شتافنيتسا .. مدينة الينابيع والسياحة العلاجية منذ القرن ال 16
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
شتافنيتسا – بولندا – د.جمال المجايدة :
وصلنا الى مدينة شتافنيتسا قادمين اليها من كراكوف , في محاولة للتعرف على ملامحها التي تضم العديد من الينابيع الحارة و المنتجعات المخصصة للعلاج بالمياه المعدنية ، وهي بالفعل تعد وجهة سياحية نابضة بالحياة في جنوب بولندا. كما انها وجهة فريدة من نوعها لاتُقاوم بفضل تنوّع الأنشطة فيها وجمالها الطبيعي والثقافي الذي توفّره،
وفرت لنا ادارة الفندق الذي أقمنا فيه Pieniny Grand Hotel جولة في وسط المدينة للتعرف الى ملامح موقعها الخلاب عند سفح جبال بينيني، بالقرب من مضيق نهر دوناجيك.
شتافنيتسا المدينة الوادعة الصغيرة الهادئة مليئة بالغابات والمناظر الطبيعية الخلابة، حيث يمكن للمتنزهين اغتنام الفرصة لمعايشة تجربة ثرية في التعرّف على النباتات والحيوانات النادرة في الغابات.
خارج شتافنيتسا، تنتشر القلاع في تشورشتين ونيدزيكا التي تستحق الزيارة، فضلاً عن الحدائق الوطنية مثل بيالوفيجا المُدرجة على لائحة مواقع التراث العالمي من قبل اليونيسكو، فهي تضمّ آخر الغابات البكر في أوروبا، وواحة مورقة غنية بالمعالم البرّية الساحرة وموطن الجاموس الأوروبي.
في أعماق الطبيعة الساحرة
تقع مدينة شتافنيتسا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 7600 نسمة ومساحتها 8789 هكتاراً، على مقربة من الحدود البولندية السلوفاكية، في واحدة من أكثر المناطق الخلابة في البلاد. فهي تمتدّ على حدود جبال بينيني وبيسكيد ساديك في وادي كراجكاريك، على ارتفاعٍ يصل إلى مابين 430-500 متراً فوق مستوى سطح البحر.
تغطي الغابات ثلثي المنطقة. وهذه الوفرة من الغابات هي التي تساهم في كون المناخ أكثر اعتدالاً من العديد من المنتجعات الجبلية الأخرى في بولندا. لا تختلف درجات الحرارة ليلاً ونهاراً بشكل كبير، ونادراً ما تمطر ويكون الضغط الجوي متوسطاً. تميل فصول الشتاء إلى أن تكون مشمسة ومثلجة، بينما يكون الصيف معتدلاً.
رحلة علاجية مُتكاملة
وتُعدّ زيارة مدينة شتافنيتسا رحلة علاجية مُتكاملة للروح والجسد والعقل، حيث يُساعد المناخ المحلي الفريد وينابيع المياه المعدنية والمنتجعات والحمّامات العلاجية، بعلاج أكبر عدد من الأمراض مثل أمراض المسالك البولية والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي وكذلك أمراض الأعضاء الحركية. كما يتحرّر العقل من قيوده عند الاسترخاء بين أحضان الطبيعة الرائعة والنسيم العليل الأخّاذ في رحلة استشفاء لا تُقدّر بثمن.
السياحة في شتافنيتسا
تعتبر شتافنيتسا المدينة الأكثر شعبية في المنطقة بين السياح والزوار القادمين اليها من دول الخليج العربية واوروبا و الذين يفضّلون الجبال على الشواطئ لقضاء إجازاتهم وسط المعالم الطبيعية المُذهلة، حيث يتسنّى لعشاق المغامرات اكتشاف الغابات الرائعة بالركوب على الدراجة أو سيراً على الأقدام، وتُمثّل الرحلة فرصة رائعة لركوب الزوارق الخشبية أو لقضاء وقت مُمتع في الاسترخاء والاستشفاء داخل المصّحات العلاجية الطبيعية بين أحضان الجبال التي تُسهم في تجديد الحياة للعقل والجسد على حدٍّ سواء.
ولا تكتمل تجربة زيارة شتافنيتسا إلا بتناول كوب من المياه المحلية المعدنية النقية من حانة صغيرة في قلب المدينة، والتوجّه لزيارة المتحف المتواضع أعلى التل الذي يضمّ مجموعة من أزياء منطقة بينيني. ورغم أنها ليست كبيرة، إلا أن المجموعة تستحقّ المشاهدة بسبب السترات المطرزة النموذجية للمنطقة.
