في انتخابات الرئاسة لعام 2024، شهدت الولايات المتحدة تحولًا سياسيًا استثنائيًا، مع فوز دونالد ترامب بفترة رئاسية جديدة بفارق كبير، هذا الانتصار لم يكن مجرد إعادة لسيناريو عام 2016 الذي فاز فيه ترامب بالمجمع الانتخابي بفارق ضئيل، بل كان بمثابة تحول جذري في الخريطة السياسية، حيث فاز بالأغلبية الشعبية لأول مرة لجمهوري منذ عقدين.

هذا التفويض القاطع يعطي ترامب قوة غير مسبوقة لتنفيذ وعوده السياسية دون مقاومة تُذكر.

وفي مقال له في الغارديان البريطانية قال الصحفي البريطاني جوناثان فريدلاند، أن ترامب فاز بـ 48 ولاية من أصل 50، محققًا مكاسب في المناطق الريفية والمدن الكبرى وحتى الضواحي، وشمل ذلك فئات اجتماعية اعتادت دعم الحزب الديمقراطي، مثل الناخبين اللاتينيين.

اعتبر المراقبون هذا الانتصار تحوّلًا يمينيًا غير مسبوق، إذ وصفه دوغ سوسنيك، المستشار السابق في البيت الأبيض، بأنه "أكبر تحول سياسي نحو اليمين منذ فوز ريغان في 1980".

وقال الكاتب أن المناخ الذي مهد الطريق أمام ترامب يعكس مزاجًا مناهضًا للمؤسسة الحاكمة امتد ليشمل دولًا ديمقراطية أخرى مثل بريطانيا، حيث كان التضخم المستمر بعد جائحة كوفيد-19 وارتفاع تكاليف المعيشة من أبرز الأسباب التي دفعت الناخبين للابتعاد عن الديمقراطيين، بجانب استياء من سياساتهم المرتبطة بالنخب الليبرالية والتقدمية.


وأضاف أنه لم تقتصر قوة ترامب على البيت الأبيض فقط؛ بل امتدت إلى مجلس الشيوخ، مما يمنحه قدرة هائلة على تنفيذ جدول أعماله دون قيود. هذا التفوق يعني أن الولايات المتحدة قد تواجه حقبة جديدة من السياسات المحافظة التي قد تترك بصمة عميقة على الداخل والخارج، بما في ذلك العلاقات الدولية مثل مستقبل حلف الناتو.

وأشار كاتب المقال أن التحفظات السابقة تجاه ترامب تراجعت أمام الاستياء العام، لا سيما مع قضايا مثل الخوف من الهجرة والاتهامات بأن الديمقراطيين يمثلون نخبة بعيدة عن مشاغل المواطن العادي. تمكن ترامب من توظيف هذه المخاوف بمهارة لإعادة تشكيل المشهد السياسي لصالحه، مستعدًا للقيام بما لم يتمكن من تحقيقه خلال فترته الأولى.

وتسال فريدلاند هل أنت مستعد لترامب الطليق بلا قيود؟ قد تعتقد أن الرئيس السابق والمستقبلي كان بالفعل غير مقيد، لا سيما وأن دونالد ترامب لم يظهر أي احترام للحدود أو القيود من أي نوع. وستكون محقًا في ذلك، لكن، كما كان يقول رئيس آخر قادم من عالم الترفيه، وهو الدور الذي يجمعه ترامب مع الرئاسة: "لم تروا شيئاً بعد".


وتابع أن الرئيس السابع والأربعين سيدخل المكتب البيضاوي خاليًا تقريبًا من كل القيود. سيكون بإمكانه تنفيذ كل ما وعد به وكل ما هدد به، مع عدم وجود شيء أو أحد يعرقله.

واردف فريدلاند، قائلا لفهم السبب، من المفيد أن نبدأ من طبيعة الانتصار الذي حققه يوم الثلاثاء. لم ينتصر بفارق ضئيل كما حدث عندما فاز بصعوبة من خلال المجمع الانتخابي عام 2016. هذه المرة كان الانتصار ساحقاً، حيث من المحتمل أن يفوز ترامب بجميع الولايات المتأرجحة، ويكون الفائز بالأغلبية الشعبية، ليصبح أول جمهوري يحقق ذلك الإنجاز منذ 20 عاماً. كل هذا يمنحه ما افتقده في 2016: تفويضاً قاطعاً.

وأضاف أنه ما حفز هذا المد الأحمر هو المزاج المناهض للسلطة الذي أطاح بالحكومات في جميع أنحاء العالم الديمقراطي، بما في ذلك في بريطانيا. ولا يصعب تفسير ذلك، لا يزال الأمريكيون يعانون من تبعات صدمة التضخم التي أعقبت جائحة كوفيد، أي محادثة مع ناخب مؤيد لترامب – وقد أجريت العديد منها هذا الأسبوع – تتحول بسرعة إلى الشكوى من ارتفاع أسعار البنزين وغلاء المعيشة غير المستدام.

