الجزيرة:
2025-06-13@15:26:26 GMT

سد النهضة يتسبب في فقدان المياه بشكل غير مسبوق

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

سد النهضة يتسبب في فقدان المياه بشكل غير مسبوق

من بين أهم الأهداف المعلنة لسد النهضة الإسهام بشكل كبير في توليد الطاقة الكهرومائية لدعم التنمية في إثيوبيا ودول الجوار، لكن دراسة دولية كشفت عن تسرب كمية كبيرة من مياهه، مما قد يمثل تحديا أمام تحقيق هذا الهدف.

وقدرت الدراسة -التي أجراها فريق دولي من علماء الهيدرولوجيا والجيولوجيا- حجم تسربات ضخمة للمياه من خزان السد تقدر بنحو 19.

8 مليار متر مكعب خلال السنوات الثلاث الأولى من ملء السد، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة إلى إعادة تقييم عاجلة لإستراتيجيات إدارة المياه في حوض النيل، على ألا تغفل هذه الإستراتيجيات الدور الذي تلعبه تلك المياه المتسربة في تحفيز النشاط الزلزالي الذي قد يؤثر على سلامة السد نفسه.

واعتمدت الدراسة -التي نشرتها دورية "بي إن ايه إس" التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية- على منهجيات علمية مثبتة في دراسات سابقة، وقادت جميعها إلى تقدير كمية المياه المفقودة.

بيانات القمر الصناعي "غريس" ساعدت في تقدير كمية المياه المفقودة بخزان سد النهضة (ناسا) كيف قدر الباحثون المياه المفقودة؟

ويشرح الباحث في جامعتي مشيغان وأريزونا الأميركيتين والباحث المشارك بالدراسة الدكتور كارم عبد المحسن في تصريحات للجزيرة نت الأدوات العلمية التي تم استخدامها لتقدير هذا الحجم الكبير من المياه الضائعة بلا طائل.

واعتمد الباحثون بشكل أساسي على بيانات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، إذ وفر القمر الصناعي "غريس" والقمر الصناعي "غريس فولو- أون" معلومات بشأن التغيرات في الجاذبية الأرضية، وبالتالي مخزون المياه على سطح الأرض، مما ساعد في تتبع ملء المياه وتخزينها في السد.

ويقول عبد المحسن إنه "عندما يتغير تخزين المياه في منطقة معينة (نتيجة امتلاء خزان سد أو جفافه) يؤدي ذلك إلى تغيرات طفيفة في قوة الجاذبية بهذه المنطقة، وتقوم الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض مثل "غريس" و"غريس فولو- أون) بقياس التغيرات الدقيقة في قوة الجاذبية، فإذا مرت الأقمار فوق منطقة حدث فيها تغيير كبير في تخزين المياه فإنها ترصد تلك التغيرات، وباستخدام هذه البيانات يستطيع العلماء حساب كمية المياه التي أضيفت أو فُقدت في المنطقة".

ويضيف أن "البيانات التي توفرت ساعدتنا على إجراء حسابات دقيقة لموازنة المياه في المنطقة، فمن خلال قياس كمية المياه المخزنة في الخزان والكمية المستهلكة عن طريق التبخر تمكنا من تقدير فقدان 19.8 مليار متر مكعب من بين 43 مليار متر مكعب تراكمت في الخزان خلال السنوات الثلاث الأولى".

وحددت الدراسة أن التسرب يتماشى مع اتجاهات الفوالق في المنطقة، مما يشير إلى أن هذه التراكيب الجيولوجية تعمل كقنوات لحركة المياه الجوفية بعيدا عن الخزان، وهذا يشير إلى وجود علاقة محتملة بين عمليات السد والديناميات الجوفية في المناطق المحيطة.