سحر السياحة الشتوية
تضمّ شتافنيتسا بعضاً من أفضل منحدرات التزلج مع مسارات تُناسب جميع مستويات المهارة أطولها في بالينيكا بحدود 2 كم. يمكن الوصول إلى جبل بالينيكا الذي يبلغ ارتفاعه 722 متراً عن طريق مصعد التزلج الذي يتُسع لأربعة أشخاص، حيث يوفر إطلالات رائعة على الوادي. وبمجرد الوصول إلى هناك، يمكن لعشاق الرياضات الشتوية الاستمتاع بمسار قصير منحدر ومتنزه صغير للتزلج على الجليد. يبدأ مسار المشي والدراجات “دونجاك جورج” عند محطة مصعد التزلج، ويمتد على طول الضفة الجنوبية للنهر الجبلي. بالقرب من جبل بالينيكا، وتحديداً على جبل”زافرانوكا”، فإن قطار التزلج الجبلي الذي يبلغ ارتفاعه 700 متر يُعتبر عامل جذب سحري بين الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. ومن المؤكّد أن أكبر عامل جذب في هذه المنطقة والنسخة الأكثر إثارة هو رحلة التجديف بالكاياك في نهر دونجاك، حيث ينخفض مستوى الصعوبة لمحبي الرياضات المائية، وتجربة لا تُنسى في التجديف الجبلي بصحبة المرشدين والمدربين المحترفين.
تاريخ تراثي عريق
ذاع صيت شتافنيتسا كمدينة منتجع منذ منتصف القرن التاسع عشر، نظراً لوجود ينابيع الحمض القلوية والظروف الجوية الرائعة والتي تُساعد على علاج العديد من أمراض الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.
يعود أول ذكر تاريخي لبلدة المنتجع إلى بداية القرن السادس عشر. وحتى نهاية القرن الثامن عشر، حيث كانت جزءاً من منطقة تشوزتيان. في عام 1839، تولى جوزيف ستيفان سزالاي إدارة شتافنيتسا وبدأ تطوير المنتجع الصحي. وشهد منتصف القرن التاسع عشر تطوّر البلدة بشكل ديناميكي بفضل رؤية جوزيف ديتل، وهو طبيب ومروج للمنتجعات الصحية زار شتافنيتسا في عام 1857. وقد أغواه المكان، وساعده على تطوير أنشطة العلاج المائي، مع مراعاة المعايير التي وضعتها المنتجعات الأوروبية الأخرى، عن طريق تطوير مرافق حرارية جديدة بسرعة، حيث كان يتمّ اكتشاف ينابيع حرارية جديدة واحدة تلو الأخرى.
قبل وفاته، تنازل جوزيف سزالاي عن إدارة منشأته الحرارية لأكاديمية التعلم في كراكوف، التي واصلت العمل برؤية مؤسسها على الرغم من الصعوبات المالية. وهكذا تمّ بناء قصر الضيوف “ديورك غوسكاني” الشهير في جميع أنحاء أوروبا.
في عام 1909، استحوذ الكونت آدم ستادنيكي من ناوويوا على شتافنيتسا، وعلى الرغم من الحرب التي دمرت أوروبا بعد بضع سنوات، كانت أنشطة آدم ستادنيكي ناجحة واستفادت المدينة المنتجع من النمو المستمر، حيث تمّ تجديد الحمامات الحرارية، وتوسيع “حديقة جورني” لتشمل “بولوني” (المراعي الجبلية فوق خط الأشجار). إضافة إلى بناء قسم الاستنشاق، الذي تمّ تجهيزه آنذاك بغرف مضغوطة فريدة من نوعها في بولندا، وكذلك بناء فيلا تحت أشجار الصنوبر.
لسوء الحظ، أدى اندلاع الحرب العالمية الثانية إلى توقّف تطوير المنتجع الصحي، وفي عام 1948، قامت حكومة جمهورية بولندا الشعبية بتأميم المنتجع. وفي عام 1956، تمّ إنشاء شركة المنتجع الصحي الوطنية في شتافنيتسا التي ركّزت أنشطتها على الأمراض المهنية التي تصيب عمال المناجم والعاملين في مجال المعادن.
