صلاح قوش والسبعيني الجميل: كمال الجزولي
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
في تذكر كمال الجزولي الذي غادرنا إلى غير دارنا منذ عام
صلاح قوش والسبعيني الجميل: كمال الجزولي
عبد الله علي إبراهيم
2 فبراير 2019
شق على نبأ اعتقال خدن الروح الشاعر الكاتب المحقق كمال الجزولي المحامي بواسطة قوى الأمن في هذه الأيام الحبلى بوطن آخر. ولست أشفق على كمال من الاعتقال. ولا يغلى على فداء الوطن.
إنَّكَ ميِّتٌ،
وإنَّهم ميِّتونَ،
ولا فَكاكْ،
فاجهَرٌ، إذن، برفضِكَ الأبيِّ ههُنا،
تجهَر بهِ هناك،
ومُتْ
هُنا،
تحيا .. هُناكٌ !
ولكن يقض مضجعي وأنا منقطع عنه إن كان قلبه المكدود سيحتمل أذى الاعتقال. لقد عاد لنا كمال قبل عامين أو نحوه من أزمة في قلبه (حيث يؤتي الرجل مثله طوعاً) فسلم منها بعمليات استثنائية في القاهرة. بل لربما عاد بمحض محبتنا له ودعوانا له بأن يتعافى ويشفى. فأراد الله لنا أن ننعم به لوقت أطول. فكمال صناعة من شقائق الشغف بالوطن وغمار الناس والحقيقة لعقود ستة كانت غلّقت ورشها حتى خرج علينا شباب ديسمبر الوضيء.
بيننا وبين صلاح قوش، الذي كمال في عهدته، مواجبة هو الطرف الذي لم يدفع كلفتها بعد. فأذكر أنه لما اعتقلته الإنقاذ بتهمة التآمر على نظام الحكم تطوع مائة محام معارض للدفاع عنه. فكان وعياً دقيقاً من المعارضة أن تأويه بعد أن وجدته عائلاً، وأن وتدرج مسألته في مطلبها العريض بالحق في المحاكمة العادلة. واستبشعت يومها مع ذلك التكاثر في العدد لأنه حماسة من باب الهرج. فالرجل لم يحسن للمعني الذي خرجت له المعارضة. فالدفاع عنه لم يكن شفقة بشخصه، بل لأنه التبس في حق عام.
ولم يفهم قوش الدرس. فكتبت أقول بعد إطلاق سراحه إنني حزين لعبارة منه بعد خروجه من السجن. فقد ظننت أنه، وقد ذاق بعض السم الذي طبخه في الإنقاذ، سيرعى الله والوطن في نطقه. ولكنه لم يجد سوى تجديد البيعة للنظام بلا شرط ولا قيد. قال قوش إنه سيظل عضواً أصيلاً في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وأنه لم يغير المبادئ ولا الأفكار وسيظل متمسكاً بها، وأنه ابن الإنقاذ ومنها وإليها. وهذه هي الاستماتة على الثوابت التي غطست حجرنا. يقيض الله للرجل منا والمرأة تجربة مما يزلزل الطود الأشم وتجد ساستنا أشداء على المبادئ والنظم والوظائف ذاتها التي أساءت لهم. يريد لنا الله أن نغير ما بأنفسنا بأنفسنا ولكننا نستعصم بما وجدنا عليه آباؤنا. لا نتفرس تلك النفس ونحملها راغمة إلى الحق والجمال والله. فما الذي سيرفع عن قوش أسر تلك المبادئ التي لم ينسها وقد جرى اعتقاله لعام بتهم لم تنهض أدلة كفاية على جرمه، كما قال؟
بكي قوش حين اجتمع بأفراد أسرته في أجواء الفرح بإطلاق سراحه. ولم ترجع به دموع الرجال العصية هذه إلى أيام احتبست على مآقي ضحاياه وفي صدورهم ليقول قولاً حسناً أشفق بنا من حديث الثوابت والاستماتة. وقرأت في تلك الأيام عن دموع خضبت وجه ماندلا القديم. فقد زار جزيرة قوري بالسنغال. وكانت الجزيرة هي الخطوة الأولى في مشوار الرقيق الأفارقة قبل أن تقلع بهم السفينة إلى العالم الجديد. وطلب أن يختلي بقبو كان سجناً للمتمردين من الرقيق. ومكث فيه لبعض الوقت. ثم لما خرج كانت الدموع تبلل وجهه النبيل. فقد تنزلت مهانة الرقيق على وجدان من شقي بهذه المذلة لسبعة وعشرين عاماً في جزيرة روبن.
هذه هي الدموع الجوهر!
ويا كمال كلأتك عناية الرب التي أكرمنا بها يوم استردك من براثن الداء الوبيل. وستخرج من هذا المنعطف كما هي عادتك أيها السبعيني الجميل. وسنسمر في وطن مختلف.
وجاء وقت مواجبة قوش.
ibrahima@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کمال الجزولی
إقرأ أيضاً:
التراث تتغنى بأعمال كمال الطويل فى الجمهورية
ضمن أنشطة وزارة الثقافة، تنظم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، حفلاً لفرقة الموسيقى العربية للتراث بقيادة المايسترو الدكتور محمد الموجى فى التاسعة مساء الخميس 19 يونيو على مسرح الجمهورية.
يتضمن البرنامج نخبة من أعمال كمال الطويل الشهيرة منها بكره يا حبيبى استنانى، الناس المغرمين، بين شطين وميه، كلمنى عن بكره، ليه خلتنى أحبك، بعد إيه، بتلومونى ليه، صورة، لا تلومنى (كورال)، دولا مين، يا رايحين الغورية، وحياة عينيك وموسيقى روائع كمال الطويل، أداء الفنانين ياسر سليمان، محى صلاح، نهى حافظ، أحمد محسن، ريم حمدى، حنان الخولى.
يذكر أن الموسيقار كمال الطويل ولد عام 1922، درس بمعهد الموسيقى العربية وعمل مفتشاً للموسيقى بوزارة المعارف ثم مديراً لإدارة الموسيقى والغناء بالإذاعة.
احترف التلحين عام 1952 ولحن نشيد "والله زمان يا سلاحى" الذى ظل السلام الجمهوري المصري من عام 1958 حتى 1977، شكل ثنائيا فنيا ناجحا مع عبد الحليم حافظ وتعاون مع كبار المطربين منهم أم كلثوم، ليلى مراد، فايزة أحمد، وردة، محمد قنديل، محمد عبد المطلب، ماجدة الرومي، ومن الشعراء طاهر أبو فاشا، مأمون الشناوي وصلاح جاهين، وقد لحن الموسيقى التصويرية لفيلم "عودة الابن الضال" مع المخرج الراحل "يوسف شاهين" قبل أن يعتزل التلحين ثم يعود ليضع الموسيقى التصويرية لفيلم "المصير"، لقب بفارس المجددين - ملحن الثورة وأسطورة النغم.
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة الدولة التقديرية 2003، وسام الجمهورية للآداب والفنون من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر، شهادة تقدير من دولة الكويت سنه 1962 ووسام من دولة موريتانيا سنه 1966، توفى في يوليو 2003 تاركًا أعمالاً خالدة أثرت الساحة الفنية فى مصر والوطن العربي.