بل من حسابات سياسية باردة تهدف لغسل اليدين من دماء أطفال غزة".
وأوضح المفكر السوري أن "الاعتراف يأتي بعد 21 شهراً من حرب همجية على غزة أوقعت مئات آلاف الضحايا ودماراً شاملاً في البنية التحتية والحياة المدنية، ولم يتحرك خلالها الأوروبيون إلا دفاعاً عن إسرائيل وحقها في القتل بلا ضوابط"، مضيفاً: "كان أغلب القادة الأوروبيين ينتظرون أن تنهي إسرائيل المهمة، أي تدمير غزة، وإلحاق الضفة الغربية، وتحويل فلسطين إلى ذكرى قديمة… ثم تُغلق القضية بهدوء".
وأكد غليون أن "نجاح إسرائيل الكلي في تنظيم المقتلة، وتحويل الحرب إلى محرقة ممنهجة، هو ما أسقط كل مبررات التغطية الأخلاقية والدبلوماسية، ودفع بعض الدول إلى محاولة الحد من تداعيات التورط الغربي".
وقال: "الغرب يعرف أن إسرائيل لم تخسر عسكرياً، لكنها خسرت سياسياً وأخلاقياً، لا بسبب عجزها عن تنفيذ الإبادة، بل بسبب تنفيذها الكامل لها أمام عدسات الكاميرات وضمير العالم، الذي بدأ يصحو متأخراً".
ووصف غليون الاعتراف الأوروبي المرتقب بـ"المناورة الوقائية"، مشدداً على أن "الغرب لن يجد صعوبة في التنصل من مسؤوليته، ورمي الجريمة على إسرائيل وحدها، رغم أنه كان مشاركاً في التخطيط والتنفيذ والتمويل".
وختم بالقول: "الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد سبعة عقود من قرار الأمم المتحدة وبعد واحدة من أبشع الحروب في العصر الحديث، لا يُعدّ خطوة تقدمية، بل محاولة مكشوفة لإعادة ترميم صورة انهارت تحت ركام غزة".
وأول أمس الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
إعلان كارني جاء عقب إطلاق 15 دولة غربية بينها فرنسا، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، نشرته الخارجية الفرنسية الأربعاء على موقعها الإلكتروني، وبعد إعلانات مشابهة في الأيام الماضية صدرت عن فرنسا وبريطانيا ومالطا.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 24 يوليو/ تموز الماضي، أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر المقبل.
والثلاثاء، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحفي، إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع" بقطاع غزة.
والأربعاء، أعلنت مالطا أنها ستعلن اعترافها رسميا بدولة فلسطين، في سبتمبر المقبل.
وفي 28 مايو/ أيار 2024، أعلنت إسبانيا والنرويج وإيرلندا اعترافها بدولة فلسطين، تلتها سلوفانيا في 5 يونيو/ حزيران من العام نفسه، ليرتفع الإجمالي إلى 148 من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأمس الخميس وصف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خطط بعض الحكومات الغربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها "غير مجدية"، وزعم أنه "لا دولة فلسطينية دون موافقة إسرائيل".
وردا على سؤال خلال مقابلة مع إذاعة فوكس الأمريكية: "كيف تنظر الولايات المتحدة إلى خطوة قرارات دول غربية الاعتراف بفلسطين؟"، أجاب روبيو: "هذه خطوة محبطة للبعض، ولا تعني شيئًا".
وأكد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، مضيفاً: "لا تملك أي من هذه الدول (التي تخطط للاعتراف بفلسطين) القدرة على إنشاء دولة فلسطينية. لن تكون هناك دولة فلسطينية حتى توافق إسرائيل".
وزعم أن الدول التي تعتزم الاعتراف بفلسطين لا تعرف أين ستكون الدولة الفلسطينية ومن سيحكمها، قائلاً: "هذا القرار سيأتي بنتائج عكسية"، بحسب تعبيره.
وزير الخارجية الأمريكي رأى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "مكافأة لحماس".
وأشار إلى أن هذه "الخطوات اتخذت بسبب ضغوط سياسية داخلية في البلدان المذكورة، وأن هذا لا يتوافق مع الواقع على الأرض"، بحسب زعمه.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 207 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.