وأكدت تحليلات الصور الفضائية ظهور مستنقعات جديدة في السهول شرق وادي النيل، والتي زادت من 109 كيلومترات مربعة في عام 2020 إلى 328 كيلومترا مربعا في عام 2022، ويتزامن هذا التوسع في الأراضي الرطبة مع أنماط هطول الأمطار المتناقصة، مما يشير إلى أن المياه الجوفية من خزان السد تساهم في هذه التغيرات البيئية.

صور أقمار صناعية من شركة "ماكسار" الأميركية تظهر عملية الإنشاءات الجارية والتعلية في سد النهضة (وكالات) إدراج الحقائق في إدارة المياه

ويدعو عبد المحسن إلى أهمية إدراج هذه الحقائق في إدارة المياه بمنطقة حوض النيل، قائلا إن" نتائجنا تشير بوضوح إلى أن مشكلة التسريب قد تجعل وجود السد مؤثرا بشكل كبير على توفر المياه بسبب الحاجة الإثيوبية إلى تعويض التسريب بشكل دائم، مما قد يزيد التوترات بين دول حوض النيل".

ويضيف "يجب إعادة عمل تقييم شامل لإستراتيجيات إدارة مياه النيل يتم خلالها دمج بيانات التسريب، فهذا أمر بالغ الأهمية للإدارة الفعالة للمياه ومنع النزاعات في حوض النيل، وقد يؤدي إغفال هذه البيانات إلى سياسات غير فعالة وزيادة التوترات بين الدول التي تعتمد على النيل مصدرا لمياهها".

ويؤيد هذه الدعوة أستاذ الجيولوجيا والمواد المائية في جامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي الذي وصف حجم المياه المتسربة الذي قدرته الدراسة بـ"الضخم" لكنه ليس مستبعدا بسبب الطبيعة الجيولوجية لمنطقة بناء السد.

ويقع سد النهضة الإثيوبي في منطقة جبلية تتكون بشكل رئيسي من صخور الأساس البركانية، والتي تشمل بشكل أساسي البازلت الذي يتميز بنفاذية عالية نسبيا تساهم في تسرب المياه.

كما أن المنطقة تحتوي على نظام معقد من الشقوق والفوالق الجيولوجية التي يمكن أن تؤثر على حركة المياه الجوفية، وهذه الشقوق يمكن أن تعمل كقنوات تسهل تسرب المياه من خزان السد إلى التكوينات الجيولوجية المحيطة.

ويزيد من هذا التأثير الجيولوجي ما يعرف بـ"الضغط الهيدروستاتيكي" الناتج عن الحجم الكبير للماء المخزن في خزان السد، والذي يدفع المياه نحو التكوينات الجيولوجية المحيطة، والتي تحتوي بدورها على مسارات سهلة للتسرب، مما يمكن أن يزيد كمية المياه المفقودة.

ويرى شراقي أن إثيوبيا لن تتأثر على المدى القصير بمشكلة التسرب، لأن الكمية المخزنة حاليا والمقدرة بـ60 مليار متر مكعب كافية لتحقيق غرض إنتاج الكهرباء، وفي حال تسربت كميات منها تستطيع تعويضها لاحقا، وسيكون المتضرر الحقيقي هو مصر والسودان، لأن ذلك سيكون خصما من حصتهما من المياه.

تحفيز النشاط الزلزالي

لكن أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة لم يستطع أن يخفي قلقه من أن تكون هذه الكميات الكبيرة المتسربة من المياه عاملا مساعدا في تحفيز النشاط الزلزالي بالمنطقة.

وكان متوسط حدوث الزلازل التي تزيد على 4 درجات في إثيوبيا نحو 5 أو 6 زلازل سنويا، لكنه مع بدء عملية التخزين الضخمة للمياه وما صاحبها من تسربات شهدت إثيوبيا في عام 2023 نحو 38 زلزالا، ووصل العدد في عام 2024 حتى الآن إلى 32 زلزالا، منها 6 زلازل خلال الأسبوعين الماضيين، كما يوضح شراقي.