في عام 1973، تمّ افتتاح منتجع العلاج الطبيعي، والذي يضمّ جميع المُعدات الصحية المطلوبة للاستحمام والاستنشاق والعلاج الطبيعي والتدليك.
في عام 2005، أعادت الحكومة البولندية منتجع سبا شتافنيتسا إلى أحفاد مالكيه قبل الحرب. عندها قرّر أندريه مانكوفسكي، حفيد الكونت آدم ستادنيكي، وأطفاله الثلاثة استثمار الأموال اللازمة وكمية كبيرة من العمل لإعادة المدينة المنتجع إلى روعتها وسحرها القديم، والترويج للمدينة عبر دعوة المشاهير إليها لقضاء أوقات لا تُنسى.
السياحة العلاجية الاستشفائية
يُعدّ منتجع شتافنيتسا أحد أقدم المنتجعات الصحية في بولندا. يقع المنتجع في وادي غارجكريك، وهو رافد الضفة اليُمنى لنهر دونجاك، بين سلاسل جبال بينيني وبيسكيد ساديك، ويُشكّل الوجهة المثالية لتحسين صحة الفرد بشكل عام وجهازه التنفسي بشكل خاص.
توجد في المنتجع ينابيع لاثني عشر مياه معدنية حمضية، تمّ ذكر خصائصها العلاجية لأول مرة في القرن السادس عشر. وحتى اليوم، تجتذب خصائصها العلاجية المرضى من جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب فإن إحدى الميزات الرئيسية للسبا هي غرفة الضخّ الرائعة حيث يمكن للزوار الاستمتاع بفوائد مياه البيكربونات والصوديوم واليود والبروميد الغنية بالأملاح المعدنية والعديد من العناصر الدقيقة.
ويُرحّب سبا منتجع بانيني الصحي بالمرضى للاستفادة من المصحات ومراكز إعادة التأهيل والعلاج، حيث يتمّ إجراء 42 نوعاً من العلاجات مثل العلاج المائي والاستنشاق (استنشاق الخلايا الفعال بشكل استثنائي) والعلاج الطبيعي والعلاج بالحركة وعلاجات الشرب.
يتخصص السبا في علاج اضطرابات الجهاز التنفسي العلوي، بما في ذلك التهابات الأنف والحنجرة المزمنة وأمراض الجهاز الصوتي وحساسية الجهاز التنفسي العلوي والربو القصبي. اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي، أي الاضطرابات التنكسية في العمود الفقري والمفاصل بالإضافة إلى الاضطرابات الروماتويدية والروماتيزمية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
التراث والسياحة تفتتح مشروعات سياحية استعدادا لموسم خريف ظفار
العُمانية: تشهد محافظة ظفار افتتاح مشروعات سياحية تضاف إلى المشروعات القائمة ضمن الاستعداد لموسوم خريف ظفار 2025م، حيث تفتتح وزارة التراث والسياحة متحف ظفار الخاص، وفندق 3 نجوم في ولاية مرباط بطاقة استيعابية تضم 84 غرفة، وشققًا فندقية فاخرة بطاقة استيعابية تتضمن 216 غرفة بولاية صلالة لتبلغ عدد البنايات السكنية والتجارية المرخص لها 100 منشأة سياحية تضم أكثر من 8000 غرفة فندقية إلى جانب افتتاح مركز للمعلومات السياحية بسوق شاطئ الحافة.
وفي هذا الصدد قال خالد بن عبد الله العبري مدير عام المديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار في تصريحٍ لوكالة الأنباء العُمانية إن موسم خريف ظفار يُعدّ أحد أهم المواسم السياحية في سلطنة عُمان؛ لأنه يستقطب مختلف شرائح المجتمع من شتى دول العالم، نظرًا للأجواء الاستثنائية التي تتفرد بها المحافظة.
وأضاف أن وزارة التراث والسياحة وضعت خطة عمل للترويج السياحي لموسم خريف ظفار إلى جانب البرنامج التسويقي لمختلف المواسم السياحية لهذا العام لاستقطاب مختلف الشرائح من دول العالم.