وأشار إلى أن امتدت ترامب إلى مجلس الشيوخ يعني أنه يمكنه تعيين من يشاء في المناصب الرئيسية، مع علمه أن مجلس الشيوخ سيؤكد اختياراته. في المرة السابقة، شعر بضغط لتعيين "بالغين مسؤولين" في حكومته، أشخاص عرقلوا بعض أفكاره الأكثر جرأة. الآن، يمكنه إحاطة نفسه بالمؤمنين الحقيقيين، بما في ذلك الداعمين لخطة "بروجكت 2025" التي نفاها خلال الحملة، لكنه الآن حر في تنفيذها، مما يضمن استحواذاً كاملاً من مؤيدي "ماجا" على آليات الحكومة الأمريكية.


وأضاف أن المحكمة العليا، لن تكون كابحاً له، بفضل الأغلبية اليمينية التي تحققت في عهده، والتي أعطته بالفعل صك البراءة الذي يرغب به. في حكم صدر في يوليو، منحت المحكمة للرئيس حصانة واسعة عن أفعاله الرسمية، مما يعني تعليق القضايا الجنائية ضده، إذ لا يمكن اتهام رئيس في منصبه.

وتابع متسائلا ما الذي سيبقى للحد من ترامب؟ لن يكون الخوف من خسارة الانتخابات المقبلة، فهو دستورياً لا يستطيع الترشح مرة أخرى. وسائل الإعلام التقليدية ستحاول، لكن إذا علمتنا حقبة ترامب شيئًا، فهو أن منظومة المعلومات في الولايات المتحدة تغيرت بالكامل. الصحافة الرئيسية يمكن أن تكشف عن أكثر الأدلة إدانةً ضد ترامب، ولن يؤثر ذلك بشيء. إما أن مؤيديه لا يسمعون بذلك، أو يرفضون ببساطة تصديقها باعتبارها أكاذيب. نحن نعيش فعلياً في عصر "الحقائق البديلة"، وهذا يعطي ترامب حرية هائلة.

وتابع أن احتمالية ترامب غير المكبوح ليست مجرد إساءة لفكرة الديمقراطية، بل إنها تنطوي على مخاطر متعددة، كلها واضحة وحاضرة. خذ على سبيل المثال وعده بوضع المعادي للتلقيح روبرت ف. كينيدي الابن مسؤولاً عن الصحة العامة. إذا حدث ذلك، فقد حُذِرنا من احتمال عودة أمراض مثل شلل الأطفال أو الحصبة لإصابة الأطفال في أمريكا.

واختتم كاتب المقال قائلا في النهاية، ستكون هذه مهمة الديمقراطيين، رغم أنهم لن يمتلكوا سلطة رسمية في واشنطن قريباً. سألت أحد المطلعين عن الأدوات التي لدى الحزب لردع ترامب، فأجاب: "يمكنهم عقد مؤتمرات صحفية".، نعلم كيف يريد ترامب أن يحكم لأنه صرّح بذلك، قائلاً إنه سيكون "دكتاتورًا في اليوم الأول". نعلم من القادة الذين يعجب بهم، من خلال الطريقة التي يمتدح بها بوتين وشي جين بينغ وكيم جونغ أون. لكن عندما يجدد ترامب قسمه في 20 يناير، ستكون تلك القيود تبدو متآكلة أو غائبة تماماً. سيكون ترامب المطلق، حراً ليقوم بأسوأ ما يمكن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب البيت الأبيض امريكا البيت الأبيض الجمهوري الإنتخابات الأمريكية ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ا فی ذلک

إقرأ أيضاً:

فشل خطة السلام الأمريكية فى أوكرانيا

قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى ليس مستعداً لقبول المقترح الأمريكى للسلام الهادف إلى أنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وذلك فى ختام ثلاثة أيام من المحادثات فى فلوريدا جمعت مسئولين من واشنطن وكييف دون التوصل إلى اختراق حقيقى. وأعلن ترامب خلال حديثه مع الصحفيين أنه يشعر بخيبة أمل لأن زيلينسكى لم يقرأ المقترح الأمريكى بشكل كامل رغم أنه تم تقديمه له قبل ساعات قليلة مؤكداً أن الشعب الأوكرانى يحب زيلينسكى لكنه لم يقدم على خطوة الاطلاع الكامل على الوثيقة.
وانتهت جولات التفاوض بين الوفدين الأمريكى والأوكرانى دون إحراز تقدم واضح فيما وصف زيلينسكى المناقشات بأنها بناءة رغم أنها ليست سهلة على حد وصفه. وتأتى هذه التطورات بينما يستعد الرئيس الأوكرانى للقاء رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر وزعماء فرنسا وألمانيا فى لندن أمس الاثنين حيث ستتمحور النقاشات حول طبيعة المحادثات الجارية بين واشنطن وكييف وما اذا كانت الظروف مهيأة لتحقيق اختراق سياسى فعلى.
وجدّد ستارمر مواقفه القائلة ان أوكرانيا وحدها من يملك حق تحديد مستقبلها مؤكداً أن قوة حفظ السلام الأوروبية ستلعب دوراً محورياً فى ضمان أمن البلاد. وبعد وقف إطلاق النار فى غزة الذى دعمه ترامب تعمل الإدارة الأمريكية على الدفع باتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا فيما يؤكد مسئولون فى واشنطن أنهم باتوا فى المراحل الأخيرة من صياغته لكن دون وجود أى مؤشر ملموس على استعداد كييف أو موسكو للتوقيع على الإطار المقترح حتى الآن.
فيما قال فولوديمير زيلينسكى فى خطابه المسائى أن الممثلين الأمريكيين باتوا على دراية كاملة بالمواقف الأوكرانية الأساسية مؤكداً أن المحادثة كانت بناءة وإن لم تكن سهلة.
من جانبها أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى اتصالاً هاتفياً مع زيلينسكى قبل زيارته المقررة إلى لندن وبروكسل وروما حيث أكدت تضامن إيطاليا معه بعد موجة جديدة من الضربات الروسية التى وصفتها بالعشوائية ضد أهداف مدنية وفقاً لبيان مكتبها. وأعلنت ميلونى إرسال إمدادات طارئة لدعم البنية التحتية للطاقة فى أوكرانيا وسكانها مشيرة إلى أن شركات إيطالية ستقوم بشحن مولدات كهربائية خلال الأسابيع المقبلة.
وفى سياق التحركات الدبلوماسية المكثفة نحو انهاء الحرب قالت وزارة الخارجية البريطانية إن وزيرة الخارجية ايفيت كوبر ستلتقى بنظيرها الأمريكى ماركو روبيو فى واشنطن فى اول زيارة لها الى العاصمة الأمريكية منذ توليها منصبها فى سبتمبر. واوضحت الوزارة ان المملكة المتحدة والولايات المتحدة ستؤكدان التزامهما بالتوصل الى اتفاق سلام فى أوكرانيا مشيرة الى دعم لندن للجهود المستمرة التى يبذلها ترامب لضمان سلام عادل ودائم.
وفى السياق اكد الابن الأكبر للرئيس الأمريكى فى تصريحات خلال مؤتمر حول الشرق الأوسط، أن الأخير ربما ينسحب من الحرب فى أوكرانيا. وفى خطاب مطول ضد هدف استمرار القتال فى أوكرانيا، قال دونالد ترامب الابن أيضًا إن الأثرياء «الفاسدين» فى أوكرانيا فروا من بلادهم تاركين «ما اعتقدوا أنه طبقة الفلاحين» لخوض الحرب.
قال ترامب الابن إن الرئيس الأوكرانى، يُطيل أمد الحرب لأنه يعلم أنه لن يفوز فى الانتخابات إذا انتهت. ووصف زيلينسكى بأنه رمز لليسار، لكنه جادل بأن أوكرانيا أكثر فسادًا من روسيا بكثير.
كما هاجم بشدة مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قائلاً إن العقوبات الأوروبية غير مجدية لأنها ببساطة زادت من سعر النفط، الذى تستطيع روسيا من خلاله تمويل حربها. ووصف الخطة الأوروبية بأنها سننتظر حتى تُفلس روسيا- هذه ليست خطة.

مقالات مشابهة

  • تحليل: أداة ذكاء اصطناعي تخفّض بشكل كبير الوقت الذي يخصصه الأطباء للأعمال الورقية
  • هندوراس تطلب من «الإنتربول» توقيف رئيسها السابق الذي عفا عنه ترامب
  • مسؤول أمريكي يكشف لـCNN عدد التأشيرات التي ألغتها إدارة ترامب والأسباب
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص
  • يديعوت: توني بلير خارج مجلس السلام الذي اقترحه ترامب لإدارة غزة
  • فايننشال تايمز: إبعاد توني بلير من “مجلس السلام” الذي اقترحه ترامب بشأن غزة
  • فشل خطة السلام الأمريكية فى أوكرانيا
  • تعرّف على الطيار النيوزيلندي الذي أسس أول معمل لتقطير مشروب الجن في ماكاو
  • أحمد الزرقة يكتب للموقع بوست عن: ما الذي يعنيه اليمن في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025؟ وما دور السعودية والإمارات؟
  • هل يسرّع الغاز الأميركي وتيرة تحول تركيا لمركز إقليمي للطاقة؟