ويقول إن"هناك أسبابا علمية عدة تربط بين تسرب المياه إلى الفوالق في إثيوبيا والنشاط الزلزالي غير المسبوق، فعندما يتسرب الماء من الخزان إلى الصدوع والكسور تحت الأرض فإنه يزيد ضغط المسام في الصخور المحيطة، وعندما يرتفع هذا الضغط فإنه يقلل الاحتكاك الذي يربط خطوط الصدع معا، مما يجعلها أكثر عرضة للانزلاق".

كما أن المياه المتسربة تعمل على إضعاف الصدع، فعادة يتم تثبيت الصدوع في مكانها بواسطة وزن الصخور التي تعلوها والاحتكاك بين مستويات الصدع، لكن تسرب المياه يعمل على تزييت هذه الصدوع، مما يؤدي إلى إضعافها بشكل فعال، وهذا يقلل مقدار الضغط اللازم لإحداث انزلاق أو تمزق على طول خط الصدع، مما قد يؤدي إلى زلزال.

وإذا كانت الزلازل حاليا في نطاق 4 أو 5 درجات بما لا يوثر على سلامة جسم السد لكن ما يخشاه شراقي هو أن تكون المنطقة على موعد مع زلزال كبير، ولا سيما أنها منطقة نشطة زلزاليا بطبيعتها وتملك حاليا أسبابا محفزة للزلازل، منها الحجم الكبير للمياه المخزنة في السد -والذي يمارس ضغطا إضافيا على قشرة الأرض- وتسرب الماء إلى خطوط الصدع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ملیار متر مکعب کمیة المیاه تسرب المیاه حوض النیل خزان السد سد النهضة فی عام

إقرأ أيضاً:

هكذا يتسبب الاحتلال بتجويع فلسطينيي غزة.. وهذه أخطر تبعاته الكارثية

نشر موقع "محادثة محلية" العبري، مقالا مشتركا، للكاتبتان ليئات كوزما، ولي مردخاي، جاء فيه أنّه: "بعد مرور أكثر من شهرين على انتهاك الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لا تزال الأوضاع تتدهور، فيما تكشف أنه غير ملتزم بالمعايير الدولية الأكثر أساسية، رغم وجود علامات صحوة من جانب المجتمع الإنساني العالمي". 

وأضافتا في المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "المجاعة في غزة تقوّض أسس النظام الدولي بوتيرة متسارعة، بعد أن أدّى الهجوم الإسرائيلي على غزة لمدة تسعة عشر شهرًا لتقويض الأسس الإنسانية والقانونية التي استند إليها هذا النظام منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن أصبحت سياسة الاحتلال بتجويع الفلسطينيين مُعلنة، وغير مواربة".

"باتت تصرفاته أكثر تطرفا، فيما بات المجتمع الإنساني الدولي يدرك بشكل متزايد أن الحرب في غزة قد تؤدي لتقويض نظامه الليبرالي، ويعرض معاييره الإنسانية للخطر" بحسب المقال نفسه.

وتابع: "فيما تنتظر أكثر من 7600 شاحنة خارج القطاع، ولا يسمح لها بالدخول، وبعد أكثر من سبعين يوماً من الحصار الكامل، نفدت مخزونات الغذاء المتبقية فيه، وبات مستحيلا الحصول على اللحوم المجمدة، والجبن، ومنتجات الألبان، والفواكه، والبطاطس، وأصبحت الخضروات نادرة، وأغلقت ثلث المطابخ العاملة".

وأبرز المقال ذاته، أنّ: "سعر المادة الغذائية الأساسية الدقيق، بات يتراوح بين 500 و1500 شيكل للكيس، بما يعادل عشرة إلى ثلاثين ضعف سعره قبل الثاني من مارس، إن وجد أصلا". 

