بعد 67 عاما.. من هو العربي بن مهيدي الذي اعترفت فرنسا بقتله؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة، أن القيادي في جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب التحرير في الجزائر «العربي بن مهيدي» قتله عسكريون فرنسيون، بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية.
وارتبطت ابتسامته الساخرة لجلاديه قبل قتله بمعنى النضال والتضحية من أجل الوطن، فأصبح أيقونة في الكفاح وبطلا أعطى درسا في البسالة والكاريزما التي أرعبت المستعمر، هو البطل الجزائري الشهيد العربي بن مهيدي الذي رد على جلاديه الذين تفننوا في تعذيبه كي ينتزعوا منه أسرار الثورة التحريرية الجزائرية بصمت مطبق وابتسامة ساخرة، فشنقوه ثم أعلنوا أنه انتحر، فظل شبحه يلاحقهم إلى أن أجبرهم على الاعتراف.
وقال قصر الإليزيه، في بيان، إن رئيس الجمهورية يعترف بأن العربي بن مهيدي، البطل الوطني للجزائر وأحد قادة جبهة التحرير الوطني الستة الذين أطلقوا ثورة الأول من نوفمبر 1954، إذ كانت الرواية الفرنسية تقول منذ سنين ماضية إن حكيم الثورة انتحر في زنزانته، رغم أن السفاح أوساريس، الآمر بالجريمة، اعترف في مذكراته التي أثارت جدلا واسعا، بداية الألفية الماضية، بقتله البطل الجزائري العربي بن مهيدي.
ويعد العربي بن مهيدي، أحد قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية المؤسسين الكبار، ولد في عام 1923، وقتل شنقا في 4 مارس عام 1957، وهو لم يتجاوز من العمر الرابعة والثلاثين، كان موته تضحية كبرى من أجل مثل عليا آمن بها، اختار الموت من أجل الآخرين.
وروى الجنرال الفرنسي بول أوساريس في كتاب صدر عام 2001 ما حدث وأن شبح العربي بن مهيدي يطارده طويلا، وكشف عن تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل استشهاد بن مهيدي، ثم كرر ذلك في مقابلة مع صحيفة لوموند في 6 مارس عام 2007.
ووضع العربي بن مهيدي معصوب العينين ليلة 3 - 4 مارس 1957 في سيارة «جيب» انطلقت بسرعة عالية إلى مزرعة مهجورة يملكها مستوطن فرنسي متطرف بالقرب من العاصمة الجزائر.
ونفذ عملية الإعدام شنقا الجنرال وخمسة آخرون، وضع على الكرسي وتدلى مرتين، في المرة الأولى انقطع الحبل، كما لو أنه يغيظ جلاديه حتى وهو يلفظ أنفاسه. في المرة الثانية همد الجسد، وانتقلت الروح إلى بارئها.
وبعد الانتهاء من العملية القذرة، أعاد الجلاد الفرنسي جسد الضحية إلى الزنزانة ورتب الأمر كي يبدو أن بن مهيدي شنق نفسه هناك.
إصابة 5 أشخاص بجروح خطيرة في إطلاق نار بفرنسا
فرنسا ترسل 30 طنًا من المساعدات الإنسانية إلى لبنان
سفير مصر بفرنسا: مستعدون لتقديم الدعم للشركات المصرية المشاركة في معرض «SIAL»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون قصر الإليزيه العربي بن مهيدي الشهيد العربي بن مهيدي بن مهيدي جبهة التحرير الوطني ثورة التحرير الجزائرية العربی بن مهیدی
إقرأ أيضاً:
درعا بعد التحرير.. أنوار العودة وحلكة المعاناة
درعا- عبّر اسم درعا دومًا عن بوابة سوريا على التاريخ والكرامة، وهي المدينة التي تعيش اليوم مرحلة ما بعد التحرير متأرجحة بين واقع مأزوم وآمال متعبة ترمق القادم عسى أن يكون أجمل.
منذ إعلان سقوط نظام الأسد وتحرير سوريا لم تتغير تفاصيل المعاناة اليومية كثيرا، بل ربما ازدادت تعقيدا في جوانب عديدة، وكأن الحرب غادرت برحاها الفاتكة، لكنها تركت خلفها معارك طاحنة صامتة تدخل في تفاصيل الحياة اليومية.
في شوارع درعا، تعود الحركة خجلى؛ هناك صبية يذهبون إلى المدارس بأحذية ممزقة وحقائب خالية من الدفاتر، وفي الطرف الآخر كبار يتجولون في الأسواق وأعينهم تدور في رؤوسهم من الهم على أمل العثور على سِعر مقبول أو فرصة عمل عابرة، بينما يعرض الباعة بضاعتهم المحدودة الباهظة الثمن، وفي خلفيّة المشهد لا تستطيع روائح التوابل الفواحة أن تخفي مرارة الغلاء.