ووضح أن خطة الوزارة الترويجية وُضعت مبكرًا لتستهدف الشركات والمؤسسات السياحية والسائح في الأسواق الخارجية من خلال حزمة من البرامج وحلقات العمل والزيارات الميدانية إضافة إلى النشرات الإعلامية والإخبارية، إذ شاركت الوزارة في معرض سوق السفر العربي 2025، الذي أقيم في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 28 أبريل إلى 1 مايو 2025 وتضمن مؤتمرًا صحفيًّا لسعادة الدّكتور رئيس بلدية ظفار للإعلان عن فعاليات وبرامج وأنشطة موسم خريف ظفار لهذا العام.
وأشار إلى أن الوزارة نظّمت حلقات عمل ترويجية في المملكة العربية السعودية للإعلان عن الرحلات المباشرة إلى مطار صلالة بالتعاون مع طيران "ناس" وطيران "أديل" ومشاركة مطارات عُمان وممثلين لعدد من الشركات السياحية والإعلاميين إضافة إلى إقامة مؤتمر صحفي بدولة الكويت لعدد من وسائل الإعلام الكويتية بمشاركة بلدية ظفار بهدف الإعلان عن البرامج والفعاليات والأنشطة لموسم خريف ظفار 2025م.
وتزامنا مع إجازة عيد الأضحى المبارك قال العبري إن الوزارة أطلقت الحملة الترويجية بدولة الكويت بمشاركة مختصين من الوزارة لتقديم المعلومات والعروض والباقات الخاصة بموسم الخريف، وستقوم الخطوط الكويتية وطيران "الجزيرة" بتسيير رحلات مباشرة إلى مطار صلالة مع بداية الموسم.
وأكد مدير عام المديرية العامة للتراث والسياحة بمحافظة ظفار على أن وزارة التراث والسياحة تهدف من الترويج لموسم خريف ظفار لجعله وجهة سياحية متفردة من خلال آليات وأدوات الترويج والجمهور المستهدف وشركاء القطاع السياحي ومؤشرات أداء الخطة وإشراك القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ وتنظيم البرامج والمبادرات والأنشطة التسويقية، بالإضافة إلى زيادة الحركة السياحية في بداية موسم الخريف ونهايته إلى جانب زيادة عدد الزوار من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأضاف أن الوزارة تسعى من خلال برامجها الترويجية لموسم خريف ظفار لهذا العام إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة يتمثل الأول في ترويج 100 يوم شاملة الفترة الأولى من بداية الموسم، ويهتم الثاني بتوزيع التدفق السياحي عند الذروة من خلال تقسيم الموسم السياحي من 21 يونيو إلى 21 سبتمبر إلى ثلاث فترات، مشيرًا إلى أن الفترة الأولى تبدأ من 21 يونيو إلى 14 يوليو وتتراوح نسبة الإشغال الفندقي فيها من 35 إلى 40%، وتمتد الفترة الثانية من 15 يوليو إلى 30 أغسطس، وتُعد ذروة الموسم السياحي، وتبدأ الفترة الثالثة من الأول من سبتمبر إلى 10 أكتوبر وتتراوح نسبة الإشغال الفندقي فيها بين 30 و 35% حيث تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في كل موسم بسبب الجهود المبذولة لنقل المؤتمرات الاقليمية والدولية إلى شهر سبتمبر وأكتوبر بينما يتمثل الهدف الثالث في زيادة عدد السياح من الأسواق الخليجية عبر تكثيف الحملات التسويقية بها مستفيدين من توسع شبكة الخطوط الجوية وتسيير رحلات مباشرة طوال الموسم.
وبيّن أن الوزارة تعمل مع شركاء القطاع السياحي على تصميم عروض سياحية بأسعار مشجعة لرفع نسبة السياحة المحلية والخليجية في الفترات التي يقل فيها الازدحام لظروف بدء العام الدراسي من خلال تكثيف الحملات التسويقية والاستفادة من رحلات الطيران من الأسواق الخليجية خاصة السوق السعودي من خلال الطيران السعودي وطيران اديل السعودي الذي يسير رحلاته لأول مرة إلى محافظة ظفار فيما يواصل طيران "ناس" استمرار تسيير رحلاته المباشرة إلى مطار صلالة في موسم خريف ظفار 2025م.
جديرٌ بالذكر أن عدد زوار موسم خريف ظفار 2024 الماضي بلغ مليونًا وثمانية وأربعين ألف زائر ، بنسبة زيادة بلغت 9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023 الذي وصل العدد إلى نحو 962 ألف زائر.