إلى ذلك، أشارتا إلى أنّ: "أسعار المنتجات الغذائية قد ارتفعت بشكل أكبر: إذ يباع كيلوغرام البطاطس، الذي كان يكلف 2.5 شيكل قبل الحرب، الآن مقابل 45-50 شيكل، وطبق البيض التي كانت تكلف 14 شيكل أصبحت يباع الآن بـ300 شيكل، إن وجد، بعد عام شهد سوى عددا متزايدا من الوفيات الناجمة عن سوء التغذية".


وأردف المقال: "تشير الأدلة القصصية أنّ الفئات الأكثر ضعفا: هم الأطفال، بدأوا يموتون من الجوع مرة أخرى، وبلغ عددهم 57 طفلاً، وقد يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، وقد دفع الجوع الشديد بسكان غزة لاتخاذ إجراءات يائسة، فبدأوا بصيد السلاحف البحرية للحصول على الغذاء، وبيع لحومها بما يقارب 100 شيكل للكيلوغرام".

وأكّد أنه: "بينما يتجاهل الجمهور الإسرائيلي هذا الواقع المأساوي، فإن هناك من يدعم هذه المجاعة بشكل حماسي، حيث دعا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، لقصف مخازن الأغذية في غزة، وصرّح عضو كنيست من الليكود أنني: سأقوم بتجويع سكان غزة بالفعل، هذا واجبنا، أنا مهتم بتجويعهم".

واسترسل بأنّ: "إعلامي إسرائيلي قد كتب على مواقع التواصل أنه ينتظر بفارغ الصبر بيانا من الصليب الأحمر يفيد بأن أكثر من 100 ألف من سكان غزة ماتوا جوعاً، وأن عددا مماثلا على وشك الموت".

"الإحباط بين المنظمات الإنسانية الدولية يتزايد، والإسرائيليون غير مبالين بردود أفعال المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمات حقوق الإنسان، أو النظام القانوني الدولي، ولا يولونها أي أهمية، بل إن أخبار وقف المساعدات الإنسانية أو منظمات الإغاثة لا يتحدث عنها الإعلام الإسرائيلي" وفقا للمقال نفسه.


واستطرد: "في بعض الحالات يتم تقديمها على أنها لا معنى لها، ولا آثار لها على المستقبل، بطريقة تعزز صورة دولة الاحتلال الكاذبة عن الاستقلال التام، وتستمر بتغذية ثقتها المفرطة بنفسها". 

وختم المقال بالقول: "في الوقت نفسه، تشير الأدلة من غزة لزيادة حادة في عدد حالات النهب، مع أكثر من 40 حالة على مدى أربعة أيام، ويؤكد شهود عيان وصحفيون من داخل القطاع مجددا تورط الاحتلال المباشر بمحاولات تفكيك الحكومة المحلية من خلال تسليح ومساعدة العصابات المحلية، مما يذكّرنا بمحاولات سابقة قام بها لتقويض النظام المدني في غزة، سواء من خلال الهجمات على الشرطة، أو غض الطرف، أو تشجيع نهب المساعدات من العصابات المحلية".

مقالات مشابهة

  • “إثيوبيا في مأزق”.. خبير مصري يكشف مفاجأة بشأن سد النهضة وكمية المياه الواردة لمصر
  • ترامب: ندعم إسرائيل بشكل لا مثيل له والضربات التي نُفذت على إيران هجوم ناجح للغاية
  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!
  • انقلاب ميكروباص يتسبب في إصابة 6 أشخاص أعلى الطريق الإقليمي
  • العقل والروح.. طه عبد الرحمن وسؤال الأخلاق في مشروع النهضة (2)
  • جاره خلص عليه.. بوست فيسبوك يتسبب في مقـ.تل شاب بالصف
  • البركل: نفير لإعادة توصيل المياه إلى المنازل من نهر النيل – فيديو
  • السد القطري يتقدم بعرض رسمي للتعاقد مع فيرمينو
  • هكذا يتسبب الاحتلال بتجويع فلسطينيي غزة.. وهذه أخطر تبعاته الكارثية
  • حادث فروسية يتسبب في كسر ذراع ولية عهد هولندا