وفي جولة بالأسواق التي كانت يوما تعج بالحياة، لا تخطئ العين ما تشاهده من ركود اقتصادي، والسبب لا يعود فقط إلى فقر الجيوب وجفاف السيولة المالية، بل إلى تعقيد الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تلقي بظلالها على كل تفاصيل الحياة اليومية لا سيما المعيشية منها.
يقول أبو خالد وهو تاجر في حي الكاشف منذ 20 عاما، "الناس تعود إلى البلاد بعد طول اغتراب وتهجير، لكن الحياة لا تعود كما كانت أبدا؛ فالكهرباء تأتي 3 ساعات فقط، والمياه لا تصل إلا يومين في الأسبوع، من يستطيع أن يعيش في ظل هذا التهالك والقسوة؟".
على الصعيد الإنساني، فإن قصص العودة تفوق في قسوتها مشاهد النزوح والتهجير، كثيرون رجعوا ليجدوا بيوتهم مهدمة أو منهوبة أو غير صالحة للسكن، فكثير من العائلات تعيش اليوم بين الركام، تصنع من الستائر أبوابا، ومن الأحجار أرائك، ولا تدري أين تذهب.
إعلانبحسب التقارير الأممية، فإن أكثر من 82% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ولعل المعاين للواقع يكتشف أن النسبة أكبر من ذلك، وذلك ما تجسده درعا بوضوح.
وفي حوران -بالذات- الملقبة "أم اليتامى"، لم يكن الفقر جديدا، لكنه اليوم صار أكثر شراسة ونهشا للإنسان ووضوحا للعيان، ولا سيما أنه يترافق مع انعدام الخدمات وغلاء الأسعار وتراجع الزراعة، وشلل شبه تام في الصناعات المحلية.
تركة ثقيلة
في الوقت ذاته، يبدو أن الحكومة الجديدة لا تزال تعاني من وطأة تركة النظام السابق الثقيلة وهي غير قادرة حتى الآن على تأمين أدنى مقومات الحياة بسبب البنية التحتية التي دمرها وأنهكها النظام المخلوع، فالكهرباء لا تزور منازل السكان إلا لساعات محدودة، وأما مياه الشرب فإنها تصل عبر الصهاريج بأثمان باهظة.
وحتى الخبز الذي هو قوام حياة المواطن السوري، فإنه سلعة "بائسة" من حيث النوعية والقدرة على تحصيلها، فلا يُباع إلا بعد خوض معارك في طوابير طويلة تمتد منذ الفجر، وسط غياب مادة الطحين المدعوم وتراجع في كفاءة المخابز.
وأما عن الوضع الصحي، فإنه لا يقل بؤسا، فالمستشفيات تعمل بطواقم منهكة غير قادرة على تغطية الاحتياج، والأدوية الأساسية إما مفقودة أو باهظة الثمن، فيما تستقبل العيادات الخاصة المرضى الذين يستطيعون دفع أجور المعاينة مع هامش إنساني يتركه الأطباء في عياداتهم الخاصة للمعوزين، لكن عموم الفقراء متروكون أسرى لأوجاعهم.
وبخصوص التعليم، فالمدارس منهكة والمناهج ممزقة والكادر فيه نقص شديد، والطلاب يدرسون في غرف لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف، فيما أعيد ترميم بعض المدارس بجهود المغتربين بينما بقي كثير منها خارج الخدمة بسبب آثار الحرب المدمرة؛ ففي إحدى المدارس القريبة من مركز المدينة، لا يتجاوز عدد المدرسين 3، بينما الصفوف تعج بأكثر من 50 طالبا في الغرفة الواحدة وما هذا إلا نموذج لصورة كبيرة موجعة.
إعلان
عزيمة وإرادة
ومع ذلك تظل المدينة تنبض بما تبقّى من إصرار وعزيمة وإرادة، فالناشطون المحليون ينظّمون دورات تعويضية، ويشكلون فرقا تطوعية خدمية في مختلف المجالات.
وعلى الرغم من كل هذه القسوة في المعيشة، فإن المدينة لا تفقد روحها، فالناس في درعا معجونون بمعنى الانتماء لوطن ينهض بهم، وقد اعتادوا أن يبنوا من الرماد حلما جديدا. ولا تزال الأمسيات تجمع العائلات حول أحاديث الواجب والهمة والانطلاق، والريادة في العمل وضرورات البذل والعطاء.
ولا تزال المساجد في درعا مراكز انطلاق العمل والبناء والمبادرات للنهوض، كما كانت من قبل مراكز انطلاق الثورة لهدم الاستبداد؛ فدرعا بعد التحرير ليست مدينة خرجت من الحرب فحسب، بل هي تحاول أن تبني نفسها خارج ذاكرة الحرب وداخل صراع جديد عنوانه الصمود، وهي إذ تقف على عتبة المستقبل، لا تنكر وجع الحاضر، لكنها تصر على أن تكون ذات صباح قريب، فهي مدينة تستحق الحياة.